..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


مقالات منوعة

الثورة السورية في عامها الرابع (لا قيادة، لا استراتيجية) !!!

سفيان الحمامي

١٤ ٢٠١٤ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 2921

الثورة السورية في عامها الرابع (لا قيادة، لا استراتيجية) !!!
كيلو.jpg

شـــــارك المادة

كتب السيد ميشيل كيلو عضو الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة في مقال له في مجلة الشرق الأوسط بأن الائتلاف يحتاج إلى قيادة، وأوضح في مقابلة له مع محطة (ب ب س) بأن الثورة السورية لا قيادة لها ولا استراتيجية لديها.

يتسم السيد كيلو بالصراحة والصدقية والبساطة في التعبير، وتلك سمات المناضل الحقيقي ولا شك بأنه مناضل وصادق وصريح.

 

لكن، يا أستاذ ميشيل، هناك ثورة شعبية دخلت العام الرابع من عمرها، وتعيد قول بأنها بـ (لا قيادة ولا استراتيجية) وأنت المثقف الذي قرأ حتما الثورات العالمية ومساراتها وتاريخها بالتفصيل وكذلك قياداتها وسياساتها واستراتيجياتها وتكتيكاتها إلخ...

لقد حفظنا بتأثير الحكمة المتوارثة (الاعتراف بالخطأ فضيلة)، ونرددها باستمرار، لكن الفضائل تذكر ويتم قبولها في الأوضاع الفردية والمواقف الشخصية وليس في إطار حياة أو موت شعب بأكمله، وحالة تدمير دولة يمتد تاريخها الحضاري لأكثر من 5000 سنة، وتحوي مجتمع عاصر الطغاة والحكماء وتعايش معهم وطواهم عبر التاريخ.
من يعرف غالبية أعضاء الإتلاف والحكومة السورية المؤقتة لا يستغرب ما قاله السيد كيلو، إذ أن معظمهم لم يدرس القيادة الإدارية لا علما ولا تدريبا ولم يمارسها قط في حياته، ولم يعد خطة استراتيجية ولم يشارك بها سواء في الوظائف التي كان يشغلها أو في إطار منظمات أخرى (باستثناء عدد قليل من الأعضاء المشهود لهم بالكفاءة الذين آثروا الابتعاد عن الخوض في مواضيع القيادة والاستراتيجيات اللازمة للثورة في ظل تجمّع بشري يحيط بهم في الائتلاف والحكومة المؤقتة لا يفقهون شيئا في الموضوعين تننفيذا مقولة (يا ذاكر العلم بين الجهال خطأ)، أو ربما لا يرغبون بمواجهات أشخاص يغلب على صفاتهم سلوك الزعرنة الذي يخجل العقلاء من التعاطي معه.

أقول للسيد كيلو وأمثاله في الائتلاف (على قلة عددهم):
ألا يوجد في سوريا كلها ( التي ما فتئت تزوّد العالم بالكفاءات العالية وهي عبر الزمن منبع لأصحاب الكفاءات في العالم العربي والغربي) أشخاص متخصصون في القيادة الإدارية وإعداد السياسات والاستراتيجيات والخطط التنفيذية؟؟؟
إن كنت وأمثالك لا تعرفونهم فتلك مصيبة وإن كنتم تعرفونهم ولا ترغبون كعادتكم بطلب مساعدتهم ليعّدوا لكم قادة إداريين ويصمّموا لكم استراتجيات وخطط  فالمصيبة أعظم.
لقد سمعت عن لقاءات حصلت مع عدد ممن يسمّون وزراء في الحكومة المؤقتة بأنهم يفتقرون إلى أدنى مواصفات القيادة الإدارية والدراية بإعداد الخطط الاستراتيجية، والأنكى من ذلك هم يدّعون ويقولون أمام مرافقيهم بأنهم أكثر معرفة بالقيادة والاستراتيجيات من العالمين المعاصرين في الإدارة والاستراتيجيات (بيتر دروكر، ميشيل كروزييه) بل ومن (وودرو ويلسون) مؤسس علم الإدارة ورئيس الولايات المتحدة الأسبق.
ألست أنت يا استاذ ميشيل وزملاءك في الائتلاف من سمّى هؤلاء الوزراء شبه المتعلمين لمواقعهم الوزارية لقيادة أعمال الثورة السورية (يعرف الجميع بأن هؤلاء يديرون عدة أشخاص في مكتب واحد ليس له أية صفة مؤسسية أو طابع وزاري بل هو مقر للعلاقات العامة والسمر والانتفاع من المعونات المقدّمة للثوار في الداخل والمواطنين المحرومين والمهجرين)؟
ألم تدرس وأمثالك يا أستاذ كيلو تاريخ الثورات العظمى في التاريخ، ألم تستخلصوا كيف تمّت قيادتها وإدارتها عبر سياسات واستراتيجيات وخطط فعالة جدا وصحيحة؟
لقد مضى ثلاث سنوات على تاريخ تلك الثورة وذهب مئات آلاف الشهداء والمعتقلين وربما مئات آلاف الجرحى وملايين المهجرين، ولم تدركوا بعد يا أعضاء الائتلاف والحكومة السورية المؤقتة أنكم تعملون دون قيادة ودون استراتيجية، وأي قارئ لتاريخ الثورات يعرف بأنها تبدأ مع قيادات كارزمية تمتلك شخصيات إلهامية قيادية قادرة على توجيه مسارات الثورة وقادرة على إعداد سياسات واستراتيجيات وخطط وخيارات عملية تواكب ما تتطلبه الظروف والأوضاع المحيطة والمستقبل.
أم أن تلك المعلومات طلاسم عليكم يا أعضاء الائتلاف والحكومة السورية المؤقتة.
حرام عليكم ما تفعلونه، هذه ممارسات هواة في العمل تقودهم سلوكيات العمل بالبركة من يوم إلى آخر فقط.
أقول لك ولزملائك يا أستاذ كيلو ما ذكره عالم الاقتصاد الأول منذ أكثر من قرنين (العملة الرديئة تطرد العملة الصحيحة من السوق)، وهذا ينطبق فعليا على إدارة الائتلاف والحكومة السورية المؤقتة، هؤلاء الذين عاشوا عقد السلطة والخنوع في حياتهم الوظيفية السابقة، والآن ظهر أمامهم بصيص حلم السلطة التي قد يتولونها في مركب الثورة السورية الذي تعصف به الرياح في محيط هائج، ويعرف المطلعون بأن هؤلاء تخلّوا عن مواقعهم الوظيفية التي كانت في الصفوف الأخيرة أو في مواقع شكلية لا قيمة لها لدى النظام وهروبهم لتحقيق حلم السلطة بحكم انتهازيتهم المعهودة، للوقوف في الصفوف الأولى في الثورة ، مع العلم بأنهم غير قادرين على إدارة مكتب لا يزيد عن عدة موظفين.
القيادة الإدارية يا أعضاء الائتلاف والحكومة المؤقتة علم وفن يدرسه ويمارسه أعظم قادة العالم المعاصر والسياسات والاستراتيجيات والخطط يعدّها مختصون درسوا تلك العلوم في جامعات مرموقة يشهد لها الجميع، ولا يمكن لمن عاش في وسط وظيفي بسيط أو سلطة توارث فيها شيخ عائلة أو عشيرة أن يكون قادرا على فهم وممارسة القيادة الإدارية وإعداد الاستراتيجيات وفق منهجية علمية – إنها اختصاص يا أعضاء الإتلاف والحكومة المؤقتة وليست بالونات يتمّ نفخها وتنفيسها لتكبر وتصغر حسب رغبة من ينفخ وينفّس.
ويصادف اليوم اختيار إدارة الائتلاف وزير التعليم في الحكومة المؤقتة (وتتكرر التجربة الفاشلة) شخص مع كامل الاحترام له شخصيا ولتاريخه النضالي في الثورة السورية: خريج الاتحاد السوفياتي المنهار ودرّس 20 سنة في جامعات ليبيا في عهد القذافي ، ويتفاخر أعضاء الائتلاف به لأنه سينقل للتعليم في سوريا تجربة القذافي الرائدة في التعليم وكأنه خريج جامعة هارفارد أو بيركلي أو اكسفورد أو كمبريدج أو بيير وماري كوري.
يا ناس هل توجد جامعة متخلفة في العالم أكثر تخلفا من جامعات ليبيا في عهد القذافي، إنها فعلا ممارسات الـ( ك ج ب) التي ذكرتها لاختيار القيادات الإدارية في عهد الاتحاد السوفياتي المنهار، الشخص غير المناسب للمكان المناسب!!! 
يمضي الوقت بسرعة ويترافق معه يوميا سقوط مئات الشهداء الأبطال في ساحات الوغى مع النظام الإجرامي المتوحش ومن يواليه، ومن الأطفال والنساء الذين تدمر بيوتهم فوق رؤوسهم، ومن الجرحى والمعاقين والمهجرين قسرا، إلخ...
أليس لديكم حسّ يا إدارة الائتلاف والحكومة المؤقتة بما يحصل، ألم تدركوا بعد أنكم غير أهل لقيادة الثورة السورية وعليكم أن تخلوا كراسيكم الوهمية المعلقة في الهواء والسلطة الفارغة التي تتباهون بها أمام مرافقيكم وأزلامكم، لتتركوها لأصحاب الكفاءات الحقيقية القادرين على ممارسة القيادة الإدارية وإعداد الخطط الاستراتيجية لاستكمال الثورة وتحقيق نجاحها، وأنتم تعرفون تلك الكفاءات الحقيقية ولكنكم تتعامون عن التعرّف إليها وتجاهلها وطلب العون منها لأسباب يعرفها الجميع.
أم أنكم بحكم كونكم خريجي مدرسة النظام المجرم تتصرّفون وكأن مواقعكم الوظيفية (الوهمية) للأبد، ألم تكرهوا كلمة للأبد خلال خمسين عاما من عمر النظام؟
آن الأوان أيها الثوار الشجعان في صفوف المعارك وساحات القتال أن تخلعوا هؤلاء الذين سموا أنفسهم قادة للثورة السورية الذين تسلّق معظمهم على سلّم بناء ثورتكم، فهؤلاء هم العدو الثاني لكم بعد النظام الذي تصارعونه يوميا.
بالتأكيد، لن يتخلى هؤلاء في إدارة الائتلاف والحكومة المؤقتة عن مواقعهم مهما حصل لكم من خسائر وتضحيات وفشل، فانطلقوا أيها الأبطال في ساحات الوغى من مقاتلين وناشطين، ومارسوا أدواركم واتخذوا قراراتكم في اختيار الأشخاص الأكفاء لتجسيد ممارسات القيادة الإدارية وإعداد الاستراتيجيات والخطط لثورتكم، وإن لم تفعلوا حاليا فخسائركم ستتضاعف ولن تتمكنوا من تحقيق غايات ثورتكم مستقبلا. 

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع