الجزيرة نت
تصدير المادة
المشاهدات : 3303
شـــــارك المادة
بعد عام من اندلاع الاضطرابات السياسية وسقوط الآلاف من الضحايا على أيدي القوات الحكومية، ظل الافتراض الشائع أن نظام الرئيس بشار الأسد فقد كل شرعية في نظر الشعب السوري. غير أن الحقيقة أعقد من ذلك بكثير، حيث لا تزال شرائح هامة في المجتمع ترى مصيرها مرتبطا جوهريا ببقاء النظام الحاكم.
وتقول صحيفة لوس أنجلوس تايمز الأميركية إن لب الدعم الذي يحظى به الأسد لا يزال يأتيه من الأقلية العلوية التي يُعد الرئيس أحد أفرادها. ويعتقد أغلب العلويين الذين يشكلون نحو 12% من السكان، أن الأسد لم يُحسن إدارة حالة عدم الاستقرار في البلاد لكنهم لا يستطيعون تجاهل حقيقة مفادها أنه في بلد مثل سوريا يمثل السنة أغلبية سكانه فإن طائفتهم ستتعرض على الأرجح للتهميش والأعمال الانتقامية تماما مثلما حدث لأهل السنة في العراق والمسيحيين المارونيين في لبنان، وفق الصحيفة.
على أن من الخطأ الافتراض أن العلويين وحدهم هم من يؤيد الوضع الراهن. فحزب البعث العربي الاشتراكي الذي يستمد تأييده القوي من الفلسطينيين ومن معارضته لإسرائيل، أثبت أنه أداة نافعة ساهمت في إضفاء شرعية على النظام خارج نطاق الطائفة العلوية.
وثمة مصدر آخر يستمد منه الأسد الدعم هو الطائفة المسيحية السورية التي تشكل نحو 10% من السكان. ومع أن مسيحيين كُثراً يرون أن النظام ارتكب العديد من الأخطاء في التعامل مع الحركات الاحتجاجية، فإن خوفا عميقا ومفهوما ينتابهم من حدوث حالة من عدم الاستقرار واتهام بالولاء للنظام كتلك التي أعقبت الإطاحة بصدام حسين في العراق. واضطر معظم المسيحيين العراقيين في نهاية الأمر إلى الفرار من البلاد بعد أن عانوا من مستويات مرتفعة من العنف والترويع.
وثمة أقليات أخرى كالأكراد والدروز السوريين ظلوا إما على تأييدهم للأسد أو امتنعوا عن الانضمام إلى ركب الاحتجاجات لأسباب مماثلة.
وعلى الرغم من أن أهل السنة يؤلفون الغالبية الساحقة من المعارضة السورية لنظام الأسد، فإن هناك سنة آخرين في صفوف حزب البعث لن ينعموا بحظ كبير في سوريا ما بعد الأسد ومن ثم فإنهم لم يُظهروا معارضة للوضع القائم.
وهناك طبقة التجار ورجال الأعمال السنة التي تتمركز أساسا في مدينتي حلب ودمشق ظلت على هامش الاحتجاجات إلى حد كبير. ومع أن بعضهم ظل يدعم عناصر المعارضة فإن معظمهم يخشى من فراغ اقتصادي واجتماعي قد يحدث نتيجة التغيير المفاجئ في قيادة البلاد.
وقد أعربت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون عن أملها في أن ينقلب الجيش على النظام، لكن ذلك يبقى تصورا بعيد الاحتمال. ووفقا لتقديرات حديثة فإن غالبية ضباط الجيش وضباط الصف هم من العلويين وينحدرون أساسا من أفقر مناطق البلاد الريفية.
ويتبوأ أفراد من الطائفة مراكز قيادية في الجيش، بينما يشكل السنة أكثرية المجندين وظل معظمهم على ولائهم للأسد.
وترى لوس أنجلوس تايمز أن عاملا واحدا ظل يحافظ على دعم الجيش للنظام ألا وهو الخوف من "حل حزب البعث" على نفس النهج الذي حدث في عراق ما بعد صدام حسين. وربما يواجه الموالون للنظام من العسكريين مستقبلا قاتما في سوريا ما بعد الأسد.
وما فتئ كثير من العسكريين يرون في دوامة الاضطرابات الدائرة في بلادهم جزءا من مؤامرة خارجية لتقويض الاستقرار الداخلي والدور الإقليمي لسوريا.
وإذا أخذنا كل ذلك في الاعتبار -كما تقول الصحيفة الأميركية- فإن تلك العوامل تمثل قاعدة عريضة وسط الشعب السوري ما برحت تفضل بقاء الأسد في السلطة. وفي ذات الوقت تعاني قوى المعارضة من قلة دعم الأقليات لها وانقسامها ومن بقائها إلى حد بعيد بدون قيادة.
وتمضي الصحيفة إلى القول إن المعارضة ظلت تتبنى شعار تغيير النظام، لكنها لم تطرح حتى الآن رؤية عالمية حقيقية للمستقبل أو كيف ستجتاز سنوات من عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي بعد سقوط الأسد؟
أسرة التحرير
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
محمد العبدة