..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


اخبار الثورة

تحولات الموقف الأمريكي: ماذا يحمل “جيمس جيفري” في جعبته؟

المرصد الاستراتيجي

٢٣ ٢٠١٨ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 2416

تحولات الموقف الأمريكي: ماذا يحمل “جيمس جيفري” في جعبته؟

شـــــارك المادة

أثار ترامب حيرة أصدقائه وأعدائه بتعيينه المفاجئ لجيمس فرانكلين جيفري (72 عاماً) بمنصب الممثل الخاص للولايات المتحدة لسوريا، وهو المنصب الجديد الذي أنشأه وزير الخارجية مايك بومبيو للتعامل مع “جميع جوانب الصراع في سوريا”، وتشمل صلاحياته العمل مع روسيا والقوى الدولية الأخرى الفاعلة لإعادة تنشيط الدبلوماسية الدولية عبر الأمم المتحدة بموجب قرار مجلس الأمن (2254).
وكان من المثير للدهشة أن يعمد ترامب إلى تعيين شخص كان من ضمن 50 مسؤولاً من كبار موظفي الأمن القومي الجمهوريين الذين وقعوا خطاباً أعلنوا فيه أن ترامب: “يفتقد الشخصية والقيم والخبرة” لكي يصبح رئيساً وأنه سيعرّض رفاهية الولايات المتحدة وأمنها القومي للخطر، وحذروا من أن يصبح أكثر رئيس طائش في تاريخ الولايات المتحدة نتيجة عدم استيعابه للمصالح الوطنية الحيوية للأمة وتحدياتها الدبلوماسية المعقدة وتحالفاتها.
ولم يغفر ترامب لأيٍ من تلك الشخصيات الخمسين، إذ لم يعين أحداً منهم في أي منصب، باستثناء جيمس جيفري الذي عينه بصورة مفاجئة في واحد من أكثر مناصب الإدارة حساسية للشرق الأوسط.
وتشير المصادر إلى أن جون بولتون وبومبيو -المطلعان على مواهب جيفري- قد أقنعا الرئيس ترامب بتعينه في هذا المنصب.
ووفقاً لتقرير أمني (24 أغسطس)؛ فإن جيفري (الذي عمل عضواً لهيئة الاستشارات الخارجية بوكالة الاستخبارات الأمريكية، وسفيراً للولايات المتحدة في العراق (2008-2010) وسفيراً في ألبانيا (2002-2004)، وعُين في أعلى درجة السفراء في الخارجية الأمريكية عام 2010) يتفق مع ترامب في ثلاثة أمور هي:
1- العداء المطلق للنظام الإيراني
2- ضرورة العمل مع موسكو لتسوية الوضع في سوريا
3- الدعم القوي لإسرائيل
لكنه في الوقت نفسه يعارضه في عدة أمور محورية أبرزها:
1- الانسحاب الأمريكي من سوريا، حيث يدعو جيفري إلى إبقاء القوات الأمريكية شرق نهر الفرات ونشرها على الحدود السورية-العراقية كحائط صد أمام التوسع الإيراني.
2- تخلي الولايات المتحدة عن قاعدة “التنف” على المثلث الحدودي السوري-العراقي-الأردني، حيث يحذر جيفري من مخاطر وقوع ذلك الموقع الإستراتيجي تحت سيطرة الروس أو الإيرانيين.
3- تصعيد الإدارة الأمريكية ضد تركيا، حيث يوصي جيفري بإصلاح العلاقة مع أنقرة بأقصى سرعة ممكنة والعمل معها على حل مشاكل شمال سوريا، والتوصل إلى تفاهمات معها بشأن الكانتونات الكردية هناك.
4- رفض إدارة ترامب إقامة إقليم كونفدرالي يضم إلى “كردستان العراق” المناطق الخاضعة لحزب “الاتحاد الديمقراطي” و”وحدات حماية الشعب” الكردية بسوريا، حيث يفضل جيفري فتح الحدود بين الكيانين الكرديين بهدف إبعاد أكراد العراق عن النفوذ الإيراني وصرف أكراد سوريا عن التقارب مع نظام الأسد.
5- تراخي الإدارة الأمريكية إزاء الهيمنة الإيرانية في العراق، حيث يرى جيفري ضرورة قيام الولايات المتحدة بكل ما يمكن لإنقاذ بغداد من قبضة قاسم سليماني.
ومن خلال متابعة سجل جيفري ومواقفه السابقة؛ يمكن القول أن المبعوث الأمريكي الجديد للملف السوري سينضم إلى الفريق الذي يعمل كل من بولتون وبومبيو على تشكيله للتخفيف من نزق الرئيس ترامب، وتبني سياسة أمريكية جديدة إزاء المنطقة، حيث يُعتبر جيفري من أبرز المؤيدين للخطة الأمريكية المشتركة مع تل أبيب لإضعاف إيران في المنطقة العربية وقطع أذرعها في سوريا.
وكانت وزارة الخارجية الأمريكية قد نقلت العقيد المتقاعد من الجيش الأميركي، جول ريبرن من مجلس الأمن القومي، الشهر الماضي، ليصبح مبعوثاً خاصاً لسورية، حيث كلف بالتعاون مع جيفري لوضع مخطط متماسك يمنع تكرار الأخطاء التي ارتكبتها الولايات المتحدة في العراق، وخاصة فيما يتعلق بأثر الانسحاب الأميركي في تعزيز النفوذ الإيراني وظهور قوى التشدد وعلى رأسها تنظيم “داعش”.
وتشير المصادر إلى أن الفريق الجديد (مايك بومبيو-جون بولتون-جينا هاسبل-نيكي هيلي-جيمس جيفري-جول ريبرن) يعمل على استعادة الولايات المتحدة المبادرة السياسية الدولية في الشأن السوري، وذلك في أعقاب سلسلة من الإخفاقات التي وقعت فيها إدارة ترامب خلال الفترة الماضية، حيث سيكلف جيفري بإحياء عملية السلام الأممية التي تراوح مكانها، وإضعاف مسار “أستانة” الذي تسيطر عليه روسيا وإيران، وإنشاء تحالف مضاد يتكون من عدة دول أبرزها؛ أستراليا، والدنمارك، والاتحاد الأوروبي، وفرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، والنرويج، وتايوان، وكذلك الإمارات العربية المتحدة والسعودية اللتان أعلنتا عن أكبر مساهمتين لتمويل مشاريع التحالف الدولي لإحلال الاستقرار شمال سوريا بمساهمتين تبلغان خمسين مليون دولار ومئة مليون دولار على التوالي.
وتأتي تلك التطورات بالتزامن مع تصريح الناطقة باسم وزارة الخارجية الأميركية، هيذر نويرت، بأن الولايات المتحدة: “مستعدة للبقاء في سورية حتى الهزيمة النهائية لتنظيم داعش، وستركز على ضمان انسحاب القوات الإيرانية وحلفائها”.
وتشير المصادر إلى أن الفريق الجديد قد دفع ترامب لإعادة تحديد أهداف الولايات المتحدة في سوريا، لتشمل:
خروج سائر القوات العسكرية الإيرانية والميلشيات التابعة لها.
إقامة حكومة مستقرة، غير مهددة، مقبولة لجميع السوريين وللمجتمع الدولي.
تعزيز التعاون مع موسكو لطرد القوات الإيرانية من سوريا.
إبقاء القوات الأمريكية في البلاد لضمان رحيل إيران و”الهزيمة الدائمة” لتنظيم “داعش”.
تعزيز الدبلوماسية الأمريكية واستخدام الأدوات الاقتصادية لتحقيق أهدافها.
إعادة الروح للوساطة الأممية التي فقدت تأثيرها في الملف السوري.
وكان جيفري قد دشن توليه منصبه بتصريح ناري قال فيه: “بدأنا في استخدام لغة جديدة”، وذلك في إشارة إلى التحذيرات السابقة غير المجدية ضد استخدام الأسلحة الكيميائية، مؤكداً: “أما الآن فإن الولايات المتحدة لن تتسامح مع أي هجوم كيماوي”.
تأتي تلك التطورات بالتزامن مع تكثيف الاتصال بين الاستخبارات الأمريكية وأجهزة استخبارات غربية مع النظام في غضون الشهرين الماضيين، حيث تمت مناقشة العديد من الملفات المتعلقة بالوجود الإيراني في سوريا، وسبل تحقيق نمط من الاستقلالية للمناطق الخاضعة لقوات “قسد”، ومستقبل مشاريع إعادة الإعمار، وآليات تفعيل العملية السياسية، وإمكانية التعاون في “محاربة الإرهاب”.
وعلى إثر تلك اللقاءات؛ سربت مصادر مقربة من البيت الأبيض تفاصيل وثيقة تتحدث عن خطة أمريكية جديدة تأتي كتصحيح لمسار الرؤية التي وضعها ترامب سابقاً حول سوريا، والتي كانت تقتصر على إنهاء القتال ضد تنظيم “داعش” وإخراج القوات الأمريكية في “القريب العاجل”، كانعكاس لشعار “أمريكا أولاً” الذي تبناه ترامب أمام قاعدته الشعبية.
ووفقاً للمصادر نفسها؛ فإن الخطة الجديدة تنسجم مع رغبة الفريق الجديد في ردع خصوم الولايات المتحدة التقليديين، في الوقت الذي تسعى فيه روسيا وإيران إلى إحكام السيطرة على سائر الأراضي السورية من خلال شن هجوم كاسح على إدلب.
وتشمل الخطة الجديدة: إبقاء القوات الأمريكية الموجودة في سوريا، والانخراط بصورة أكبر في الدبلوماسية الدولية حول الملف السوري، والتخلي عن شعار “إسقاط الأسد” مقابل ترتيبات سياسة شاملة داخل سوريا، وبث حياة جديدة في المفاوضات الدولية التي تدور حول سوريا، ودفع بشار الأسد لقطع العلاقات مع إيران و”حزب الله”، وإجراء إصلاحات دستورية تشمل تعديل صلاحيات رئيس الجمهورية، ومنح صلاحيات أكبر لرئيس الحكومة، وإصلاح أجهزة الأمن، واعتماد نظام لا مركزي، وتوفير الظروف الملائمة لعودة اللاجئين، وعقد انتخابات برعاية الأمم المتحدة وبموجب قرار من مجلس الأمن.

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع