أسرة التحرير
تصدير المادة
المشاهدات : 3374
شـــــارك المادة
نشرت صحيفة "هآرتس" العبرية، مقالاً تحليلياً يوضح الخطوات التي قام بها نظام الأسد للبقاء في سدة الحكم، ويشرح كيف تمكن الأخير من هزيمة معارضيه رغم أنه كان على حافة السقوط.
وقالت الصحيفة في مقال تحليلي نشرته أمس الجمعة، إن نظام الأسد ساعد على احتضان التطرف ما أدى إلى صعود تنظيم الدولة الإسلامية والتنظيمات المتشددة التي يتعهد الآن بالقضاء عليها في إدلب، أكبر معقل للمعارضة في الشمال، والتي يقطنها الملايين من المدنيين واللاجئين.
وتنقل الصحيفة عن روبرت فورد، سفير الولايات المتحدة في سوريا خلال عهد الرئيس "باراك أوباما" قوله: " إن الأسد سيبقى في السلطة طوال فترة رؤية العين"، إلا أنه يستدرك قائلاً: "لكن حلفاءه (روسيا وإيران) الذين ساعدوه على الفوز لن يتمكنوا من تمويل إعادة بناء البلد".
ويرى السفير الأميركي السابق -وهو الآن زميل في معهد الشرق الأوسط في واشنطن وأستاذ في جامعة ييل- أن حكومة النظام تفتقر إلى الموارد المالية، ولا تستطيع روسيا ولا إيران تقديم ما هو أكثر بكثير مما توفره بالفعل.
نظام الأسد ساعد التنظيمات المتشددة
وبحسب تحليل "فورد" فإن الأسد استطاع أن يتفوق على زملائه الطغاة مثل (حسني مبارك ومعمر قذافي)، وتمكن من إقناع القادة الغربيين بأنه خيار أفضل من المعارضة للمساعدة في محاربة تنظيم الدولة الإسلامية والتنظيمات المتشددة، وتضيف الصحيفة: في عام 2011 ، وبعد أشهر من بدء الانتفاضة ضد الأسد في درعا، أطلق نظام الأسد آلاف الجهاديين من السجون السورية، كما قام بإشاعة الفوضى والإرهاب للتشكيك في المعارضة وضمان عدم تدخل الغرب ضده، وتنقل الصحيفة عن المحلل السياسي "كريستوفر فيليبس" الذي يعتقد أن الأسد حاول ربط المعارضة بالجهاديين في كتابه الشامل "معركة سوريا: التنافس الدولي في الشرق الأوسط الجديد"، إذ يقول فيليبس لصحيفة "هآرتس": "من الصعب معرفة مدى نجاح إستراتيجية التشكيك بالمعارضة، من المؤكد أن غالبية السوريين الذين لم يفروا أو حملوا السلاح بدوا إلى جانب الأسد، لكنهم كانوا كذلك، لأنهم لم يثقوا بالمعارضة أو لأنهم خافوا من النظام، ربما كان خليطًا من الاثنين ".
وفي هذا السياق تنقل الصحيفة عن عضو سابق لدى المخابرات العسكرية السورية تأكيده أن نظام الأسد لم يفتح أبواب السجون للمتطرفين فحسب، بل سهل لهم عملهم فيما بعد وساعدهم على إنشاء الألوية المسلحة.
حزب الله مفتاح أساسي لبقاء الأسد
اعتبرت الصحيفة أن تدخل حزب الله وإيران في سوريا كان كفيلاً بقلب الموازين، يقول فيليبس: "كان حزب الله مفتاحًا أساسيًا لبقاء الأسد، وكان مقاتلو الحزب هم أول المقاتلين الأجانب"، ففي عام 2012 قادوا الطريق في معارك رئيسية مثل القصير وساهموا في إعادة تنظيم قوات النظام، ويضيف فيليبس: "ربما كان سليماني الإيراني العقل المدبر، ولكن حزب الله كان المنفذ الموثوق".
ويرى فيليبس أن هنالك عاملاً إضافياً ساعد على بقاء النظام، ألا وهو البنية التي أسسها حافظ الأسد، والقائمة على أساس طائفي، يقول المحلل السياسي: "الدائرة الداخلية النخبوية لنظام الأسد مؤلفة من العلويين، الطائفة التي تنتمي إليها عائلة الأسد، والتي لا تمثل سوى 10% من نسبة السكان، ورغم أن جيش النظام عانى من انشقاقات كبيرة وخسر أكثر من نصف جنوده في السنوات الأربع الأولى من الحرب، إلا أن هيكل السلطة حول الأسد بقي موالياً ولم يتأثر".
ماهي الخطوة التالية؟
تشير الصحيفة إلى أن بقاء الأسد قد ترك سوريا في حالة من الفوضى والدمار، يقول فورد: "البلد الآن أضعف وأقل فقراً ونفوذاً في المنطقة"، بينما تعمل روسيا -التي تعاني أصلاً من مشاكلها الاقتصادية- من وراء الكواليس لتأمين التمويل لإعادة بناء سوريا، وتريد أن تظهر للعالم أن الحرب في سوريا قد انتهت إلى حد كبير، وأن عودة اللاجئين سيكون مؤشراً على انتصار الأسد"، كما تمارس الضغط على ألمانيا وفرنسا وحتى تركيا لجعلهم يدفعون فاتورة إعادة إعمار سوريا.
الصحيفة ذكرت أيضاً أن انتصار الأسد القاسي ولّد واحدة من أكبر أزمات اللاجئين منذ الحرب العالمية الثانية، وأن البنية التحتية الأساسية لسورية لا يمكنها التعامل مع العائدين من السكان، حيث تتراوح التقديرات الأخيرة لإعادة بناء سوريا من 250 مليار دولار إلى 400 مليار دولار، وفقا لأسوشيد برس، وهنا يتساءل فورد: "لقد أعيد بناء القليل من مدن حمص وحلب رغم أن القتال في تلك المدن انتهى منذ سنوات، أين يعيش اللاجئون؟ ما هي الوظائف التي لديهم؟ ماذا عن المياه النظيفة والكهرباء والحرارة لفصل الشتاء؟".
وفضلاً عن ذلك، تواجه جهود إعادة الإعمار وإعادة اللاجئين مشكلة أخرى لا تقل أهمية، وهي أن العديد من اللاجئين قد لا يرغبون في العودة إلى سوريا مع وجود أجهزة مخابرات النظام، التي تقوم بالتحقق من المعلومات الخاصة بكل لاجئ، ووفقاً لفورد: هناك قصص في وسائل الإعلام عن اعتقال بعض الأشخاص أو إرسالهم فوراً إلى الخدمة العسكرية لدى عودتهم.
بالإضافة إلى ذلك، قدّر تقرير حديث للأمم المتحدة أن ما بين 20 و 30 ألفاً من مقاتلي الدولة الإسلامية ما زالوا في سوريا والعراق على الرغم من إعلان ترامب النصر على تنظيم الدولة الإسلامية، ومن المحتمل أن يشكل -هؤلاء- تهديدًا دوليًا وداخليًا.
وتنتهي الصحيفة للقول بأنه، قد يهزم الأسد -في نهاية المطاف- المعارضين له ويستعيد المناطق الخارجة عن سيطرته (باستثناء نسبة 28% التي يحتفظ بها الأكراد المدعومون من الولايات المتحدة في الشمال الشرقي)، إلا أنه سيُترَكُ مع بلد يواجه أزمة إنسانية حادة، وبموارد ضئيلة، مع نسبة من المتشددين المدربين جيداً والمسلحين المعارضين الذين لا يزالون يقاتلون لإنهاء حكمه العلماني.
يوري شيغلوفين
ديفيد باتريكأركوس
هاندة فرات
المرصد الاستراتيجي
المصادر: صحيفة هآرتس العبرية
صحيفة هآرتس العبرية
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
محمد العبدة