مانيا الخطيب
تصدير المادة
المشاهدات : 6302
شـــــارك المادة
يخبرنا التاريخ عن إنسان منطقتنا الكثير، يخبرنا كيف مرّت حضارات عديدة عليه.. علّمته.. درّبته، جعلته خبيراً في اختراع العيش ومبدعاً في اجتراح الجديد.
من هناك خرج علماء، شعراء، أنبياء، رسل، وحتى أباطرة حكموا بقاعاً من العالم.. يخبرنا عن جاليات سورية منتشرة في أربع أنحاء الأرض، منها من عمّر بلداناً ومنها من خيرة الكوادر وأفضها سمعة. يُحكى أن في فيينا وحدها عدة آلاف من الأطباء السوريين وغيرها وغيرها.. وهاهو اليوم بعد أن ابتلي بماكينة إجرامٍ رعناء من حكم عسكري ديكتاتوري مافيوي يجعل من عائلة وضيعةٍ على أعلى هرم في البلاد تذل وتستعبد شعباً وتهينه في أعمق أعماقه، ينتصر لذاته ولإنسانيته التي استبيحت في دوامة حقدٍ مجنونة لا نعرف أي ضابط في عُرف البشرية قطٌّ. في هذا المخاض الدموي، وحدها دماء الشهداء المقدسة، وأرواحهم الشفافة التي ستظل تهيم في فضاءات سورية، حتى تراقب عن كثب كيف تتحقق مشيئة الثورة التي فقدوا حياتهم من أجلها، وتركوا خلفهم ثكالى؛ أرامل يتامى ومفجوعين. وحدها سنوات عمر المعتقلين المسفوكة على مذبح الحرية، وأوجاع المفقودين والمهجرين عن بيوتهم، وأنين الجرحى.. من يحدد السمت العريض لهذا الإنسان السوري في طريقه نحو حريته المنشودة؟ أقول ذلك لأنه من أول بدء الثورة ولم يمر يوم إلا وسمعنا فيه عن تشكيلات وتكتلات ومجالس وهيئات وتنسيقيات وجمعيات... وكلها دون استثناء لها نفس الهدف وتسعى لنفس الغرض وتريد أن تدعم وتساعد وتشارك وتساهم.. لماذا لا يعرف السوريون كيف يعملون مع بعضهم، مع أنهم بدون استثناء تقريباً يتميزون بحس وطني رفيع المستوى؟ لماذا لا يتقنون العمل المؤسساتي رغم كل هذه الطاقة الإنسانية؟ لماذا لديهم هذه العقدة من الزعامة رغم يقينهم أنها مجرد وهم؟ وحده ذلك السمت العريض الذي ذكرته من يجبرهم على تذويب بعض الفردية غير المفيدة، وفي بعض الأحيان النرجسية والأنا المتضخمة. وحده هذا السمت من يجبرهم على التمرين الشاق والتدرب على أن يفخر أن هذا العمل أو ذاك "نحن" أنجزناه وليس "أنا" أنجزته. وإلا فإن بحيرة الدم المقدسة الني أُجبرت عليها هذه الثورة النبيلة ستحمل في أعماقها آلاماً إضافية بعدَ أن أثقل عليها أهل الشرق والغرب أجمعين.
أحمد بن فارس السلوم
سوريا المستقبل
محمد الخالد
محمد حسن عدلان
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة