أسرة التحرير
تصدير المادة
المشاهدات : 9662
شـــــارك المادة
الموقع والتسمية تقع دير الزور شرقي سوريا على نهر الفرات في سهل خصيب محاط بالصحراء من أربعة أركان؛ على بعد 450 كم شمال شرق دمشق و320 كم جنوب شرق حلب،. وهي ثاني أكبر محافظة بعد محافظة حمص؛ وتبلغ مساحتها الكلية 33.06 ألف كم مربع وهو ما يشكّل 17.9% من مساحة البلاد. تتميز المدينة بموقعها الاستراتيجي، إذ تتمركز على الضفة الغربية لنهر الفرات، وتعتبر صلة الوصل بين العراق والمحافظات السورية الأخرى، ويطلق عليها «لؤلؤة الفرات»، كما تعد «البوابة الشرقية» للأراضي السورية، والتي ترى القوات النظامية في السيطرة عليها تأمينًا كاملًا للحدود السورية – العراقية.
اختلف العلماء والمؤرخون في تفسير سبب تسميتها فمنهم من رأى أن "الزور" تعني الغابة، كزور شمر وزور البوحمد وزور الغانم، وهي أزوار واقعة على ضفة نهر الفرات الغربية على طريق حلب دير الزور، ومنهم من رأى أن معناها صدر النهر، ومنهم من يعتقد البعض أنها من زأرة الأسد لوجود الأسود فيها سابقاً، وبعضهم يحسب أن لفظ الزور متأتية من لفظ الزيارة لزيارة (أهل الأرياف) للدير، بينما رأى بعضهم أنها سميت بذلك لازورار نهر الفرات عند موضع دير الزور.
الجغرافيا والمناخ تتشكل البنية الصخرية للمدينة من الجص والحجر الكلسي والحجر الرملي والملح الصخري والغضار، كما تنتشر في بعض نواحيها الصخور البازلتيّة، وهي بقايا بركانين خامدين في تل بروك وتل عياش على بعد 8 كم من مركز المدينة، ويقسم نهر الفرات المحافظة إلى قسمين، يسار النهر وهو امتداد بادية الشام وعلى ضفته تقع المدينة، ويمين النهر وهو امتداد لبادية الجزيرة السورية؛ وتنتشر الجزر النهرية التي تعرف باسم "الحوائج" في مجرى النهر، وتقع حويجة دير الزور قرب الجسر المعلق داخل المدينة. تتصف دير الزور بشدة جفاف جوّها وقلة أمطارها وارتفاع درجة حراتها، ووجود فصلين قاسيين هما الشتاء والصيف وفصلين انتقاليين قصيرين. ويعرّف مناخها بأنه قارّي-صحراوي،بسبب بعدها عن البحر، بيد أنّ مرور النهر بالمدينة يخفف من أثر المناخ الصحراوي.
التركيبة السكانية أغلب سكان دير الزور حاليًا هم من القبائل العربيّة الرحّل التي استقرت في المدينة خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر لزراعة الأرض واستثمارها، أو من استقرّ بها من القبائل لاحقًا خلال القرن العشرين، وأكبر القبائل هي قبيلة البقارة، تليها قبيلة العقيدات إحدى أقدم القبائل من حيث الاستقرار، كما يعيش في المدينة عدد من العشائر العربية الأخرى. وهناك بعض العوائل الكردية التي وفدت إلى المدينة من الجزيرة السورية شمالاً، إضافةً إلى وجود الأرمن، وبكل الأحوال تعتبر دير الزور مدينة ذات تلون عرقي وطائفي بسيط حيث أن العرب السنة يشكلون الأكثرية الساحقة في المدينة، ولهجة المدينة (اللهجة الديرية) أقرب للهجة العراقية الموجودة في محافظة الأنبار العراقية نتيجة التداخل الجغرافي والاجتماعي الكبير. تمتد المدينة بطول 5 كم وعرض 3 كم بمساحة تقترب من 15 كم2 وتقسم إلى 14 حياً هي: (القصور، وعلي بك، والرشدية، والشهداء، والشيخ ياسين، والبعاجين، وميسلون، والحميدية، والجامع الكبير، وتشرين وحطين، وأبو عابد، والحويقة، والجورة) وكانت المدينة قد شهدت توسعاً كبيراً بالبناء -منذ منتصف القرن العشرين- سيّما بمحاذاة نهر الفرات وضمن البادية كما شهدت الحويقة نمواً عمرانياً للمرة الأولى في تاريخ المدينة، ويعود سبب التطور الملحوظ لعاملي الهجرة من الريف وارتفاع معدل الولادات، ويغلب على دير الزور نمط العمار التقليدي، السائد في مختلف أنحاء سوريا بالأبنية المتعددة الطوابق، وتستخدم الحجارة الكلسيّة والطوب بشكل أساسي في البناء.
الأهمية الاقتصادية تشير تقارير اقتصادية، إلى امتلاك دير الزور 40% من ثروة سورية النفطية، و30% من القطن والمحاصيل الزراعية، والتي تضررت بشكل كبير نتيجة المعارك التي تدور في محيطها. الثروات الباطنية: في ثمانينيات القرن العشرين اكتشفت في المحافظة وعلى مقربة من المدينة، كميات ضخمة من النفط والغاز، وأكبر الحقول القريبة من دير الزور هو حقل "التيم" الذي يبعد عن مركزها حوالي 6كم، واكتشف في سبتمبر 1987. كذلك فقد اكتشف حقلا (الطيانة والتنك) على ضواحي المدينة عام 1989. وتستثمر في هذه الحقول، شركات محلية ومشتركة وأجنبية، وتنتشر على مقربة من المدينة محطات تجميع وضخ النفط، واستخراج ومعالجة الغاز الطبيعي وضخه عبر شبكة الأنابيب؛ وكانت عمليات التنقيب مستمرة -قبل الثورة- لاستكشاف آبار وحقول نفطية جديدة، وشكلت حقول النفط مورداً مادياً كبيراً لتنظيم الدولة عقب سيطرته عليها، ورغم التضييق على التنظيم إلا أنه تمكن من بيع كميات كبيرة من النفط في السوق السوداء، أو عبر مقايضته مع النظام السوري، ما درّ له مبالغ طائلة سمحت له بشراء الأسلحة وتوسيع نفوذه في سورية والعراق. أما الثروة الباطنيّة الثانية هي ملح الطعام، وتعتبر المنطقة بشكل عام المصدر الرئيسي للأملاح في سوريا بنوعيه الصخري والسبخي. كما تحتوي المدينة على الإسفلت نحو 70 كم غرب مركزها، إلى جانب وجود مقالع للحجارة والبناء واستخراج الحصى والرمال على بعد 25 كم منها.
الصناعة: إن وفرة المنتجات الغذائيّة والحيوانيّة، قد فرضت على الصناعة الاعتماد على استثمار هذه المنتجات وتحويلها لأشكال الإنتاج الثانويّة. تحوي المدينة على عدد مع المعامل الوطنيّة التي تصنّع اللبن الرائب والجبن والسمن، والتي تعتبر من القطاعات الصناعيّة التقليديّة في المدينة، التي أخذت تتحول نحو الأشكال الحديثة مؤخرًا. أما القطاعات الصناعيّة التراثيّة التي حافظت على طبيعتها التراثيّة فهناك صناعة العباءة الديريّة وغيرها من الصناعات النسجيّة، إلى جانب الصناعات النحاسيّة اليدويّة من صحون وقدور في "سوق النحاسين" داخل المدينة، إلى جانب صناعة الحلي في سوق الصاغة، وصناعة الفرو اعتمادًا على جلد صغار الأغنام المذبوحة حديثًا وقد تعرضت هذه القطاعات التراثيّة بعد تطور المدينة. الزراعة: تعتمد المدينة بشكل رئيسي على الزراعة في اقتصادها، لاسيّما القطن، ذو الشهرة العالمية، الذي يصدّر إلى الخارج، ويزرع في الأراضي الزراعيّة على طول الفرات، كما يزرع أيضًا في دير الزور القمح والشعير، ويعتبر القمح المحصول الثاني بعد القطن أما الشعير فيزرع في الأراضي التي لا تصلح لغيره من المحاصيل الأخرى بسبب ارتفاع نسبة الأملاح؛ وهناك أيضًا السمسملاوالشوندر السكري وبعض أشجار الفاكهة المحبّة للدفئ كالرمان والمشمش فضلاً عن الذرة.
التعليم تعد مدينة دير الزور من المدن التي دخل إليها التعليم متأخرًا قياسًا بسائر المدن السوريّة، وظل الكتاب حتى الأربعينات من القرن العشرين المورد الرئيسي للعلم، أما أولى المدارس الحديثة الطراز في المدرسة الرشدية للبنين وأخرى للبنات افتتحت أواخر عهد عبد الحميد الثاني، ولم تفتتح مدرسة ثانويّة حتى عام 1925، أما دار المعلمات فتأسست عام 1951. حسب "التقرير الوطني للتنمية البشرية" الصادر عن رئاسة مجلس الوزراء السوريّة عام 2005، فإن عدد المدارس لمرحلة التعليم الأساسي في محافظة دير الزور يبلغ 735 مدرسة منها 120 في المدينة والبوكمال والميادين، في حين بلغ عدد المدارس الثانويّة 38 مدرسة و23 مدرسة لفروع التعليم المهني، وبحسب التقرير نفسه فإن نسبة الأميّة في المحافظة هي 5.13% فقط على أن 1.4% فقط من السكان حاصلين على شهادة جامعيّة فأكثر، وحوالي 24% اكتفوا بالتعليم الابتدائي فقط.
المعالم والمواقع الأثرية للمدينة تاريخ عريق، فقد خضعت لحكم حمورابي البابلي، ثم الآشوريين فالكلدانيين والفرس والمقدونيين، ثم الرومان، ودخلها المسلمون خلال فتوحات بلاد الشام. أعاد العثمانيون بناءها وأصبحت مركزا إداريا تابعا للإدارة العثمانية عام 1867 إلى أن انسحبوا عام 1918، وتعرضت عام 1919 لاحتلال بريطاني سرعان ما تحررت منه في العام نفسه بعد ثورة شعبية في المدينة، ثم تعرضت عام 1921 للاستعمار الفرنسي، لكن أهلها ثاروا عليه أيضا وتحرروا منه. تزخر المدينة بمعالم تاريخية وأثرية تجسد مختلف الحضارات والثقافات التي تعاقبت عليها، يعبّر عنها المتحف الضخم الذي يضم نحو 25 ألف قطعة أثرية، ومن أبرز معالمها التاريخية: الجسر المعلق: يعد أهم معلم أثري في مدينة دير الزور، ويعود تاريخ بنائه إلى زمن الإنتداب الفرنسي حيث بدء بناءه عام 1925، واستخدم في بنائه الاسلوب الغربي في بناء الجسورالمعلقة، قام بتعهد الجسر الشركة الفرنسية للبناء والتعهدات تحت إشراف المهندس الفرنسي مسيو فيفو، واستمر بنائه 6 سنوات مات خلالها عدد من أبناء المدينة، وهناك من كبار السن في دير الزور من يقول إن بعضا من العمال سقطوا داخل الكتل الخرسانية التي تحمل الجسر أثناء سكب الإسمنت فيها ولا تزال جثثهم داخلها حتى الآن، وقد انهت الشركة الفرنسية بناء الجسر في شهر أذار سنة 1931 ويعتبر ثاني جسر معلق في العالم بعد جسر يقع في جنوب فرنسا. ويمتاز هذا الجسر العظيم بركائزه الحجرية الأربعة الباشقة، تربطها ببعضها قضبان معدنية فولاذية قاسية ربطت بعضها ربطاً محكماً وجميلاً بأسلوب هندسي بديع، ويبلغ ارتفاع كل ركيزة 36 متراً، أما طول الجسر فيبلغ 450 متراً وعرضه 4 أمتار، وفي أوائل أيار عام 2013 دمره نظام الأسد إثر استهداف الدعامة الثالثة له مباشرة بقذائف مدفعية، الأمر الذي تسبب في تدمير الأسلاك الحاملة لبدن الجسر وانهياره بشكل كامل، وبقاء الدعامات الحاملة شاهدة على ما حدث.
حلبية وزلبية: هي إحدى المدن الأثرية المسماة بمدن القلاع على وادي الفرات، من محافظة دير الزور وكان موقعها ذا أهمية استراتيجية وتجارية، بنتها وحصنتها زنوبيا ملكة تدمر ، وتقع منطقة حلبية زلبية شمال غربي دير الزور على بعد 58 كم في أراضي قرية التبني، ويقسم نهر الفرات المنطقة إلى قسمين الأول هو مدينة حلبية على ضفة الفرات الغربية في الشمال والقسم الثاني توجد مدينة زلبية او زلوبيا على ضفة الفرات.
دورا أورابوس: تقع إلى الجنوب الشرقي من مدينة دير الزور، بين مدينتي الميادين والبوكمال، محاطة بأسوار منيعة تدعمها حواجز طبيعية، مما جعلها تشكل نقطة مراقبة هامة لطرق القوافل البرية والنهرية.
دير الزور بعد الثورة: شارك أهالي المدينة في الحراك الشعبي منذ انطلاق الثورة السورية، حيث شهدت المدينة يوم 15 أبريل/نيسان 2011 ، مظاهرات نادت بالإصلاح السياسي وبالحريات السياسية والقضاء على الفساد والاعتقالات التعسفية. تصدت لها قوات النظام السوري بقوة وقتلت عدداً من المتظاهرين، كما شارك أكثر من 200 ألف شخص في مظاهرة "جمعة أحفاد خالد بن الوليد" يوم 22 يوليو/تموز2014 التي سقط خلالها عشرات القتلى والجرحى برصاص قوات النظام، ولتتحول الثورة بعدها إلى المواجهة العسكرية وحمل السلاح، حيث تمكنت فصائل -شكلها أبناء المدينة- من تحرير أجزاء واسعة من المدينة، حتى لم يبق تحت سيطرة النظام إلا بعض الأحياء في المدينة. وخلال عامي 2014/2015 سيطر تنظيم الدولة "داعش" على أجزاء واسعة من المدينة، ومنذ ذاك الوقت والمدينة ترزخ تحت وطأة استبداد داعش، بالإضافة إلى غارات التحالف الدولي وقصف ميلشيا "قسد" التي أحالت أحياء المدينة إلى أنقاض، وأدت إلى مقتل وجرح آلاف المدنيين ونزوح مئات الآلاف من الأبرياء.
فايز الصلاح
عبد الرحمن خضر
خليل الصمادي
المصادر:
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
محمد العبدة