..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

الإيثار

رابطة خطباء الشام

١ ٢٠١٥ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 5128

الإيثار

شـــــارك المادة

مقدمة:
المعدن الأصيل يبقى أصيلاً لا تغيره الظروف ولا الشدائد، بل إنه يزداد أصالة وخيريَّةً عند الشدة، فيوسف عليه السلام لما كان في السجن قيل له: (إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) (يوسف:36)،ولما تولى خزائن مصر قيل له: (إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) (يوسف:78)
فالطيِّبُ طيِّبٌ على الدوام، لا تغيره المناقب والمناصب والأزمان.
ما أحوجنا اليوم ونحن في ضيق من أمرنا وشدة من عيشنا أن نكون إخوة متحابين يؤثر بعضُنا بعضاً على نفسه ويقدم حاجة غيره على حاجته، نعيش محنتنا معاً ونجتازها معاً كما كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وحينها فيا لذة مدائحنا على لسان الملائكة،ويا فرحة تسجيل وصفنا بالكرم والجود في صحفهم .
فالإيثار من علامات الرحمة التي توصل صاحبها إلى الجنة ويعتق بها من النار، وهو عطاء لا يناله إلا من كان حَسَنَ الظنِّ بالله، وحظي بالقرب من الله ، وسار على الطريق الموصل إلى الفلاح (وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (الحشر:9)

عناصر الخطبة:

1- معنى الإيثار والفرق بينه وبين السخاء والجود.

2- الإيثار صفة امتدح الله بها الأنصار.

3- من صور الإيثار:

  • - عبد الرحمن بن عوف وسعد بن الربيع.
  • - الأشعريين في الغزو.
  • - إيثار يَعْجَبُ اللهُ منه.
  • - رسول الله يشرب الفضلة من اللبن.

1- معنى الإيثار والفرق بينه وبين السخاء والجود:

الإيثار هو:أن تؤثر غيرَك على نفسك بما أنت محتاجٌ إليه.
ومراتب البذل والإنفاق ثلاثة كما ذكرها ابن القيم رحمه الله:
إِحْدَاهَا: أَنْ لَا يَنْقُصَهُ الْبَذْلُ، وَلَا يَصْعُبَ عَلَيْهِ. فَهُوَ مَنْزِلَةُ السَّخَاءِ.
الثَّانِيَةُ: أَنْ يُعْطِيَ الْأَكْثَرَ، وَيُبْقِيَ لَهُ شَيْئًا، أَوْ يُبْقِيَ مِثْلَ مَا أَعْطَى. فَهُوَ الْجُودُ.
الثَّالِثَةُ: أَنْ يُؤْثِرَ غَيْرَهُ بِالشَّيْءِ مَعَ حَاجَتِهِ إِلَيْهِ، وَهُوَ مَرْتَبَةُ الْإِيثَارِ.مدارج السالكين2/278

2-  الإيثار صفة امتدح الله بها الأنصار:
امتدح الله الأنصار على الإيثار فقال: (وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)(الحشر:9)
أي يقدمون المحاويج على حاجة أنفسهم، ويبدؤون بالناس قبل أنفسهم في حال احتياجهم إلى ذلك.
وقد ثبت في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أفضل الصدقة جهدُ المقلِّ) (رواه أبو داود وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير /1107)

وهذا المقام أعلى من حال الذين وصف الله تعالى بقوله: (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ)( الإنسان:8)

وقوله: (وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ) (البقرة: 177)

فإن هؤلاء تصدقوا وهم يحبون ما تصدقوا به وقد لا يكون لهم حاجة إلى ما تصدقوا به،أما أولئك فقد آثروا على أنفسهم مع خصاصتهم وحاجتهم إلى ما أنفقوه، وفي هذا يقول الله عزوجل: (وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (الحشر:9)

