..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


اخبار الثورة

مدينتي والثورة: بشائر الكرامة من درعا. وقصة التسلح لانتزاع الحرية

عباس الديري

١٨ مارس ٢٠١٥ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 2829

مدينتي والثورة: بشائر الكرامة من درعا. وقصة التسلح لانتزاع الحرية
650_433_0142666501185933.jpg

شـــــارك المادة

مضت أربعة أعوام وثورة الحريّة والكرامة مستمرة، الكل يذكر الأيام الأولى للربيع السوري المطالب بإنهاء حكم العائلة الواحدة واسترداد الكرامة التي سلبها الأسد الأب وانتهج الابن وريث أبيه ذات الأسلوب في قمع السوريين، أطفال درعا كان لهم السبق وبطريقة عفوية أخذوا على عاتقهم تعليم السوريين عدم الخوف من شبح المخابرات التي خبرها السوريون وعانوا مرارة الاعتقالات والتغيب لأبنائهم عشرات السنين في أقبية سجون الأسدين.
جملتان بسيطتان كتبتا بأنامل صغيرة هي "إجاك الدور يا دكتور"، و"الشعب يريد إسقاط النظام"فجّرت تلك الأحرف الثورة السورية، وأعلن على إثرها أن الشعب السوري سينال حريته، لم يحترم آن ذاك حاكم درعا"المخابراتي"العميد عاطف نجيب رئيس فرع المخابرات السياسي (ابن خالة رأس النظام بشار الأسد)، لمن يحترم وجهاء المحافظة المطالبين بإطلاق سراح الأطفال المعتقلين بل شتمهم وهددهم.
فلم يهدأ شباب درعا وبدأت عملية التخطيط لمظاهرات في المدينة أسوة بباقي بلدان الربيع العربي وقتها، احتفظ الأطفال بمعاناتهم ولم يكشف الكثير عن ما جرى داخل أقبية المعتقل، يروي للاوربنت نت أحد الأطفال المعتقليين والذين يعتبرون المحرك للثورة في 18 آذار عام 2011 وهو بشير أبازيد الذي يبلغ عمره وقت اعتقاله حوالي 15ربيعاً يتذكر جيداً كيف جاءت دورية من الأمن وداهمت الحي واعتقلت عدداً من الأطفال وكان من بينهم بشير الذي كتب منذ فترة على سبيل الذكرى اسمه لتركه المدرسة الابتدائية وانتقاله الى الإعدادية.
يقول (بشير):"عند وصولنا إلى الفرع جمعنا ضابط وقال لنا أنتم من المتهمين بكتابة شعار ينال من هيبة الدولة ويضعف الشعور الوطني بالإضافة إلى التواصل مع جهات خارجية"، على اعتبار أن هؤلاء الفتية بحسب تعبير ضابط الأمن من العملاء للخارج كونهم طالبوا بحقوق لم يعطها لهم نظام الأسد، وبقي (بشير) في المعتقل ما يقارب الشهرين.
ووصف كيف تم تعذيبهم نفسياً وجسدياً حيث جمعوهم في مكان واحد وبدؤوا بتعريتهم مستخدمين كل المصطلحات النابية التي يتلفظون بها، وقال لهم الضابط:"سنقوم بإعدامكم"، واستحضر (بشير)خلال حديثه كيف عذبوهم بكل ما يملك فرع الأمن من أدوات التعذيب ومنها( الدولاب) و(الكرباج) وليس أخيراً (الشبح) أي تعليق المسجون في مكان مخصص لتعذيبه.
لم تنقطع المظاهرات المطالبة بإطلاق سراح الأطفال ورفع المتظاهرون شعارات الكرامة والحريّة، وأخذ يشعر النظام بخطورة ما يحدث في درعا من مظاهرات فأفرج عن أغلبهم، ويؤكد (بشير) أنه فور خروجه من المعتقل سارع إلى المشاركة في المظاهرات التي تنظم في درعا البلد بساحة المسجد العمري للمطالبة بإسقاط النظام، ومشاركة (بشير) في المظاهرات جعلته يتنقل في وقت لاحق بين العمل الإغاثي والطبي وعندما اشتد عوده وتجاوز 18 من عمره حمل السلاح ليكون بجانب العديد من أبناء عمومته وأبناء حيه حيث انضم إلى أحد الفصائل المقاتلة في المنطقة الجنوبية وهو الآن يقود مدفع (23) المضاد للطائرات.
ويعبر بشير لـ (أورينت نت )بكلمات اقتبسها من واقع الثورة السورية قائلاً:"إن المظاهرات والأعمال السلمية لم تعد تسمع أحداً بينما يبقى النظام يواصل قتله للمدنين المطالبين بحقوقهم المسلوبة منذ أن استولى نظام الأسد على الحكم في سورية".
درعا تواصل الثورة دون انتكاسات:
تميزت الثورة في درعا بشكل خاص على أنها واضحه الهدف فمنذ جمعة الكرامة التي خرج بها المتظاهرين في (18 آذار) في عام 2011 والثوار يواصلون عملهم على الهدف الرئيسي وهو إسقاط النظام بكل ما استطاعوا من قوة، وربما من أجل ذلك أطلق على الثورة السورية بثورة الكرامة كناية ليوم الجمعة الذي خرج به الشعب السوري.
واستخدم الثوار في درعا العديد من الشعارات الجامعة للشعب السوري ومنها الشعب السوري واحد في دلالة على ثقتهم بالسورين دون تفريق أو تمييز بينما رددوا هتافات كثيرة منها" الموت ولا المذلة " وبعد ذلك اختار الثوار في سوريا هذا الشعار كاسم ليوم جمعة خرجت به مظاهرات بمناطق مختلفة من التراب السوري، كما خرج الأهالي في درعا نصرة للمدن الثائرة على نظام الأسد التي تتعرض لعمليات عسكرية أو مجازر من قبل قوات النظام، كمظاهرات نصرة لدوما و داريا والقصير و حمص وإدلب وحلب وحماة.
حمل السلاح:
لم تشهد الثورة في درعا أي انتكاسات كبيرة كما حصل في باقي المناطق السورية بعد عسكرة الثورة، حيث لم يستطع تنظيم الدولة اختراق صفوف الثورة وبقيت كما خرجت لأول مرة بهدف إسقاط النظام الذي يقتل الشعب، يقول (أبو خليل)القائد الميداني في كتيبة (شيخ الإسلام) العاملة في حوران:"إن الثورة في درعا هي ضد نظام الأسد الذي يقتل المدنين ولن تكون هناك أي معارك جانبية فكل الفصائل في درعا متفاهمون حول هذا الأمر".
تعتبر فصائل الجيش الحر في درعا من الفصائل المنظمة على مستوى التخطيط لأي عمل يخوضونه، حيث تمكن الثوار من تحرير العديد من المدن والقرى الحورانية من أكبرها مدينة نوى والشيخ مسكين وجاسم وطفس وداعل، وتمكنوا من تحرير ما يفوق 50% من مساحتها، رغم تمركز الثقل العسكري الكبير لقوات الأسد.
كما استطاعوا الربط بين ريف درعا ومحافظة القنيطرة وصولاً الى الجولان المحتل رغم أنف الأسد، وفتحوا الطريق الى ريف دمشق الغربي، وتعتبر أقوى معركة خاضها الثوار في درعا هي على الطريق الممتد من إزرع إلى نوى مروراً بمدينة الشيخ مسكين، حيث تمكن الثوار من تحرير مدينتي نوى والشيخ مسكين والقضاء على (اللواء 112) و(اللواء 82)دفاع جوي، الذي يعتبر أكبر ألوية الدفاع الجوي في سورية.
ثمن الكرامة:
منذ أول يوم في الثورة والأهالي في درعا على قناعة أنها لن تكون سهلة أو سريعة الإنجاز كما حصل في مصر أو تونس، فهي ضد نظام طائفي يشحن جنوده بالحقد والكراهية في حربه على الشعب السوري، وتسانده العشرات من المليشيات الشيعية القادمة من طهران وحزب الله اللبناني وغيرها، حيث بلغ عدد الشهداء في المحافظة ما يقارب (30 ألف شهيد)خلال الأربعة الأعوام الماضية، أي ما يقارب مدينة كبيرة في المحافظة أبيدت بمن فيها.
أما دمار البيوت التي حصلت في المناطق التي خرجت عن سيطرة النظام تقدر بأكثر من ثلث عدد البيوت في المحافظة، وقد وثق النشطاء تدمير أجزاء كبيرة من مدن الشيخ مسكين الحراك وخربة غزالة الواقعة على الاوتستراد الدولي(دمشق عمان).
يعتبر الثوار في درعا يوم (18 آذار)هو بداية الثورة السورية ففيه ارتقى أول شهيد في المظاهرات و في نفس اليوم قمعت قوات النظام المتظاهرين بالسلاح الحي واعتقلت العشرات ومن اليوم الأول للثور السورية استخدم النظام الطائرات في درعا ليكون مشهد المقاتيلات الجوية وهي تقوم بعمليات (بطولية)سخر منها السوريون جراء قمعها للمتظاهرين المدنيين والسلميين.
وهو المشهد نفسه الذي أبكى قلوب السوريين قبل أن تدمع عيون أهل درعا وهم يشاهدون الطائرات التي دفع ثمنها الشعب السوري لتحرير فلسطين والدفاع عن الوطن، تشارك في قتل السوريين، كل هذه المشاهد والقصص التي كتبت في درعا جعلت من جميع الطبقات الشعبية تقف صفاً واحداً ضد الظلم الذي كان يمارسه النظام بحقهم، حيث خرج الطبيب بجانب المزارع والمهندس بجانب عامل البناء وهتفوا بصوت واحد عبارة طالما رغبوا بترديدها وهي:" الشعب يريد إسقاط النظام".

 

أورينت نت

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع