أسرة التحرير
تصدير المادة
المشاهدات : 2681
شـــــارك المادة
استيقظ الضمير العالمي -صباح الثلاثاء الماضي- على وقع مجزرة مروعة اعتبرتها الأمم المتحدة الأكبر في تاريخ سوريا، ليس لأنها أودت بحياة أكثر من مئة شخص، وإنما لأن المجرم استخدم فيها سلاحاً محرماً دولياً. تفاصيل الهجوم: في الرابع من نيسان، وتحديداً عند الساعة السادسة والنصف صباحاً، أغار الطيران الحربي من نوع (سو22) على مدينة خان شيخون بريف إدلب، موجهاً 4 صواريخ محملة بغاز السارين الشديد السمية، على أحياء المدينة الآهلة بالمدنيين الأبرياء. ووفقاً لمديرية صحة إدلب الحرة، فإن أكثر من 100 مدني -نصفهم أطفال ونساء- قضوا خنقاً، فيما أصيب نحو 500 شخص آخرين بحالات اختناق، نقلوا على إثرها إلى المشافي الميدانية، وأظهرت مقاطع رش عشرات المصابين بالماء ومحاولة إسعافهم بوسائل بدائية، فيما أكدت إدارة الدفاع المدني بإدلب أن القصف استهدف أيضاً نقاطاً طبية ومراكز للدفاع المدني في المدينة، مما أدى لخروجها عن الخدمة. وكالعادة، سارعت روسيا إلى نفي مسؤولية حليفها التقليدي عن الهجوم محاولة حرف الحقائق، وجاء على لسان المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية "إيغور كوناشينكوف" قوله "إن القوات السورية قصفت بين الساعة 11.30-12.00 ظهراً مستودعاً للذخيرة تابعاً للمعارضة في خان شيخون بإدلب" مدعياً أن المستودع كان يحوي ذخائر أسلحة كيميائية تم نقلها إلى البلاد من العراق! فيما رفض نظام الأسد الاعتراف بجريمته مدعياً أنه لا يملك -بالأساس- سلاحاً كيميائيا- بعد أن سلم كل ما بحوزته عقب هجوم الغوطة عام 2013. موقف المعارضة: بدورها كذبت المعارضة السورية الرواية الروسية، مؤكدة وجود صور لما أحدثه قصف طيران النظام، وطالب نائب رئيس الائتلاف السوري "عبد الحكيم بشار" بتقديم رأس النظام السوري "بشار الأسد" للمحكمة الجنائية بتهمة ارتكاب جرائم تطهير عرقي وجرائم حرب، كما شدد على ضرورة محاسبة كل من له علاقة بهذه الجريمة. وعلى الصعيد العسكري دعا الجيش الحر جميع الفصائل الثورية إلى الرد على مجازر النظام المروعة، وخاصة الهجوم الكيماوي على خان شيخون، وأصدرت حركة أحرار الشام الإسلامية بياناً طالبت فيه كافة الفصائل بإشعال الجبهات ضد النظام انتقاماً لأهالي "خان شيخون"، مؤكدة "أن الخلاص من هذا النظام السفاح المجرم لا يتحقق إلا بمشروع جامع يحشد قوى الثورة، ويوجه إمكاناتها بمختلف توجهاتها باتجاه إسقاط النظام". تنديد دولي: من جهة أخرى أثار الهجوم الكيماوي تنديداً دولياً واسعاً، واستدعى اجتماعاً طارئاً لمجلس الأمن الدولي بعد يوم واحد من المجزرة، وقدمت كل من أميركا وفرنسا وبريطانيا مشروع قرار في المجلس، للتنديد بالهجوم الكيميائي على خان شيخون. وطالب مشروع القرار النظام السوري بتقديم خطط طيرانه والمعلومات المتعلقة بالعمليات العسكرية التي قام بها في يوم وقوع الهجوم، ونص المشروع كذلك على تسليم أسماء قادة أسراب المروحيات والسماح للمحققين بالدخول إلى القواعد العسكرية التي قد تكون الطائرات قد انطلقت منها، والسماح بلقاء عسكريين وكبار الضباط وغيرهم لاستجوابهم حول الموضوع، خلال خمسة أيام من تقديم طلب اللقاء، كما سمح المشروع بفرض عقوبات بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة. وشن مندوبو الدول الغربية والولايات المتحدة انتقاداً لاذعاً ضد روسيا لاستمرارها بتقديم الدعم العسكري إلى نظام الأسد، وألمحت السفيرة الأمريكية إلى إمكانية التحرك خارج نطاق المجلس في حال استمرت روسيا باستخدام حق النقض ضد قرارات تدين الأسد، مؤكدة أن بلادها لا يمكنها غض الطرف عن الجرائم التي تنتهك في سوريا بحق الأطفال والأبرياء. واتهم مندوبا بريطانيا وفرنسا نظام الأسد بالوقوف وراء الهجوم، مؤكدين أن الهجوم الكيميائي يحمل بصمات "النظام السوري، وطالب المندوبان روسيا بوقف استخدام "الفيتو" محذرين من أن ذلك قد يشجع النظام على ارتكاب المزيد من الهجمات الكيميائية. وشدد المندوب الفرنسي على أن عدم معاقبة نظام الأسد بشأن مجزرة خان شيخون سيعطي رسالة له بإفلاته من العقاب مستقبلاً، فيما حذر المندوب البريطاني من أن يتحول مجلس الأمن إلى "مجلس مشلول" في حال استمرت روسيا بتعطيل قراراته. من جهته رفض البيت الأبيض ادعاء روسيا بأن هجوم خان شيخون نجم عن انفجار مستودع كيماوي لدى المعارضة، واصفاً إياه بـ"عديم المصداقية". في غضون ذلك ضرب المندوب الروسي بالحقائق عرض الحائط مستمراً بكذبة بلاده حول امتلاك المعارضة سلاحاً كيميائياً، ودعا دول المجلس إلى التريث في التصويت على قرار يدين الهجوم حتى انتهاء لجنة تقصي الحقائق من تحقيقاتها. وتعدى الانتقاد الدولي لروسيا والنظام أروقة المجلس ليطال قادة الدول الأوربية والرئيس الأميركي العائد عن أولوياته، حيث شدد "ترامب" على أن الهجوم الكيماوي الجديد قد «تجاوز خطوطاً كثيرة»، وأن موقفه من نظام الأسد «قد تغير». واعتبر محللون هذا الموقف بمثابة انقلاب في موقف الرئيس ترمب، وهو يشي بانتهاج سياسة معارِضة لسياسة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وربما متصادمة معها، ولعل ما يعزز هذا الرأي تصريح لمسؤول أمريكي كبير -اليوم الخميس- بأن بلاده لا تستبعد رداً عسكرياً على الهجوم بالغاز السام في سوريا. كما جاء موقف المستشارة الألمانية "أنجيلا ميركل" مشابهاً لنظرانها الأوربيين، وحذرت من أن عدم صدور قرار من مجلس الأمن بشأن هجوم سوريا الكيماوي "فضيحة" الصحة التركية تؤكد: وفي وقت لاحق أعلن وزير الصحة التركي رجب أقداغ، أن نتيجة تشريح ثلاث جثث من ضحايا بلدة خان شيخون بريف محافظة إدلب السورية أثبتت استخدام سلاح كيمياوي. وأكد في تصريح صحفي اليوم، الإنتهاء من عملية تشريح الضحايا بمشاركة مندوبين من منظمة الصحة العالمية.. موضحا أن نتيجة التشريح لثلاث جثث أثبتت وفاتهم بسبب تعرضهم إلى سلاح كيمياوي. وذكر أنه سيتم إرسال نتيجة التشريح إلى منظمة الصحة العالمية، وقال "على المجتمع الدولي عدم التزام الصمت حيال هذا الهجوم". ورغم التنديد الدولي الواسع والضجة الإعلامية الكبيرة التي أحدثها الهجوم، إلا أن مراقبين لا يعقدون الكثير من الأمل حول تحرك دولي ضد الأسد، من شأنه أن يكسر البروتوكولات السياسية والتفاهمات الدولية، خاصة وأن الذاكرة السورية ما زالت تحتفظ بمشاهد لهجوم الغوطة، الذي اكتفت الإدارة الأمريكية -آنذاك- برسم خطوط حمراء تلونت كثيراً منذ 2013. وبين هذا وذاك يتساءل سوريون عن الفرق بين القتل جوعاً أو خنقاً أو حرقاً، ما دام المجرم واحداً والوسائل متعددة.
المرصد الاستراتيجي
الجزيرة نت
حسن سالم
الشرق الأوسط
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
محمد العبدة