عبسي سميسم
تصدير المادة
المشاهدات : 3728
شـــــارك المادة
اكتملت، مساء أمس الأربعاء، آخر فصول أكبر عملية تهجير قسري لمواطنين سوريين تم إجبارهم على ترك بيوتهم وممتلكاتهم في القسم الشرقي من مدينة حلب، والرحيل إلى مناطق أخرى، مقابل ضمان سلامتهم أثناء رحلة الخروج، وذلك بعد فترة حصار دام أكثر من أربعة شهور بالتوازي مع قصف شبه يومي على المنطقة المحاصرة، ساهم الطيران الروسي مع طيران النظام في إحكامه على المدنيين. وبدأت، بداية الشهر الحالي، عملية برية لقوات النظام والمليشيات المساندة لها، مدعومة من روسيا، باقتحام الأحياء المحاصرة من حلب، مرتكبة مجازر بحق المدنيين الذين لم يتمكنوا من الهرب إلى عمق تلك المناطق، ليتم حصار أكثر من 50 ألف مدني، ضمن مساحة لا تتجاوز الكيلومترين مربعين. مقترح أمريكي روسي: ثم تسربت أنباء، في 11 من الشهر الحالي، عن مقترح أميركي روسي يقضي بإخراج مقاتلي المعارضة ومقاتلي "فتح الشام" (النصرة سابقاً) مع من يرغب من المدنيين المحاصرين، تطور هذا المقترح إلى اتفاق على إخراج كل سكان المنطقة برعاية روسية وتركية، تم البدء بتنفيذه يوم الخميس في 15 الحالي، وانطلق بإخراج أول دفعة من المهجرين. وفي اليوم نفسه، كشف مساعد مبعوث الأمم المتحدة إلى سورية، يان إيغلاند، أن عدد من سيتم إجلاؤهم من حلب يبلغ نحو 50 ألف شخص. إلا أن مليشيات إيرانية وعناصر من حزب الله اللبناني اعترضت القافلة التي خرجت واحتجزتها، مطالبة بإدراج بلدتي الفوعة وكفريا ضمن الاتفاق، كما تم إطلاق النار على إحدى سيارات الإسعاف، ما تسبب في مقتل شخص وإصابة أربعة آخرين، الأمر الذي عطّل خروج أول دفعة حينها. واستطاعت إيران أن تعدّل شروط الاتفاق وتُدخل بنوداً جديدة عليه تتضمن إخراج مصابين وجرحى من بلدتي الفوعة وكفريا، ليعدل لاحقاً إلى اتفاق يتم خلاله إخراج الدفعة الأولى التي تضم 1250 شخصاً من بلدتي الفوعة وكفريا، يقابلهم تهجير نصف أهالي الأحياء المحاصرة في مدينة حلب، ثم يتم إخراج الدفعة الثانية، وتضم أيضا 1250 شخصاً من بلدتي الفوعة وكفريا، يقابلهم النصف الثاني من أهالي الأحياء المحاصرة في مدينة حلب، بينما ستضم الدفعة الثالثة 1500 شخص من الفوعة وكفريا، يقابلهم 1500 شخص من مدينتي مضايا والزبداني في ريف دمشق. ووصلت القافلة الأولى من المهجرين من مدينة حلب المحاصرة، يوم الخميس الماضي، إلى ريف المدينة الغربي، بينما كانت تنتظر الدفعة الثانية السماح لها من قبل قوات النظام والمليشيات بالخروج من معبر الراموسة جنوب المدينة. وانطلقت القافلة من مناطق سيطرة المعارضة في حي السكري، ترافقها سيارات الهلال الأحمر السوري، لتعبر بعدها أحياء العامرية والراموسة وأطراف ضاحية الأسد التي تسيطر عليها قوات النظام غرب حلب، وصولاً إلى منطقة الراشدين التي تسيطر عليها المعارضة، فيما انطلقت القافلة الثانية باتجاه الريف الغربي لحلب، بعد توقفها لمدّة 4 ساعات عند معبر الراموسة، جنوب المدينة، بانتظار موافقة النظام السوري وروسيا. استمرار عملية التهجير: واستمرت عملية التهجير يوم الجمعة، إذ وصلت، فجر ذلك النهار، القافلتان الثالثة والرابعة، من مهجري أحياء حلب الشرقية إلى ريف حلب الغربي، ليصل عددهم إلى نحو أربعة آلاف مدني. وتوالى في اليوم نفسه نقل الدفعات الخامسة والسادسة والسابعة، ليصل عدد المهجرين إلى ستة آلاف، فيما كان ينتظر نحو أربعين ألفاً آخرين في العراء وسط برد شديد. وأكدت مصادر لـ"العربي الجديد"، أن عملية التهجير كانت تتم بإشراف ضباط روس يصعدون إلى الحافلات، من دون القيام بأية عمليات تفتيش، مكتفين بإحصاء عدد الموجودين في كل حافلة، وبحضور مندوب من منظمة الهلال الأحمر السوري. وأكدت مصادر محلية لـ"العربي الجديد" أن أوضاع الواصلين إلى ريف حلب الغربي كانت مزرية للغاية، ومعظمهم يعانون من الأمراض، بسبب الحصار الذي فرضته قوات النظام والمليشيات عليهم. وفي اليوم نفسه، أوقفت قوات النظام، عملية إجلاء المدنيين من داخل الأحياء المحاصرة في حلب، على خلفية اعتراض مليشيات تابعة للنظام على عدم إجلاء جرحى بلدتي كفريا والفوعة بإدلب، وقامت بإطلاق النار في معبر الراموسة. بالتزامن مع توتر أجواء عملية التهجير، أشارت القوات الروسية، ظهر الجمعة، في بيان صدر عن قاعدة حميميم، إلى انتهاء عملية إجلاء المحاصرين من شرق حلب إلى ريفها الغربي، وذكر البيان أن "المسلحين وعائلاتهم غادروا حلب، والباقين هم متشددون يريدون القتال، وسيواصل الجيش السوري عملياته للسيطرة على المدينة". وعاش من تبقى من السكان المحاصرين ساعات رعب حقيقية بانتظار مصير مجهول عقب هذه التصريحات، إلى أن تم الإعلان، يوم السبت الماضي، عن توصل المعارضة المسلحة إلى اتفاق جديد مع روسيا وإيران، لاستكمال إجلاء المدنيين والمقاتلين من المنطقة المحاصرة في حلب، مقابل إخراج الجرحى مع عائلاتهم من بلدتي الفوعة وكفريا في ريف إدلب. وشمل الاتفاق الجديد إخلاء الجرحى مع عائلاتهم من كفريا والفوعة المواليتين للنظام، ومن مدينتي مضايا والزبداني المعارضتين في ريف دمشق. عرقلة الاتفاق: وعلى الرغم من التوصل إلى هذا الاتفاق، إلا أن المليشيات التابعة لإيران والنظام السوري قامت بعرقلة تنفيذ الاتفاق الذي تم التوصل إليه، السبت، إذ اشترطت إجلاء الجرحى والمصابين مع عائلاتهم من بلدتي الفوعة وكفريا، قبل أن يتم السماح بمرور المهجرين من أحياء حلب، ما أدى إلى تعطل عملية إجلاء المهجرين حتى صباح الأحد. كما توفي ثلاثة مدنيين، بينهم رضيع عمره ساعات في أحياء مدينة حلب، الأحد، بسبب غياب الرعاية الصحية، وانخفاض درجات الحرارة. وتم استئناف عمليات التهجير يومي الأحد والاثنين، ونقل نحو 4 آلاف مدني من شرقي حلب، فيما تم نقل الدفعة الأولى من سكان مدينتي الفوعة وكفريا إلى مناطق النظام في حلب. في المقابل، خرجت دفعة ثانية من بلدتي الفوعة وكفريا نحو ريف حلب الشمالي، ضمّت عشر حافلات. وارتفعت وتيرة نقل من تبقى في القسم المحاصر من حلب يومي الإثنين والثلاثاء، إذ تم نقل معظم من تبقى منهم من دون حدوث مشاكل تُذكر، لتتوقف يوم أمس الأربعاء على خلفية تعطيل المليشيات خروج من تبقى من السكان، ومحاولتها فرض أعداد إضافية من سكان كفريا والفوعة، قبل أن يتم، بعد ظهر أمس، خروج آخر دفعة من مدينة حلب.
وبلغ من تم تهجيرهم 1052 عائلة وصلت من شرق حلب إلى ريفها الغربي، بينما وصلت 5552 من شرق حلب إلى ريفها الشمالي، بحسب رئيس المجلس المحلي لمدينة حلب، ليسدل الستار على عملية كبرى بحق مدنيين تمت برعاية دولية.
العربي الجديد
الجزيرة نت
العربية نت
نزار محمد
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة