إياد أبا زيد
تصدير المادة
المشاهدات : 11455
شـــــارك المادة
درعا مدينة سورية تعد من أقدم المدن العربية، تقع في جنوب سوريا بالقرب من الحدود الأردنية / السورية مع (الرمثا).
كانت تاريخيا عاصمة إقليم حوران الذي يمتد من جنوب سوريا إلى منطقة شمال الأردن (الرمثا) والذي يضم عدة مدن مثل طفس وازرع وداعل وخربة غزالة والحراك وابطع ونوى والشيخ مسكين وانخل وجاسم والصنمين والطيبة ومحجة.
وعدة قرى مثل شلالات تل شهاب وزيزون ويبلغ عدد سكان هذه المحافظة مليون ونصف وتبلغ نسبة الاغتراب فيها إلى 65% أي أنه يوجد من أبنائها65% غير الــمليون ونصف وتبلغ مساحتها إلى أربعة آلاف كيلو متر مربع تسمى سهل حوران ولكن 70% من أراضيها مرتفعات وهي كانت تابعة لولاية دمشق سابقا ثم أصبحت عاصمة حوران كان للمدينة في العصر البيزنطي في سوريا شأن كبير ومركز هام في المنطقة حيث قام أنستاسيوس الأول في 506 م بتحصينها للحماية من الغزو الفارسي على جبهة ما بين النهرين. أطلق أنستاسيوس على المدينة اسم أنستاسيوبوليس، إلا أن هذا الاسم لم يستخدم إلا نادرًا. خرج من تلك المحافظة الكثير من علماء الدين والأدباء والشعراء - الإمام النووي نسبة إلى نوى، الشاعر أبو تمام من مدينة جاسم، والإمام ابن قيم الجوزية - من مدينة (إِزْرَع)، والإمام ابن كثير- من (بُصرَى الشام) وتغنى بها الشعراء قديما باسم " أدرُعات ". درعا هي مركز محافظة درعا (محافظة حوران سابقًا). وهناك طريقين إلى درعا الطريق القديم يربط المدينة بدمشق العاصمة يمر بمعظم القرى والبلدات الريفية فضلا عن أوتوستراد دولي حديث. منذ النشأة حتى الفتح العربي الإسلامي: درعا من المدن القديمة وليس من السهل تحديد الفترة التي سكن فيها الإنسان القديم هذه المنطقة من حوران ولكن التحريات الأثرية القليلة أثبتت أن البيوت القائمة حاليًا تدل على وجود مدينة قديمة بائدة قائمة تحت المدينة الحالية تتألف من شبكة واسعة من الممرات والمساكن والغرف والمعابر المحفورة بفعل المياه الباطنية، وقد ســكنها إنسـان الكهوف في العصر الحجري الحديث من الألف السادسة إلى الألف الرابعـة قبل الميلاد وعمل على نحتها وتشكيلها بالصورة التي يرغبها. وتدل الأدوات التي خلفها الإنسان على معرفته بزراعــة الأرض وتربيـة الحيوان واكتشاف صنع الفخار، كما استخدم الألوان وصنع الخيوط وتبادل مع جيرانه المحاصيل الزراعية والمصنوعات. تعود أول إشارة مكتوبة تذكر مدينة درعا إلى رسائل تل العمارنة المكتشفة في مصر عام 1882 م، وتعود هذه اللوحات إلى القرن الرابع عشر قبل الميلاد. كما ورد اسم المدينة في التناخ وبعض الشواهد الأثريــة التي تدل على أن المدينـة كانت عامـرة في الألف الثالث قبل الميلاد. وحسب روايات التناخ، فإن الأموريون هـم أول من اســتقر في أرض حوران. ويذكر التوراة أن عوج ملك باشان كان من ســلالة هؤلاء العمالقة وكانت مدينة أذرعي (درعا الحالية) العاصمة. كما وردت أول اشــارة إلى الأموريين عند سرجون الآكادي (2250 ق.م) وأيضا حسب التناخ ومن نقل عنه من الإخبارين، يوصف الملك عوج ملك باشان بأنه من بقية الجبابرة وذو قامــة كبيرة ووصفت التوراة الأموريين بأنهم مثل الأرز طــولاً ومثل السـنديان قوة. وقد تصدت أذرعي بقيادة الملك عوج لهجرة العبرانيين الذين بدؤا ينزلون في الجانب الغربي من حـوران وذلك حوالي عــام 125 ق.م، وقد احتل العبرانيون مـدنًا كثيرة من حــوران واتجهوا نحو الشمال ولكن المملكة الآرامية في دمشق وقفت في وجههم وبعـد حـروب دامت نحــو قرنين تحررت أرض حوران وأصبحت جزءًا من دولة آرام. وبعد أن امتدت سلطة المملكة الآشورية إلى هذا الجزء من بلاد الشام أصبحت حوران جزءًا من الإمبراطورية الآشــورية في ســوريا ثم جزءًا من الولاية الكلدانية وبعد ذلك جزءًا من الولاية الفارسية الخامسة وبعد معركـة ايسوس عام (333 ق.م) أصبحت حــوران جزءًا من إمبراطورية الاســكندر المقدوني الكبير وبعد وفاته أصبحت حـوران عام 333 ق.م جزءًا من مملكة الســلوقيين الذين وصلت حدود مملكتهم الجنوبية إلى جبل عجلون وكانت حوران وعاصمتها أذرعا ضمن مناطق البثينة الاسم اليوناني للمنطقة. وفي عام 90 ق.م تمكن عبادة ملك الأنباط من قهـر الإســكندر الكابي ملك اليهود وتوغل في أرض حوران ثم انتصر على الملك السلوقي انطيوخوس الثالث في موقعة امتان في جبل العرب قــرب صلخد عام 88 ق.م وانتزع منه بقية حوران، وكانت بصرى هي الحاضرة الثانية بعد البتراء في عهد الأنباط. وفي عام 106 م أصبحت حوران جزءًا من ولاية سـورية الرومانية تعرف بالولاية العربية الرومانية, وعاصمتها بصرى وفي عام (300 م) قسمت هذه الولاية إلى جنوبية وعاصمتها البتراء وشــمالية وعاصمتها بصرى وكانت مدينة درعا ضمن الولايــة العربية الشــمالية وحين انقسمت الإمبراطورية الرومانية إلى غربية وعاصمتها رومــا وشرقية وعاصمتها القسطنطينية أصبحت حـوران تابعة للحكم البيزنطي وما زالت بقايا الآثار الرومانية ماثلة في درعا القديمة فقد كشفت التحريات عن قســم من مدرج واسع ظهر منه تسع درجات بحالة جيدة في الجانب الغربي من المدرج كما وجدت بقــايا الحمامات التي يعــود تاريخها إلى تلك الفترة كما وأن هناك طريق قديمة رومانية تصل بين بصرى وشـواطئ البحر الأبيض المتوســط مــارًا بدرعا. وفي الفترة الرومانية كانت إمارة الغساسنة تحت سـلطة الدولة الرومانية البيزنطية وبسبب غزوات الفرس المتعددة ضعفت سلطة الغساسنة. وفي الفترة التي سبقت الإسلام تجدر الإشارة إلى العلاقات التجارية من شبه الجزيرة العربية مع سوق درعـا الشهير بسوق أذرعات التي كانت تؤمها قوافل العرب تحط فيها رحالها وتتسوق من خمورها وتقام هذه السـوق عادة بعد سوق بصرى بسبعين ليلة وبقيت هذه السوق بعد الإسلام لفترة طويلة وإلى عهد الغساسنة وحــوالي القرن الثالث الميلادي ترجع أقدم مشروعات الري في هذه المنطقة وأهمها قناة فرعون التي تجري المياه من سهل الثريا الواقع بين إنخل والفقيع عبر قناة فخارية ما تزال آثارها باقية تمر من الشيخ مسكين إلى قرية شـقرا غرب قرية غزالة ثم إلى مدينة درعا عند مكان يعرف بحمام الملكة تحت تل الكرك. وقد لعب الغساسنة دورًا بارزًا أيام الحكم البيزنطي وامتدت سلطتهم من جنوب دمشق حتى شـرقي الأردن وجعلوا عاصمتهم في الجولان مدينة الجابية وهي اليوم تل كبير غربي قرية نوى في محافظة درعا. منذ الفتح العربي الإسلامي حتى نهاية العهد العثماني: في الجاهلية كان يحكم مدينــة درعا عمال للــروم ولما وصل العرب المسلمون عقدوا مع أهلها صلحاً ومنحوها عهداً في عام (635 م) وحين جاء الخليفة عمـر بن الخطاب إلى الشـام استقبله أهل درعا بالغناء والضرب على الدفوف. معركة اليرموك الفاصلة بين العرب والروم عام /15/ للهجــرة وقد كانت في المنطقة الجنوبية الغربية من حوران وعســكر عمرو بن العاص في المنطقة الممتدة من جنوب وادي الزيدي المار بأذرعات حتى قريـة داعل شمالاً وبعد اليرموك بقيت أخبار حوران قليلة إلى أن زار الخليفة عمر بن الخطاب المنطقة قبل سقوط مدينة القدس فقد أقام في الجابية لمدة ثلاثة أسـابيع و ربما بوشر ببناء المسجد العمري الشهير بمدينة درعا خلال تلك الفترة وقد احتلت حوران مكانه هامة أثناء الحروب الصليبية وأصبحت مركزًا عسكريًا هامًا منع الصلبيين من قطع المواصلات بين دمشـق والقاهرة في تلك الفترة وفي عام /1119/ هاجم بودوان الثاني مدينة درعا واحتلها ولكنه لم يتمكن من مدينة بصرى. وفي النصف الثاني من القرن الثاني عشر برز الكرد الاتابكاة الزنكيون يقودهم عماد الدين الزنكي وقدّر لحـوران أن تظهر في عهد الناصر صلاح الدين الأيوبي الكردي الذي ينطلق من جنوب دمشق ومن حوران إلى نصر حطين 1187 م. وحوران في جميع الأحوال خـلال العصور الوسطى كانت تتبع لدمشق ويقول ياقوت الحموى في القرن الثالث عشر بأن حوران كورة واسعة من أعمال دمشــق في القبلة ذات قرى كبيرة ومـزارع قصبتها بصرى ومنها أذرعات وازرع وغيرهما. وعندما قسمت المنطقة فيما بعد إلى ولايات أصبحت درعــا مركزًا لولاية ســهل حوران ويطلق عليها اسـم البثينة وبصرى مركزًا لولاية جبل حوران وعجلون مركزاً لولاية عجلون ونــوى مركزاً للجيدور و ازرع مركزاً لازرع وكانت درعــا تتصل بطرق رئيسية مع جميع المناطق إذ كانت طريق البريد بين دمشق والقاهرة مارة بالكسوة وغباغب والصنمين وطفس ودرعا واربد حتى غزه. و يأتي المماليك بعد الأيوبين فتصبح درعـا وحوران تحت حكمهم حتى مجيء الأتراك في 1516 م وفي هذه الأثناء تعاني البلاد عامة من عوامل الجمود حتى مطلع القرن العشرين حيث أقيم الخط الحديدي الحجازي وبعث الحياة من جديد في جميع المحطات الواقعة في طريقه وفي مقدمتها درعا وفي عام /1880/ أصبحت حوران متصرفية مؤلفة من ســتة أقضية مركزها المزيريب و هي أقضية الجيدور والجولان والجبل والنقرة وعجلون والبلقاء وكانت درعا مركز لقضاء النقرة وبعد مد الخط الحديدي الحجازي عام 1904م. فقدت المزيريب أهميتها كمركز انطلاق للحج وأصبحت قرية الشيخ سعد مركزاً لمتصرفية حوران ثم نقل فيما بعد إلى الشيخ مسكين ثم إلى ازرع وأخيرًا إلى درعا. وقد شارك أهالي درعا عام 1918م بنشاطات الثورة العربية واتصلوا بالأمير فيصل وعـاهدوه على العمل ضد الأتراك قبل وصول الجيش العربي إليها وتعاون أهالي درعا مع الحركة الوطنية في دمشق وشاركوا المدن السورية لنضالها لطرد المستعمرين في حصار الثكنة العسكرية في درعا لمدة ثلاثة أيام متتالية حتى اضطروا حاميتها إلى الفرار تحت جنح الظلام. تٌعتبر محافظة درعا من المحافظات المتميزة حضارياً وثقافياً عبر التاريخ، حيث شهدت أرضها الدورات الحضارية المتعاقبة، ويكاد لا يخلو مكان في حوران إلا وبه الآثار والأوابد الشاهدة على تواصل الثقافة والحضارة، فهناك في بصرى حيث المسرح الشهير الذي يتسع لحوالي /15000/ فقد شهدت مدرجاته قديماً النشاطات الفنية والموسيقية والثقافية، ومدرج درعـا الخاص بالموسيقى وهناك في أقاصي اللجــاة مدرج سحر الموسيقي، وفي مدينة جاسم ولد شاعر الشعراء أبو تمام حبيب بن أوس الطائي. كل هذه اللوحات الآسرة والمدهشة في محافظة درعــا تبين لنا أن هذه المحافظة كانت دوما الحاضنة للثقافة والحضارة. وفي السنوات الأخيرة شهدت درعــا حالة ثقافية متميزة و زخماً ثقافياً ملموساً، ففي كل أسبوع تستضيف مديريـة الثقافة المحاضرين المشهود لهم من داخل وخارج المحافظة حيث الحضور الكثيف والذي يدهش الضيوف. وشهدت مكتبة المركز نشاطاً ملحوظاً بالرواد الذين تغص بهم قاعات المطالعة، ولا ننسى في هذا المجال الأهمية التي تعطى لأبنائنا الأطفال والعلاقة الأسرية التي باتت تربطهم بالثقافة. قُـدِّرَ لدرعا أنْ تَكون شرارة الثورة ومصدرَ أكبر احتجاجات معارضة للنظام لم يشهدها تاريخ سوريا منذ 50 سنة، حيث بدأت الاحتجاجات في درعا بسبب قيام المخابرات السورية باعتقال عدد من أطفال درعا بسبب كتابتهم عبارات الحرية على مدرستهم في شباط 2011 م وعلى إثر ذلك تظاهر الآلاف أمام الجامع العمري الكبير في درعا البلد بتاريخ 18 - 3 - 2011 م حيث يعد هذا التاريخ هو الانطلاقة الحقيقية للثورة السورية واستشهد في ذلك اليوم إثنان من أبناء درعا (الشهيد حسام عياش والشهيد محمود جوابرة) و كبرت المظاهرات في درعا إلى أن امتدت إلى جميع أنحاء المحافظة ولقد ارتقى منهم شهداء بالآلاف. و مع بداية الأحداث حاول النظام الحاكم في سوريا ترهيب وترويع الأهالي وقام بقتل عدد من خيرة شبابها وناشيطها السياسيين. لكن محاولاته لم تفلح و ازدادت وتيرة الإحتجاجات وانتشرت الثورة إلى باقي مدن سوريا و قراها. وقامت الأجهزة الأمنية التابعة للنظام الحاكم في سوريا بحصار المدينة الصامدة وقطع الماء والكهرباء والاتصالات عن المدينة، و قطعت الغذاء والأدوية كي يرغموا الأهالي على الخنوع والاستسلام للنظام، لكن أهالي المدينة رفضوا ذلك واستمروا رغم ازدياد أعداد القتلى ولم تبق أي طريق إلا وقد استخدمها النظام ناسياً تاريخ هذه المدينة وناسياً تاريخ أهلها الشرفاء الأبطال الذين رفضوا أي عدوان أو استعباد في تاريخهم وما زالت الاحداث القمعية قائمة وما زال أبنائها الشرفاء يقاومون النظام بكافة الطرق السلمية رغم شراسة النظام.
فايز الصلاح
رديف المقداد
أسرة التحرير
موسوعة ويكببيديا
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
محمد العبدة