محمد مصطفى عبد الرزاق
تصدير المادة
المشاهدات : 3349
شـــــارك المادة
لعل الكثير يسأل عن سر تعنت الرئيس السوري بمواقفه وعدم إبداء أي تنازل أو تساهل لما يحصل في سوريا؛ هل هو قادر على الخروج من هذه الثورة منتصراً؟ أم هو عاجز لا يستطيع أن يقدِّم قراراً أو يؤخره؟ أم هنالك هدف يسعى للوصول إليه؟
إن كان قادراً على القضاء على الثورة والثائرين فهذا غير مستبعد ولكن بطريقة واحدة وهي أن يقضي ويبيد مدناً بأكملها على رؤوس قاطنيها. وإن كان عاجزاً عن اتخاذ القرار، وهذا مستبعد وإن كانت النسبة ليست عالية في هذا الخيار، والتعليل أن من يقود الحكم في سوريا لا يتمثل بشخص الرئيس فقط، بل هنالك شبكة يقف وراءها الكثير من المنتفعين والمرتزقة ممن لا يسمح لبشار بأن يتنازل أو يتساهل حفاظاً على المكاسب والمغانم، ونخص بالذكر منهم الحلقة الأقرب إلى الحكم من الأخ والأخت والأخوال والزوجة وأقاربها ثم الأبعد فالأبعد من أبناء الطائفة الواحدة ثم الذين يلونهم من المرتزقة والمتسولين من كبار الضباط والتجار الفاسدين والموظفين المختلسين واللصوص. أو أن يكون هنالك هدفاً يسعى إلى تحقيقه قبل الرحيل؛ فهذا الخيار ليس بالمستبعد ولا بالغريب. ودعونا ننظر بسرعة لتاريخ حكم الأسد لسوريا وعلاقته بمن حوله، وخاصة عند نشوب الأزمات التي تؤدي إلى زوال الرجال وتبدل الحكام. وخير ما نبدأ به بعد وصول الأسد الأب إلى الحكم، ما قام به من أعمال تصفية لمن حوله من أنصار الانقلاب من أبناء طائفته ورفاقه في الحزب والنضال بتصفية الرجل تلو الآخر يظهر بالدليل القاطع عدم تورع الأب على تدمير وإهلاك كل من يحاول أو يشك أنه قد يحاول نزع الحكم من يديه أو مشاركته إياه، ولو أدى ذلك إلى زوال وتدمير مدن أو شعوب. وما حصل في حماة 1982م، وكيف سهل عليه أن يقصف مدينة آهلة بالسكان المدنيين بالصواريخ والدبابات والمدافع حتى تهدمت المدينة على رؤوس أهلها، وأصبحت حماة بثلثي أحيائها أثراً بعد عين ليضمن استمرار حكمه وبقائه. وقد سبق ذلك في عام 1976م لما شعر الأسد بخطر تعاظم المقاومة الفلسطينية عليه وعلى حكمه في لبنان، توجه مسرعاً إلى تل الزعتر أحد مراكز المقاومة الفلسطينية، فحاصرها وأعمل فيها القتل مع الكتائب اللبنانية المتطرفة، فقتل أكثر من 3000 فلسطيني في عملية إبادة جماعية لسكان المخيم بعد أن قطع الماء والكهرباء والطعام لعدة أيام عنهم قبل أن يقوم جيشه بتلك المذبحة، واستمرت المطاردة لأهل المخيم مما جعل الناجين من المذبحة يأكلون لحوم الأموات من المقاتلين ولحوم الكلاب والقطط خوفاً من الموت جوعاً، حتى استسلموا للقتل أو الاعتقال والتنكيل ثم تمَّ تسوية المخيم أرضاً ومسحه من الوجود. ورحل الأب ليتسلم الابن الراية المضرجة بدماء الأبرياء، إلا أن الأفكار والمبادئ التي حكم بها الأب ورثها الابن عنه، وقديماً قالوا: "ومن يشابه أباه فما ظلم"، فما إن ظهرت بوادر رياح الثورة والتغيير التي تهزُّ كرسي الحكم وتؤذن بقرب الزوال حتى رجعت صورة الأب في أفعال الابن، فسلط على كل من ينادي بالتغيير مُدية القتل وسوط التعذيب والقهر والإذلال، لا يتورع في سبيل الحفاظ على حكمه أن يقتل ويشرِّد ويبيد كل من يقف عثرة في بقاء الحكم واستمراره، والحقيقة التي ينبغي ألا تغيب عن أعيننا أن الأب والابن من بعده لم ينظرا إلى سوريا وشعبها نظر حاكم وشعب، أو نظرة رئيس ومرؤوس، بل نظرا بمبادئ وعقيدة لا تتغير خلاصتها أن هنالك سادة وعبيداً ومخدومين وخدماً وأرضاً مباحة وشعباً يقدم فروض الطاعة والولاء والذل والخنوع لجلاده دون سؤال أو اعتراض. ومن يخرج عن القاعدة فمصيره مصير حماة ومخيم تل الزعتر، أو حمزة الخطيب أو ثامر الشرعي أو غياث مطر.
وللحديث بقية.....
المصدر: أرفلون نت
خالد خوجة
علي العبد الله
غازي دحمان
بشير البكر
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة