القدس العربي
تصدير المادة
المشاهدات : 7849
شـــــارك المادة
تلفظت الطفلة رنا عبيد من سورية أنفاسها جوعا، وهي لم تبلغ السنة شاحبة لم تعرف محيطها. وقد مات 170 طفلا جف حليب أمهاتهم بسبب الضغط في هذا الشهر في ثلاثة أحياء محيطة بدمشق، وهي المعظمية والغوطة الشرقية، التي أصابها الهجوم الكيميائي، ومخيم اليرموك، وهو المحبس الفلسطيني الذي يُضرب ساكنوه بسبب نقد صدر عن خالد مشعل بعد أن هرب، للرئيس الأسد.
يُزعزع العالم لحظة من صور البطون المنتفخة جوعا للأطفال الذين يموتون في سورية، ولكنه يعاود شؤونه بعد ذلك. إن الأحياء الثلاثة المحيطة بدمشق سيطر عليها المتمردون، لكن السلطة تتعامل بحنكة ويحيط الجنود بالمنطقة المحتلة وتُنشر فوق كل حاجز خلية قناصين. ومن يحاول نقل زجاجات شرب تصيبه رصاصة، ولم يعد أحد يستطيع أن يدفع ثمن المنتوجات الغذائية التي أخذت تنفذ والأدوية كذلك بسبب الارتفاع الكبير في الأسعار، ولا يوجد حليب طازج والمخابز مغلقة. ووجهت النيران إلى قوافل مساعدة الأمم المتحدة فولت هربا. رأينا في هذا الاسبوع الزوجين الرئاسيين في مسجد دمشق الكبير. يقولون إنه جاء ولا يعلم أحد متى تم تصوير الفيلم في الحقيقة إلى صلاة عيد الأضحى. وظهرت أسماء الأسد بحذاء رياضي أمام طلاب مدرسة أعمارهم كأعمار أبنائها الثلاثة، كي تغرس شجرة زيتون في ذكرى شهداء الحرب الناشبة منذ ثلاث سنوات في سورية، ويا لمبلغ الهزل في ذلك. وقد أصبح الأسد يعلم أنه مستمر وهو محاط بطوق سميك من الحراس. وخرجت أسماء لإظهار الحضور أمام عدسات التصوير على أثر موجة الإشاعات التي قالت إنها هربت مع أبنائها من سورية. من الذي يضمن أن يكون تجميع الأطفال حتى الموت هو آخر محطة في سلسلة التعذيب التي يوجدها خيال بشار المريض؟ ينبغي ألا ننسى أنه أقسم أن ينقذ حياة الناس حينما أُجيز طبيبا في لندن قبل أن يدخل القصر. إن أولاد سورية هم هدف سهل للدكتور بشار، منذ أن نشبت الهبة الشعبية في البلدة النائية درعا في آذار/مارس 2011. وقد بدأت الوحشية التي لا حدود لها بخطف أولاد رشوا كتابات جدارية وعادوا مقطعي الأعضاء في أكياس بلاستيكية، وتطور ذلك ليصبح زيارات ليلية لأحياء سكنية، ومراسم إعدام لنساء وشيوخ وأطفال أطلق شبيحة النظام النار عليهم، وحينما نزل الرجال للعمل السري خطفوا الفتيان والبنات من الشوارع وطرحوهم في مراكز اعتقال وأطلقوهم ليتحدثوا في البيوت عن فظاعات التعذيب والتنكيل الجنسي. إن الوحشية المريضة هزت العالم المستنير الذي يُظهر ذاكرة قصيرة ويُخندق في عدم اكتراث حتى بعد الهجوم الكيميائي على ريف دمشق. حينما تحين لحظة كتابة تاريخ الهبة الشعبية في سورية سنتذكر الأفلام المثيرة للقشعريرة لأكياس النايلون القاتمة. كانت صفوفا طويلة وفي كل كيس جثة ولد صغير. تتحدث معطيات غير دقيقة ولا سبيل للتدقيق في خضم الفظاعة عن ربع مليون طفل وولد قضى عليهم شبيحة بشار، وعن اربعة ملايين ولد تلقوا حياتهم هدية، اقتُلعوا في داخل دولتهم أو أصبحوا لاجئين نجحوا في الفرار من سورية. أصرت أسماء الأسد في هذا الاسبوع على إعطائهم درسا مغطى إعلاميا في حب الوطن الخائن: أنا هنا أمس واليوم وغدا مع أبنائي لأربيكم على قيم صحيحة لتعرفوا الثقافة المجيدة، ولتكونوا مواطنين مخلصين، بل لتذوبوا تأثرا من المأكولات الرائعة للمطبخ السوري. وفي حين كانت تقرأ النص الذي كتبوه لها في وزارة الإعلام، أفتى فقيهان في ريف دمشق بفتوى للأولاد الجائعين في الأحياء المحاصرة تبيح أكل لحم الكلاب والقطط والحمير من أجل البقاء فقط.
سمدار بيري - يديعوت
محمد أمين
الجزيرة نت
طارق عبد الهادي
أسرة التحرير
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
محمد العبدة