مركز عمران للدراسات الاستراتيجية
المرفقـــات
تصدير المادة
المشاهدات : 2312
شـــــارك المادة
التقديم: بعد سبعة أعوام من الصراع بين الشعب والكتلة الحاكمة، تمر سورية اليوم في مخاض عسير وتحول في بُنية الصراع يتقلص فيها بشكل كبير دور وفعالية العنصر المحلي لقاء نفوذ دولي مباشر. فقد تلاشى لدرجة كبيرة دور الفصائل المسلحة المعارضة مقابل تزايد مباشر في النفوذ الدولي عسكرياً وإدارياً وسياسياً. كما تمر هذه القوى المسلحة في مرحلة صراع للبقاء أو الاندماج تحت وصاية دولية مباشرة، بعد أن كانت تستلم الدعم من غرفتي العمليات الشمالية أو الجنوبية. وتتم هذه العملية بعد سلسلة اجتماعات الأستانة وسوتشي بعد أن تم سابقاً تدجين القوى السياسية في الأجسام الرسمية لتقوم بوظائف وأدوار محددة خاصة لدول ذات نفوذ مباشر عليها. وفي الوقت نفسه فإن النفوذ الروسي المباشر تغوَّل سياسياً وعسكرياً واقتصادياً وإدارياً وبالتالي تم إنهاء مفهوم الإطار الموحد لـ"منصة النظام" مقابل "منصة المعارضة" وفق مفهوم جنيف 2 عبر خلق منصات عديدة في طرفي المعارضة والنظام وقوات سوريا الديمقراطية. في الوقت ذاته تم دمج مناطق النفوذ والسيطرة الميدانية لتصل في 2018 إلى مناطق شمال وشمال غرب تحت سيطرة تركية، وشمال شرق تحت سيطرة أمريكا وقوات سوريا الديمقراطية، وجنوب غرب سورية تحت نفوذ أمريكا والأردن مع السماح لإسرائيل بضرب أي مواقع تراها مهددة. أي إنه تم إنهاء مناطق الحصار والتجمعات المعارضة. وبالتالي فإن المشهد بات أكثر وضوحاً من حيث النفوذ الدولي والإقليمي، إذ لا تزال تستمر عمليات ضبط ودمج المجموعات المسلحة المعارضة والموالية.
تتسم هذه المرحلة الجديدة بالصفقات الجزئية والمركبة على نتائج بعضها بعضاً، وبأن الترتيبات بين الدول الفاعلة باتت تتبع سياسة "خطوة خطوة". كما أن إطار "محاربة الإرهاب" الذي كان مبرِراً لدخول هذه الدول لم يعد هو الإطار المبرر لبقاء واستمرار نفوذ هذه الدول. فباتت الولايات المتحدة ترتكز أكثر فأكثر إلى "الخطر الإيراني"، وباتت تركيا ترتكز إلى "محاربة حزب العمال الكردستاني" وتأمين الحدود، وباتت إسرائيل تبرر تدخلها بحماية حدودها من "الخطر الإيراني" ومنع نقل الأسلحة والمقاتلين تجاه حدودها، وبات الأردن أيضاً مهتماً بحماية كيانه من "الهلال الشيعي".
لقراءة الكتاب كاملاً انقر يرجى الضغط هنا
في ضوء هذا المشهد الجديد، تناقش أوراق هذا الكتاب محاور عدة، ترتبط بشكل سورية الحالي من الناحية الحوكمية وكيف تتقارب التجارب الميدانية في مختلف مناطق النفوذ أو تتباعد عن مفاهيم المركزيَّة واللامركزيَّة بأنواعها وأطيافها المختلفة عمودياً وأفقياً. ويحاول الباحثون في هذا الكتاب أولاً، توضيح مفاهيم اللامركزيَّة وأشكال اللامركزيَّة وكذلك تطبيقاتها في بلدان خرجت من النزاعات، وكيف كان الاتفاق على شكل الحوكمة مهماً في ضمان وحدة الأراضي وكذلك في دفع الملف التفاوضي إلى مرحلة أكثر التصاقاً بالواقع الجديد. ثم يعرج الباحثون على توصيف وتحليل اللامركزيَّة من حيث الوظائف السياسية والأمنية والمالية والتنموية، وكذلك مراجعة الأسس الدستورية والقانونية للامركزيَّة الإدارية والسياسية في سورية. ثم يستعرض الباحثون تجربة وتطبيقات الحوكمة بعد 2011 في مناطق سيطرة النظام ومناطق المعارضة وكذلك مناطق الإدارة الذاتية الديمقراطية. ويستعرض الباحثون في ثنايا أوراقهم تجارب العراق ولبنان وتجارب دول أخرى خرجت من النزاع وكيف تم فيها التفاوض على صلاحيات المركز مقابل صلاحيات الوحدات الإدارية المحلية.
ينطلق هذا الكتاب من ضرورة استعادة الشرعية التي فُقدت لدى الأطراف كافة، عبر تنظيم أدوات الحكم المحلي المرتكزة إلى تجربة المجالس المحلية التي لم تجنح إلى الفدرالية المفرطة ولا إلى المركزيَّة المستبدة وإنما خطت طريقاً يزيد من قوة البُنى المحلية ويرسم حدوداً لصلاحيات المركز تعتمد على منح الصلاحيات وليس التفويض الذي يخضع لسيطرة الدولة المركزيَّة. ولا يخفى في هذه المرحلة ضرورة العمل بالتوازي على تقوية المركز مع ضمان وتثبيت مكتسبات المجالس المحلية عبر نصوص دستورية ضامنة وقانون جديد للحكم المحلي. كما تنطلق الورقة من ضرورة الانتقال من اختزال عملية التفاوض مركزياً على العملية الدستورية وتنظيم انتخابات، أي مفاوضات على السلطة المركزيَّة إلى تفاوض على الحكم وتقاسم وظائف الحكم محلياً. وتختلف أوراق الكتاب الذي أسهم بها عدد من الباحثين في مقاربتها ولكنها تتفق على ضرورة تطوير نموذج لامركزي سوري يبتعد عن ثنائية اللامركزيَّة السياسية / اللامركزيَّة الإدارية أو الفدرالية / المركزيَّة، وينطلق نحو تقاسم في الصلاحيات والوظائف وبالتالي الانتقال من الإدارة المحلية إلى الحكم المحلي. ولا شك أن هذا يتطلب مزيداً من التطوير والنقاش ولكن نضع هذا العمل ليكون بداية في حوار سوري مجتمعي عن الشكل الأقرب لطبيعة سورية الذي بات أكثر محلية من أي عهد مضى خاصة بعد سنوات من اللامركزيَّة الطبيعية.
الملخَّص التنفيذي
يوضح مبحث التأصيل المفاهيمي للامركزيَّة اختلاف الدول فيما بينها في اختيار أساليب ممارستها لنشاطها الإداري، ويتأثر الأسلوب الذي تنتهجه الدول في تنظيمها الإداري بظروفها السياسية والاجتماعية، ودرجة تأهيل النُظم الديمقراطية فيها، كما تظهر الحاجة إلى التحول نحو النظام اللامركزي من خلال عوامل عدَّة متعلقة بطبيعة الدولة وحجمها ودرجة استقرارها السياسي، حيث تصبح اللامركزيَّة ضرورة لبعض الدول من خلال فكرتها الجوهرية التي تقوم على توزيع السلطة وأدوات الحكم بين الحكومة المركزيَّة والإدارات المحلية، ويؤكد هذا التأصيل أن التحولَ إلى النظام اللامركزي بشكل كامل، أمرٌ محفوفٌ بالمخاطر بالنسبة لعدد كبير من الحكومات، بالرغم من أن هذا النظام يحمل حلاً للجزء الأكبر من مشكلات الدول النامية كالدول العربية مثلاً، وعلى رأس تلك المشاكل: توسيع قاعدة المشاركة السياسية والاقتصادية للمواطنين. ولكن في ظل التنوع الإثني والطائفي والطبيعة المركبة للدول يصبح تطبيق اللامركزيَّة بشكل كامل مهدِداً لوحدة الدولة.
تتخذ الوظيفة السياسة وفقاً للمبحث الثاني أشكالاً عدَّة، تظهر في أعلى درجات ممارستها في اللامركزيَّة السياسية الكلية (الفيدرالية)، حيث تمارس الولايات والأقاليم من خلال دساتير خاصة سلطات تشريعية وتنفيذية وقضائية، وتؤثر في سياسة الحكومة الاتحادية عبر سلطة الرقابة السياسية، ومن خلال ممثليها في المجالس التشريعية، بينما تُمارس الحكومة المحلية أدواراً محددة من هذه الوظيفة في ظل اللامركزيَّة السياسية الجزئية في إطار الصلاحيات الممنوحة لها دستورياً، وتتجلى في صنع السياسة المحلية ووضع القواعد والتشريعات المحلية دون أن تتعارض مع التشريعات الفيدرالية. في حين تنخفض درجة ممارسة الوظيفة السياسية في اللامركزيَّة الإدارية التي ينحصر اختصاصها بالجانب الإداري والتنفيذي دون أن تعطى أي سلطات تشريعية أو وظائف قضائية، فهي تخضع للنظام الإداري للدولة والقانون الإداري الذي تفرضه من خلال تبعيتها ومراقبتها للإدارة المركزيَّة في العاصمة. تنعدم الوظيفة السياسية أحياناً أخرى وخاصةً في ظل اللامركزيَّة الإدارية الجزئية.
تتطلب ممارسة الوظيفة القضائية ضمن نُظُم اللامركزيَّة وفقاً للمبحث الثالث إصلاحات في القضاء السوري، كإعادة تشكيل مجلس القضاء الأعلى، وإبعاد السلطة التنفيذية عن أي تشكيل قضائي، وإبطال القوانين المتغوِّلة على الحقوق والحريات العامة عبر استبدال الرقابة السياسية برقابة قضائية وتفعيل رقابة الدفع والرقابة المحلية، أما الوظيفة الدستورية فتؤكد عملية تقييم الدستور السوري الحالي كشكل وموضوع على أن المركزيَّة شديدة التمظهر وتتيح لسلطة الرئاسة (ذات الصلاحيات الواسعة دستورياً) التغول على باقي السلطات، وينبغي العمل على تطبيق مبدأ فصل السلطات وتوزيعها إلى ثلاث هيئات مستقلة وخلق توازن وتعاون بينها. أما فيما يتعلق بالوظيفة التشريعية في سورية، فقد بين هذا المبحث أن الدستور قد أناطها بمجلس الشعب وبرئيس الجمهورية بشكل أوسع، مُحولاً وظيفة المجلس من صناعة القانون إلى التصديق على قوانين الرئاسة، وهذا الأمر يتطلب تأطير السلطة التشريعية وإلغاء الصلاحيات الواسعة للرئاسة، والتخفيف من مركزيَّة التشريع والبرلمان. وينبغي الانزياح باتجاه شكل ما من اللامركزيَّة يجعل وظيفة التشريع في المستقبل مقسمة بين البرلمان (اختصاصه حصري) والسلطة التنفيذية بما فيها (واختصاصها مطلق) في كل ما لم يرد عليه نص.
يؤكد المبحث الرابع خلال دارسته للوظيفة الأمنية في النظم اللامركزيَّة على أنه في خِضَم تفاعلات الدول التي خرجت من صراعات أو ما تزال تشهدها، فإنه يُعد لزاماً أن تتم عمليات إعادة الضبط المفاهيمي لوظيفة الأمن الوطني وتطبيقاته وآليات تنفيذه وحوكمته ومستويات توزيع الوظائف الأمنية. وأكدت على أن تصميم نموذج "توازع الصلاحيات الأمنية" في الدول ذات النظم اللامركزيَّة (وفقاً لدروس الدول المستقرة وغير المستقرة)، وإن بدا أكثر اتساقاً ونجاعة من جهة تكاثف الجهود المحلية (المدنية والحكومية) في عملية صيانة الأمن، إلا أنه يرتبط عضوياً بعدة ضرورات، يشكل البُعد الوطني أهمها. وفي إطار البحث عن تلمس ملامح الأطر الناظمة للنموذج الأمني السوري وفق صيغ اللامركزيَّة فإنه يمكن تحديدها من خلال إحداث أجهزة مستقلة ذات قوة معلوماتية فقط (باستثناء قوى الشرطة ومكافحة الإرهاب)، واضحة التخصص الوظيفي والمكاني، والعمل على منح المحليات السورية الصلاحيات الأمنية المتعلقة بأعمال الشرطة والأمن المحلي، وإحداث هيئات محلية لصياغات المهددات الأمنية ورفعها للجهاز الأمني العام.
يبرز المبحث الخامس جدلية العلاقة بين اللامركزيَّة ودورها في التنمية المحلية في الدول الخارجة من النزاعات والتي تعد كأحد أهم المحددات في تبني اللامركزيَّة من عدمه في هذه الدول، ففي حين حققت بعض هذه الدول معدلات تنمية اقتصادية واجتماعية مقبولة بعد تبنيها للامركزيَّة، لم تفلح دول أخرى في تحقيق هذا النجاح، وقد يكون هذا عائداً لعوامل مرتبطة بعملية التنمية المحلية لكل دولة على حدة، وشكل اللامركزيَّة الذي تم تبنيه من قبلها. وفي إطار الحالة السورية، أكد المبحث على أن البلد قد عانى خلال العقود الماضية من غياب نموذج تنموي واضح المعالم مما أفضى إلى حدوث اختلالات تنموية كبرى على مستوى الدولة، والتي بدت أكثر وضوحاً في التفاوت التنموي بين المحافظات السورية. لذا فإن تبني نموذج اللامركزيَّة الإدارية في هذا البلد سيعمل على التخفيف من حدَّة هذا التفاوت من خلال قدرته على تفعيل المشاركة الفعلية والحقيقية للمجتمعات المحلية في عملية التنمية المحلية.
يؤكد المبحث السادس الذي يتناول اللامركزيَّة المالية على أن نجاح تطبيق نظام الحكم اللامركزي في الدول الخارجة من النزاعات يعتمد في جزء كبير منه على مدى قدرة هذه الدول على إرساء الأطر الناظمة للامركزيَّة المالية والمتعلقة بآليات جمع وتوزيع وإنفاق الموارد المالية بمختلف مستوياتها الحكومية والإدارية. وكذلك القيام بإصلاحات جوهرية في السياسات المالية بشكل عام وفي مجال سياسات الإنفاق بشكل خاص. وخلص المبحث إلى أن نموذج تخصيص الموارد المالية للوحدات الإدارية في الموازنة العامة للدولة في سورية شابهُ الكثير من القصور خلال العقود الماضية، وبالتالي أصبح لازماً منح هذه الوحدات قدراً أكبر من الاستقلالية المالية والعمل على وضع محددات نجاح اللامركزيَّة المالية لديها لتلبية متطلباتها التنموية وإسهامها الفاعل في تحقيق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي لمناطقها.
يفصّل المبحث السابع في واقع الإدارة المحلية في مناطق سيطرة النظام المركزيَّة، مبيناً وفق المؤشرات غلبة المركزيَّة كسمة لمنظومة الإدارة المحلية في مناطق سيطرة النظام، وتنامي تأثير حزب البعث على هذه المنظومة، كذلك لوحظ أثرٌ متزايد للقوى المحلية المدعومة إيرانياً في عمل بعض وحدات الإدارة المحلية. وأكد هذا المبحث أن الأزمات الخدمية في مناطق وحدات الإدارة المحلية تدلل على افتقادها التمويل والآليات والكوادر الكافية، مما يضطرها للاعتماد على المركز في تسيير شؤونها، كما أوضح عدم إيلاء النظام أهمية لملف اللامركزيَّة الذي يتعارض مع رغبته في توكيد سيطرته المركزيَّة، إلا أنه يخضعه لتوظيف سياسي، وهو ما يبرز باستخدامه كورقة تفاوضية في العلاقة مع المجتمع الدولي وبالأخص الأوروبيين، كذلك بإعادة النظر بالتقسيمات الإدارية لقطع الطريق على المعارضة في الانتخابات المحلية والتشريعية المقبلة، إضافة إلى توظيفها لمكافأة مواليه.
وفي السياق ذاته ركز المبحث الثامن على الواقع الحوكمي في مناطق سيطرة المعارضة السورية متوصلاً لعدة نتائج أهمها أن تجربة المجالس المحلية قد شهدت تحولات على صعيد بنيتها وآليات تشكيلها ووظائفها، إذ استقرت هياكلها التنظيمية واعتمدت بشكل متنامٍ على الانتخابات في تشكيلها، كما تمكنت من ترسيخ دورها الخدمي مقارنة بدورها في ملف الأمن المحلي وكذلك السياسي، كما شكل الملف المالي أحد أبرز تحديات المجالس المحلية، إذ تواجه عجزاً مالياً متنامياً يفسر بطبيعة الإيرادات والنفقات، كذلك بافتقادها إلى نظام مالي وتشريعات قانونية ناظمة لموازناتها المحلية. وأوضح المبحث أن طول أمد الصراع وتحول طبيعته والدفع باتجاه مقاربات التعايش والبقاء للنظام قد أفضى إلى تحفيز التنافس بين القوى المحلية والتي كانت المجالس أحد أبرز ساحات تجلياتها لقيمتها السياسية وما تمنحه من شرعية محلية. مؤكداً أن شكل وأسلوب تعاطي المجالس مع التحديات والتهديدات التي تواجهها مآلاتها في المدى المنظور لا تخرج عن ثلاثة سيناريوهات هي: التلاشي، إدارات محلية ذاتية على مستوى المناطق، وحدات محلية مستقلة بشكلها الراهن.
يوضح المبحث التاسع خلال تحليله للواقع الحوكمي في مناطق الإدارة الذاتية أن عدم الشفافية هي السمة الرئيسة في عمليات تقديم الخدمات والإدارة المالية وإدارة الموارد الاستراتيجية؛ وأن عمليات تشكل مجالس الإدارة التشريعية أتت بناءً على توافقات حزبية استندت بشكل رئيس إلى أدبيات حزب الاتحاد الديمقراطي ومنظومته في حركة المجتمع الديمقراطي. واعتبر هذا المبحث أن القوانين التي أصدرتها هذه المجالس هي قوانين إشكالية كقانوني الدفاع الذاتي وتغيير المناهج التعليمية وقانون الأحوال المدنية؛ كما أشار خلال استعراضه لهيكلية الإدارة الذاتية وسلطتها التشريعية والتنفيذية إلى وجود مشروع سياسي حزبوي يتم تطبيق رؤيته قسراً على السكان المحليين عبر أجهزته الأمنية والعسكرية. وخلص إلى أن الإدارة الذاتية وإن استطاعت فرض نموذج حكم خاص، إلا أنها لا تزال تعاني من إشكالية التمثيل والاعتراف وقلة الكوادر المختصة ناهيك عن عدم نجاحها في إزالة المخاوف المحلية والإقليمية المتأتية من مشروعها.
يقترح الكتاب في مبحثه الأخير إطاراً لامركزياً نوعياً في سورية؛ إطاراً راعى أن يكون مدخلاً مهماً للاستقرار في سورية، موضحاً الآتي: تركز المفاوضات في الملف السوري بالتوازي مع الترتيبات المركزيَّة لبناء السلام على تمكين نمط اللامركزيَّة عبر التفاوض على الصلاحيات والمسؤوليات بين المركز والوحدات الإدارية. وضرورة إعادة قراءة بيان جنيف الأساسي وفق مفهوم اقتسام الحكم لا السلطة. وهذا يعني تقديم أولوية الانتخابات المراقبة دولياً على أي مسار آخر على أن تبدأ بانتخابات الإدارة المحلية.
وليتم ضمان نجاح الانتخابات، لا بد من إجراءات أساسية يتم اتخاذها من الطرفين، يكون أساسها استعادة عمل الشرطة والمحاكم المحلية، وعليه يجدر البدء بصياغة قانون جديد للإدارة المحلية (اللامركزيَّة)، والذي سيسمح للسلطات المنتخبة محلياً بالسلطة الكاملة على الشرطة وعملها، وكذلك على المحاكم وإدارتها.
وتكمن الفرصة للمجالس المحلية للعمل على شرعنة بُناها والتفاوض على صلاحيات جديدة تضمن نمطاً لامركزياً يعطي صلاحيات موسعة للمجالس والمحافظات ترتكز إلى الشرعية الانتخابية وأن تكون صلاحيات المنتخب أعلى من صلاحيات المُعيّن. ويؤكد هذا المبحث على أن تمكين أدوات ومرتكزات الحكم المحلي دستورياً وقانونياً وبضمان الدول المتواجدة على الأرض السورية كفيل إلى درجة كبيرة بالدفع بالملف التفاوضي إلى مرحلة بناء السلام ويضمن الاستقرار النسبي ريثما يتم الاتفاق على الترتيبات الأمنية المختلفة.
فتحي محمد أحمد اسماعيل
المعهد الدولي للدراسات السورية
أحمد أبازيد
نبيل العتوم
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة