الجزيرة نت
تصدير المادة
المشاهدات : 3019
شـــــارك المادة
على الطريق المؤدي إلى نقطة العبور الحدودية في الرمثا، يقف صف من السيارات على جانب الطريق بانتظار عبور اللاجئين السوريين، الذين أصبحوا يصلون إلى الأردن يومياً. وسواء كانوا يتبعون الطريق العادي أم يعبرون طرقاً ملتوية، فإنهم يلتقون جميعاً في أحد مخيمات اللاجئين التي شُيدت في الرمثا.
عَبَر (م) الحدود ليلاً مع أسرته. بعد رحلة طويلة وشاقة من حمص، حيث استقل برفقة زوجته (حامل في شهرها السابع) وأطفالهما الأربعة حافلة باتجاه دمشق، ثم ركبوا سيارة أجرة، دفع أجرها أشخاص آخرون. ثم عبروا الحدود مشياً على أقدامهم. حتى وصلوا إلى مخيم البشابشة في الرمثا. وبمجرد أن يوافق أحد ما على التكفل بهم، سوف يغادرون، وربما سيذهبون إلى عمّان والاستقرار هناك. فالعاصمة الأردنية لا تبعد عن المخيم سوى سبعين كيلومتراً. كما يتمنى (م) الحصول على علاج طبي. فمنذ شهر، وبينما كان على دراجته في الطريق إلى منزله في حمص، أوقفته قوات الأمن وأطلقت النار على جانبه الأيسر. ومنذ ذلك الوقت وهو يعاني آلاماً على مستوى فخذه. ذهب إلى مركز طبي، ولكنه حصل على رعاية أولية فقط. يحكي للدكتور محمد من منظمة أطباء بلا حدود، ويقول: "حين خرجت الرصاصة، قاموا بتنظيف الجرح. ولو بقيت الرصاصة في جسدي، لتركوها فيه. فلم تكن لديهم الوسائل لفعل أي شيء آخر. بقيت هناك لمدة نصف ساعة، فقد كان من الخطير البقاء هناك لفترة أطول. وبعدها، لم أحصل على أي علاج آخر". جاء هذا الطبيب -الذي يعمل في منظمة أطباء بلا حدود- من عمّان من أجل تحديد وجود جرحى في صفوف القادمين الجدد وإذا ما كانوا بحاجة إلى جراحة في العظام. فمنظمة أطباء بلا حدود لديها فريق جراحي متخصص يُجري عمليات جراحية في أحد مستشفيات العاصمة الأردنية. وبعد أن أصبحت مخيمات اللاجئين في الرمثا تشبه مخيمات العبور، بحيث لا يبقى السوريون فيها طويلاً بشكل عام، فإن الدكتور محمد يزور المخيمات كل يومين أو ثلاثة، ويعطي رقم هاتفه للجرحى الذين يقابلهم، ومن بينهم (م)، حتى يتمكنوا من الاتصال به لدى وصولهم إلى عمان لترتيب موعد زيارة طبية لهم. يقول: "بالنسبة للجرحى الذين نراهم هنا، فقد تلقوا من قبل رعاية طارئة في سوريا. وغالباً ما تكون لديهم جروح قديمة تعرضوا لها منذ أسابيع عدة أو أشهر. في المقابل، يبقى الأشخاص الذين لديهم حالات خطيرة داخل سوريا، إذ ليس بإمكانهم التنقل إلى هنا". وراء كل جريح قصة وهناك حالات أخرى تصل إلى المخيمات. فهذا (س)، 25 سنة، ينزع قميصه ليرينا آثار كدمات حمر على ظهره، وذراعاه كذلك تحملان آثار حبال مطاطية. لقد اعتُقل أثناء مشاركته في إحدى مظاهرات درعا. يقول إنه تعرض للتعذيب في السجن، حيث بقي لمدة 17 يوماً قبل نقله إلى دمشق تحت الحراسة. ولكنه تمكن من النجاة في الطريق خلال هجوم للجيش السوري الحر، فانطلق فوراً إلى الأردن. جميع الجرحى لهم حكاية تُروى. وفي مخيم آخر في الرمثا، أقيم وسط ملعب رياضي، وجدنا أن معظم اللاجئين هم من الرجال الشباب. البعض منهم مصاب بجروح، وآخر بينهم يتكئ على عكازات بعد أن تركت الرصاصة كسراً مفتوحاً في ساقه اليسرى. وآخر أصيب بطلق ناري في وجهه، ففقد عينه اليمنى وأصبح يعاني من كسور متعددة في الفك العلوي، وبالتالي لم يعد قادراً على فتح فمه بطريقة عادية. يُقدم الدكتور محمد الرسالة نفسها إلى جميع هؤلاء الجرحى من الشباب: بإمكانهم المجيء إلى عمّان ورؤية طبيب جراح من منظمة أطباء بلا حدود، سوف يُحدد ما إذا كان بالإمكان إجراء عملية جراحية لهم. في البداية، كان فريق منظمة أطباء بلا حدود في عمّان يجري فقط عمليات الجراحة الترميمية لضحايا أعمال العنف في العراق وليبيا واليمن وبلدان أخرى. غير أن أعداداً متزايدة من السوريين المصابين بطلقات نارية بدأت تصل منذ اندلاع الثورة في بلادهم. ونتيجة لذلك، عززت منظمة أطباء بلا حدود فريقها المتخصص في جراحة العظام الذي يُجري العمليات على مستوى الأطراف العليا والسفلى. ويفحص الطبيب الجراح من خمسة إلى عشرة مرضى أسبوعياً. وفي المعدل، يحتاج ثلث هؤلاء إلى عملية في جراحة العظام، فيما يتلقى ثلث آخر العلاج الطبيعي، ويحظى الثلث المتبقي بالمراقبة ومتابعة حالتهم. كما يخضعون بانتظام للفحص بالأشعة السينية لمراقبة كسورهم.
جلال بكور
ريان محمد
العربية نت
المرصد الاستراتيجي
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة