أنس الكردي
تصدير المادة
المشاهدات : 3669
شـــــارك المادة
بعد مرور عام كامل على معركة "الأنفال"، آخر معركة أطلقتها كتائب إسلامية في ريف اللاذقية، شمال غرب سورية، شهد الساحل السوري فتوراً عسكرياً تاماً، وكانت المعركة التي قادتها "جبهة النصرة" بالتحالف مع "أنصار الشام"، و"أحرار الشام"، وحركة "شام الإسلام"، إحدى الفصائل الأربعة المكونة لـ "جبهة أنصار الدين"، انتهت بتفكك الكتائب المقاتلة، لأسباب عسكرية ومادية.
ومع انسحاب تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) من معركة "الأنفال"، بهدف إعلانه بعد ذلك "الخلافة الإسلامية" في مدينة الرقة، شرقي البلاد، واتخاذ "النصرة" من ريف إدلب مقرّاً لها، تغيّرت المعطيات الميدانية، في المقابل، تعرّضت حركة "أنصار الشام" إلى نكسة، بعد تحميلها خسارة معركة كسب لصالح النظام السوري، بينما اغتيل معظم قادة "أحرار الشام"، كما لم يعد لـ "شام الإسلام"، الفصيل الذي يشكل المغاربة النسبة الأكبر منه، قوة تذكر. تنامي قوة الجيش السوري الحر: بدا واضحاً تنامي قوة "الجيش السوري الحر" في ريف اللاذقية، التي أفرزت "الفرقة الساحلية الأولى"، جرّاء اندماج أربعة ألوية عسكرية فيها (اللواء الأول، ولواء العاصفة، ولواء العاديات، ولواء النصر)، كما توجد فصائل أخرى تابعة لـ "الحر"، أبرزها "اللواء العاشر"، الذي تنبع قوته من المقاتلين الذين خرجوا من مدينة حمص القديمة، بعد اتفاق مع قوات النظام برعاية أممية، وفصائل تابعة للتركمان أهمها "لواء التركمان"، و"كتيبة السلطان سليم"، وهي أيضاً فصائل تابعة لـ " الجيش السوري الحر". ومنذ اندلاع الثورة السورية وتطورها إلى حركة مسلحة، استقر كامل أبناء الساحل السوري ممن حملوا السلاح، في ريف اللاذقية الشمالي، الذي يضمّ جبلي الأكراد والتركمان، لم تواجه قوات النظام أي مقاومة تذكر في الدفاع عن هذه المناطق، في منتصف صيف العام 2012. وشهد الساحل السوري، منذ ذلك الحين، معركتين أطلقتهما كتائب إسلامية بمشاركة خجولة من "الجيش السوري الحر"، عُرفت المعركة الأولى باسم "أحفاد أم المؤمنين عائشة"، التي سيطرت فيها فصائل المعارضة على أكثر من عشر قرى علوية في محيط جبل دورين، قبل أن تخسرهم جميعاً. وعرفت المعركة الثانية باسم "الأنفال"، التي مكّنت الثوار من السيطرة على مدينة كسب وقرية السمرا ومنطقة النبعين، وضمنت أول منفذٍ بحري في حينها، قبل أن تستعيد قوات النظام السوري بعد حوالي 40 يوماً السيطرة عليهم من جديد، ومنذ ذلك الحين، كان الهدوء هو أبرز ما يميز الجبهة هناك. وحول أسباب هدوء المعارك في ريف اللاذقية، يرى نائب قائد "الجيش السوري الحر" السابق العقيد مالك كردي، في حديث لـ "العربي الجديد"، أن "السيطرة على المنطقة الساحلية، يعني خسارة النظام حاضنته، ما سيفضي إلى نهايته الحتمية. لذلك نرى أن الإمكانات توجّه بعيداً عن هذه الجبهة، لفتح معارك ثانوية، بعيداً عن نقاط التأثير الاستراتيجي لإطالة أمد الصراع".
وأرجع كردي المتحدر من بلدة الحفة، التي تقع على بعد كيلومترات عدة من مناطق سيطرة قوات المعارضة، سبب ذلك إلى "عدم توافق الدول الكبرى على النظام البديل، الذي يمكنها التفاهم معه، كما تسعى لتدمير كافة قدرات الدولة العسكرية والاقتصادية وتدمير البنى التحتية لصالح إسرائيل، والقضاء على كل التيارات ذات الطابع الديني الإسلامي في المنطقة". لا تصادم طائفي: وأضاف أن "ما يُشاع عن تخوّف هذه الدول من حصول صدام طائفي، لحظة التقدّم على جبهة الساحل، ليس إلا هراء وكذباً، أثبتته معركتا عائشة أم المؤمنين ومعركة تحرير كسب، والدليل أنه على الرغم من تقديم خطط عدة للسيطرة على مواقع متقدمة في الساحل، فقد كانت تُواجَه بالرفض أو اللامبالاة، أو التجزئة والتقليل من شأن العمل وعدم تقديم المساعدات". ويشير العقيد كردي إلى أن "جبهة الساحل تحتاج للإمكانات الكبيرة من حيث الرجال والعتاد، كما تحتاج للإعداد المنظم، لأن المنطقة متميزة بطبيعة تضاريسها الجبلية، ذات المسالك الوعرة بين وديانها وغاباتها"، ولفت إلى أن "هذا الأمر يتطلّب أعداداً بشرية خاصة، لأنها تُعتبر المنطقة الاستراتيجية الأهمّ على مسرح الثورة السورية، بعد العاصمة دمشق، نظراً لموقعها الديموغرافي، وتمركز الموالين للنظام فيها". وكشف أنه "إذا تيسّر للجيش الحر الإمكانات والتنظيم الجيد، فسينعكس ذلك إيجابياً على الجبهة وعلى الثورة السورية، لكن حتى هذه اللحظة، لم يُقدّم لهذه الجبهة أكثر من خمسة في المائة من حاجاتها"، ومع انحسار المعارك في الساحل السوري، بدا وكأن قوات المعارضة بدأت تبحث عن حلولٍ، تدحض من خلالها صمت الجبهة هناك، وعمدت في الآونة الأخيرة إلى اعتماد استراتيجية "القصف بصواريخ من طراز غراد"، يصل مداها إلى نحو 40 كيلومتراً. ويُعتبر "جيش الإسلام" التابع لـ "الجبهة الإسلامية"، أبرز الكتائب التي تستهدف معاقل النظام في اللاذقية، رغم عدم امتلاكه قوة فعلية في الساحل السوري، بالإضافة إلى كتيبة "نصرة المظلوم"، على أن هذه الاستراتيجية، وإن سببت حالة هلع في صفوف الموالين للنظام السوري في الساحل، إلا أنها لم تحقق نتائج تُذكر على المستويات العسكرية. صحيح أن معظم الصواريخ استهدفت مقرّات عسكرية لعائلة الأسد في اللاذقية والقرداحة، لكنها لم تحقق أهدافها لغياب الدقة، وسقط معظمها على أهداف مدنية، وأدّى ذلك إلى ردة فعل عنيفة من النظام على ريف اللاذقية، الذي تعرّض لسلسلة من المجازر، كمجزرة كنسبا والناجية عبر سلاح الطيران، والتي راح ضحيتها عشرات القتلى والجرحى، في مسعى من النظام لتأليب الحاضنة الشعبية للفصائل هناك.
العربي الجديد
عدنان عبد الرزاق
الشرق الأوسط
أسرة التحرير
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
محمد العبدة