خالد روشه
تصدير المادة
المشاهدات : 4705
شـــــارك المادة
كثيرة هي عقبات الطريق السائر إلى الفلاح والنجاح والفوز بالرضوان من الله والجنة ، والصالح الموفق من تخطاها ولم يتعثر بها. وكثيرة هي الأخرى سقطات تلك الطريق، بينما يظن المرء أنه قادر على ذلك الطريق وصالح للسير فيه. وأنا هنا أنبهك ونفسي إلى ثلاث سقطات مهلكات .. أولاً: خيانة العهد مع الله : إن خيانة العهود صفة من صفات المنافقين, وعلامة من علامات النفاق, والمؤمن لا يخون أبدًا, بل يفي بعهده مع ربه سبحانه وتعالى وفاءً تامًا إلى يوم يلقاه. وكم عاهدنا الله عهودًا؟ وكم عقدنا من عقود, نقر فيها بالعودة إليه والإنابة له سبحانه, ثم ها نحن نخلف العهود, وننقض الوعود, ولا ندري هل يأتينا الموت في وقت نوف فيه أو في وقت غيره؟! فكن وفيًا بعهد الله الذي عاهدت, وكن ثابتًا على وعده سبحانه, وإياك أن تتساقط في الطريق وإياك أن ترتد على أدبارك رغبة في دنيا أو خوفًا من الناس, فما أناب إلى الله من خان عهده وغدر به. قال الله تعالى: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ} [النحل: 91], وقال سبحانه: {وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا} [البقرة: 177]. قال ابن القيم: "وهذا يتناول عهودهم مع الله بالوفاء له بالإخلاص والإيمان والطاعة, وعهودهم مع الخلق". وأنت أيها العامل لله والداعية إلى الله: كن وفيًا لدعوتك, ثابتًا على منهجك مهما حصل لك ومهما تغيرت أحوالك الدنيوية. وأنت يا طالب العلم, كن وفيًا لعلمك الذي تعلمته, صادعًا بالحق, غير مُخْفٍ له ولا مبدل مهما حصل لك, فارفع صوتك بكلمة الحق وقل كلمة العلم حتى في أحلك الظروف. ثانياً: غفلة القلب أثناء العمل: فكثير منا يكتفي في فعله للطاعات والعبادات بأن يؤديها وينتهي منها, ولا يحرص على تدبر معانيها والتحقق فيها والخشوع, ولا يحرص أن يحضر قلبه أثناء عملها, ولا يحرص أن يستشعر قلبه معانيها, فتنتهي العبادة والطاعة وما بقي منها في القلب شيئًا, وهو تقصير واضح منا في السعي للشعور بأثر تلك العبادات في قلوبنا. يقول الإمام ابن القيم رحمه الله: "فبين العمل وبين القلب مسافة, وفي تلك المسافة قُطَّاع تمنع وصول العمل إلى القلب, فيكون الرجل كثير العمل, وما وصل منه إلى قلبه محبة ولا خوف ولا رجاء ولا زهد في الدنيا ولا رغبة في الآخرة ولا نور يفرق بين أولياء الله وأعدائه وبين الحق والباطل, ولا قوة في أمره, فلو وصل أثر الأعمال إلى قلبه لاستنار وأشرق ورأى الحق والباطل, وميز بين أولياء الله وأعدائه" * عن عمار بن ياسر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله e يقول: (إن الرجل لينصرف ومـا كتـب له إلا عُشر صلاته, تُسعها, ثمنها, سبعها, سدسها, خمسها, ربعها, ثلثها, نصفها) النسائي قال الألباني - رحمه الله -: "أي عشر ثوابها لما أخل بالخشوع والخضوع وغير ذلك" فعلينا أن نحرص على التدبر أثناء العبادات وعلى الخشوع فيها والإخلاص التام لله فيها, وأن نسأل الله أن يعيننا على حسن عبادته عز وجل. * عن مطرف عن أبيه رضي الله عنه قال: "رأيت رسول الله يصلي, وفي صدره أزيز كأزيز الرحى من البكاء" أبو داود ثالثاً: نسيان النفس والغفلة عن عيوبها: فعندما يبدأ قلب المؤمن بالتفتح والسير في طريق الطاعة والعبادة, يرى الناس من حوله وهم غافلون ضائعون, في هذا الجو يصير عنده نوع من الشعور بالذات ونوع من الغفلة عن عيوب النفس. وكم في النفس من عيوب؟ فلا يصح للمؤمن بحال أن يغفل عن عيوب نفسه, فإنه إن لم يطلع على عيوب نفسه لم يمكنه إزالة تلك العيوب أبدًا, وظل بين الناس يظن نفسه خيرهم ولا يرى بنفسه عيبًا أبدًا, وتراه وقافًا على عيوب الناس, محبًا لنقدهم وتبيين أخطائهم, كارهًا لمن وجه إليه نصيحة أو بصّره بعيب فيه, فيكون ذلك مدخل العجب والكبر في نفسه, وصعب عليه بعد ذلك إصلاحه. قال يونس بن عبيد: "إني لأجد مائة خصلة من خصال الخير ما أعلم أن في نفسي منها واحدة". وقال محمد بن واسع: "لو كان للذنوب ريحٌ ما قدر أحد أن يجلس إليّ". وقال مالك بن دينار: "رحم الله عبدًا قال لنفسه: ألست صاحبة كذا, ألست صاحبة كذا, ثم ذمّها, ثم خطمها, ثم ألزمها كتاب الله فكان لها قائدًا". وقال مطرف بن عبد الله: "لأن أبيت نائمًا وأصبح نادمًا أحب إلي من أن أبيت قائمًا وأصبح معجبًا". وقال أبو وهب المروزي: "سألت ابن المبارك: ما الكبر؟ قال: أن تزدري الناس, فسألته عن العجب؟ قال: أن ترى أن عندك شيئًا ليس عند غيرك, لا أعلم في المصلين شيئًا شرًا من العجب". إن الدعوة الإسلامية في أمس حاجة للأوفياء لها, الذين يضحون في سبيل الله بكل غال في سبيل رفعة دينه, الذين يثبتون على عهودهم كالجبال الرواسي , ويرفعون راية لا إله إلا الله خفاقة عالية, يرفعونها على هاماتهم رغم الجراح, فتعلو رايتهم, ويبشرون بالجنة.
موقع المسلم
خالد البيانوني
سلمان العودة
أحمد المحمدي
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة