..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


مقالات منوعة

ما نريده من الثورة

محمد كساح

٣٠ إبريل ٢٠١٢ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 2614

ما نريده من الثورة
557260_203624653073177_122897411145902_252853_1888783456_n.jpg

شـــــارك المادة

من الطبيعي أن نقول إن الحراك الشعبي الذي قام به شعبنا الأبي في كل أنحاء سورية ليس مجرد انتفاضة مؤقتة ترضى فقط بإسقاط نظام القمع والاستبداد والسعي لإزالته ورموزه من الحكم وإنما هو ثورة بكل ما تحمله هذه الكلمة الكبيرة من معان الاستيقاظ والانتفاض والنهضة، النهضة أيضاً بكافة مجالاتها الدينية والدنيوية، السياسية والاجتماعية، العلمية والتربوية، العسكرية والاقتصادية.

 

إن ما نريده من الثورة لا ينحصر في نقطة الإصلاح السياسي والديمقراطي ـ وإن كان هذا الهدف من أعظم أهداف هذه الثورة ـ بل يتعدى إلى الإصلاح المعيشي والاقتصادي والعلمي والصناعي والزراعي، إلى آخر هذه القائمة الطويلة العريضة، من مرافق الحياة ومجالاتها الدنيوية والدينية، والتي أمست منذ خمسة عقود، وسوس الفساد ينخر فيها، فيهد قواها ويميت عزيمتها ويشل أركانها، حتى آضت إلى ما نحن عليه اليوم من ويلات الاستبداد وأمراض الفساد والتحكم برقاب العباد، إن ما نريده من الثورة أن تحيي القلوب الميتة، وتزكي النفوس المتعبة، وتزهر في قلوبنا الأمل، وتغرس في حياتنا الجد والعمل، حتى (ننهض) كلنا، يشد أحدنا بعضد أخيه ونبني مستقبلنا الذي أراده الله لنا وأردناه ذلك المستقبل الذي يحيا فيه الإنسان بجنب أخيه الإنسان، حياة كريمة عزيزة يملؤها الحب والرضا، وتكون فيها الحرية بكافة أنواعها (الصحية) عامة لكل إنسان.

إن ما نريده من الثورة أن تكون الدرجة الأولى من سلم صعودنا إلى القمة، وارتقائنا نحو العلياء، فهي كانت وستبقى المشعل الذي ينير لنا الطريق، والنجم الذي يهدينا نحو الدرب، درب التقدم والنجاح. إن ما نريده من الثورة أن تكون النافض عنا غبار الذلة، الذي بتنا نعيش فيه منذ خمسة عقود، والناهض لعزيمتنا التي خارت منذ ذلك الحين، وجبنت عن لقاء المصاعب ومناجزة الأعداء. ما نريده من الثورة حقاً أن تكون لنا ككل الأمم المتطورة، صناعة قوية ننافس بها الأمم حولنا، ومصانع نبنيها (بسواعدنا) تنتج سلعا نصنعها (بأيدينا) ولكم تقر أعيننا، حين نقرأ على السلعة، ونحن نقلبها بين أكفنا هذه العبارة (صنع في سورية) أجل وبكل فخر صنع في سورية. إن ما نريده من الثورة أن يكون لنا جيش وطني نصارع به الأعداء، ونحمي بهمته الديار، وفيثق الناس بإخلاصه و وطنيته، ويخاف العدو قوته وبطشه، لقد مل شعبنا الجيوش التي بنيت لا لشيء إلا لاضطهاده وتعذيبه، وإذاقته من كؤوس الهوان، وسياط الذل، وهو يتطلع إلى جيش حر وطني، مدرك لوظيفته التي أناطها به الشعب، وقادر على تحمل المسؤولية التي حمله الله إياها والأمانة التي وكله بها. ما نريده من الثورة إصلاح الحياة النفسية والروحية التي أمرضها نظام الاستبداد، فأذهب رونقها، وأزال نضارتها حتى استحالت إلى حياة تعيسة بائسة، وحتى أصبحنا نعيش في شقاء ما بعده شقاء. ما نريده من الثورة أن ننهض جميعاً أجل جميعاً لا يتخلف عن هذه النهضة أحد، فنصلح أنفسنا، ونصلح مجتمعنا، ونصلح اقتصادنا وسياستنا ومرافق حياتنا الدنيوية والأخروية، حتى نغدو أمة قوية متماسكة، تنشر الخير في الأرض، وتبث في هذا العالم (البائس) روح الأمل ونور الأخلاق، وكما كنا من قبل أذلة مستضعفين، نعيش في مستنقع ـ بل مستنقعات ـ من الجهل والظلم والفساد.

سوف نصبح بإذن الله أعزة أقوياء، ننعم في حياة قوامها: الخير والنور والحرية، وصدق الله العظيم (ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين)

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع