جريدة المدن
تصدير المادة
المشاهدات : 2706
شـــــارك المادة
"لا جديد يذكّر، وكل قديم يعاد"، هكذا يرد أبناء درعا على السؤال عن أحوالهم. الاغتيالات والخطف والاعتقالات تتكرر يومياً منذ "التسوية" في تموز/يوليو 2018، مسُجّلة 230 عملية ومحاولة اغتيال، استهدفت قادة وعناصر سابقين في الجيش الحر. ويقابل هذه الفوضى الأمنية رفض شعبي واحتجاجات متكررة بدأت تتخذ أشكالاً متعددة، كان آخرها إغلاق الطرق في ريفي درعا الشرقي والغربي، للتعبير عن رفض ممارسات النظام بحق الأهالي، وللمطالبة بالإفراج عن المعتقلين. وسبق ذلك خروج تظاهرات رفعت شعارات طالبت صراحة بالإفراج عن المعتقلين، وإخراج إيران من المنطقة. وتأتي هذه الموجة من الرفض الشعبي بعد اغتيال الأخوين أحمد ومحمد الصياصنة في درعا البلد، وهما عنصران سابقان في الجيش الحر ولم ينتسبا لأي تشكيل مسلح موال للنظام بعد "التسوية". وقبل ذلك جرى اغتيال القيادي السابق في الجيش الحر والمنتسب لـ"الأمن العسكري" بعد "التسوية" وسيم الرواشدة، في مدينة طفس غربي درعا. وخرج الأهالي في تشييع الضحايا مرددين شعارات نادت صراحة بإسقاط النظام، في مشهد يعيد إلى الأذهان تشييع المتظاهرين الذين قضوا برصاص قوات النظام، مطلع الثورة السورية في أذار 2011. وفي الوقت الذي تنسبُ فيه وسائل الإعلام عمليات الاغتيال لمجهولين، فإن أهالي درعا باتوا متأكدين أكثر من أي وقت مضى بأن الجهة التي تقف وراء عمليات القتل والاغتيال هي فروع أجهزة النظام الأمنية التي تمكنت من تجنيد المئات من أبناء المحافظة لتنفيذ هذه العمليات. قبل شهر ألقى أهالي بلدة ناحتة في ريف درعا الشرقي القبض على شخص مكلّف من "الأمن العسكري" في درعا بعمليات اغتيال لعناصر وقيادات في المعارضة من أبناء البلدة والقرى والمجاورة. واعترف هذا الشخص في مسجد البلدة وبحضور الأهالي، بعد صلاة الجمعة، عن العمليات التي كان ينوي القيام بها والمستهدفين بها، متعهداً بعدم القيام بمثل هذه العمليات التي "لم يسبق له أن نفذ أياً منها". حادثة مشابهة في درعا البلد، حدثت قبل يومين، عندما حاول أربعة أشخاص من أبناء المدينة، يستقلون سيارة، اغتيال عنصر سابق في الجيش الحر. وبعد الاشتباك معهم، ألقى الأهالي القبض على أحدهم، ولاذ ثلاثة منهم بالفرار باتجاه حاجز "المخابرات الجوية" في المنطقة. ولا يدع ذلك مجالاً للشك بالعلاقة بين هؤلاء الأشخاص وأجهزة النظام الأمنية. ولعل هذه الأدلة عن تورط النظام بقتل أبناء المنطقة، إضافة للأوضاع الاقتصادية السيئة التي يعيشها الأهالي، وقلة الخدمات التي سبق للنظام أن وعد الأهالي بعودتها سريعاً بعد اتفاق "التسوية"، قد تظافرت لدفع الأهالي للخروج مجدداً في مظاهرات رافضين وعود أجهزة النظام الأمنية والشرطة الروسية. إلا أنه وقبل كل تحرك شعبي، وبعد سلسلة من عمليات الاعتقال والاغتيال، يُقدّم النظام ما يعتبره تنازلاً لاحتواء التحركات وامتصاص الغضب الشعبي. فقبل أيام أفرج "الأمن العسكري" في المنطقة الجنوبية عن 100 معتقل بينهم نساء وأطفال، كان قد اعتقل العدد الأكبر منهم بعد اتفاق "التسوية". وعلى الرغم من أن عدد المعتقلين قد تجاوز منذ اتفاق "التسوية" أكثر من 900 معتقل، فقد أطلق النظام سراح 10% فقط منهم، من دون الإشارة إلى مصير آلاف المعتقلين منذ سنوات، ممن يُرجّح الأهالي أن مصيرهم كان الموت بحسب تصريحات الرئيس السابق لـ"المخابرات الجوية" اللواء جميل الحسن، الذي سبق وأن طالب أهالي المحافظة بنسيان أبنائهم المعتقلين قبل العام 2014. كما أرسل النظام رئيس "شعبة الأمن السياسي" اللواء حسام لوقا إلى درعا، قبل أيام، ليجتمع مع الأهالي، مقدماً الوعود بتحسين التعامل الأمني وتلبية المطالب والعمل على تحقيقها بعد التشاور مع "القيادة الأمنية"، مقابل عدم التواصل مع المعارضة في الخارج وتهدئة الأوضاع ريثما يتم العمل على تحقيق مطالب الأهالي. وتشبه وعود لوقا، ما تقدم به رئيس "شعبة المخابرات العسكرية" اللواء كفاح ملحم، خلال زيارته للمحافظة قبل أشهر، طبعاً من دون تحقيق أي منها، بل على العكس فقد زادت عمليات النظام الأمنية بعد تلك الزيارة. وسط هذه التجاوزات من طرف النظام والاحتجاجات المتكررة من الأهالي، يبدو أن معادلة الجنوب السوري مستحيلة الحل، ومن الممكن أن يكون التصعيد هو الخيار الوحيد للأهالي، بعدما أيقنوا أن توقعاتهم في تطبيق اتفاق "التسوية" الأخير تخالف حسابات ورغبات النظام في إعادة قبضته الأمنية من جديد.
محمد أمين
تركيا برس
السياسة الكويتية
وكالة رويترز
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة