جابر عمر
تصدير المادة
المشاهدات : 2280
شـــــارك المادة
تسعى روسيا إلى استغلال لقاء سوتشي للدول الضامنة لمسار أستانة، والذي ينعقد اليوم الإثنين وغداً الثلاثاء، في المدينة الواقعة على البحر الأسود، للترويج لعودة اللاجئين السوريين من دول الجوار، وفق رؤية تقوم على إعادة إنتاج نظام بشار الأسد، وتقديمه على أنّه المسيطر على سورية.
وأفادت مصادر مطلعة، لـ"العربي الجديد"، بأنّ الاجتماعات ستتواصل في سوتشي، وستناقش فيها روسيا تباعاً رؤيتها للحل القائم على فرض الأسد مجدداً على المعارضة السورية، في ظل أجواء تظهر انسحاباً أميركياً من الملف السوري، مقابل إطلاق يد موسكو.
وتهدف موسكو إلى تحويل الملف السياسي السوري إلى سوتشي بدلاً من جنيف، وتسعى إلى إنهائه في أستانة، لتكون الرعاية الكاملة لها، بعيداً عن المسار الذي ترعاه الأمم المتحدة.
وسيُطرح في اللقاء ملف عودة اللاجئين إلى المناطق التي يسيطر عليها النظام في سورية، وهو ما عملت روسيا على ترويجه، ويُتوقع أن يصطدم بالجانب التركي الرافض لهذا الطرح، مع إشارته والمعارضة السورية إلى أنّ الظروف ليست مهيأة بعد لبدء هذه العودة.
وتأتي الجولة الحالية من الاجتماعات، في ظل تطورات ميدانية، بعدما استكملت عمليات التهجير القسري من محيط العاصمة دمشق، وتواصلت في حمص وسط البلاد، وانتهت مؤخراً في جنوب سورية، مع أخذ أولويات الأمن الإسرائيلي بعين الاعتبار.
وقابلت تلك التطورات تحذيرات من المعارضة السورية، ومخاوف تركية، تتركز على مصير محافظة إدلب شمالي سورية، التي يخشى أن ينفّذ فيها النظام وحلفاؤه عملية عسكرية شبيهة بالتي خاضها ضد درعا وجنوبي سورية، لا سيما أنّ روسيا التي تروّج لعودة اللاجئين، تضع مليوني سوري في المحافظة تحت التهديد بالتهجير، في حال حصول أي عمل عسكري يستهدفها.
وهذه المخاوف عبّر عنها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في مكالمة هاتفية مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، عقب استكمال تهجير درعا، ولقائه على عجل مع الأخير في جوهانسبرغ على هامش اجتماعات "بريكس"، وحديثه عن قمة تركية فرنسية ألمانية روسية، تعقد في إسطنبول، في 7 سبتمبر/أيلول المقبل.
ويبدو أنّه سيكون من الصعب إقناع أنقرة بالموافقة على طرح موسكو بشأن عودة اللاجئين، إلا بضمان مصير مستقبل إدلب، لا سيما أنّ تركيا يقيم فيها أكبر عدد من اللاجئين السوريين.
وعدا عن الموجودين في أوروبا وغيرها، يتجاوز عدد اللاجئين السوريين في منطقة الشرق الأوسط، ستة ملايين، يتوزعون بين تركيا ولبنان والأردن، في حين تقول وزارة الدفاع الروسية إنّ أكثر من 1.7 مليون منهم بإمكانهم العودة إلى سورية في المستقبل القريب.
ملف المعتقلين
ومن الملفات التي تسعى روسيا من خلالها إلى تعويم النظام في سوتشي، هو ملف المعتقلين، حيث امتنع النظام، في كل الجولات السابقة، وفي المفاوضات التي كانت تجري في جنيف وأستانة وفيينا، عن تناول هذا الملف الذي يدينه.
وأحدث الفصول في هذا الملف، هو تبليغ النظام السوري، مؤخراً، لذوي آلاف المعتقلين بوفاة أبنائهم، لا سيما في داريا بريف دمشق، وتسجيل حالات الوفاة على أنّها طبيعية، رغم اعتقال هؤلاء على مدى سنوات.
وعلى الرغم من أنّ المعارضة تعوّل على مطالبها في هذا الملف، فإنّ النظام وبمساعدة الحليف الروسي يسعى للتملص منه، بعد تسجيله آلاف المخفيين قسراً على أنّهم أموات في سجلاته.
روسيا وأميركا اللتان تفاهمتا على أمن إسرائيل، من دون أخذ مصلحة السوريين في بلادهم بعين الاعتبار، دفعتا النظام السوري و"وحدات حماية الشعب" الكردية إلى التباحث والتفاهم، والسعي لعودة المناطق التي يسيطر عليها الأكراد إلى سلطة النظام. كل هذه التطورات تضع النظام في موقف الرابح في الصراع، رغم كل ما ارتكبه من جرائم، لتبقى محافظة إدلب وما يتصل بها من أرياف حلب وحماة واللاذقية وحيدة، وهو ما تسعى المعارضة للحفاظ عليه بدعم تركي، ما يبدو صعباً في الفترة المقبلة.
فالأنباء الواردة من جبهات القتال، خاصة من جبل التركمان بريف اللاذقية، تشير إلى أنّ النظام يحشد بكثافة في هذه المنطقة، ويستقدم التعزيزات، وهي المنطقة التي لا تتواجد فيها أي نقطة مراقبة تركية، وبالتالي تعتبر مكشوفة ليتسلل منها النظام بدعم روسي، في وقت قال فيه بشار الأسد إنّه ينوي انتزاع إدلب، وهو ما استدعى رد فعل تركياً.
ويبدو أنّ الخيارات التركية قليلة، في ظل ترك الميدان في سورية لروسيا وإيران. وفي الوقت الذي لم يعلق الوفد التركي على أي من هذه المواضيع، إلا أنّ السيناريو الأقرب هو أنّ الضمانات الروسية المقدمة لتركيا مقابل سماح أنقرة لدمشق بسحق إدلب، قد تتمحور حول وعود روسية بتسريع عودة اللاجئين السوريين من تركيا، وتضمين ذلك في البيان الختامي.
فروسيا لا تريد أن يخرج البيان الختامي لاجتماعات سوتشي فارغاً، وتحاول أن تكسب قدر الإمكان، في ظل سعي تركي لتقليل الاندفاع الروسي.
اللجنة الدستورية وفي ظل الغياب الأميركي عن الاجتماعات، وحضور الأمم المتحدة والأردن كمراقبين، يحضر موضوع تشكيل اللجنة الدستورية المقررة من مؤتمر الحوار السوري الذي عقد في سوتشي أيضاً، أواخر يناير/كانون الثاني الماضي، مع تأكيد المبعوث الأممي الخاص إلى سورية، ستيفان دي ميستورا، حضوره، وتقديم كل من النظام والمعارضة لائحتي أسماء مؤلفة كل منها من 50 اسماً لتشكيل اللجنة وعملها في جنيف لاحقاً برعاية أممية.
وأفادت مصادر مطلعة، "العربي الجديد"، بأنّ الدول الضامنة تعد لوائح لمستقلين، من أجل تقديمها لدي ميستورا، بشأن تشكيل قائمة من 50 اسماً مستقلاً، يضافون إلى قوائم النظام والمعارضة، بهدف كتابة الدستور الجديد.
ويتوقع أن يتحقق تقدم في هذا الملف، لكن من دون الإعلان عنه في لقاء سوتشي، لا سيما أنّ قوائم المستقلين بحاجة إلى دراسة من قبل الدول الضامنة.
وخلاصة الكلام أنّ روسيا في اجتماعها هذا، أعدت أفخاخاً عديدة، ليطرح تساؤل عن قدرة الوفد التركي على تجاوز هذه المطبات، والحفاظ على مكتسبات المعارضة باعتبار أنقرة ضامنة لها، فضلاً عن حماية إدلب من مأساة محتملة، ومقاومة التفرد الروسي بسورية، في ظل غياب أميركي انعكس بعدم وجوده في اللقاء.
محمد أمين
ترك برس
المرصد الاستراتيجي
الشبكة السورية لحقوق الإنسان
المصادر: العربي الجديد
العربي الجديد
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة