الشرق الأوسط
تصدير المادة
المشاهدات : 14170
شـــــارك المادة
أثار إعلان رئيس الائتلاف السوري المعارض أحمد معاذ الخطيب أنه مستعد للحوار مع ممثلين عن نظام الرئيس بشار الأسد، أمس، ردودا حادة من المجلس الوطني السوري، أكبر مكونات الائتلاف، والذي رفض «أي تسوية وأي تفاوض»، ومن مختلف أطياف المعارضة والثوار، مما دفع الخطيب في وقت لاحق لنشر بيان على صفحته بـ«فيس بوك»، قال فيه إن «الفكرة التي طرحتها هي رأيي الشخصي، وأنا أتحمل مسؤوليتها، وللائتلاف اجتماع غدا لهيئته السياسية المؤقتة، وهو سيقرر موقف الائتلاف الرسمي».
وكان الخطيب قد أصدر بيانا على صفحته الرسمية بـ«فيس بوك» قال فيه: «بلغني من وسائل الإعلام أن النظام في سوريا يدعو المعارضة إلى الحوار، وكلف رئيس الوزراء بإدارة المشروع، وأن وزير داخلية النظام يدعو قيادات المعارضة إلى العودة إلى سوريا». وأضاف: «أعلن أنني مستعد للجلوس مباشرة مع ممثلين عن النظام السوري في القاهرة أو تونس أو إسطنبول»، مشترطا إطلاق «160 ألف معتقل من السجون السورية»، وخصوصا «النساء ومعتقلي المخابرات الجوية وسجن صيدنايا»، وتمديد أو تجديد جوازات السفر للسوريين الموجودين في الخارج لمدة سنتين على الأقل.
وفي رد على تصريحات الخطيب قال أنس العبدة، عضو المجلس الوطني وعضو سابق بالأمانة العامة، إن الخطيب ذكر أنه يتكلم بصفة شخصية. وأضاف: «أعتقد أن من يوضع على رأس مؤسسة عليه أن يستقيل قبل أن يتكلم في موضوع بالغ الحساسية، كرئيس للائتلاف كان عليه استشارة أعضاء الائتلاف»، موضحا أن موقف رئيس الائتلاف «لا يعكس نضجا سياسيا وقياديا ولا خبرة سياسية، كونه على رأس ائتلاف».
وقال العبدة في اتصال مع «الشرق الأوسط» من تركيا: «نحن نعتقد أنه يعاني من بعض الإشكالات داخل الائتلاف تدفعه لهذه التصريحات منذ بداية تكوين الائتلاف حتى الآن، وأخشى بسبب هذه التصريحات بالذات أنه فقد ثقة الشعب السوري»، مذكرا بأهم بنود الائتلاف في البيان التأسيسي، وقال: «هناك بند واضح يقول بعدم الحوار أو التفاوض مع النظام، فعندما يصرح بما يتعارض مع بند أساسي، يكون خرج عن توافق مهم بعدم الحوار».
كما عبر العبدة عن إمكانية أن تكون هذه التصريحات عبارة عن بالون اختبار لمكونات الائتلاف والثوار، وهي «مخاطرة كبرى، وأفهم من هذا التصريح انعكاسا لإحباط يحس به على مستوى الائتلاف أو من ناحية اللحمة الداخلية وقيادته، وأخشى على الشعب السوري والثوريين الذين فقدوا الثقة، كما أن مثل هذه التصريحات ستؤثر سلبا على المجتمع الدولي الذي فقد ثقته بهذه القيادة التي تخرج مبكرا لتشرح الأمور بشكل واضح، فقد كان عليه أن يخرج ويشرح هذا الأمر بوضوح».
وقد أصدر «المجلس الوطني السوري» بيانا قال فيه إن هذه التصريحات لا تمثل الائتلاف وإنما معاذ الخطيب شخصيا، وإن «المجلس الوطني» لا يتفق معه ولا يرى أن الموقف الذي وضعه على مستوى تضحيات الثورة.
وأكد العبدة ضرورة احترام مكونات الائتلاف وكل قرار يجب أن يعكس توافقا جماعيا، لكن عندما لا يستطيع أن يعكسه «وهذا يحدث فوضى إدارية، وربما من الأفضل أن يستقيل بعد ما ذكره. أدعوه إلى التفكير بإعادة النظر في وضعه على رأس الائتلاف».
ومن جهته، قال الدكتور إبراهيم المرعي، وهو عضو بالمجلس الوطني السوري، إنه يتفهم ضغط المجتمع الدولي المتكامل الذي يخضع له الخطيب. وأضاف في اتصال مع «الشرق الأوسط» من لندن: «ولكن أنا أضم صوتي لصوت الثوار، ولا حوار النظام، فهو منظومة متكاملة تقوم بالقتل.. وعلى كل من ينوب عن الثوار ألا يفاوض بطرق مباشرة أو غير مباشرة نظام الأسد، وأتساءل: هل هؤلاء الذين ينوبون عن بشار سيقررون من دون الرجوع إليه؟ ومثل هذه التصريحات تجعل بشار الأسد يشعر بأنه الأقوى بدعم المجتمع الدولي وأموال مؤتمر المانحين الذين قالوا إن كل دولة تختار لمن يذهب المال، وفي مؤتمر المانحين بدأوا يعيدون الشرعية التي فقدها النظام السوري».
أضاف: «إنهم لم يدعو المعارضة لهذا المؤتمر وإبقاء الشرعية لنظام نزع شعبه عنه، وهو الذي سيقوم بإيصال مساعدات، وخاصة الإيرانية والروسية، إذا ما قدمت للشعب، وأنا كمعارض أرفض أي تفاوض مع بشار».
وقال المرعي: «سمعت من قبل أنه تم قبول الشيخ معاذ الخطيب لما يتمتع به من سمعة نظيفة، لكي يساعد على إزاحة المجلس الوطني ونطالب معاذ الخطيب، وخاصة المعارضة في الخارج بالاستقالة. نعتبر تصريحاته خيانة للدماء التي زهقت في سوريا. وأطلب منه التراجع. وإذا كان تحت ضغط دولي فلينسحب، وإذا وقفت الثورة فهو موت بذل وإن لم تقف فهو موت بشرف».
ومن جهته، قال المعارض السوري والناشط الحقوقي عبيدة فارس، إن «تصريحات رئيس الائتلاف الوطني حول الحوار مع النظام جاءت مخيبة لآمال الكثير من الثوار، خاصة أنها تحمل توقيع رئيس الائتلاف، بصفته الرسمية، حتى لو نشرها على صفحته الشخصية، فهو رئيس المظلة السياسية للمعارضة، ولا يمكن أن تكون تصريحاته أينما كان موقعها تصريحات شخصية!».
وأضاف: «إن السوريين ضحوا بأكثر من ستين ألف شهيد، وأكثر من مليوني مهجر ولاجئ، وعشرات الآلاف من المعتقلين، ليس من أجل رغيف خبز، وبالتأكيد ليس من أجل تجديد جوازات سفر، فقد مكث عشرات الآلاف من السوريين لعقود من دون جوازات سفر، في داخل سوريا وخارجها، ولن يدفعهم تجديدها للجلوس مع نظام تلوثت يداه بدماء السوريين وأوغل في الجريمة بحقهم كما لم يفعل سفاح على مر التاريخ».
وشرح الناشط الحقوقي لـ«الشرق الأوسط» قائلا: «أتفهم الضغط الإنساني الذي يواجهه رئيس الائتلاف من قبل الشارع، وما سماه البحث عن حل لمعاناة الناس، والمطالب الإنسانية التي تصله بشكل مستمر، فتجعله يرغب بحلحلة هذا الوضع الصعب من خلال تقديم تنازلات، حتى لو كانت كبيرة، ولكن هذه التنازلات ينبغي ألا تصل إلى الخطوط الحمراء للثوار أنفسهم، ولا حتى للخطوط الحمراء التي وضعها الائتلاف لنفسه، وعلى لسان رئيسه أكثر من مرة، وهي أن الحوار الوحيد الممكن هو ذلك الحوار من أجل رحيل الأسد ونظامه».
ومن جانبه، وفي رد على منتقديه، قال الخطيب: «لن أقبل إرهابا فكريا من أحد، وإذا ظن ظان ألا أحد من السوريين، بل الثوار، يرغب في سماع مثل هذه الأفكار فهو واهم». وأوضح: «نحن لا نفاوض على بقاء النظام، بل على رحيله بأقل تكلفة من الدم والخراب»، سائلا: «هل تعلمنا من البعثيين الإنكار لكل أمر قبل فهمه، بل قبل قراءته؟».
أسرة التحرير
أيمن محمد
المصادر:
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
محمد العبدة