3- من صور الإيثار:
- عبد الرحمن بن عوف وسعد بن الربيع: عن إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: (لَمَّا قَدِمْنَا المَدِينَةَ آخَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنِي وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ، فَقَالَ سَعْدُ بْنُ الرَّبِيعِ: إِنِّي أَكْثَرُ الأَنْصَارِ مَالًا، فَأَقْسِمُ لَكَ نِصْفَ مَالِي، وَانْظُرْ أَيَّ زَوْجَتَيَّ هَوِيتَ نَزَلْتُ لَكَ عَنْهَا، فَإِذَا حَلَّتْ، تَزَوَّجْتَهَا، قَالَ: فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: لاَ حَاجَةَ لِي فِي ذَلِكَ هَلْ مِنْ سُوقٍ فِيهِ تِجَارَةٌ؟ قَالَ: سُوقُ قَيْنُقَاعٍ، قَالَ: فَغَدَا إِلَيْهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، فَأَتَى بِأَقِطٍ وَسَمْنٍ، قَالَ: ثُمَّ تَابَعَ الغُدُوَّ، فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَلَيْهِ أَثَرُ صُفْرَةٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تَزَوَّجْتَ؟»، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «وَمَنْ؟»، قَالَ: امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ، قَالَ: «كَمْ سُقْتَ؟»، قَالَ: زِنَةَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ - أَوْ نَوَاةً مِنْ ذَهَبٍ -، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ) (البخاري:2048)

قال سعدُ بنُ الرَّبيع: إنَّي أكثر الأنصار مالاً، فأقسمُ لك نصفَ مالي؟!!

لم يَقُل: إنى ذو مال.

ولم يَقُل: إني ذو مالٍ قليل.

ولم يقل: إنَّ عليَّ ديوناً كثيرةً؛ ليصدَّ بذلك أخاه.

أوليس هذا – مع الأسف – شأنُنا وحالُنا؟!

فأقسم لك نصف مالي؟!!

لا يُريد أن يعطيه دراهم محدودة أو دنانير معدودة! ولكن نصف المال!

يا للعجب من هذه النفوس!

إنها نفوسٌ غير النفوس التي نعرف ونشاهد..

نفوسٌ استمدَّت هذا الخلق الزكيَّ من كتاب الله تعالى..

إنَّها الأخوَّة فى الله عزَّ وجلَّ.. أخوَّة الدين..

وأيُّ أخوَّة أعظم من هذه الأخوَّة؟

أيُّ أُلفةٍ أحسن من هذه الألفة؟

أيُّ محبَّة تفوق هذه المحبة؟

"وانظرْ أيَّ زوجتَّي هَويتَ؛ نَزَلْتُ لك عنها، فإذا حلَّتْ؛ تزوَّجْتَها".

هل قائلُ هذا من البشر؟!

هل هذه القصة حصلت في عالم الواقع؟!

شعورٌ باللَّذَّة وهو يفرَّجُ همَّ أخيه..

إحساسٌ بالمتعةِ وهو ينفَّسُ كربَ صاحبه..

قال له عبدُ الرحمن: (لا حاجة لى فى ذلك، هل من سوقٍ فيه تجارةٌ؟ قال: سوقُ قينُقاع).

لم يستغلَّ عبدُ الرحمن بن عوف رضي الله عنه أخاه، ولم يقُلْ في نفسه: إنَّ أخي أكثر الناس مالاً، فلو أخَذْتَ شيئاً منه؛ لما ضرَّه!

لم يقبل المال، فكيف به يقبل أهله؟!

إيثار من سعد بن الربيع يقابله عفة من عبد الرحمن بن عوف، يا لها من نفوس عفيفة نقيَّة طاهرة، صاغها القرآن ورباها رسول الله صلى الله عليه وسلم.

- الأشعريين في الغزو:

وأما في الجهاد فقد أصابهم مثل ما أصابنا اليوم؛ خوفٌ وجوعٌ ونقصٌ من الأموال والأنفس والثمرات؛ لكنهم كانوا إخوة متحابين متراحمين كالجسد الواحد، يشد بعضهم أزر بعضٍ في المحنة حتى يخرجوا منها جميعاً،ويا ليت شعري كيف يخرجون من محنتهم؟!

لقد خرجوا بشهادة رسول الله لهم: (فَهُمْ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُمْ)

عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ الأَشْعَرِيِّينَ إِذَا أَرْمَلُوا فِي الغَزْوِ، أَوْ قَلَّ طَعَامُ عِيَالِهِمْ بِالْمَدِينَةِ جَمَعُوا مَا كَانَ عِنْدَهُمْ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ اقْتَسَمُوهُ بَيْنَهُمْ فِي إِنَاءٍ وَاحِدٍ بِالسَّوِيَّةِ، فَهُمْ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُمْ)( البخاري/2486، ومسلم/2500)

(أرملوا) من الإرمال وهو فناء الزاد وقلة الطعام أصله من الرمل كأنهم لصقوا بالرمل من القلة.
(في إناء واحد) أي اقتسموه بمكيال واحد حتى لا يتميز بعضهم عن بعض.
والأشعريون هؤلاء كانوا ممن أتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك يطلبون ظهراً ليخرجوا معه للجهاد، فلم يجد لهم رسول الله ظهراً؛ فتولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزناً، فدعاهم رسول الله وأمنَّ لهم ثلاثة من الإبل.( انظر تفسير القرطبي 8/228)
يا لها من نفوسٍ ما أزكاها؛ فقرٌ وعوز ومع ذلك إيثارٌ وبكاءٌ لعدم خروجهم للجهاد.

- إيثار يعجب الله منه:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: (جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: إِنِّي مَجْهُودٌ، فَأَرْسَلَ إِلَى بَعْضِ نِسَائِهِ، فَقَالَتْ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، مَا عِنْدِي إِلَّا مَاءٌ، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى أُخْرَى، فَقَالَتْ مِثْلَ ذَلِكَ، حَتَّى قُلْنَ كُلُّهُنَّ مِثْلَ ذَلِكَ: لَا، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، مَا عِنْدِي إِلَّا مَاءٌ، فَقَالَ: «مَنْ يُضِيفُ هَذَا اللَّيْلَةَ رَحِمَهُ اللهُ؟»، فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ: أَنَا، يَا رَسُولَ اللهِ، فَانْطَلَقَ بِهِ إِلَى رَحْلِهِ، فَقَالَ لِامْرَأَتِهِ: هَلْ عِنْدَكِ شَيْءٌ؟ قَالَتْ: لَا إِلَّا قُوتُ صِبْيَانِي، قَالَ: فَعَلِّلِيهِمْ بِشَيْءٍ، فَإِذَا دَخَلَ ضَيْفُنَا فَأَطْفِئِ السِّرَاجَ، وَأَرِيهِ أَنَّا نَأْكُلُ، فَإِذَا أَهْوَى لِيَأْكُلَ، فَقُومِي إِلَى السِّرَاجِ حَتَّى تُطْفِئِيهِ، قَالَ: فَقَعَدُوا وَأَكَلَ الضَّيْفُ، فَلَمَّا أَصْبَحَ غَدَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: قَدْ عَجِبَ اللهُ مِنْ صَنِيعِكُمَا بِضَيْفِكُمَا اللَّيْلَةَ)( مسلم /2054)

تأمل أخي المسلم: تسعة أبيات للنبي صلى الله عليه وسلم ليس فيها إلا ماءٌ!!

حتى نعلم أنَّ الذي أصابنا قد أصابهم أشد منه وأعظم، فهم ما ماوصلوا إلى ما وصلوا إليه من علوٍّ في الدنيا ورفعةٍ في الآخرة بالراحة والنعيم، وإنما بالكدِّ والتعب مع الصبر والإيثار.

- رسول الله يشرب الفضلة:
عن أبي هُرَيْرَةَ، قال: (آللَّهِ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلَّا هُوَ، إِنْ كُنْتُ لَأَعْتَمِدُ بِكَبِدِي عَلَى الأَرْضِ مِنَ الجُوعِ، وَإِنْ كُنْتُ لَأَشُدُّ الحَجَرَ عَلَى بَطْنِي مِنَ الجُوعِ، وَلَقَدْ قَعَدْتُ يَوْمًا عَلَى طَرِيقِهِمُ الَّذِي يَخْرُجُونَ مِنْهُ، فَمَرَّ أَبُو بَكْرٍ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ، مَا سَأَلْتُهُ إِلَّا لِيُشْبِعَنِي، فَمَرَّ وَلَمْ يَفْعَلْ، ثُمَّ مَرَّ بِي عُمَرُ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ، مَا سَأَلْتُهُ إِلَّا لِيُشْبِعَنِي، فَمَرَّ فَلَمْ يَفْعَلْ، ثُمَّ مَرَّ بِي أَبُو القَاسِمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَتَبَسَّمَ حِينَ رَآنِي، وَعَرَفَ مَا فِي نَفْسِي وَمَا فِي وَجْهِي، ثُمَّ قَالَ: «يَا أَبَا هِرٍّ» قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «الحَقْ» وَمَضَى فَتَبِعْتُهُ، فَدَخَلَ، فَاسْتَأْذَنَ، فَأَذِنَ لِي، فَدَخَلَ، فَوَجَدَ لَبَنًا فِي قَدَحٍ، فَقَالَ: «مِنْ أَيْنَ هَذَا اللَّبَنُ؟» قَالُوا: أَهْدَاهُ لَكَ فُلاَنٌ أَوْ فُلاَنَةُ، قَالَ: «أَبَا هِرٍّ» قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «الحَقْ إِلَى أَهْلِ الصُّفَّةِ فَادْعُهُمْ لِي» قَالَ: وَأَهْلُ الصُّفَّةِ أَضْيَافُ الإِسْلاَمِ، لاَ يَأْوُونَ إِلَى أَهْلٍ وَلاَ مَالٍ وَلاَ عَلَى أَحَدٍ، إِذَا أَتَتْهُ صَدَقَةٌ بَعَثَ بِهَا إِلَيْهِمْ وَلَمْ يَتَنَاوَلْ مِنْهَا شَيْئًا، وَإِذَا أَتَتْهُ هَدِيَّةٌ أَرْسَلَ إِلَيْهِمْ وَأَصَابَ مِنْهَا وَأَشْرَكَهُمْ فِيهَا، فَسَاءَنِي ذَلِكَ، فَقُلْتُ: وَمَا هَذَا اللَّبَنُ فِي أَهْلِ الصُّفَّةِ، كُنْتُ أَحَقُّ أَنَا أَنْ أُصِيبَ مِنْ هَذَا اللَّبَنِ شَرْبَةً أَتَقَوَّى بِهَا، فَإِذَا جَاءَ أَمَرَنِي، فَكُنْتُ أَنَا أُعْطِيهِمْ، وَمَا عَسَى أَنْ يَبْلُغَنِي مِنْ هَذَا اللَّبَنِ، وَلَمْ يَكُنْ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ وَطَاعَةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بُدٌّ، فَأَتَيْتُهُمْ فَدَعَوْتُهُمْ [ص:97] فَأَقْبَلُوا، فَاسْتَأْذَنُوا فَأَذِنَ لَهُمْ، وَأَخَذُوا مَجَالِسَهُمْ مِنَ البَيْتِ، قَالَ: «يَا أَبَا هِرٍّ» قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «خُذْ فَأَعْطِهِمْ» قَالَ: فَأَخَذْتُ القَدَحَ، فَجَعَلْتُ أُعْطِيهِ الرَّجُلَ فَيَشْرَبُ حَتَّى يَرْوَى، ثُمَّ يَرُدُّ عَلَيَّ القَدَحَ، فَأُعْطِيهِ الرَّجُلَ فَيَشْرَبُ حَتَّى يَرْوَى، ثُمَّ يَرُدُّ عَلَيَّ القَدَحَ فَيَشْرَبُ حَتَّى يَرْوَى، ثُمَّ يَرُدُّ عَلَيَّ القَدَحَ، حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ رَوِيَ القَوْمُ كُلُّهُمْ، فَأَخَذَ القَدَحَ فَوَضَعَهُ عَلَى يَدِهِ، فَنَظَرَ إِلَيَّ فَتَبَسَّمَ، فَقَالَ: «أَبَا هِرٍّ» قُلْتُ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «بَقِيتُ أَنَا وَأَنْتَ» قُلْتُ: صَدَقْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «اقْعُدْ فَاشْرَبْ» فَقَعَدْتُ فَشَرِبْتُ، فَقَالَ: «اشْرَبْ» فَشَرِبْتُ، فَمَا زَالَ يَقُولُ: «اشْرَبْ» حَتَّى قُلْتُ: لاَ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ، مَا أَجِدُ لَهُ مَسْلَكًا، قَالَ: «فَأَرِنِي» فَأَعْطَيْتُهُ القَدَحَ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَسَمَّى وَشَرِبَ الفَضْلَةَ) (البخاري/6452)

فمن لي بهذا المتأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم؟ لا يأكل حتى يشبع جياع المسلمين.

لو صرنا كما كانوا لارتفعنا كما ارتفعوا..

(لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا) (الأحزاب: 21)

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع