عدنان علي
تصدير المادة
المشاهدات : 3123
شـــــارك المادة
تشدد قوات النظام السوري ومليشيات حزب الله اللبناني الخناق على قرى منطقة وادي بردى شمالي غرب دمشق، وتستهدفها منذ عدة أيام، بقصف مدفعي وصاروخي وجوي مكثف، بهدف دفع مقاتلي المعارضة فيها للموافقة على صفقة تنوي طرحها عليهم، تتضمن ترحيلهم إلى إدلب، وفق السيناريو الذي طبقته في العديد من المناطق بريف دمشق خلال الأشهر الأخيرة.
وفي هذا الإطار، شنت قوات النظام والحزب اللبناني هجوماً على قرية بسيمة، بالتزامن مع قصف مدفعي وصاروخي، وإلقاء براميل متفجرة، تسبب في وقوع قتلى في صفوف المدنيين، وذكرت مصادر محلية أن قوات النظام تمكنت أمس الأحد، من السيطرة على عدة نقاط ومبانٍ على أطراف قرية بسيمة، عقب اشتباكات عنيفة أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى بين الجانبين. وأشارت إلى أن قوات النظام تتبع سياسة الأرض المحروقة، في سعيها للتقدم بالمنطقة، فيما تحاول قوات حزب الله اقتحام الأطراف الغربية للقرية، من جهة قرية الحسينية المجاورة، بالتزامن مع قصف مدفعي وصاروخي. دمار في ممتلكات المدنيين: وذكرت الهيئة الطبية في وادي بردى أن القصف تسبب بدمار كبير في ممتلكات المدنيين، وأجبر عدداً كبيراً من العائلات على الرحيل إلى قريتي عين الفيجة ودير مقرن، ومن جانبها، أكدت الهيئة الإعلامية في المنطقة مقتل 15 عنصراً من قوات النظام وحزب الله في محور الجمعيات، بينما قتل ثلاثة من عناصر المعارضة السورية المسلحة، وتحدث ناشطون في المنطقة خلال الأيام الماضية، عن استهداف الطيران الحربي والمروحي قرية عين الفيجة وحدها بنحو 60 غارة، ألقيت خلالها براميل متفجرة، وأخرى محملة بمادة "النابالم" وصواريخ فراغية. ويبدو أن النظام نقل ثقله العسكري بريف دمشق هذه الأيام، إلى مناطق وادي بردى، ويسعى للضغط على المعارضة السورية وحاضنتها الشعبية هناك، كي يخضعوا لتسوية أعدها لهم، مماثلة لما آلت إليه الأوضاع في داريا ومعضمية الشام وغيرها من المدن والبلدات المحيطة بدمشق. ويقول الناشط الإعلامي، عبدلله القلموني، إن "هدف النظام من هجومه الحالي، إجبار مقاتلي المعارضة والمدنيين في قرى وبلدات وادي بردى، للقبول بالمبادرة التي يستعد النظام لطرحها عليهم رسمياً خلال الأيام القليلة المقبلة"، والتي تشبه ما جرى في مناطق أخرى بريف دمشق لناحية الترحيل إلى إدلب". وتوقع في حديثه لـ"العربي الجديد" أن يعمد النظام خلال الفترة المقبلة، إلى التركيز بشكل كبير على قرى وبلدات وادي بردى بعد إنجاز عمليات الترحيل في اليومين المقبلين من مدينة الزبداني وبلدة مضايا باتجاه إدلب، بموجب صفقة حلب التي تضمنت إخلاء المنطقتين مقابل إخلاء سكان من بلدتي كفريا والفوعا المواليتين في ريف إدلب. ويؤكد هذا الكلام أيضاً، ما صرح به، أخيراً، محافظ ريف دمشق التابع للنظام السوري، علاء إبراهيم، قائلاً إن "المصالحة في منطقة وادي بردى وعين الفيجة مستمرة والمسلحون يحاولون التفاوض على بعض الشروط إلا أنه تم إبلاغهم أن الشروط ذاتها التي طبقت بقدسيا والتل"، وفي تصريح لجريدة "الوطن" الموالية للنظام، قال "إن تدخل الدولة إلى المنطقة وهي خالية من المسلحين، والمسلح الذي يريد أن يخرج يتم تأمينه، والذي يريد أن يبقى تتم تسوية وضعه، ويتم إعطاء مهلة 6 أشهر للمتخلفين عن الخدمة الإلزامية". ترويج لمفاوضات المصالحة: وتروّج وسائل إعلام موالية لمفاوضات تجري بين النظام وبعض مسلحي الوادي بشأن ما تسميه أوساط النظام "المصالحة"، والتسوية الاستسلامية المطروحة تتضمن "إخراج المسلحين ومن يرغب إلى إدلب"، وتسليم الأسلحة الثقيلة والمتوسطة، و"تسوية أوضاع المتخلفين" عن الخدمة العسكرية، وفك الحصار عن الوادي، وتشكيل قوات عسكرية موالية للنظام من السكان المحليين، مهمتها حماية المنطقة. ولفتت مصادر محلية إلى أن وفداً من أهالي وادي بردى رفض هذا المشروع، وطرح الشهر الماضي هدنة مشروطة، يتوقف خلالها النظام عن استهداف المنطقة، ويطلق سراح معتقلي ومعتقلات الوادي، مقابل سماح قوات المعارضة بدخول ورشات إصلاح خط مياه نهر بردى الذي يزود دمشق بمياه الشرب، واشترط الوفد أيضاً أن يلتزم جيش النظام بعدم مضايقة السكان أثناء مرورهم على الحواجز، وأن يسمح بعودة أهالي قريتي إفرة وهريرة الذين تم تهجيرهم في يوليو/تموز الماضي باتجاه قرى أخرى في الوادي، وبإدخال المواد الغذائية والطبية والمحروقات. أزمة المياه: وما يثير قلق النظام في منطقة وادي بردى أنها تضم نبع عين الفيجة وأنبوبا لنقل مياه نبع بردى إلى دمشق، واللذين يزودان العاصمة السورية بأكثر من 80 في المائة من حاجتها من المياه، لذلك فهو مستعجل لتهجير أهل المنطقة أو قتلهم ببساطة إن لم يستسلموا لشروطه، لذلك ربما، اخترعت أوساط إعلامية موالية رواية روجت لها على وسائل التواصل الاجتماعي، وفي منابر إعلامية موالية، على شاكلة تسجيل صوتي قيل إن المتحدث فيه مسؤول في مصلحة مياه عين الفيجة التي تغذي دمشق بمياه الشرب بشكل شبه كامل.
ويفيد التسجيل، والذي شكل مادة للسخرية في أوساط معارضة، بأن من يسميهم المتحدث بـ"الإرهابيين" في المنطقة سمموا النبع بكمية هائلة من مادة المازوت لتسميم "الدولة في سورية" قبل أن "تتدارك الدولة الأمر" على حد تعبير الرجل، وفهمت أوساط معارضة التسجيل، كتبرير للقصف العنيف الذي استهدف منطقة النبع في الفيجة بنحو 60 غارة شردت وقتلت عدداً كبيراً من أهالي القرية والمنطقة. ونفت أوساط معارضة رواية تسميم مياه النبع، وأكدت "أن قوات النظام والمليشيات المساندة لها قصفت النبع جواً وبراً بكافة أنواع الأسلحة، ما أدى إلى دمار كبير بالنبع وخروجه عن الخدمة وتعطل المضخات واختلاط المياه بالمازوت والكلور"، وأضافت مصادر المعارضة السورية أن استمرار انقطاع الكهرباء عن كامل قرى وادي بردى، وعن منشأة النبع، يؤدي أيضاً لانقطاع مياه النبع عن دمشق وريفها فضلاً عن تعطل المضخات. إرسال تعزيزات للمنطقة: وتقول مصادر النظام إنه "رداً على قيام التنظيمات المسلحة بتلويث مياه الشرب القادمة إلى دمشق بالملوثات والمازوت، قام الجيش العربي السوري بقصف مدفعي وصاروخي مكثف على مواقعهم في بسيمة وعين الفيجة، بالترافق مع تقدمه في جرود بسيمة، في وقت وصلت فيه إلى المنطقة تعزيزات من الجيش وأسلحة حديثة استعداداً للبدء بالمرحلة الثانية من العملية العسكرية هناك". وسبق أن تم قطع مياه عين الفيجة عن مدينة دمشق من قبل مقاتلي المعارضة، في إطار الضغط على النظام للإفراج عن معتقلين أو إيقاف القصف على قرى منطقة وادي بردى ومدينة الزبداني، ويقدر عدد سكان قرى وبلدات وادي بردى بحسب إحصائية للمجلس المحلي في المنطقة بنحو 90 ألف نسمة، أغلبهم من النازحين من مدينة الزبداني ودوما وجوبر وقرية هريرة وغيرها من المناطق في ريف دمشق، وتعيش تحت حصار خانق من جانب قوات النظام ومليشيات حزب الله. وتعد منطقة وادي بردى امتداداً جغرافياً لبلدات قدسيا والهامة، والتي قام النظام أخيراً بتهجير المعارضين منهما، وتقع على ضفتي نهر بردى الذي ينبع من سهل الزبداني على بعد 45 كيلومتراً شمال غربي دمشق، ويصب في بحيرة العتيبة، شرق العاصمة، بطول 84 كيلومتراَ. وتضم المنطقة 14 قرية، تقع 11 منها تحت سيطرة فصائل المعارضة وهي بسيمة، وعين الخضراء، وعين الفيجة، وإفرة، ودير مقرن، وكفير الزيت، ودير قانون، والحسينية، وكفر العواميد، وبرهليا، وسوق وادي بردى. ويسيطر النظام وحزب الله على دُمَّر وقدسيا والهامة وجمرايا وجديدة الوادي وأشرفية الوادي وهريرة. وتعتبر جبهة "فتح الشام"، وحركة "أحرار الشام"، والجيش السوري الحر من أهم الفصائل العسكرية المنتشرة في قرى وبلدات وادي بردى.
العربي الجديد
الجزيرة نت
العربية نت
لجان التنسيق المحلية
الأناضول
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة