نهلا ناصر الدين
تصدير المادة
المشاهدات : 2232
شـــــارك المادة
عاد ملف النازحين السوريين في لبنان إلى ساحة التجاذب السياسي مع إطلاق العنان لعمل الحكومة الجديدة التي طال انتظارها.
وكانت زيارة أحد الوزراء اللبنانيين (وزير النازحين صالح الغريب) بشكلٍ رسمي إلى سوريا لبحث خيارات عودة النازحين إلى بلادهم بمثابة الشرارة التي رفعت من مستوى حرارة هذا الملف.
ويكتسب ملف النزوح السوري في لبنان بُعدا سياسيا، انطلاقا من الانقسام الحاد بين الأطراف السياسية اللبنانية حول العلاقة مع النظام السوري.
وبينما يرى البعض ضرورةً في التنسيق مع النظام السوري، من بوابة أهمية عودة النازحين الذي أثقلوا بأعدادهم الهائلة كاهل لبنان المهترئ لناحيتَي الاقتصاد والبنى التحتية، يرفض البعض هذا التنسيق من بوابة اتهام النظام نفسه بجريمة اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري.
أما رأس الحربة في هذا التجاذب فهما "التيار الوطني الحر" (المحسوب على الرئيس ميشال عون) و"تيار المستقبل" (المحسوب على رئيس الحكومة سعد الحريري).
وبينما لا يوفّر الفريق الأول جهدا للتخلص من عبء النزوح السوري، ويعتبر هذا الملف "ملفا سياديا لا يمكن التراجع عنه" على حد تعبير عون، لا يألو الفريق الثاني جهدا في التعبير عن خوفه على مصير العائدين "في ظل عدم توافر الأمان اللازم للعودة".
ويؤكد النائب سليم خوري (التيار الوطني الحر) أن "هدف الفريق الرئاسي واضح وهو إعادة النازحين إلى بلادهم انطلاقا من المصلحة الوطنية التي تقتضي تخليص لبنان من هذا العبء بأي وسيلة بما فيها الحوار مع الجانب السوري لتسهيل العودة".
ويشير خوري، في حديث للأناضول، إلى أن "البيان الوزاري للحكومة الجديدة أكد على ضرورة العمل على عودة النازحين بشتى الوسائل؛ الأمر الذي يجب أن يشكل بوصلة للعمل الحكومي بكافة أطيافه المشاركة".
وعما يُطرح من قبل بعض الجهات السياسة وتحديدا تيار المستقبل عن مخاوف على مصير العائدين إلى بلادهم، يقول خوري: "هذا الأمر مبالغٌ به، فلم يتم إجبار أي سوري على العودة، والتهويل هنا هو في إطار المزايدات السياسية للتصويب على التنسيق، الذي لا بدّ منه، مع الدولة السورية لا أكثر".
ويضيف: "هناك بعض الأفرقاء (الفرقاء) لا يريدون التعاون مع سوريا لأسباب معينة، لكن في البنية القانونية هناك اتفاقات تربط البلدين لا يمكن التنكّر لها أو القفز عنها".
وفي المقابل، يرفض النائب نزيه نجم (تيار المستقبل) تسمية الجدل الحاصل في الحكومة حول ملف النزوح السوري بالخلاف، ويلفت إلى أن "كل القوى السياسية في حالة إجماع على ضرورة عودة النازحين السوريين إلى بلادهم".
ويؤكد نجم، للأناضول، أنه "لا ملاحظات لدى تيار المستقبل على إدارة الملف، بل مطالبات لتكون العودة آمنة لا أكثر، ونحن مع عودتهم اليوم قبل الغد، إذا ما تم تأمين مناطق آمنة لهم لا تعرّض حياتهم للخطر، وهذه المطالبات من باب انساني بحت لا سياسي".
ويوضح أن "تيار المستقبل من الداعمين لحراك المدير العام للأمن العام اللبناني اللواء عباس إبراهيم في هذا الإطار، وكذلك الأمر للمبادرة الروسية لإعادة النازحين السوريين إلى بلادهم".
بدوره، يرفض أيضا المستشار الإعلامي لوزير الدولة لشؤون النازحين جاد حيدر تسمية الجدل الحاصل حول الملف نفسه بالخلاف؛ "فأي ملف اليوم في لبنان معيشي، اقتصادي، أمني أو غير ذلك، مُعرض للتباين في وجهات النظر، إلا أن هذا الاختلاف لا يرقى لمستوى خلافٍ أو مشكلة داخل الحكومة".
ويؤكد حيدر، في حديثه للأناضول، أن صالح الغريب منذ اللحظة الأولى لتوليه مهام وزارة الدولة لشؤون النازحين، طلب وتمنى على جميع الأفرقاء سحب هذا الملف الإنساني من التجاذبات السياسية.
ويضيف: "العمل جارٍ على هذا الموضوع مع كل المعنيين، محليا وإقليميا ودوليا، وبانفتاح تام من منطلق مصلحة لبنان العليا وهذا ليس شعارا بل حقيقة؛ فاليوم هناك وزارة معنية يقع على عاتقها مهام هذا الملف، وفي هذا الإطار كانت زيارة الوزير الغريب إلى سوريا".
ويشير حيدر إلى أن "هناك مبادرة للوزير المعني برعاية تامة من رئيس الجمهورية، في هذا السياق" إلا أنه يرفض الكشف عن تفاصيلها؛ إذ أن "الوزير الغريب ارتأى ضرورة عدم التداول الإعلامي بهذه المبادرة لدقة الملف وحساسيته، وتجنبا للمزايدات السياسة وردود الأفعال".
وأكدت الحكومة اللبنانية الجديدة، التي حصلت في 16 فبراير / شباط الماضي على ثقة 111 نائبا من أصل 128 نائبا في البرلمان، في بيانها الوزاري، على أنها "ستواصل العمل مع المجتمع الدولي للوفاء بالتزاماته التي أعلن عنها في مواجهة أعباء النزوح السوري واحترام المواثيق الدولية".
وأكدت على كل ما عبر عنه رئيس الجمهورية بوجوب "إخراج هذا الموضوع من التجاذب السياسي لما فيه مصلحة لبنان التي يجب أن تكون فوق كل اعتبار".
وأضافت، في بيانها الوزاري، "مع الإصرار على أن الحل الوحيد هو بعودة النازحين الآمنة إلى بلدهم ورفض أي شكل من أشكال اندماجهم أو إدماجهم أو توطينهم في المجتمعات المضيفة. وتجدد الحكومة ترحيبها بالمبادرة الروسية لإعادة النازحين السوريين إلى بلادهم، وتعمل على إقرار ورقة سياسة الحكومة في اتجاه النازحين".
ويشكو لبنان، الذي بلغ عدد مواطنيه نحو 4.5 مليون حسب تقدير غير رسمي، من أعباء اللاجئين السوريين.
ودعا المجتمع الدولي مرارا إلى المساعدة في إعاشة هؤلاء اللاجئين، فضلا عن التوصل إلى حل لإنهاء الحرب في الجارة سوريا، ومن ثم إنهاء مأساة اللجوء.
وحسب المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، بلغ عدد اللاجئين السوريين في لبنان 997 ألف لاجئ، حتى نهاية نوفمبر / تشرين الثاني 2017، إضافة إلى لاجئين سوريين غير مسجلين لدى المفوضية.
وقال الخبير الاقتصادي اللبناني جاسم عجاقة، في تصريحات سابقة، "ارتفعت نسبة البطالة من 11% تقريبا قبل الحرب السورية إلى 35% كمعدل عام، ووصلت إلى أكثر من 60% بين الشباب اللبناني، وفقا لأرقام مستقاة من أكثر من دراسة" .
المرصد الاستراتيجي
الجزيرة نت
العربي الجديد
رامي سويد
المصادر: وكالة الأناضول
وكالة الأناضول
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة