سيلين أحمد
تصدير المادة
المشاهدات : 3033
شـــــارك المادة
عند غسق الليل يفرض الرعب سطوته على حي برزة في العاصمة السورية دمشق، فينزع الحياة من المحال التجارية والشوارع بعد أن باتت حوادث الخطف أمرا شائعا يقود للهلاك أو دفع فدية بالملايين في أحسن الأحوال.
اعتاد السوريون في السنوات الأخيرة أحاديثَ الخطف التي تنتهي بالقتل دائما، فالقليل فقط مَن حالفهم الحظ بالإفلات من مختطفيهم والبقاء على قيد الحياة، من خلال دفع مبالغ قد تصل أحيانا لأكثر من مليون ليرة سورية (5880 دولارا)، أيمن علم (28 عاما) لم يمض أكثر من شهر على عودته لعائلته ومنزله الكائن في حي مساكن برزة بدمشق، قضى علم 48 ساعة لا يحتسبها من حياته بعد تعرضه للخطف والابتزاز على أيدي "اللجان الشعبية" التابعة لحي عش الورور المؤيد للنظام السوري، حسب تعبيره. وتشكلت اللجان الشعبية التي يُعتبَر معظم أفرادها من المدنيين في حلب منتصف عام 2012، للحيلولة دون تمكن المعارضة المسلحة من التقدم إلى المدينة، كرديف مواز للجيش الحكومي، وبعد ذلك تواجدت في مختلف المدن السورية التي تتبع النظام، وتتهم المعارضة النظام السوري باستخدام اللجان الشعبية في عمليات الخطف والابتزاز وتنفيذ الإعدامات الميدانية بحق خصومه السياسيين. جرائم طائفية: وكانت الأمم المتحدة قد اتهمت الحكومة السورية العام الماضي باستخدام اللجان الشعبية لارتكاب ما وصفته بـ"جرائم قتل جماعي" ذات طبيعة طائفية في بعض الأوقات، وتمتلك عائلة أيمن أحد المحال التجارية في الحي، وتعتبر واحدة من العائلات القليلة الميسورة رغم ظروف الحرب.
في حديث للجزيرة نت، يسترجع علم تفاصيل اختطافه من وسط منزله في 29 يونيو/حزيران الماضي، قائلا "تفاجأنا أنا وعائلتي بأربعة أشخاص يرتدون الزي العسكري، قدموا مساء إلى منزلنا، وكانوا يريدونني بالاسم بحجة أنني مطلوب لأحد الأفرع الأمنية". ويضيف أن والدته صرخت، وأنه حاول الإفلات من بين أيديهم، لكن أحدهم صوب سلاحه نحو رأسه وهدده بالقتل إذا قام بأي حركة، مما أجبره على الاستسلام والخروج مع الخاطفين بعد أن عصبوا عينيه، تابعت عائلة أيمن وجيرانه مشهد اختطافه معتقدين أنه اعتقال من قبل الأمن، ومع بداية ركوب السيارة كان علم يتعرض للضرب والشتم، وقبل الاقتراب من أحد الحواجز النظامية فكوا العصبة عن عينيه وعاودوا تهديده بالقتل في حال تفوهه بأية كلمة. وبعد أن اجتاز الخاطفون الحاجز بعد حديث مع عناصره، عاودوا عصب عينيه من جديد، لكنه أدرك أنه في طريقه إلى حي عش الورور، بعد وصولهم إلى الحي، اقتادوا علم إلى منزل ووضعوه في غرفة وأشبعوه ضربا على بطنه بأقدامهم، لأنه حاول الإفلات منهم عندما قدموا لخطفه، كما يقول. الموت أو الفدية: مضت ساعة ثم سمع صوتا لم يكن غريبا عليه، ضحك صاحب الصوت وطلب منهم قتله إن لم يحصلوا على المال، يقول علم إن صاحب الصوت هو جاره أبو علام الذي يؤيد النظام، ويضيف أن الخاطفين اتصلوا بعائلته وأرغموه على القول إنه خائف وإنه سيقتل إن لم يدفعوا مليون ليرة سورية.
بعد حديث هاتفي دام قرابة نصف ساعة من التفاوض على قدر المبلغ، وافق الخاطفون على تسلم ستمائة ألف ليرة سورية، بعد أن كانوا مصرين على المليون، لكنهم رغم ذلك قرروا إبقاءه ليلتين مقيداً على كرسي في غرفة مغلقة. يذكر علم جيدا تعرضه للركل والإهانة والتهديد بالقتل في كل مرة يدخل فيها الخاطفون الغرفة التي يحتجز فيها، وبعدها ألقوا به على أحد أرصفة الحي بعد أن قام أخوه بتسليمهم المبلغ، وفي قصة أخرى، يروي عامر غريب أنه تم اختطافه منذ أسبوعين أثناء عودته إلى منزله على أيدي ثلاثة عناصر سكارى من اللجان الشعبية. ويقول غريب إنهم كانوا يستقلون سيارة وأرغموه بالسلاح على الركوب معهم، لكن مدة خطفه لم تتجاوز ساعتين فقد سلمهم والده مائتي ألف ليرة سورية مقابل الإفراج عنه حيا، ومع عودة عمليات الاختطاف، بات حي برزة يخلو من الحركة في الليل، وتعوّد الأهالي إغلاق محالهم التجارية قبل السابعة مساء.
الجزيرة نت
الشرق الأوسط
الحياة
العربي الجديد
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة