الشرق الأوسط
تصدير المادة
المشاهدات : 3518
شـــــارك المادة
لم يكن يوم أمس يوما اعتياديا في حياة السوريين الذين اعتادوا أخبار القتل والقصف في مختلف أنحاء البلاد، لكن كان مختلفا إذ صحا السوريين على أنباء ارتكاب قوات الأمن والجيش النظامي والشبيحة مجزرة ذات طابع طائفي في منطقة الحولة بريف حمص، حصدت ما لا يقل عن 106 أشخاص، بينهم على الأقل 50 طفلا، وأكثر من 550 جريحا.
المجزرة التي ارتكبت ليل الجمعة - السبت، أججت الغضب الشعبي، في ظل أنباء عن عمليات قتل انتقامي طائفي نفذها الشبيحة في الحولة، فمن بين الذين قضوا في المجزرة من قضى ذبحا بالسكين، وذلك بعد هجوم شبيحة من القرى العلوية المحيطة بالحولة على الأهالي، والقيام بتصفية عائلات بأكملها، وقالت سيدة من الحولة إن أطفال ابنتها أربعة، وأطفال ابنها ثلاثة، قتلوا بنيران أطلقها الشبيحة عليهم، بعد أن قرعوا بابهم ليلا وسألوا عن الرجال، وعندما لم يجدوا الرجال قاموا برش الأطفال وأمهاتهم الموجودين في المنزل بالرصاص.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان أفاد عن مقتل أكثر من 90 شخصا في قصف بدأته القوات النظامية الجمعة واستمر حتى ساعة متقدمة بعد منتصف الليل على الحولة.
ومن جهتها قالت مصادر محلية إن عائلة الشعلان قتلت بالكامل، إلا أن ناشطين قالوا إن معظم الذين قتلوا في المجزرة قضوا في قصف من قبل قوات النظام على منازل المدنيين. وإن القصف بدأته القوات النظامية صباح الجمعة واستمر حتى ساعة متقدمة بعد منتصف الليل.
وفور توارد الأنباء عن حصول مجزرة في الحولة، بث ناشطون مقاطع فيديو على مواقع الإنترنت تظهر مشاهد مروعة لعشرات الأطفال القتلى غارقين بالدماء، ومنهم من تهشم رأسه بالكامل، بينما يصرخ الأهالي حولهم مستنجدين بالله، ويتهمون بشار الأسد بقتل الأطفال. ويتساءلون: أين العرب وأين المسلمون؟! وقالت مصادر قريبة من الجيش الحر في محافظة حمص إن نحو خمسين جنديا انشقوا بعد المجزرة، وجرت اشتباكات عنيفة لعدة ساعات في محيط الحولة، مع توافد كتائب الجيش الحر من عدة مناطق لمؤازرة الجيش الحر في الحولة لصد هجوم الجيش النظامي والشبيحة.
وفي رواية لما حصل في الحولة، أشارت «تنسيقية الشباب العلوي الثائر بحمص ضد بشار الأسد»، التي تتمتع بمصداقية بين النشطاء السوريين إلى مقدمات ما جرى؛ بأن شخصا علويا مواليا للنظام، ويعمل سائق تاكسي، وهو مقيم في حي وادي الذهب بحمص، تم اختطافه منذ خمسة أيام، وأعدم «ذبحا» في الحولة، ثم كُفّن على الطريقة الشرعية ودفن، ولأن أقرباءه وأهله أغلبهم من شبيحة النظام استطاعوا بوسائلهم الوصول إلى القبر وإخراج الجثة وفتح عزاء له في حي وادي الذهب.
وتتابع التنسيقية: «إخوة وأقارب القتيل تواصلوا مع شبيحة قرية القبو وبعض القرى المحيطة العلوية الأخرى المحيطة بالحولة، وطالبوا النظام بشن (عملية عسكرية واسعة في الحولة» و«جاءت التعليمات إلى مجموعات الجيش (القوات الخاصة تحديدا) بالقضاء على جميع المظاهر المسلحة في منطقة الحولة ودكها بالمدفعية», وتم قصف الحولة مدفعيا بادئ الأمر، ثم «اجتاح الحولة بكل قسوة وقضى خلال دقائق على أي مقاومة قد تكون موجودة (لم يجد أي مقاومة)، ثم جاءت الأوامر للتجمع في منطقة القبو مع تعزيز الحواجز العسكرية المحيطة، وتوجهت كتائب القوات الخاصة إلى تلدو إثر حرائق نشبت هناك وطلبات تعزيزات».
عند ذاك، قام البعض من أسرة القتيل مع شبيحة قرية القبو باقتحام الحولة، والقضاء على أي حركة, واقتحام البيوت واستباحة المحرمات دون وجود أي مقاومة.
وأكدت التنسيقية أن الجيش النظامي «بريء من كل المجازر» وحملت المسؤولية كاملة عن المجازر لـ«قطعان الأمن والشبيحة الذين يرتدون الزي العسكري». وتتفق رواية التنسيقية مع روايات ناشطين آخرين عن عمليات القتل والذبح الطائفي التي قام بها الشبيحة من أهالي قرية القبو، مما أضرم الدعوات الطائفية المناهضة للعلويين باعتبارهم شركاء في الجريمة.
وطيلة ساعات الليل، تواردت دعوات الناشطين إلى التظاهر والانتصار للحولة، وبينما جرت مظاهرة إلكترونية تدعو المراقبين للتوجه فورا إلى الحولة والوقوف على ما يجري هناك، توجهت دعوات أخرى للتظاهر في ساحة الحريقة وسط دمشق القديم لقراءة الفاتحة على أرواح قتلى الحولة بعد صلاة المغرب من يوم أمس، وخلال الليل والفجر خرجت مظاهرات كثيرة في أحياء دمشق الميدان والعسالي والقدم وبرزة وركن الدين.. وغيرها، كما دعا الناشطون إلى الحداد ثلاثة أيام. كما تواردت أنباء عن توجه شخص في ساعة متأخرة من ليل أول من أمس إلى فندق السفير بحمص، حيث يقيم المراقبون، وكان بحالة هستيرية يصرخ ويبكي طالبا مقابلة المراقبين، إلا أن قوات الأمن الموجودة في محيط الفندق قامت باعتقاله على الفور. ومع ارتفاع وتيرة الغضب الشعبي صعّد النظام هجماته الأمنية والعسكرية، ففي العاصمة دمشق التي عاشت يوما حزينا، أمس، هاجمت قوات الأمن والشبيحة تشييع الشاب والناشط ربيع الغزي الذي قضى برصاص قوات الأمن يوم الجمعة، وقال مشاركون في التشييع الذي جرى في شارع بغداد وسط العاصمة، إنه وبمجرد خروج المشيعين من الجامع والهتاف للشهيد، هجم الشبيحة والأمن بشراسة على المشيعين واعتدوا عليهم بالضرب بشكل عنيف، واعتقل العشرات منهم مع أن عدد المشيعين لم يتجاوز الـ400 شخص، كما تعرض الناقد والباحث الأدبي المعروف حسان عباس للضرب المبرح من قبل الشبيحة، وكذلك الروائي السوري خالد خليفة، الذي تم اعتقاله لعدة ساعات، على خلفية مشاركتهما في التشييع.
وفي حماه، أكد أبو غازي الحموي، عضو مجلس الثورة في حماه، لـ«الشرق الأوسط»، أنّ اشتباكات وقعت مساء الجمعة فور الإعلان عن مجزرة الحولة، بين الجيش النظامي والجيش الحرّ الذي استهدف مبنى للشبيحة وقوات الأمن في حي طريق حلب، وأوقع عددا من القتلى في صفوفهم، كما تعرض حي الأربعين لقصف عشوائي ليل أمس. وأضاف «أصبح من المعروف في حماه أن المدينة نهارا لقوات النظام وليلا تحت سيطرة الجيش الحر والأهالي»، مؤكدا أن انشقاقات كثيرة تسجّل في صفوف الجيش النظامي في حماه، الأمر الذي يجعل الجيش الحر يكثف ضرباته العسكرية لها. وانطلقت المظاهرات منذ ساعات الفجر الأولى في مختلف أنحاء البلاد احتجاجا على مجزرة الحولة، لا سيما في حلب وحمص وإدلب وحماه والرقة والحسكة ودير الزور ودمشق وتم الهجوم عليها بوحشية كبيرة، وقال ناشطون إن 36 شخصا قتلوا يوم أمس برصاص قوات الأمن. ففي حي القدم، قتل أكثر من ثلاثة أشخاص، وجرح نحو خمسين آخرين بعضهم إصابته خطيرة خلال إطلاق نار على تشييع خرج هناك، وتحول إلى مظاهرة غاضبة، وفي حلب، أصيب العشرات أثناء إطلاق نار لتفريق مظاهرة خرجت في حي صلاح الدين. واستمرت المظاهرات في مدينة حلب طوال يوم أمس، لتكون الأكبر التي خرجت يوم أمس في البلاد انتصارا للحولة.
من جهتها، قالت وسائل الإعلام الرسمية إن «مجموعات إرهابية مسلحة» هاجمت الجمعة قوات حفظ النظام والمدنيين في بلدة تلدو في ريف حمص، مما استدعى تدخل الجهات المختصة التي اشتبكت مع المجموعات الإرهابية. وأضافت: «الاشتباك أسفر عن مقتل وإصابة عدد من الإرهابيين واستشهاد وإصابة عدد من عناصر الجهات المختصة، إضافة إلى حرق عدد من السيارات التي كانوا يستخدمونها في الاعتداء». ودعا المجلس العسكري الأعلى للجيش السوري الحر، أمس (السبت)، مقاتليه إلى «توجيه ضربات عسكرية منظمة» إلى قوات النظام ورموزه. و«منع النظام وميليشياته المسلحة من الوصول إلى المناطق المدنية من خلال قطع طرق الإمداد بكل الوسائل المتاحة».
إلى ذلك، استمر القصف على قرى ريف حوران، وقال ناشطون إن سيدة قتلت يوم أمس في بلدة الكرك في ريف درعا جراء القصف العنيف على البلدة، كما شهدت القرى في محيط مدينة القصير في محافظة حمص قصفا عنيفا خلال ساعات نهار يوم أمس، على بساتين القصير وقرى السلومية النزارية وجوسية والدمينة الغربية والبويضة وعش الورور، وقالت مصادر قريبة من الجيش الحر إن القصف كان ينطلق من المطار العسكري في بلدة الضبعة وحاجز برغوث واللواء 72. كما شوهدت تعزيزات عسكرية ضخمة تقتحم المنطقة في ساعات بعد ظهر يوم أمس استعدادا لعملية عسكرية واسعة، على الأرجح ستكون امتدادا لعملية الحولة، وقالت مصادر محلية إن ثلاثة جنود من الجيش قتلوا يوم أمس في اشتباكات جرت في محيط القصير، مقابل عشرة جنود من الجيش النظامي. وفي سياق التصعيد العسكري لقوات النظام، قال ناشطون إن مروحيات الجيش النظامي قصفت مواقع يعتقد أنها تابعة للجيش الحر قرب مخيم كيليس على الحدود مع تركيا، وشوهد الدخان الكثيف يتصاعد من مكان القصف.
وفي ريف دمشق، شهدت بلدة زملكا إطلاق نار كثيفا أسفر عن سقوط قتيل، وذلك خلال تفريق مظاهرة انطلقت خلال تشييع شاب قتل برصاص الأمن خلال تفريق مظاهرة يوم أول من أمس الجمعة، وسمع في بلدة حمورية أصوات انفجارات متتالية مع أصوات إطلاق نار كثيف من أسلحة رشاشة ومضاد طيران. كما تصاعد توتر الأوضاع الأمنية في مدينة حماه، طوال ليل أول من أمس، وسمعت أصوات انفجارات وإطلاق رصاص في عدة أحياء. لا سيما أحياء المحطة والحاضر والأربعين.
وكالة رويترز
العربية نت
أسرة التحرير
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
محمد العبدة