..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


مقالات منوعة

زمجرة الأصابع

نور الدين قرة علي

٥ ٢٠١١ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 2439

زمجرة الأصابع
85461.jpeg

شـــــارك المادة

انطلقت زمجرة أصابع الفنان علي فرزات بصرخاتها الكاريكاتورية، تكشف زيف الطغيان ولؤم الاستبداد، وتسجل للتاريخ مواقف الظلم، ومطالِبةَ الكون كله من يقرأ ومن يسمع، أن يلتفت لما يحدث في العباد وأرجاء البلاد.
زمجرت أصابع الفنان وهي تعزف بالصورة نشيد التحرير، وتنقش بلمسات فنه على جدار الخلود وصفحات التاريخ من الصور التي تعكس الخبر الهادف، وتغزو برموش الريشة المتناغمة مع الحدث قلوب الأمة، فتخفق مع نغمات الفنان وموهبته والتزام مبادئه.
لقد أرسلوا الفرق البلطجية لتتابع الحركة الفنية الهادفة، فتقيد رجالها في شوارع البلاد العريضة، وتنقض بوحشية أظافرها وراجمات حقدها، تنقض على هذا الإنسان الرقيق وقد خرج وحده من مرسمه، انقضت عليه وغطت وجهه وكبلت يديه بنحاس غلظتها إلى الوراء، ووجهت لكمات التغيظ إلى وجه الفنان، وعضت بغيظها على أنامله الشامخة تلويها إلى الوراء وهي تردد: هكذا يجب أن تكون أصابع كل فنان، منكسرة إلى الوراء، تتحرك إلى التخلف ولا تعرف الطريق إلى الأمام.
هكذا يجب أن يكون لسان كل شاعر، ونغمة كل فنان مطرب، يجب أن يكون مقلوباً إلى الخلف، وإلا قطعته سكاكين البلطجية كما فعلت بالمنشد إبراهيم القاشوش.
نعم أيها الفنانون المبدعون، يجب أن تعلموا جميعاً أنه من الآن فصاعداً عليكم أن تسيروا إلى الوراء، وأن تدفعوا بالكلمة إلى حلاقيمكم، وأن تجعلوا ريشة رسومكم تتحرك وفق قانون عمى الألوان في عيونكم، وبعدها يمكن أن ترسموا اللوحة مؤطرة بذلكم وعبوديتكم.
وإلا... كسروا الأوزان، واخلطوا الألوان، واجعلوا الكلمة تترنح أمام السلطان، وكسروا ميزان شعركم، افعلوا كل ذلك ولكم أسوة في مجلس شعبكم المتراقص على نغمة تغيير الدستور، ولكم أسوة في محاكم النظام التي تعبث بكل أحكام القضاء، ولكم أسوة ببعض المتراقصين على المنابر، يرصعون من الآيات تيجان الطغاة، أو ينسجون من الأحاديث أوشحة لأبطال هزائم الجولان.
يا أيها الفنان الراقد على سرير العظمة الصادقة، والزرقة حول عيونه الثاقبة، تحكي اللون المميز لكل وجه يتوجه نحو قبلة الحق، فتُبدون وبال بلطجية الخلق.
يا صاحب الأنامل الشامخة أمام صخور الباطل، يا من حَفرتَ على صفحات التاريخ صورتك لوحة حية في القلوب، رسمها أدعياء الإصلاح على غلاف رمضان في العشر الأخير.
وإلى كل فنان نرسل هذه الصورة ليقول شعراً، أو يمثل دوراً، أو يعزف نغمة على أوتار أمة الخلود لعله يتذكر، ولعله يتدبر...
أيها الدومري: لا تحاول أن تشعل المصباح في أزقة المدينة، لا تحاول أن تقلق خفافيش الظلام وهي تمضي في دياجير الرذيلة، أغلق صحيفتك، ولماذا تبدأ المحاولة برسم الأحداث؟! دع التاريخ أمياً لا يقرأ ولا يكتب.
وإذا أردت أن ترسم فأمامك أمجاد السلطان، اجعل منها أحاديث الزمان، واملأ الأوراق ببطولات الطغاة.
إني أسمعك وأنت مغمض العينين، تتوسط الآلام، والجرح جرح الكرامة، أسمعك وأنت تتحدث لكل رواد التحرر، وأنت تتوج اليوم بينهم رائداً رائعاً، تلوح لهم بكفيك الملفوفتين، وتخبرهم بمهزلة الزمان، وبأن أعداء الكلمة والصورة يريدون للأصابع أن تنقلب إلى الوراء.
لقد لاحظوك لأنك من العصابة المسلحة، وها هم قد اثبتوا تآمرك على الوطن، فقد ضبطوك وأنت تحمل السلاح.. وأنت تحمل ريشتك راجمة الصواريخ، ريشتك التي تزرع الألغام، لقد ضبطوك بالجرم المشهود وأنت تعري الأمور وتكشف الحقائق، وبهذا تهدم الصروح التي تشيدها الأوهام.
ريشتك التي لم تزين القبيح، ولم تقبح الحسن الجميل، ولم تجعل العرض طولاً، ولم تحول الليل فجراً، ولم تجعل للنهار النجوم الساطعات.
أنت من العصابة المسلحة، فالصورة كالكلمة، والكلمة يجب أن تبقى في الحلاقيم، والصورة يجب أن تكسر قبل أن ترسمها الأصابع، والريشة يجب أن يصاب حاملها بعمى الألوان...
أسأل الله في هذه الأيام المباركات شفاء عاجلاً لوجهك الصامد، ولأصابع راحتيك التي اعتادت كرم العطاء، أسأل الله لك عافية يطمئن من خلالها قلبك الكبير على أمتك المجيدة التي يشد أبناؤها على كلتا يديك لتتابع بهما رحلة آمالك.
اذكر هنا كلمة قرأتها لأخ عزيز لي: الرسام بلا أصابع، المغني بلا حنجرة، الطفل بلا عينين، المسجد بلا مئذنة، والرصاصة بلا ضمير... لا لن تخطئ العنوان أنت الآن في سورية الصمود!!!! 

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع