معاذ عبد الرحمن الدرويش
تصدير المادة
المشاهدات : 5393
شـــــارك المادة
فجر الثورة الأطفال، و قام بها المراهقون، و ألهبتها النساء، ثم اعتلاها من اعتلاها واختلط الحابل بالنابل. لا شك أن الثورة ما هي الا حالة فوضى، لكن هذه الفوضى سرعان ما تنتظم و تسير في فوضى منظمة، إلا أن الثورة السورية كانت تسير يوماً بعد يوم من فوضى إلى فوضى أكبر.
الجميع يدرك أن غياب النخب عن قيادة الثورة، هو الذي أثر على سرعة نجاحها و أخر في انتصارها. و النخب التي سأتحدث عنها والتي يقع على عاتقها المسؤولية الكبرى هم ثلاث أصناف، رجال الدين، والثقافة، و ضباط الجيش، والأطباء. رغم أن الثورة السورية انطلقت من المساجد رافعة راية الله أكبر، و لا أحد يستطيع أن ينكر أنها كانت بصبغة إسلامية بحتة، إلا أن رجال الدين الإسلامي هم آخر من التحق بركب الثورة إذا لم يبق واقفاً في صف النظام. غياب رجال الدين مع رجال الثقافة عن قيادة الثورة أدى إلى غياب المبادئ الثورية الحسنة، و انخراط كل ما هو سيء و مشين داخل صفوف الثورة، وغياب محور التنظيم بها، وهو أساس نجاحها و تقدمها وهذا ما أدى إلى فشلها سياسياً. أما بالنسبة لضباط الجيش والذين من البداهة أن يقودوا الحراك العسكري للثورة بعد أن فرض عليها أن تتحول إلى مسلحة، فمع الأسف كانت قمة شجاعتهم أن تركوا أماكنهم بين صفوف جيش النظام ليلتحقوا بالمخيمات وبغيرها، و تركوا قيادة الثورة لمن لا يفرق بين مبدأ الهجوم والدفاع، و من ثم يأتي من يأتي من خارج سوريا ليستلم زمام القيادة في الثورة وهنا كان مقتلها. أما الأطباء والذين يصنفون في قمة الهرم في المجتمع السوري، فهم الصنف الأكثر خذلانأ للثورة، وقد هرب القسم الأعظم منهم إلى خارج البلاد، تاركاً نزيف الثورة وجرح الوطن مفتوحاً على الهواء والشمس تعيث به جراثيم بيت الأسد فساداً و موتاً. في حين أننا نجد أن الثورة كانت في الخارج أكثر نجاحاً و أكثر تنظيماً من الداخل، رغم كل التحفظات و كل الانتقادات لنشطاء الثورة بالخارج. فنشطاء الخارج هم من قاد الدفة السياسية بنجاح مقبول رغم أن الداخل حاول أن يحبط عملهم بدلاً من أن يدعمه ويقويه. و كل ما ورد ذكره يعود لسبب واحد، أن النخب التي نعدها نخب في زمن نظام الفساد هي أبعد ما تكون عن النخب، و لو كانت النخب نخب حقيقية لما حصلت ثورة أساساً. فرجل الدين ما هو إلا رجل دين بطريقة أو بأخرى يسبح بحمد بيت الأسد صباح مساء. و الضابط ما هو إلا خريج مدرسة حافظ الأسد، و بيت الأسد ليسوا بهذا الغباء حتى ينشئوا ضباطاً حقيقيين -يقاتلونهم يوماً- إذا لم يكونوا على ملتهم. و مهنة الطب في سوريا الأسد تعتبر في القمة ليس لإنسانيتها، وإنما لدخلها المادي. فالنخب في الداخل هي نخب حسب نظام بيت الأسد وليست نخب حقيقية، وبالتالي سقطت مع بدايات الثورة. أما نشطاء الخارج والذين هم بالأساس شقوا طريقهم بأنفسهم في ظروف خارج إطار بيت الأسد كانوا أكثر نجاحاً و أكثر تنظيماً . و لو كانت النخب الحقيقية هي التي تقود الحراك الثوري في الداخل لحصل تناغم بين الاثنين، ونجحت الثورة في قيادة نفسها، و ما حصل الذي حصل. فالفوضى العارمة التي تعيشها الثورة، هي مخاض طويل حيث تظهر نخب فاشلة ثم تسقط ويظهر غيرها ثم تسقط حتى تظهر نخب حقيقية تستلم دفة الثورة سياسياً وعسكرياً، وهذه النخب لا بد أن تظهر من داخل الثورة، فنخب الخارج لا يمكن أن تنجح في قيادة الثورة مهما وصلت من خبرة وتنظيم، فهي داعمة رئيسية ولكنها لا تصلح لأن تكون قيادية محورية. آملين من المولى عز و جل أن يمن علينا بنخب ثورية تخاف الله و تخشاه بالسر والعلن، قلبها على الناس والثورة و الوطن، تنقذ ثورتنا من التشرذم و الضعف و تصل بنا إلى بر الأمان بالنصر والتحرير من كل براثن بيت الأسد، و كل من يؤيدهم ويشد على أيديهم. ملاحظة الحديث كان بالعموم ولا ننكر الأبطال سواء من رجال الدين، أو من الضباط أو من الأطباء، والذين تنحني الهامات و تقبل أقدامهم لما قدموه .
حسان الحموي
بوابة الخليج العربي
محمد بسام يوسف
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة