المستقبل
تصدير المادة
المشاهدات : 8098
شـــــارك المادة
أكثر من 1300 قتيل و9000 مصاب في قصف بغاز السارين على غوطتي دمشق مجلس الأمن يعرب عن قلقه ويعتبر استخدام السلاح الكيميائي انتهاكاً للقانون الدولي على رائحة جثث الأطفال الرضع والنساء والشيوخ والشباب والكهول وقد خنقهم كميائي الأسد استفاق ريف دمشق والعالم صباح أمس، في مجزرة مهولة أغرقت غوطتي العاصمة برائحة الموت حيث سقط أكثر من 1300 ضحية باختناق الأرواح بلا جراح ولا رصاص.
صحيح أن سوريا منذ ثارت ضد طاغية الشام تعيش مجازر يومية، إلا أن مجزرة الأمس كانت الأشد هولاً وإيلاماً، فالسلاح المستخدم هذه المرة ليس تقليدياً، كما أن الهدف المتوخى هو إفهام العالم أن الأسد لن يتورع عن فعل أي شيء من أجل البقاء على كرسيه.
وعلى وقع هول الصور الكثيرة لضحايا المجزرة كان السؤال يكبر: هل سينجو الطاغية بفعلته الشنيعة هذه المرة كذلك؟ وإلى متى سيستمر العالم في غض النظر عن المجازر اليومية التي يرتكبها بشار الأسد بحق أطفال سوريا ونسائها وشيوخها وشبابها، مدعوماً من إيران و"حزب الله" وبتغطية من روسيا والصين؟
21 آب 2013 ليس تاريخاً عادياً. سنتذكره دائما يوماً خنق فيه بشار الكيماوي بغازاته السامة أرواحاً وأحلاماً بالآلاف فقط ليروي عطشه للسلطة. فمع وصول اللجنة الدولية للتحقيق حول استخدام السلاح الكيميائي في سوريا، وفي تحدّ مريب للعالم أجمع ومع الساعات الأولى من فجر أمس، قامت قوات الأسد بقصف الغوطتين الشرقية والغربية من ريف دمشق وعلى نطاق واسع بغاز السارين، ما أدى إلى حدوث مجازر كبيرة بين المدنيين، وتجاوز العدد 1300 ضحية. فقد تعرضت عدة بلدات وقرى في الغوطة الشرقية لهذه المواد القاتلة التي تعمد النظام استعمالها لقتل كل ما هو حي في سوريا، وشمل القصف بالمواد الكيميائية بصواريخ انطلقت من جبل قاسيون، بلدات جوبر وزملكا وعين ترما وحزة ودوما وحرستا وكفر بطنا وعربين وغيرها من البلدات في الريف الدمشقي.
وغصت المستشفيات الميدانية في أنحاء الغوطة الشرقية بأكثر من 9000 مصاب المئات منهم في حالة خطرة، ويجدر التنويه إلى أن أكثر الإصابات من النساء والأطفال وحتى الكادر الطبي المسعف تأثر بالغازات السامة لعدم وجود الأقنعة الواقية الكافية ولا تزال أعداد المصابين تتوافد برغم العجز الطبي. وأعلن القيادي في الائتلاف الوطني السوري جورج صبرة في مؤتمر صحافي عقده في اسطنبول أن "أكثر من 1300" شخص قتلوا في "هجوم كيميائي" قامت به قوات النظام في مدن وبلدات عدة من ريف دمشق.
واتهم المجتمع الدولي بأنه شريك النظام في قتل السوريين. وقال "من يقتلنا ويقتل أطفالنا ليس النظام وحده. التردد الأميركي يقتلنا، صمت أصدقائنا يقتلنا، خذلان المجتمع الدولي يقتلنا، لامبالاة العرب والمسلمين تقتلنا، نفاق العالم الذي كنا نسميه حرا يقتلنا ويقتلنا ويقتلنا".
وبعد جلسة مغلقة لمجلس الأمن أمس، أعلنت رئيسة مجلس الأمن الدولي أمس أن أعضاء المجلس يريدون "كشف الحقيقة" حول اتهام النظام السوري باستخدام أسلحة كيميائية في ريف دمشق و"يرحبون بعزم" الأمم المتحدة على التحقيق في هذا الأمر.
وقالت سفيرة الأرجنتين ماريا كريستينا برسيفال اثر جلسة مشاورات للمجلس "ينبغي كشف حقيقة ما حصل ومتابعة الوضع من كثب"، مضيفة أن "أعضاء المجلس يرحبون بعزم الأمين العام على إجراء تحقيق معمق ومحايد". وقالت برسيفال التي تتولى بلادها الرئاسة الدورية لأعمال المجلس لشهر آب الجاري، إن أعضاء مجلس الأمن أعربوا عن قلقهم إزاء الإدعاءات وحقيقة ما حدث اليوم في دمشق، واتفقوا على أهمية أن تتم متابعة ما حدث بعناية. وأضافت في تصريحات مقتضبة للصحافيين عقب انتهاء جلسة المشاورات المغلقة التي عقدها المجلس بشأن سوريا أمس، أن "أعضاء المجلس اتفقوا على أن أي استخدام للسلاح الكيماوي من قبل أي طرف وتحت أي ظرف يمثل انتهاكاً للقانون الدولي". وكرر أعضاء المجلس دعوتهم إلى ضرورة وقف إطلاق النار والصراع الدائر في سوريا حاليا. وقالت برسيفال للصحفيين "يسود بين أعضاء المجلس شعور قوي بالقلق من هذه المزاعم وإحساس عام بضرورة الوضوح في ما حدث وانه يجب متابعة الوضع عن كثب."
وكانت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا بين نحو 35 بلدا طالبت أن يقوم كبير محققي الأمم المتحدة آكي سيلستروم الذي يوجد فريقه في سوريا حالياً بالتحقيق في الحادث في أقرب وقت ممكن، غير أن دبلوماسيين للأمم المتحدة قالوا أن روسيا والصين عارضتا أي تعبيرات تطالب بإجراء تحقيق للأمم المتحدة. وكان نائب الأمين العام للأمم المتحدة يان الياسون أعرب عن أمله في أن تتمكن بعثة التحقيق الأممية في مزاعم استخدام أسلحة كيماوية في سوريا من الحصول على موافقات السلطات المعنية هناك بالدخول إلى منطقة غوطة دمشق وذلك من أجل التحقيق والتأكد من مزاعم وقوع هجوم كيماوي هناك.
وقال المسؤول الدولي عقب انتهاء جلسة المشاورات المغلقة التي عقدها مجلس الأمن الدولي حول سوريا مساء، إن الأمين العام بان كي مون يشعر بالانزعاج الشديد والصدمة إزاء التقارير التي أفادت بوقوع هجوم كيماوي في ضاحية دمشق اليوم. وأضاف في تصريحاته للصحافيين قائلا "نحن نأمل الحصول على موافقة السلطات السورية على دخول بعثة التحقيق الدولية بقيادة سلستروم إلى المنطقة التي أفادت تقارير بوقوع هجوم كيماوي بها وحتى هذه اللحظة لم تحصل الأمم المتحدة على مثل هذا التصريح من قبل السلطات المختصة في سوريا". وتابع الياسون قائلا "لقد رأينا التداعيات الإقليمية لهذا الصراع الذي ينبغي أن يتوقف، كما أن هناك تداعيات إنسانية هائلة له، لكن اليوم نحن نتحدث عن إمكانية استخدام أسلحة كيماوية".
وكان سفراء كل من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا قد بعثوا برسالة مشتركة إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بشأن مزاعم وقوع هجوم كيماوي من قبل القوات الحكومية في غوطة دمشق اليوم. وذكر سفراء هذه الدول في رسالتهم أنه نظرا لخطورة التقارير ذات المصداقية والمتعلقة باستخدام الأسلحة الكيميائية في 21 أغسطس 2013 في ريف دمشق، فإنه أصبح من الضروري أن يتم التحقيق فيها على وجه السرعة. وطلب مندوبو الدول الثلاث في رسالتهم إلى الأمين العام "فتح تحقيق عاجل في هذه الادعاءات بأسرع وقت ممكن تحت رعاية الأمين العام للتحقيق في الاستخدام المزعوم للأسلحة الكيميائية والبيولوجية على النحو المستمد من الولاية التي وضعتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرارها الصادر في نوفمبر من عام 1987، و تقديم تقرير إلى الدول الأعضاء في أقرب وقت ممكن".
وحث مندوبو الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا الأمين العام للأمم المتحدة على "بذل كل ما في وسعه لضمان تمتع البعثة بحق الوصول عاجلاً إلى جميع المواقع ومصادر المعلومات ذات الصلة". وأثار مشهد مئات القتلى والمصابين في الغوطة في سوريا موجة عارمة من ردود الفعل الدولية. وكانت المملكة العربية السعودية أول من طالب مجلس الأمن الدولي بعقد اجتماع فوري أمس حول سوريا للخروج بقرار "واضح رادع يضع حدا للمأساة الإنسانية" في هذا البلد.
وقال وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل ردا على سؤال لوكالة فرانس برس حول الهجمات قرب دمشق "لقد آن لمجلس الأمن الدولي أن يضطلع بمسؤولياته وان يتجاوز الخلافات بين أعضائه، ويستعيد ثقة المجتمع الدولي به، وذلك بعقد اجتماع فوري للخروج بقرار واضح ورادع يضع حدا لهذه المأساة الإنسانية".
وأضاف "نطالب كذلك وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي الذين يعقدون اجتماعاً طارئا في بروكسل بأن تشكل هذه الفاجعة الإنسانية المحور الأساسي في مباحثاتهم".
وصرح الفيصل "أننا والعالم فجعنا بمشاهدة هذه المجزرة الإنسانية البشعة والمروعة لعدد من المدن السورية وباستخدام السلاح الكيماوي المحرم دولياً وما نجم عنها من مئات الضحايا من المدنيين الأبرياء معظمهم من النساء والأطفال وبدم بارد على مرأى ومسمع الضمير العالمي".
وختم قائلا أن السعودية "سبق أن حذرت مراراً وتكراراً المجتمع الدولي من حجم المآسي والمجازر الشنيعة التي يرتكبها نظام سوريا ضد شعبه وأبناء جلدته، وتحذر من أن استمرار التخاذل من شأنه أن يؤدي إلى المزيد من هذه المآسي".
واجتمع الأمير الفيصل في باريس أمس بوزير الخارجية البريطاني وليام هيغ الذي يزور فرنسا حالياً والمستشار كريستوفر هسكين مستشار المستشارة الألمانية انغيلا ميركل كلاً على حدة. وقال متحدث باسم البيت الأبيض أمس أن الولايات المتحدة ستتشاور مع شركائها في مجلس الأمن الدولي بشأن التقارير عن استخدام أسلحة كيماوية في سوريا. وقال المتحدث جوش ايرنست للصحفيين أن المسؤولين الأميركيين لم يتمكنوا بعد من التأكد بصورة مستقلة من التقارير عن استخدام مثل هذه الأسلحة في سوريا من قبل القوات الحكومية. وعبر البيت الأبيض في بيان سابق عن القلق من التقارير ودعا الأمم المتحدة إلى إجراء تحقيق عاجل. وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية جينيفر بساكي "لا أتحدث عن خطوط حمراء.
لم أناقش أو أتحدث عن خطوط حمراء، لا احدد خطوطا حمراء ولا نتحدث عن خطوط حمراء اليوم". وكان مساعد المتحدث باسم البيت الأبيض جوش ارنست طالب في وقت سابق بتحقيق "عاجل" تجريه الأمم المتحدة وبتمكين المنظمة الدولية من "الدخول فورا" إلى هذه المنطقة للقاء الشهود ومعاينة الضحايا.
وأضافت بساكي "اعتقد أننا تحدثنا قبل أشهر عدة عن الخط الاحمر وعن كيفية تجاوزه"، في إشارة إلى تصريحات البيت الأبيض في حزيران التي اتهمت دمشق باستخدام سلاح كيميائي ضد معارضيها. وتابعت المتحدثة بنبرة ساخرة "لكنني لست مخولة منذ وقت طويل برسم خطوط حمراء جديدة وبالتأكيد إنني لن أقوم بذلك اليوم".
وقالت فرنسا وبريطانيا أمس، انه يجب السماح لمفتشي الأمم المتحدة الموجودين حاليا في سوريا بصورة فورية بالوصول إلى موقع هجوم مزعوم بالأسلحة الكيماوية.
وقال وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ للصحفيين في باريس "نأمل في منح فريق الأمم المتحدة في دمشق دخولا فوريا وغير مقيد إلى هذه المنطقة للبحث والتثبت من الحقيقة. لا يوجد سبب لعدم إتاحة دخولهم للموقع إذ انه لا يبعد أميالا كثيرة عن المكان الذي يعملون فيه حاليا." وأضاف هيغ قبل التوجه إلى عشاء عمل مع نظيره الفرنسي لوران فابيوس "أتمنى أن يوقظ ذلك بعض من يدعمون نظام الأسد لأدراك طبيعته الإجرامية والهمجية."
ووصف فابيوس الذي تحدث في وقت سابق هاتفيا مع رئيس الائتلاف الوطني السوري المعارض أحمد الجربا، الهجوم المزعوم بأنه "مأساة مروعة" لم يشاهد مثلها منذ مقتل آلاف الأكراد العراقيين بالغاز على يد قوات صدام حسين في حلبجة في 1988 .
وأعلنت المستشارة الألمانية انغيلا ميركل أمس، أنه في حال ثبتت الاتهامات باستعمال أسلحة كيميائية في سوريا فان الأمر سيشكل "جريمة مرعبة".
ونقلت صحيفة "شتوتغارت تسايتونغ" الإقليمية عن ميركل قولها "في حال تم التحقق من هذه المعطيات فان الأمر يتعلق بجريمة مرعبة". وطالبت أيضا بتوسيع مهمة خبراء الأمم المتحدة وبتعاون النظام السوري. وفي سياق آخر أعلن قائد الجيوش الأميركية الجنرال مارتن دمبسي في رسالة حصلت وكالة فرانس برس على نسخة منها أمس، أن أي تدخل عسكري أميركي في سوريا لن يكون في مصلحة الولايات المتحدة لان مقاتلي المعارضة السورية لا يدعمون المصالح الأميركية.
وفي رسالة الكترونية وجهها الاثنين إلى النائب الديمقراطي اليوت انغل، شدد الجنرال دمبسي في مجال معارضته أي تدخل عسكري في سوريا ولو حتى محدودا، على تشتت المعارضة السورية وعلى ثقل المجموعات المسلحة المتطرفة داخل هذه المعارضة. وأضاف "اعتبر أن المعسكر الذي نختار دعمه يجب ان يكون مستعدا لتعزيز مصالحه ومصالحنا عندما تميل الدفة لمصلحته. الواضح حاليا ليس كذلك". وتابع "بإمكاننا أن ندمر الطيران السوري" المسؤول عن العديد من عمليات قصف المدنيين، لكنه تدارك "لن يكون الأمر حاسماً على صعيد عسكري، بل سيدخلنا حتماً في النزاع"، مضيفاً انه في حال "تمكنت القوة الأميركية من تغيير التوازن العسكري (في سوريا) فهي لن تكون قادرة على حل المشاكل الإثنية والدينية والقبلية التاريخية التي تغذي النزاع". وأشار إلى أن الاضطرابات في سوريا "ذات جذور عميقة". وقال أيضا انه "نزاع طويل الأمد بين فصائل متعددة والصراع العنيف لتولي الحكم سيستمر بعد نهاية حكم الأسد".
ريان محمد
أسرة التحرير
يزن شهداوي
رامي سويد
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
محمد العبدة