المرصد الاستراتيجي
تصدير المادة
المشاهدات : 3272
شـــــارك المادة
تقوم الإدارة الأمريكية بوضع خطط جديدة لمرحلة ما بعد الحرب في سوريا، وتعمل في الوقت نفسه على إعادة نشر قواتها لتحقيق أهداف رئيسة ثلاثة هي: التصدي للنفوذ الإيراني، وإنشاء منطقة حكم ذاتي للأكراد وغيرهم من الأقليات، ومحاربة تنظيم الدولة.
ولتحقيق ذلك فإن واشنطن تعمل على تعزيز قدراتها العسكرية في عشرة مواقع، هي قاعدتيها الجويتين وثمان نقاط كردية تمتد من عين دادا غربا إلى رميلان شرقاً.
ويثور القلق لدى إدارة ترامب من نوايا بوتين في تعزيز تحالفه مع إيران لإضعاف النفوذ الأمريكي، الأمر الذي دفع بالرئيس الأمريكي للحد من نفوذ بوتين وحلفائه الإيرانيين من خلال العمل على تشكيل تحالف منافس، فيما صرح البنتاغون على نحو حازم بأن عمليات التحالف الدولي التي تحمل اسم "العزم الصلب" مستمرة.
ووفقاً لمصادر أمريكية فإن إدارة ترامب قد حددت أهدافها في ثلاثة نقاط رئيسة هي:
1- تعزيز سيطرة قوات سوريا الديمقراطية على الجزء الأكبر من منطقة شرق الفرات، والعمل على تحقيق الاعتراف الدولي بهذا الكيان الجديد، وتزويده بالدعم المالي والأمني وإنشاء سلطة حكم محلية.
2- إجراء انتخابات برعاية أمريكية، وتوفير الدعم للسلطة المحلية من خلال تدريب الموظفين الحكوميين ودعم مشاريع إعادة الإعمار وتحسين قطاعات الخدمات العامة وإصلاح البنى التحتية.
3- إنشاء جيش جديد قوامه 30 ألف مقاتل قوامه وحدات "قسد" التي تتشكل من الأكراد والعرب والسريان والتركمان الذين دربتهم الولايات المتحدة لشن العمليات الخاصة، وتكليفهم بمهام حفظ الحدود برعاية عسكرية أمريكية.
ومن المقرر أن تُنشر قوة حرس الحدود على طول الحدود السورية التركية في مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية شرق نهر الفرات، وعلى الضفة الشرقية للنهر وصولاً إلى مدخل النهر إلى العراق، في منفذ البوكمال الحدودي لإقامة نقاط تفتيش ونشر فرق مكافحة العبوات التي خلفها تنظيم "الدولة" في المناطق التي خسرها، ومهام أخرى.
وقد أثارت هذه الخطة مخاوف دمشق وأنقرة وطهران، حيث يسود الانطباع أن الولايات المتحدة ترمي إلى اقتطاع جمهورية مستقلة موالية للولايات المتحدة شمال سوريا بهدف احتواء الأقليات، ولذلك فقد بادر النظام إلى المطالبة بإنهاء الوجود الأمريكي في سوريا، وهو ما تدعمه موسكو بقوة.
كما أثارت الخطة الأمريكية حفيظة الأتراك الذين رأوا أن تحويل قوات سوريا الديمقراطية إلى حرس حدود يمثل تهديداً لأمنهم القومي، الأمر الذي دفعهم للقيام بعمل استباقي عسكري في 20 يناير لإخراج مقاتلي "قسد" من عفرين.
وتشعر موسكو بالصدمة من تلكؤ واشنطن في الوفاء بالتزاماتها في سوريا، حيث وقع الطرفان مذكرة تفاهم تنص على اعتبار نهر الفرات خطاً فاصلاً بين مناطق شرق النهر تسيطر عليها "قوات سوريا الديمقراطية" من جهة، ومناطق غرب الفرات تحت سيطرة قوات النظام السوري بحماية الجيش الروسي من جهة ثانية، واستمرار التنسيق العسكري وإقرار اتفاق "خفض التصعيد" جنوب غربي سوريا مقابل دعم حل سياسي يقتصر على إصلاحات دستورية في دمشق. وكان ذلك بمثابة قرار أمريكي بـترك غرب الفرات إلى روسيا وحلفائها.
وتتهم موسكو القوات الأمريكية بتقديم السلاح النوعي للمعارضة، في حين ترى إدارة ترامب أن بوتين ليس مهتماً ولا جاهزاً لأن يكون شريكاً لواشنطن في سعيها لاحتواء التوسع الإيراني في سوريا، ولذلك فإنها قررت عرقلة محاولة استئثار موسكو بالعملية السياسية عبر عمليتي "أستانة" و"سوتشي" لتحل محل عملية "جنيف"، وأبلغت موسكو أنها باقية عسكرياً وسياسياً، وأنها تخطط لإنشاء إقليم خاص بها شرق الفرات.
ويبدو أن الولايات المتحدة لا تريد لتحالف تركيا مع فصائل المعارضة أو لتحالف روسيا مع النظام السيطرة على أجزاءٍ كبيرة من سوريا، بل تعمل على تقوية المجالس المحلية المدنية، وتبني مشاريع إعادة الإعمار عبر حض دول التحالف الدولي لتوفير الموارد المالية والبشرية لإعمار المدن المدمرة، وتعزيز الخدمات والبنية التحتية، وتدريب الأجهزة الحكومية والقضائية، وتوفير حماية جوية لهذه المناطق، وبقاء القواعد العسكرية التي تضم خمس قواعد شرق نهر الفرات يعمل فيها نحو ألفي عسكري وخبير أميركي، وتحقيق الاعتراف الدبلوماسي لهذه المناطق، فضلاً عن دعم العملية الانتخابية الجارية في مناطق "فيدرالية الشمال".
ووفقاً لتقرير نشره موقع "ديبكا" الاستخباراتي (2 فبراير 2018) فإن مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية مايك بومبيو يعمل على تعزيز القواعد الأمريكية شمالي سوريا والعراق بالمدفعية الثقيلة والمروحيات والمقاتلات والمدرعات، وذلك تمهيداً لمواجهات محتملة على أربعة جبهات هي:
1- منبج: ترغب الإدارة الأمريكية وقف عملية "غصن الزيتون"، ولتحقيق ذلك فقد أرسل بومبيو تحذيراً شديد اللهجة لرئيس جهاز الاستخبارات التركي (MIT) حقان فيدان يحذره من مغبة التقدم باتجاه منبج.
2- دير الزور: حيث تعمل القوات الأمريكية على تعزيز قدرات قوات سوريا الديمقراطية، وتمكينها من تشكيل حائط صد أمام قوات النظام وميلشيا "حزب الله" ومنعهم ن التقدم باتجاه الحدود السورية-العراقية.
3- الحدود السورية العراقية في إقليم الأنبار: حيث تعمل القوات الخاصة الأمريكية على تشكيل تحالف من عشائر المنطقة، حيث لا يوجد مقاتلون أكراد يمكن الاعتماد عليهم في تلك المناطق.
4- منطقة التنف شرقي سوريا: حيث تتمركز وحدة من القوات الخاصة الأمريكية ووحدة مهام خاصة تابعة لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية لمنع النظام وحلفائه من تشكيل قوة في تلك المنطقة الاستراتيجية، وقد تم تنفيذ عمليات نوعية ضد عناصر من الميلشيات الموالية للنظام، والتي حاولت الاقتراب من القوات الأمريكية فتم استهدافها وقتل خمس من عناصرها على الفور.
أحمد حمزة
العربية نت
الأناضول
أسرة التحرير
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
محمد العبدة