..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

الغوطة الشرقية بعد اتفاق "خفض التصعيد"

زياد الشامي

٢٣ ٢٠١٧ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 2866

الغوطة الشرقية بعد اتفاق

شـــــارك المادة

تعاني الغوطة الشرقية بريف دمشق من الحصار المفروض عليها من قبل قوات النظام النصيري منذ خمس سنوات تقريبا , ناهيك عن تعرض شوارعها وأسواقها ومختلف مناطقها طوال تلك السنوات للقصف المستمر الذي لم يبق من البنى التحتية إلا اسمها ولا من الخدمات ومستلزمات الحياة إلا رسمها .  

لم يختلف حال الغوطة الشرقية بعد إعلان عضو المكتب السياسي لجيش الإسلام "محمد علوش" من القاهرة في أغسطس الماضي عن التوصل لاتفاق مع الروس يقضي بضم الغوطة الشرقية لمناطق ما يسمى "خفض التصعيد" عما كان قبلها....بل يمكن القول : إن الأمر ازداد سوءا في خاصرة العاصمة دمشق بعد ذلك الاتفاق !!  

 

وعلى الرغم من أن أهم بنود الاتفاق الذي أعلن عنه "علوش" تنص على : فك الحصار عن الغوطة الشرقية والبدء بإدخال المساعدات الإنسانية عبر الأمم المتحدة مع رفض تهجير أي مدني أو مقاتل من الغوطة واحتفاظ الفصائل بأسلحتها وعدم تسليمها للنظام , ناهيك عن بند عودة اللاجئين المهجرين من الغوطة إلى منازلهم  و وضع آلية للأفراج عن جميع المعتقلين عبر بدء التفاوض مع الجانب الروسي حول هذه النقطة...... إلا أن أيا من ذلك لم يحصل , بل انقلب حال الغوطة الشرقية بعد الإعلان عن توقيع الاتفاق إلى أسوأ مما كان عليه الحال من قبل .  

أما القصف بمختلف أنواع القذائف والأسلحة فلم يتوقف على أحياء الغوطة الشرقية لا قبل ولا بعد الاتفاق المزعوم , ناهيك عن محاولات النظام النصيري ومرتزقته التوسع على حساب مناطق سيطرة فصائل الثورة السورية في الغوطة تحت غطاء اتفاق "خفض التصعيد" !!  

 

وأما الحصار الخانق المفروض على أهالي الغوطة الأحرار منذ سنوات فقد ازداد شدة بعد ضم الغوطة لمناطق ما يسمى "خفض التصعيد" لتظهر آثاره الكارثية في موت الأطفال بسبب الجوع وسوء التغذية وموت الرجال والنساء والشيوخ بسبب نقص الأدوية والمستلزمات الطبية الضرورية .  

خطر تشديد الحصار على أهالي الغوطة الشرقية ومنع النظام النصيري إدخال المساعدات الإنسانية والمستلزمات الطبية يهدد حياة حوالي 400 ألف مدني بالموت جوعا أو مرضا وسط صمت دولي مشين . 

حصدت الأيام القليلة العصيبة الماضية التي مرت على الغوطة الشرقية وهي تحت هذا الحصار الخانق أرواح العديد من الأطفال بسبب سوء التغذية , وتناقلت وسائل الإعلام الصورة المؤلمة المفجعة للرضيعة ذات الــ34 يوما "سحر دفضع" التي لفظت أنفاسها الأخيرة أمس الأحد بسبب معاناتها منذ ولادتها من سوء التغذية الذي عانت منه أمها - وما زالت - بطبيعة الحال .  

 

منظر الرضيعة "سحر" المؤلم وصورتها التي صدمت إنسانية كل من رآها يمكن أن يتكرر مع إشراقة كل يوم يستمر فيه الحصار الخانق على أهالي الغوطة الشرقية , فهناك أكثر من 25% من أطغال الغوطة يعانون من نقص تغذية شديد نقلا عن المركز الطبي الوحيد الذي ما زال موجودا هناك . 

"إسماعيل الحكيم" الطبيب في مركز الحكيم للرعاية الصحية الأولية في الغوطة الشرقية قال : إن مركزهم شهد خلال الأشهر الثلاثة الماضية 10 وفيات من الأطفال بسبب سوء التغذية، بينها 7 حالات لرضع تحت سن 6 أشهر، إلى جانب 3 حالات من 6-5 سنوات.

وأشار الحكيم لوكالة الأناضول إلى أن أعداد الوفيات فعليا أكثر من هذا العدد ولكن يصعب احصائها بشكل كامل بسبب انقطاع زيارة أهالي الطفل المريض عن زيارة المركز , مضيفا أن المركز قام بإحصاء الحالة الصحية لـ9100 طفل في الغوطة خلال الأشهر الستة الأخيرة الماضية من المرحلة العمرية 6 أشهر -5 سنوات ، مؤكدا أن نسبة الإصابة بسوء التغذية بينهم وصل إلى 25%، أي ما يقارب 1806 طفل بنسب متفاوتة، مشدداً على أن العدد الحقيقي أكبر بكثير من الإحصائية .

 

المأساة الإنسانية التي يعيشها أهالي الغوطة الشرقية جراء اشتداد الحصار وثقها بعض الإعلاميين الذين أكدوا أن هناك 252 حالة طبية حرجة بحاجة إلى إخراج فوري إلى مراكز العلاج خارج الغوطة، منوهين بأن المستشفيات الميدانية تعاني من نقص كبير بالمواد الطبية والخاصة بـ (جلسات غسيل الكلى، أدوية الأطفال، أدوية القلب، أدوية السل، أدوية ضغط الدم، المستلزمات الجراحية الخاصة بالعمليات، أدوية التخدير) ومذكرين بعدد المرافق الصحية التي دمرتها آلة الحرب النصيرية الروسية والتي وصلت إلى 40 مشفىً ومستوصفاً ومركزاً طبياً. 

ناشطون إعلاميون في داخل سورية وخارجها أطلقوا حملة إعلامية لفك الحصار عن الغوطة الشرقية عبر هاشتاغ #الأسد_يحاصر الغوطة لتسليط الضوء على معاناة أهلنا في الغوطة الشرقية بعد أن وصلت بهم الحال إلى حدود المجاعة وفقدان أبسط المواد الأساسية . 

إن ما تشهده الغوطة الشرقية بريف دمشق من حصار خانق وما تناقلته وسائل الإعلام من صور مرعبة لأطفال رضع يموتون جوعا جراء اشتداد الحصار رغم التوقيع على اتفاق ما يسمى "خفض التصعيد" يشير بوضوح إلى حقيقة الحل السلمي المزعوم الذي تروج له روسيا وإيران والنظام النصيري , الذي هو في واقع الأمر استسلام بثوب اتفاق سلام .  

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع