الشرق الأوسط
تصدير المادة
المشاهدات : 3592
شـــــارك المادة
عرض المبعوث الدولي كوفي أنان نتائج زياراته إلى كل من سوريا وإيران والعراق والمقترحات التي ناقشها مع الرئيس السوري بشار الأسد يوم الاثنين الماضي. وأوضح أنان من مكتبه بجنيف عبر دائرة تلفزيونية مغلقة للدول الخمس عشرة الأعضاء بمجلس الأمن بنيويورك مناقشاته لوقف العنف خطوة بخطوة في المناطق السورية التي تشهد عنفا متزايدا، كما استعرض أنان مهمة المراقبين موصيا بتمديد عمل البعثة.
وكانت روسيا قد قامت مساء الثلاثاء بتوزيع مشروع قرار يقضي بمد مهمة مراقبي الأمم المتحدة ثلاثة أشهر أخرى، من دون أن يحدد مشروع القرار عدد أفراد فريق المراقبين، لكنه يشدد على أن تكون للمراقبين العسكريين قدرات لإجراء عمليات تحقيق فعالة وقدرات لتقصي الحقائق. ودعت روسيا الدول الأعضاء في مجلس الأمن إلى إجراء تعديلات هيكلية في مهمة بعثة المراقبين حتى يمكنها تحويل التركيز من مهمة الالتزام بهدنة لوقف إطلاق النار - لا وجود لها - إلى العمل لإيجاد حل سياسي للصراع، كما دعا مشروع القرار كل الأطراف السورية إلى وقف كل أشكال العنف، وضمان سلامة أفراد بعثة المراقبين من دون المساس بحريتهم في التحرك والوصول إلى كل المناطق، وإبداء الاستعداد لترشيح ممثلين أكفاء عن القوى السياسية السورية ويحظون بالقبول، للعمل مع المبعوث كوفي أنان للتوصل إلى اتفاق.
ولم يرد بمشروع القرار الروسي أي ذكر لمبدأ اللجوء إلى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة أو أي ذكر لفرض عقوبات في حال عدم الامتثال للقرار. وقال نائب السفير الروسي لدى الأمم المتحدة ألكسندر بانكين «إن مشروع القرار الروسي لا يذكر الفصل السابع، لأنها مسألة مبدأ من وجهة نظرنا، ونعتقد أن المبعوث الخاص أنان يقوم بجهد يستحق الثناء، ومشروع القرار الذي تقدمت به روسيا يدعم جهود التوصل لحل سياسي في سوريا مع وضع توصيات الأمين العام للأمم المتحدة في الاعتبار». ووصف بانكين اللجوء إلى إصدار قرار بموجب الفصل السابع بأنه سيكون «ضارا».
من جانبها، ألقت الصين بثقلها السياسي والدبلوماسي وراء جهود مبعوث السلام الدولي كوفي أنان، وأيدت دعوته لإشراك إيران في محادثات تحري تحت رعاية دولية لحل الأزمة السورية. وقال ليو وي مين، المتحدث باسم الخارجية الصينية، إن الصين تعتقد أن الحل الملائم للقضية السورية لا يمكن فصله عن دول المنطقة، وترى ضرورة مشاركة تلك الدول التي لها تأثير على الأطراف المعنية في سوريا.
فيما دخل أنان في خلاف مع القوى الكبرى الثلاثاء مصرا على أن إيران - التي تدعم الأسد بشدة - لا بد أن تضطلع بدور في محاولة استئناف جهود السلام وبدء محادثات بهدف حدوث تحول سياسي. وفي بغداد، حصل أنان على مساندة من رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الذي تربطه أيضا علاقات وثيقة مع طهران.
ولم يكن رد فعل عضوين آخرين يتمتعان بحق النقض في مجلس الأمن الدولي مشجعا بالنسبة لأنان. ففي واشنطن، قال جاي كارني، المتحدث باسم البيت الأبيض، للصحافيين «لا أعتقد أن أي شخص محايد يمكن أن يقول إن إيران كان لها أثر إيجابي على التطورات في سوريا».
وتباينت ردود فعل الدول الأعضاء في مجلس الأمن حول المقترح الروسي، حيث تميل كل من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا إلى دفع مجلس الأمن لإصدار قرار بموجب الفصل السابع لمجلس الأمم المتحدة، الذي يسمح باتخاذ إجراءات تتراوح ما بين فرض عقوبات دبلوماسية واقتصادية، والتدخل العسكري. ويؤكد المسؤولون الأميركيون والأوروبيون أن اللجوء إلى الفصل السابع يتعلق فقط بفرض العقوبات وفرض قرار وقف العنف، وليس التدخل العسكري.
وسارعت باريس إلى إطلاق النار على مشروع القرار. وتأخذ فرنسا على المشروع الروسي، وفق ما قالته الخارجية أمس، أنه يأتي دون المستوى المطلوب لأنه لا يشير بتاتا إلى الفصل السابع، مذكرة بالتوصيات التي صدرت عن مؤتمر أصدقاء الشعب السوري الذي التأم يوم الجمعة الماضي في العاصمة الفرنسية والتي دعت إلى «الانتقال إلى المرحلة الأعلى في ممارسة الضغوط على الحكومة السورية لدعم تنفيذ مقترحات المبعوث المشترك (أنان) عبر اقتراح مشروع قرار تحت الفصل السابع». وأردفت الخارجية أنه «من هذه الزاوية، فإنه من الواضح أن مشروع القرار الروسي يبقى دون سقف توقعات القسم الأكبر من الأسرة الدولية».
وحتى الآن، امتنعت باريس عن التعليق على ما عاد به أنان، ومعها الدول الغربية والعربية الراغبة في تقديم مشروع قرار متشدد إلى مجلس الأمن يستعيد توصيات مؤتمر باريس وورقة جنيف وخطة أنان بوضع كل ذلك تحت الفصل السابع مما يتيح للمجلس استخدام العقوبات الاقتصادية ضد الدول التي تمانع أو تعارض لكن دون الوصل إلى استخدام القوة العسكرية بموجب الفقرات التي سيشار إليها من الفصل السابع، بانتظار أن تتعرف على ما سيقترحه أنان وما سيقوله عن تنفيذ خطته وعن جولته الأخيرة إلى سوريا وإيران والعراق. فباستثناء المعارضة السورية التي فتحت النار على مقترحات أنان الجديدة، فإن باريس والعواصم الغربية لم تعلق حتى الآن على ما عاد به أنان من جولته بانتظار أن تعرف منه مباشرة وبالتفصيل ما يقترحه لإعادة إطلاق مهمته وتنفيذ خطته الأساسية وورقة جنيف التطبيقية.
وتعتبر مصادر دبلوماسية في باريس أن «معركة سياسية - دبلوماسية» ستجري مجددا في مجلس الأمن الدولي إذ «لا يبدو أن الموقف الروسي تغير بما فيه الكفاية ليتقبل قرارا تحت الفصل السابع». ويقوم المنطق الغربي على القول إن روسيا والصين وافقتا على خطة أنان وعلى خريطة الطريق التي توصلت إليها «مجموعة العمل» في جنيف، ولذا «يتعين على البلدين أن يفصحا عما يرتئياه لوضعهما موضع التنفيذ وإلا فإنهما يعرقلان تنفيذهما».
وبانتظار أن يطرح في مجلس الأمن مشروع قرار منافس للمشروع الروسي، فإن الغربيين ما زالوا يجهدون لـ«تفكيك» الحجج الروسية الواحدة بعد الأخرى. وبحسب باريس، فإن الغربيين «مستعدون لضمان المصالح الروسية في سوريا والمنطقة والمتوسط»، لا بل إنهم يؤكدون أن «استمرار موسكو في تأييد نظام سيزول حكما» هو الذي يهدد المصالح الروسية، إذ إنه «أصبح عالة على الشريك الروسي وليس ورقة رابحة في حساباته». أما الحجة الروسية الأخرى التي تتذرع بالفوضى في حال سقوط الأسد، فترد المصادر الغربية عليها بالقول إن «الفوضى الحاصلة اليوم في سوريا هي مصدر الخطر واستمرارها يهدد أمن المنطقة ككل» بما في ذلك أمن القوقاز الذي تتخوف موسكو من عودة الأنظمة الإسلامية المتشددة عليه. وأخيرا، فإن تشديد موسكو على أن النزاع في سوريا «داخلي ويجب أن يبقى داخليا» لا معنى له، إذ إن الموضوع السوري دخل منذ زمن طويل مرحلة التدويل.
وانطلاقا من كل ذلك، دعت باريس أمس، عبر وزارة الخارجية، إلى وضع المبادئ الأساسية لورقة جنيف موضع التنفيذ «فورا» وتحديدا إقامة جهاز حكم تنفيذي انتقالي من شأنه توفير أجواء محايدة تساعد على تحقيق الانتقال الديمقراطي الذي يطمح إليه الشعب السوري. كذلك حثت فرنسا على وقف العنف بدءا بانسحاب قوات الأمن والجيش والأسلحة الثقيلة من المدن، ووضع حد للعنف والقمع.
في موازاة ذلك، عبرت باريس عن تحفظها إزاء ضم إيران إلى جهود الوساطة التي يقوم بها المبعوث الدولي، بينما الأخير يعتبر أن طهران يجب أن تكون جزءا من الحل في سوريا، لكن باريس تعتبرها جزءا من المشكلة بسبب الدور الذي تلعبه في توفير الدعم المباشر للنظام السوري.
وسيكون الملف السوري اليوم موضع تباحث مع الرئيس اللبناني ميشال سليمان في قصر الإليزيه، وكذلك مع الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي رئيس أركان القوات الإماراتية، والشيخ عبد الله بن زايد وزير الخارجية الإماراتي، وكذلك في محادثات وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس مع نظيره العراقي هوشيار زيباري.
من جانبها، دعت منظمة العفو الدولية وثلاث منظمات حقوقية أخرى الدول الأعضاء في مجلس الأمن إلى تجديد مهلة بعثة مراقبي الأمم المتحدة في سوريا، وتزويد البعثة بصلاحيات واسعة وقوية. وقالت المنظمات في رسالة مفتوحة إلى سفراء دول الدول الأعضاء بمجلس الأمن إن تمديد مهلة بعثة المراقبين يجب أن يتضمن إمداد البعثة بالمعدات اللازمة لتوثيق الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي يرتكبها كل الأطراف، وأن يملك المراقبون القدرة على التحرك السريع للتحقيق في الحوادث مع تزويدهم بالحماية والدعم دوليا ومحليا.
أسرة التحرير
خليل مبروك
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
محمد العبدة