علي حسين باكير
تصدير المادة
المشاهدات : 3939
شـــــارك المادة
يتزايد الكلام مؤخراً عن قرب انتهاء الحرب في سوريا، وإن كنّا لا نعرف ما هي الحرب المشار إليها هنا، وهل هي حرب النظام على الشعب، أم حرب التحالف على داعش، أم حرب القوى الكبرى للتنافس على النفوذ في سوريا، فإن التنظير في هذا المجال يكاد لا ينقطع. يستند المنظّرون إلى عدد من المؤشرات التي توحي بقرب الوصول إلى هذه النتيجة، وأهمّها تراجع المد الثوري بسبب تعب الناس والخسائر الكبيرة البشرية والنفسية والمادية، التي منوا بها نتيجة تقاطع المصالح الدولية ضد ثورتهم، والتزام حلفاء الأسد بدعمه، وتشرذم أصدقاء الثورة السورية وسياساتهم الفوضويّة، وتعويلهم على الولايات المتّحدة الأميركية. هذا التوصيف للوضع الحالي صحيح، لكن الموضوع أكثر تعقيداً في صورته التفصيلية، وأقل ضبابيّة في صورته العامة. نظام الأسد انتهى عملياً في العام 2012، وسواء بقي بشار الأسد الآن كما تريد معظم دول العالم، أو رحل طوعاً، أو رغماً عنه، فإن جميع الفاعلين الدوليين يركّزون حالياً على شقيّن، الأول هو الحد من الخسائر، والثاني هو التحضير لليوم التالي لمرحلة ما بعد الأسد. لا فرق إن انتهت مرحلة الأسد غداً أو بعد سنة أو بعد 5 سنوات، الجميع بما في ذلك حلفاء النظام الأساسيون أي روسيا وإيران، يبنون حساباتهم الاستراتيجية السياسية والاقتصادية والأمنية في سوريا على مرحلة ما بعد الأسد. بالطبع يريدون بقاء الأسد لأسباب كثيرة، لكن أحدها هو أن بقاءه سيعطيهم الوقت الكافي للتركيز على تعزيز نفوذهم هناك بعده، ولا يمكن بأي حال من الأحوال تفسير ذلك على أنه نهاية للحرب في سوريا. على كل من يدّعي أنّ الحرب في سوريا انتهت، أو أنها على وشك أن تنتهي لتعود الأمور إلى ما كانت عليه سابقاً أن يسأل نفسه السؤال التالي: «لماذا ثار الناس في مارس 2011»؟ إذا اعتقد البعض أن الثورة جاءت بسبب الوضع الاقتصادي، فالوضع الآن -بعد أكثر من ست سنوات- أسوأ بالتأكيد. وإذا آمن البعض أن الثورة جاءت بسبب المنظومة الأمنيّة الفاشية للنظام البعثي في سوريا، فإن هذه المنظومة -التي أدت إلى مقتل مئات الآلاف من البشر وتهجير وتشريد الملايين من الشعب السوري- لا تزال قائمة بشكل أو بآخر، وإذا كان الأمر يتعلق بعائلة الأسد والأقليّة المساندة لها، فهذه لا تزال موجودة. بمعنى آخر، الأسباب التي أدّت إلى اندلاع الثورة في سوريا عام 2011، لا تزال قائمة إن لم نقل إنّها تفاقمت بالتأكيد. ما يجري الآن هو مجرّد مرحلة وستعقبها مراحل أخرى من دون شك. عندما يغرق كثير من الخبراء والمحللين في التفاصيل، يتم عادة إهمال الصورة الكبيرة، ويضيع كذلك حينها المسار الذي تمّ البناء عليه عندما تمّ الدخول في التفاصيل. ما يجب الرجوع إليه دوماً في مثل هذه المعطيات هو قاعدة بسيطة، إذا ما بقيت الأسباب قائمة فمن شبه المستحيل القول إن الحرب انتهت. سيكون هناك صعود وهبوط وتقدّم وتراجع، وبدل المعركة الرئيسية ستكون هناك معارك متعدّدة على السياسة والاقتصاد والأمن والجغرافيا والنفوذ، لكن الحرب أبعد من أن تنتهي لمصلحة الديكتاتور.
العرب القطرية
أمير سعيد
ماجد كيالي
سلام الكواكبي
حسين عبد العزيز
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة