..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


اخبار الثورة

كيف يعيش الحلبيون حياتهم اليومية خلال الحرب؟

نسرين أنابلي

١٨ ٢٠١٥ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 3187

 كيف يعيش الحلبيون حياتهم اليومية خلال الحرب؟
101440images.jpg

شـــــارك المادة

تسببت الحرب القاسية وأضرارها اليومية في تغيير نمط الحياة اليومية للمواطنين في مدينة حلب، وظهور عادات وأنماط سلوك غير التي اعتادوها سابقاً. لكن الحلبيين استطاعوا التأقلم مع هذا الواقع الجديد، وكأن الحرب لم تمر من مدينتهم أبداً. 

 


فطور غني بالسكريات لمقاومة البرد: 
الفطور التقليدي للحلبيين المكون من المكدوس والجبن والزعتر الحلبي والفول وغيرها من الأصناف التي تشتهر بها المدينة، لم يعد موجوداً على الموائد حالياً بسبب ارتفاع أسعار المواد الغذائية وندرتها في بعض الأحيان، ووجد الحلبيون في الشعيبيات فطوراً لذيذاً وغنياً بالسكريات التي ترفع من حرارة الجسم وتعطي إحساساً بالشبع لساعات طويلة من النهار، وعندما نسير في شوارع حلب سنلاحظ بسهولة الكثيرين ممن يتناولون الشعيبيات وهم في طريقم للعمل. 
يخبرنا معتصم صاحب محل للحلويات عن تزايد الطلب على الشعيبيات من قبل الحلبيين مقارنة بالسابق، حيث كان الطلب عليها محصوراً بأيام العطل والمناسبات الدينية فقط، أما حالياً فالطلب يتزايد عليها بشكل يومي، لاسيما من قبل العمال الذين يذهبون لعملهم باكراً ويحتاجون لوجبة بسعر مقبول وتمدهم بالطاقة طوال اليوم.
ومع انعدام المونة المنزلية وجنون أسعار المواد الغذائية يجد معتز عامل الصحية في هذه الوجبة ضالته، ويقول:" أصبح اقتناء الجبن والمكدوس والزيتون رفاهية ينعم بها المقتدرون فقط، لذلك أجد في قطعة من الشعيبيات فطوراً لذيذاً ويمدني بالحرارة في هذا الطقس البارد، كما أن سعرها بمتناول الناس البسطاء ".
السيارات على الرصيف والمارّة وسط الشارع:
أصبح ركوب سيارة خاصة ترفاً في مدينة حلب لا يقدر حتى المرتاحون مادياً الاستمتاع به وسط تفاقم الأزمات المعيشية، فآثر أصحابها ركنها على الأرصفة والانضمام للناس البسطاء وتقاسم ركوب السرافيس معهم، فأصبح عدد المارين في الشارع أكثر من عدد التاكسي التي يجد أصحابها صعوبة في القيادة وسط هذا الازدحام الشديد.
ورغم تذمر المواطنين من احتلال السيارات للأرصفة المخصصة لهم، إلا أن هناك أسباباً فعلية دعت مالكي السيارات إلى هجر سياراتهم والانضمام إلى ركب المشاة، أو التوجه إلى وسائل النقل العامة، منها غلاء البنزين والازدحام على محطات الوقود للحصول عليه، وقلة الطرق المستخدمة في المدينة نتيجة إغلاق معظمها لأسباب أمنية، إضافة إلى الحواجز التي قطعت أوصال المدينة.
يقول خالد (23 سنة): " في السابق كنت أذهب إلى عملي بسيارتي، أما الآن فالوقت المستغرق في الحالتين هو ذاته، فضلاً عن أني أرحت نفسي من عناء الوقوف لمدة طويلة أمام محطات البنزين ".
معركة ركوب السرفيس:
يقف الحلبيون وقتاً طويلاً بانتظار السرفيس، وما إن يلمحوه قادماً يركضون مسرعين باتجاهه، وتبدأ رحلة التدافع الهستيري الذي يشارك بها الجميع رجالاً ونساءً، ولا تنتهي إلا بامتلاء السرفيس وانطلاقه، وأما الذي لم يحالفه الحظ، فعليه الانتظار حتى وصول الحافلة التالية ليبدأ سباقاً جديداً مع المنتظرين أمثاله.
ورغم قيام الكثير من مالكي السيارات الخاصة بتحويلها لوسيلة نقل عامة للتخفيف من أزمة المواصلات، إلا أنها لا تستوعب الأعداد الكبيرة من الركاب، وخاصة عند ذهاب الناس لعملهم وعند رجوعهم منه ستجد أمواجاً بشرية قد ملأت الشوارع، وسيخيل إليك استحالة وصول هذا العدد الهائل من الناس إلى أماكنهم المنشودة، لكنك ستستغرب أين ذهب كل هؤلاء حين تسير في الشارع مساء ولا تجد إلا القليل منهم!!
تقول وفاء (24 سنة): " أجد صعوبة يومياً في الذهاب إلى عملي وغالباً ما أصل متأخرة، وأنا كفتاة لا يناسبني الانضمام إلى سباق ركوب السرافيس كما أصبحنا نسميه، كيف لي أن أحشر نفسي بين عشرات الرجال والشبان؟؟ لذلك أفضل الانتظار على المشاركة في هذا التدافع المقيت لركوب السرفيس ".
البيت هو ملاذ الحلبيين:
اشتهر الحلبي سابقاً بحبه للسيران والمشاوير، إلا أن الظروف الحالية حولته إلى إنسان (بيتوتي) يذهب لعمله صباحاً ويعود لمنزله مساء، ففكرة الخروج من البيت إلا للعمل أو شراء احتياجات المنزل أصبحت عناء لا يقدر الجميع على تحمله.

هذا العناء يبدأ من الانتظار الطويل لوسائل النقل مروراً بالتأخر عن الموعد، أو المكان المقصود بسبب الازدحام، ومبلغ من المال لتناول أو شرب شيء ما في أحد المطاعم، الأمر الذي يدفع المواطن لتوفير هذا المبلغ لتأمين متطلبات عائلته الأساسية.

وإضافة إلى ما سبق فإن تساقط الهاون والقذائف في أي لحظة سيجعل المواطن يصرف النظر عن ممارسة رياضة المشي، وسيكون الحل الأفضل الجلوس في البيت وشرب فنجان من الشاي أمام شاشة التلفاز الذي يعمل بكهرباء الآمبير طبعاً؛ لأن الكهرباء الحكومية انقرضت لأجل غير مسمى.
أما أهم ظاهرة وأهم شيء اكتسبه الحلبيون خلال هذه الأزمة هو الصبر، وهو الشيء الوحيد الذي يجعلهم يستمرون في الحياة داخل مدينة تم تصنيفها على أنها الأخطر عالمياً، فهم صابرون على القتل والتدمير، صابرون على الغلاء والازدحام والبطالة، صابرون على فقدان أحبتهم بين نازح وشهيد، هم مصرّون على الحياة بابتسامة تقاوم القهر والألم.

 

 

أورينت نت 

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع