المرصد الاستراتيجي
تصدير المادة
المشاهدات : 2608
شـــــارك المادة
وفقاً لمصادر أمنية مطلعة (15 سبتمبر 2018) فإن أنقرة اتبعت نهجاً دبلوماسياً غير مسبوق في التعامل مع ملف إدلب، حيث تقدمت بأطروحات متباينة مع مختلف الفرقاء، الأمر الذي أربك حسابات الدول الغربية وروسيا، ووضع الإيرانيين في موقف صعب. ففي 11 سبتمبر؛ نشر أردوغان مقالاً بعنوان: “ينبغي على العالم إيقاف الأسد”، طالب فيه بإنقاذ الشعب السوري وعدم تركه تحت رحمة الأسد، ودعا المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته، محذراً من أن العملية العسكرية المزمعة ستتسبب بمخاطر أمنية وإنسانية لتركيا ولأوروبا ولما وراء أوروبا. لكنه عندما اجتمع مع بوتين وروحاني (7 سبتمبر)؛ غرد أردوغان بلحن مختلف، حيث طلب من نظيريه تأجيل موعد الهجوم ومنحه وقتاً كافياً للتفاوض مع “هيئة تحرير الشام” التي صنفها كمنظمة إرهابية، قبل أيام قليلة من ذلك الاجتماع، وذلك كمناورة تهدف إلى التهدئة من روع طهران. وعلى الرغم من مطالبته بعدم شن أي عمل عسكري في إدلب؛ إلا إنه تحدث في اجتماع سابق مع بوتين حول إمكانية شن عمل عسكري محدود ضد “هيئة تحرير الشام” بهدف دفعها للانسحاب من إدلب، ومن ثم الضغط على الفصائل الأخرى لتسليم السلاح الثقيل للجيش التركي والانضمام لاتفاق مصالحة على النمط الذي تم إبرامه في درعا. وزاد أردوغان الموقف الدبلوماسي إرباكاً عندما تعهد للممثل الأمريكي الجديد لسوريا، جيمس جيفري، بحمل بوتين وروحاني على منح الفصائل “المعتدلة” و”قوات سوريا الديمقراطية” حصانة من أي عمل عسكري مرتقب، ليقوم من خلال ذلك بدور “الوسيط” الذي يعمل على إقناع واشنطن بمنح موسكو الضوء الأخضر للسيطرة على إدلب وفق اتفاق تركي-روسي شريطة منع النظام من شن هجوم كيميائي، وضمان استئصال الجماعات الإرهابية. ووفقاً لمصادر مطلعة فإن أردوغان أراد من مناورته الأخيرة دفع واشنطن لصرف الميليشيات الكردية التي حشدت قوات كبيرة على أطراف عفرين، ووقفت على أهبة الاستعداد لشن عمل عسكري ضد القوات التركية حال وقوع مواجهات بإدلب، معتقدة أن الجيش التركي سيكون مشغولاً آنذاك، وأن استعادة عفرين ستكون سهلة للغاية. وعزز أردوغان دبلوماسيته الناعمة باستخدام “القوة الخشنة”، حيث بادر إلى الزج بنحو 25 ألف مقاتل تركي إلى تخوم إدلب، وزود الفصائل بكميات كبيرة من الأسلحة والمعدات، مما دفع بطهران وموسكو لتبني مواقف تنزع إلى اللين بعد أن كانوا يطلقون التهديدات المدوية في وسائل الإعلام. وبإعلان بوتين وأردوغان التوصل إلى اتفاقية بشأن إدلب (17 سبتمبر) يبدو أن مناورات أنقرة قد نجحت في تجنيب المحافظة عملية عسكرية شاملة، حيث تم الاتفاق على إنشاء منطقة “منزوعة السلاح” تمتد على طول خط التماس وتفصل مناطق سيطرة الفصائل عن مناطق سيطرة قوات النظام، على أن تتولى الشرطة العسكرية الروسية والجيش التركي مسؤولية الأمن فيها، ويفترض أن يتم تنفيذ هذه الاتفاقية في منتصف أكتوبر القادم إذا اقتنعت “هيئة تحرير الشام” والتنظيمات المرتبطة بتنظيم القاعدة بتسليم أسلحتها الثقيلة والخروج من المنطقة العازلة، ليتم بعد ذلك فتح الطريقين الدوليين، حلب ـــ حماة، وحلب ـــ اللاذقية، أمام حركة النقل والعبور. وبهذه المناورة يكون أردوغان قد نجح في إقصاء طهران، وانتزع تعهداً من موسكو بعدم شن عمل عسكري في إدلب. وفي ظل الكتمان الذي أحيطت به بنود الاتفاقية؛ تثور أسئلة كثيرة حول الترتيبات المتعلقة بمستقبل المحافظة، وخاصة فيما يتعلق بتموضع قوات النظام، وعودة مؤسسات الدولة، ومصير الفصائل المعتدلة، وسبل التعامل مع التنظيمات التي ترفض الانخراط في ذلك الاتفاق، حيث يدور الحديث عن “تأجيل” العمليات المزمعة ضد تلك التنظيمات حتى مطلع نوفمبر، إذ ترغب واشنطن بالتعاون مع موسكو وأنقرة على شن عمليات “عنف محدود” تهدف إلى استئصال تلك الجماعات متعذرة برفضها إخلاء مواقعها في إدلب. وبالتزامن مع برود العلاقة مع طهران؛ تقيم أنقرة اتصالات سرية مع تل أبيب بهدف “تخفيف التوتر” بين الطرفين وإعادة العلاقات إلى طبيعتها، وذلك عقب أربعة أشهر من طرد السفير “الإسرائيلي” من أنقرة، وسحب تركيا سفيرها من تل أبيب للتشاور في شهر مايو الماضي. وتؤكد مصادر عبرية أن تركيا و”إسرائيل” ستتبادلان السفراء في شهر أكتوبر المقبل “إن لم تكن هنالك مفاجآت أو أزمات في اللحظات الأخيرة”، حيث نشرت وزارة الخارجية “الإسرائيلية” مناقصة لتعيين سفير إسرائيلي جديد في تركيا، بدءاً من صيف العام المقبل، وذلك في مقابل إرسال أنقرة ملحقاً تجارياً إلى سفارتها بتل أبيب في الأيام الماضية. وترغب أنقرة في إزاحة الأزمة مع تل أبيب عن الطاولة بهدف تهدئة التوتر مع واشنطن والذي أثر بشكل كبير في سعر الليرة التركية.
أسرة التحرير
الجزيرة نت
عدنان أحمد
نزار محمد
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
محمد العبدة