..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

معركة الغوطة.. حشد عسكري لأهداف سياسية

مجدي طعمة

٢٢ فبراير ٢٠١٨ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 2416

معركة الغوطة.. حشد عسكري لأهداف سياسية

شـــــارك المادة

يعلم النظام السوري - ومن خلفه روسيا - علم اليقين بصعوبة - بل استحالة - تحقيق سيناريو حلب في الغوطة الشرقية على الأقل في الوقت الراهن، عندما استطاعوا إجلاء المدنيين والعسكريين من المنطقة وسيطروا عليها سيطرة مطلقة

والدليل على ذلك هو إفصاح النظام المسبق عن الحملة العسكرية التي ينوي شنها بقيادة كبار ضباط جيشه وبوساطة أقوى الألوية واستخدام معدات خاصة، وإيثاره فقدان عنصر "المباغتة" الذي يرتكز عليه الكثير من العسكريين في حملاتهم القتالية، وذلك لتحويل الغوطة الشرقية من المسار العسكري إلى المسار السياسي بوضعها على طاولات المسؤولين الدوليين في العالم ليتحقق المبتغى السياسي للحملة.

هذا ما يدعوه علماء السياسة بـ "Dog Fight"، أو “قتال الكلاب” وهي الطريقة التي تنتهجها الكلاب بإرهاب خصومها عبر النباح دون الإقدام على الهجوم، والأخبار التي تأتي من طرف قوات المعارضة تثبت هذا، فقد قام النظام بشن هجوم على الناحية الشرقية ولم يتمكن من إحراز أي تقدم ولم يستمر الهجوم سوى ثلاث ساعات، وهذا ما يدل على عدم جدية العمل العسكري.

ولكن على الصعيد الآخر، فإن النظام السوري يستهدف بشراسة وبشكل منقطع النظير التجمعات المدنية في الغوطة، ما نتج عنه الكثير من الضحايا (ما يقارب ٢٥٠ خلال ٤٨ ساعة)، والتي نقلت أحداث الغوطة الشرقية إلى الشاشة العالمية ودفعت المسؤولين في الدول إلى اتخاذ مواقف حيال هذه الهجمة، في خطوة من النظام السوري وحليفته روسيا إلى استخدام ورقة المدنيين كورقة ضاغطة على الفصائل العسكرية لتحقيق مراد هذه الحملة وهدفها.

وعليه؛ فإنه من الممكن الاستنباط بأن الهجوم على الغوطة الشرقية هو عسكري للفوز بمكاسب سياسية لكل من روسيا والنظام السوري، وتتجلى هذه المكتسبات بإرغام الفصائل العسكرية المتمركزة في الغوطة على الموافقة على المسار (العسكري - السياسي) الذي ترسمه روسيا في سوريا (أستانة-سوتشي).

من المتوقع أن يعطل التدخل الأمريكي (المحتمل) والدول المناوئة لروسيا هذا الهجوم، وذلك باتخاذ مبادرات من شأنها زيادة وتيرة الهجوم على الجبهات الأخرى للثوار مع النظام، كدعم الجبهة الجنوبية (جنوب سوريا) أو دعم فصائل الغوطة، أو محاولة لتشكيل غرفة عمليات مشتركة، سواء كانت على مستوى الغوطة أم على مستوى أكبر.

ومن الناحية العسكرية، فالمتوقع أن فصائل الغوطة الشرقية - بقطاعَيها العسكريين؛ جيش الإسلام وفيلق الرحمن - لديها القدرات التي تمكنهم من صد هذه الحملة العسكرية، من ناحية التجهيزات والتحصينات للجبهات من جهة، وبتمرّس المقاتلين على صد هجمات مشابهة على مدى السنوات الخمس الماضية من جهة أخرى، لكن الإشكالية تبقى هي مدى القدرة على حماية المدنيين بتجهيز الملاجئ والمحافظة على المشافي وتأمين الأغذية والأدوية، وتعمل المنظمات المدنية على الحفاظ على معنويات المدنيين، لسحب الاستفادة من هذه الورقة من يد القوات المهاجمة.

في ظل عدم قدرة النظام السوري على إغلاق ملف معارضيه ضمن الغوطة الشرقية، سيبقى يناور لتحصيل أكبر المكتسبات، فإن لم يستطع تحقيق النصر العسكري سيحاول تحقيق المكاسب السياسية، والمتوقع أن الحملة العسكرية الحالية تدخل في هذا السياق، وعلى الرغم من أن الفصائل العسكرية خسرت الزخم الأول للثورة السورية، ولكنها لا زالت تحافظ على جبهاتها مع النظام متحصنة في كانتوناتها تدافع عن مكتسباتها السابقة، ولكن المدنيين في مناطق سيطرة المعارضة السورية لا زالوا يدفعون الثمن الأعظم لعدم وجود دولة أو منظومة دولية تؤمّن حمايتهم وإبعاد شبح القتل عنهم

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع