فداء السيد
تصدير المادة
المشاهدات : 3134
شـــــارك المادة
أثار فوز الدكتور محمد مرسي بمنصب رئاسة الجمهورية الثانية في مصر المحروسة مشاعر كثيرة كانت في أغلبها شعور بالفرح، خاصة بعد المخاض العسير الذي خاضه الشرفاء والوطنيون في ميادين مصر للمطالبة بانتخابات نزيهة، وإبعاد أركان النظام السابق الذين كانوا على رأسه حينما أُعطيت الأوامر للبلطجية بالهجوم على جموع المتظاهرين، فيما عُرف بعد ذلك بموقعة الجمل، وفي مواقع كثيرة ذهب ضحيتها عشراتٌ من خيرة شباب مصر. لقد آتت تحركات أهل الثورة في مصر بعض أُكلها، وما زالت هناك مطالب كثيرة لن تكتمل ثورة مصر إلا بها.
أثار فوز الدكتور محمد مرسي أملاً بأن التوافق الوطني من أجل مصر أمرٌ واقعي ممكن الحصول، لقد شاهدنا جميعا تلك التضحيات التي تم تقديمها من أجل صناعة التوافق الذي يقف وجهاً لوجه ضد التجييش الإعلامي والإقتصادي الذي أعد له فلول النظام السابق لإعادة أمجاد المخلوع، فباءت محاولاتهم جميعا بالفشل، بسبب الإصطفاف الوطني الذي كان سببه تضحية الكبار من أبناء جيل سهر الليالي الطوال في أقبية معتقلات الظلم يُخططون لأيام أجمل وأفضل لهم ولأبنائهم، والذين ما فتئوا يحلمون بذلك اليوم ويُبشّرون الناس بأنه ليس ببعيد. ن تجربة مرسي وشفيق الإنتخابية دقت نواقيس الخطر بأن ثوراتنا العربية لن تكتمل بهذه السهولة التي كنا نتوقعها، فإزالة رأس الهرم أياً كان لا يعني أنّ القواعد التي يقف عليها هذا الرأس وذاك الجسد قد زال، بل هناك ثورات وثورات مختلفة على الشعب القيام بها لتطهير هذه المؤسسات والدوائر من أذناب نظام قمعي من رأسه حتى أخمص قدميه، ولذلك فإننا نتوقع أن تتخلل فترة مرسي الرئاسية القلاقل والأزمات، سواء من بعض أباطرة العسكر الذي أقسموا بالولاء لمبارك ونظامه الفاسد، أو ملوك المال والإقتصاد الذين سرقوا ثرواتهم من لُقم الجائعين والفقراء على مرّ السنين، أو أبواق الإعلام السابق - وما أكثرهم - الذين ليس لهم همٌ سوى الإساءة للمشروع الثوري الوطني، وتسويد صفحة الميدان، والخروج بمصر من جو الحرية والديمقراطية لأيام كانوا يقتاتون فيها على الكذب والنفاق لسيّدهم المخلوع، إذن هي ثلاثية العسكر والمال والإعلام التي على مرسي وطاقمه الاجتهاد كي يتعاملوا معه بذكاء وحنكة لتحييدهم مرة، أو كسبهم في مشروع النهضة مرة أخرى، أو ربما إزالتهم من الطريق مرة واحدة وأخيرة، والمضي قُدماً من أجل تحقيق البنود التي وعد بها مرسي الشعب المصري. إنها تحديات كبيرة تنتظر الرئيس الجديد وليس يخفى علينا أن أصحاب الحق وحدهم والمخلصون الصادقون، أولئك الذي يتملكهم الاستعداد التام لحرق أنفسهم من أجل شعوبهم وأوطانهم والتضحية بالغالي والنفيس من أجل إصلاح ما أفسده الطغاة والظالمون. إن فوز الدكتور محمد مرسي بما يُمثله - في نفوس الشعوب الشقيقة والتي تعيش ربيع الحرية وتتنفس نسائم الثورة - من رمز للثورة والحرية والكرامة والعدالة أعطى بما لا يدع مجالاً للشك الأمل والرجاء بأن الأمة قادرة على تجاوز دياجير وغياهب الصعاب، حتى ولو كانت هذه الصعاب هي تلكم الجرائم البشعة التي ترتكب يومياً في سوريتنا الحبيبة، والتي صارت بحق أيقونة الثورة في التاريخ المعاصر، وأكاد لا أبالغ إن قلت - وقد بحثت قديماً وحديثاً - أنني لم أجد في التاريخ ثورة شعبية كثورة الشعب السوري شجاعة وإقداماً وتضحية وصبراً ومعاناة، فلله دره من شعب، ولله در الشام من مصنع للرجال لن يتكرر. لقد كان نصر مرسي من وجهة نظر الشعب السوري نصراً خالصاً كاملاً للشعب السوري نفسه، فرأى من خلاله بشائر النصر على النظام السوري الجائر، خاصة وهو يرى الرئيس الجديد ينصرهم بثقة وعزم شديدين، ويشنّ هجوماً على السفير الإيراني والروسي، ويؤكد للجميع أن النظام السوري سيسقط، وأنه سيدعم الشعب السوري بكل ما يستطيع، لقد لقيت هذه الكلمات الرائعة قبولاً عند الشارع السوري وهو الذي يئس من أي دعم دولي أو إقليمي بسبب المواقف المخزية التي لم تُقدم للشعب السوري الأعزل والذي يُذبّح ليلاً ونهاراً سرّاً وعلانية شيئاً سوى بيانات الشجب والندب، لقد عانى الشعب السوري كثيراً من سياسية المجلس العسكري المصري خاصة فيما يتعلق بقناة السويس والتي سمحت بمرور ناقلات (الموت) والتي حملت أسلحة فتكت بالصغار والكبار في سورية على مر شهور. إن انتصار مرسي علامة فارقة في مسار الثورة السورية نكاد نلمس ذلك من تصريحات العدو الصهيوني الذي بدت عليه علامات القلق والخوف من فوز مرسي، فكان رد رئيس مجلس الأمن القومي الأسبق في الكيان الإسرائيلي إيلاند في إحدى تصريحاته أن فور محمد مرسي سيفاقم المخاطر الإستراتيجية في حال سقط النظام السوري أيضا في المستقبل. كيف لا والكيان الصهيوني يرى أن نظام مبارك ونظام الأسد بوابتاه الأمنيتان الأقوى في المنطقة، قد سقط الأول وذاك الثاني متهلهلٌ ساقط لا محالة. وقد ازدادت مخاوف الشعب السوري حينما بدى فوز شفيق قاب قوسين أو أدنى، وهو الذي يمثل امتداداً لنظام مبارك الذي أذاقهم وشعوب المنطقة ويلات عمالته. المتابع لتقارير إعلام الكيان الإسرائيلي والولايات المتحدة الأمريكية وبعض القوى يعلم الحسرة التي يعيشها حالياً جرّاء فوز مرسي خاصة بعد الجهود الهائلة التي بذلتها دول عديدة وراء الكواليس لإنجاح شفيق، إلا أن هذه المحاولات جمعاء باءت بالفشل، وإن كنا نرى أن هناك مهمة كبيرة جداً أمام الشرفاء تجاه قسم كبير من أبناء الشعب المصري الذي اختار ما يقارب من 12 مليون منه عهد النظام البائد، وما يقارب 25 مليون منه لم يكلف نفسه حتى مهمة إلقاء ورقة في صندوق لتغيير مستقبل وطن بطوله وعرضه، يا لها من مهمة. الشعب السوري يمر اليوم بأصعب اختبار قد يتعرض له أي شعب، فهم - لوحدهم - سيتعرضون لأبشع عملية تطهير وأشد عملية ولادة في التاريخ، لكنها ستخلّصهم من عذابات العسكري ونفاق الإعلامي وفساد اللص، ستنظّف الوطن من كل ما شابه على مر أربعين عاماً، ستنزّهه من كل ما علق به من خوف وجُبن وانحناء، ستضع تلك الأصنام المحنطة والأهرامات الديكتاتورية من رأسها لساسها في متاحف لتُدرّس في ميادين الأنماط السياسية البدائية التي أسقطتها الشعوب في الميادين بكل بسالة وتضحية. راسلني أحد الأحباب من أرض إدلب وأقسم ثلاثاً أن المئات من المعتصمين سجدوا لله شكراً حينما سمعوا خبر فوز محمد مرسي، وزغردت النساء فرحاً وخالطت تلك الزغاريد دموع أمهات الشهداء الذين يرون في فوز مرسي بشرى جديدة من بشائر النصر المحتوم. انتهى كلامه. وأقول بدوري موجهاً كلامي للدكتور مرسي: أتمنى أن تكون على قدر هذه المسؤولية التي أُلقيت على عاتقيك، وأن تضع نصب عينيك ثقة الشعب السوري بك وببرنامجك، فكن ذاك الرئيس الذي يعلم بحق قدر اشقائه الذين يشاطرونه الهموم والآمال، فاعترف بمجلسنا الوطني، وادعم جيشنا الحر، وامنع مرور ناقلات (الموت) من قناة السويس، وادعم الثورة إعلامياً وسياسياً وفي كل المحافل المحلية والدولية، واطردوا من أرض الكنانة ممثل النظام الدموي، وافتح أبواب مصر آمنة مطمئنة لأهل سورية شيباً وشباباً، إن فعلت فاعلم أنك ملكت قلوبنا وأفئدتنا، ولتكن بادرة وحدة لا تنقطع.
سلوى الوفائي
منذر السوري
سلسبيل زين العابدين
فهمي هويدي
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة