الشرق الأوسط
تصدير المادة
المشاهدات : 3581
شـــــارك المادة
أربيل: شيرزاد شيخاني في وقت شددت فيه قيادة حزب العمال الكردستاني (المعارض لتركيا) على أنها سوف تتدخل عسكريا في حال تعرض الأكراد السوريين لاعتداءات من قبل من وصفتهم بأعداء الشعب الكردي، اتخذ مسار الأحداث في المناطق الكردية السورية خلال اليومين الماضيين منحى آخر، وذلك بقيام عناصر محسوبة على ذلك الحزب بالاعتداء على مقرات أحزاب كردية، مما ينبئ بحدوث اقتتال كردي - كردي في خضم الأزمة السورية الحالية.
وتضاربت تصريحات قيادات الأحزاب الكردية المتصارعة، التي حاولت «الشرق الأوسط» رصدها تعليقا على أحداث اليومين الماضيين، فالكل يلقي بالمسؤولية على الآخر، بينما لا تزال الأوضاع متوترة جدا بالداخل، مما يفتح الأبواب على خيارات قد لا تكون لصالح الثورة السورية.
والمفارقة الغريبة أن تصريحات الطرفين المتصارعين تتفق على أن ما يحصل هو تنفيذ لأجندات خارجية، ولكن التطورات الميدانية تؤشر إلى تفاقم الخلافات المرشحة لـ«الاصطدام المسلح» بين الأطراف الكردية، التي حاولت منذ تفجر الثورة الشعبية بسوريا أن تحافظ على حياديتها وسلمية مظاهراتها والامتناع عن المواجهة العسكرية المسلحة مع النظام الحاكم بدمشق. ففي أحدث تطور أعقب المصادمة بين عناصر تابعة لـ«حزب الاتحاد الديمقراطي» الكردي (الجناح السوري لحزب العمال الكردستاني) ومجموعة من الأحزاب السياسية الكردية في مدينة كوباني بمحافظة حلب قبل يومين، خرجت أمس مظاهرة شعبية عارمة بالمدينة، شارك فيها نحو 20 ألف شخص حسب مصادر محلية، تندد بالقتال الكردي - الكردي، وتدعو إلى وحدة الموقف والخطاب الكردي، وتحذر من مغبة الانجرار إلى المخططات الهادفة إلى إحداث الحرب الداخلية بالمناطق الكردية.
وكان أكثر من 100 عنصر من «حزب الاتحاد الديمقراطي» الكردي قد هاجموا قبل يومين مقرات تابعة لأربعة أحزاب كردية سورية بمدينة كوباني، وهي مقرات أحزاب «اليكيتي» الكردي، و«الديمقراطي التقدمي» و«الديمقراطي» الكردي و«آزادي» الكردي.. وقال عبد الباقي يوسف، عضو اللجنة السياسية لحزب «اليكيتي»، لـ«الشرق الأوسط» إن «أكثر من مائة مسلح هاجموا مقراتنا، واعتلى عدد من القناصة المباني المجاورة وأطلقوا منها الرصاص نحونا، وأبلغوا الموجودين داخل تلك المقرات أن قائدا عسكريا في الحزب يبلغهم ضرورة إنزال علم الاستقلال الذي يستخدمه الجيش السوري الحر، لأن هذا الجيش يعمل ضد الشعب الكردي. ونجحوا فعلا في إرغام الموجودين هناك على إنزال العلم، ولكن في اليوم التالي تم رفع العلم مرة أخرى على اعتباره علما للثورة ورمزا للاستقلال السوري».
وبسؤاله عن تداعيات هذا الحدث على المستقبل الكردي، قال: «بالطبع، مثل هذه التصرفات تسيء إلى الشعب الكردي، وتلحق أفدح الأضرار بمسيرة الثورة الشعبية. ويبدو أن هؤلاء يعملون على تنفيذ أجندات إقليمية، وخاصة الأجندة الإيرانية التي تتلاقى مع مصلحة النظام الحاكم بدمشق، والتي تهدف إلى خلق الفوضى بالمناطق الكردية ونقل الحرب إليها لتحويل الأنظار عما يجري في ريف دمشق وحلب وغيرها من المناطق المتوترة».
وأشار يوسف إلى أن «هذا الحدث يتناقض تماما مع ما تم الاتفاق حوله بأربيل مع (حزب الاتحاد الديمقراطي)، الذي مثله مجلس شعب غرب كردستان الذي وقع مع المجلس الوطني الكردي اتفاقا يقضي بالتعاون ووحدة الخطاب وعدم الانجرار إلى الحرب الداخلية بين الكرد، وصدرت قرارات كثيرة عن الهيئة العليا لهذه الاتفاقية.. لكن، للأسف، جماعة (الاتحاد الديمقراطي) لا يلتزمون بها، مما ينبئ بحدوث مواجهات أخرى قد تكون أخطر مما حدث».
من جانبه، أشار القيادي بـ«الحزب الديمقراطي التقدمي» الكردي، علي شمدين، الذي تعرض مقر حزبه أيضا للاعتداء، إلى أن «المظاهرة هي خير رد شعبي على محاولات هذا الحزب فرض سيطرته، فبعمر مدينة كوباني لم تشهد المدينة مظاهرة بهذا الحجم الكبير، ما يعني أن الشعب، برمته، يرفض أي نوع من المصادمة والقتال بين الأحزاب الكردية، ونحن في الوقت الذي ندين فيه مثل هذه التصرفات الفردية من جماعة (الاتحاد الديمقراطي)، ندعوهم إلى وحدة الصف والموقف والالتزام الكامل بمقررات الهيئة العليا، التي تؤكد نبذ الخلافات.. فليس أمامنا خيار سوى وحدة الصف، لأن الوضع لا يحتمل قتالا أخويا، في وقت يمارس فيه النظام شتى أساليب القتل والإرهاب ضد شعبنا».
وتوجهت «الشرق الأوسط» إلى شيرزاد اليزيدي، الناطق الرسمي باسم مجلس شعب كردستان الذي يمثل «حزب الاتحاد الديمقراطي» الكردي، فقلل من شأن الحدث ومن تداعياته المستقبلية، مشيرا إلى أن «ما حدث كان تصرفا فرديا من بعض الشباب الطائش، ولا حاجة إلى تصعيد الموقف إلى هذه الدرجة». وأضاف أن «ما حصل جاء كرد فعل على المجزرة التي شهدتها منطقة الأشرفية بحلب وهجوم (الجيش الحر) على المناطق الكردية وقتل العشرات من الشباب الكردي دون وجه حق، شبابنا استفزوا من مناظر تلك الهجمات غير المبررة فهجموا على مقرات الأحزاب الكردية لإنزال العلم الذي يستخدمه (الجيش الحر)، وللأسف لم تصدر جميع هذه الأحزاب التي تحاول تضخيم هذا الحدث ولو بيان إدانة واحدا يندد بتلك الهجمات التي تستهدف مدنيين أكرادا».
وأكد اليزيدي: «نحن لا نعادي العلم السوري الجديد، باعتباره علم الاستقلال، ولكن ما حدث كان مجرد رد فعل من بعض عناصرنا ولا داعي لتضخيم الحدث». وأشار إلى أن «هناك استعدادات من (الجيش الحر) لشن هجوم كبير على مدينة عفرين، ويبدو أن هناك محاولة من بعض الأطراف لخلق الفتنة، من خلال إحداث صراع وقتال كردي - عربي، بعد أن نجحت بعض الأطراف الإقليمية في إحداث الصراع السني - العلوي، وعلى الأحزاب الكردية أن تحتاط لمثل هذه المحاولات، لا أن تجعل من مسألة العلم مشكلة كبيرة».
وفي سياق متصل، كشفت وسائل الإعلام التركية عن قيام قوات البيشمركة الكردية بضبط شاحنة إيرانية محملة بأطنان من مادة (تي إن تي) شديدة الانفجار بمدينة الموصل (شمال العراق)، كانت متجهة إلى سوريا لصالح النظام.
وأوردت صحيفة «أكشام» التركية أن «الجهات الاستخباراتية التركية زودت سلطات إقليم كردستان بمعلومات مؤكدة عن توجه شاحنة مليئة بالمتفجرات إلى سوريا عبر أراضي الإقليم»، وتمكنت السلطات «من ضبط الشاحنة داخل مدينة الموصل، وبعد تفتيشها تبين أنها تحمل أطنانا من مادة (تي إن تي) شديدة الانفجار، وعندما سألت سائق الشاحنة، أكد أنه كان متوجها نحو سوريا لنقل تلك المتفجرات».
عبد الحاج
رائد رمان
أسرة التحرير
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
محمد العبدة