بشير البكر
تصدير المادة
المشاهدات : 2950
شـــــارك المادة
جاءت عملية "الغضب لحلب" التي بدأت، بعد ظهر الأحد، لتعيد خلط الأوراق وتضع المسألة السورية أمام وضع مختلف ومغاير لما كان يتم التخطيط له من الأطراف المؤثرة في المعادلة، أي روسيا والولايات المتحدة. وفي الوقت الذي ساد فيه الاعتقاد، خلال الأسبوع الماضي، أن معركة حلب انتهت لصالح روسيا والنظام السوري، قلبت المعارضة الطاولة وتمكنت خلال يومين من استعادة المبادرة، وتغيير المعطيات الميدانية على نحو أصاب الجميع بالصدمة. دخلت العملية يومها الثالث، ولم تتمكن روسيا والنظام السوري والمليشيات التي تقاتل إلى جانبه من وقف زحف الهجوم الكبير الذي بدأ من جنوب المدينة ليفك الحصار عنها من جهة الراموسة ومدرسة المدفعية، أي غير طريق الكاستيلو الذي صار تحت سيطرة النظام وحلفائه منذ أكثر من أسبوعين. وبات واضحاً، حتى الآن، أمران أساسيان، الأول هو تصدع جبهة النظام في هذا القطاع؛ والثاني أن هجوم المعارضة عبارة عن عملية متقنة ومدروسة، ومخطط لها أن تحقق أهدافاً محددة. أسوأ الأوقات: كان الأسبوع الذي سبق العملية من أسوأ الأوقات التي مرت بها المعارضة السورية، منذ بداية الثورة، لأنها كانت مهددة بخسارة حلب. وعلى الرغم من أن هذه المعارضة فقدت مواقع كثيرة، خلال السنوات الأخيرة، في الحرب مع تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) أولاً، ومن ثم أمام الدعم الروسي المفتوح للنظام، كانت خسارة حلب ستكون الضربة القاضية التي ستنهيها على المستوى الاستراتيجي. وكان ذلك واضحاً من شكل تعاطي النظام والروس مع مقاتلي المعارضة داخل المدينة، إذ بدأ النظام يعرض عليهم الاستسلام، وصارت روسيا ترسم لهم ممرات للخروج، وانزلق إلى هذا الإخراج المذل مبعوث الأمم المتحدة، ستيفان دي ميستورا، الذي أصدر تصريحات تكفّل فيها باستعداد الأمم المتحدة تنظيم عملية استسلام المدينة. لم يكن أحد من المتابعين للوضع السوري يعتقد أن الموقف سيتغير بين عشية وضحاها، وتنتفض المعارضة السورية لحلب على نحو ما هو حاصل، منذ مساء الأحد، وبهذه السرعة. وفوجئ الروس مثل النظام وإيران، وظهرت حساباتهم على قدر كبير من الهشاشة والتسرع وعدم دراسة دقيقة للوضع على الأرض. ويمكن القول، إن صدمة الروس كانت كبيرة، ولم يتمكنوا من الرد للاحتفاظ بموازين القوى التي حققوها، منذ تدخلهم لنجدة النظام قبل أكثر من عام، وتسرب أنهم يبحثون عن وساطة من أجل وقف إطلاق نار لمدة أسبوع، الأمر الذي لا ينطلي على أحد أن هدفهم من وراء ذلك هو الالتفاف على العملية ووقف زخمها، ومن ثم تثبيت وضع النظام في جزء من حلب التي بات مهدداً بفقدانها بالكامل، إذا واصلت قوات المعارضة الهجوم بنفس القوة. خطر يهدد المعارضة: أخطر ما يهدد المعارضة هو التجاوب مع دعوات وقف النار قبل أن تتمكن من تثبيت انتصارها على الأرض، وتحصينه على نحو لا يسمح لروسيا وحلفاء النظام بالنيل منه، ومثلما تصرف النظام، الأسبوع الماضي، حين أبلغ الأمم المتحدة استعداده للعودة إلى مفاوضات جنيف وفي ظنّه أنه بات يملك ورقة حلب. على المعارضة الآن أن تلعب هذه الورقة، وكلما حققت المعارضة مكاسب ميدانية، وأحكمت الحصار على النظام وحلفائه، كلما كانت أوراقها التفاوضية قوية.
جولة جنيف التي تعقد من حيث المبدأ في نهاية الشهر الحالي، وفق ما أعلن دي ميستورا، ستكون تحت تأثير نتائج معركة حلب، وستتحدد اتجاهات التفاوض بناء عليها. وقد يتأخر موعد الاجتماع وجدول أعماله تبعاً لسير المعركة وحصيلتها، ولذا يجري النظر الى هذه المعركة بوصفها مفصلية في مسار الأزمة السورية، معركة حلب ليست هبّة عابرة في الحرب السورية، بل تشير كافة المعطيات إلى أنها مدروسة، من الأطراف السورية التي حققت أكبر قدر من الوحدة، وبالاتفاق مع الأطراف الداعمة، الإقليمية والدولية.
العربي الجديد
عدنان أحمد
الشرق الأوسط
الجزيرة نت
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة