مجاهد مأمون ديرانية
تصدير المادة
المشاهدات : 3088
شـــــارك المادة
يقول كثيرون: لماذا نهتم بتركيا أو نشعر بأننا مدينون لها بأي دَين؟ أليست تسعى إلى مصالحها وتقدّمها على مصلحة سوريا والثورة؟ هذا صحيح قطعاً، إلا أن في تصويره بلهجة الطعن والتخوين قدراً كبيراً من البلاهة والتضليل. بالطبع ينبغي أن تقدّم تركيا مصلحتها على مصلحة غيرها، ولو لم تفعل لكانت خائنة لنفسها ولشعبها. وهل رفعت تركيا في أي يوم لافتة فوق معابرها الحدودية ومطاراتها وموانئها تقول: مرحباً بكم في "منظمة تركيا الخيرية"؟ على أن الآلاف من المطّلعين الثقات يشهدون أن تركيا قدمت وحدها للثورة السورية وللشعب السوري ما لم تقدمه دول الأرض مجتمعة، وأنها ما تزال حريصة على سوريا والسوريين كما كانت من أول يوم، ويشهد سجلّ خمس سنين أن الثورة تَقوَى بقوة تركيا وتضعف بضعفها. وفي الحقيقة فإن إضعاف تركيا هو إضعاف للثورة، فلا يحبّه ولا يسعى إليه إلا خائن أو جاهل. أما رعايتها لمصلحتها فإنه حق وضرورة، فإن لم تفعل لن تنجح في رعاية مصالح غيرها، لأنها ستضعف فتفقد القدرة على مساعدة نفسها ومساعدة الآخرين. كل من سافر في طائرة ذات يوم يتذكر تنبيهات الأمان والسلامة: "في حالة نقص الهواء في حجرة الطائرة ستتدلى كمامات للتنفس فوق الرؤوس. إذا كان معك طفل صغير لا تبدأ به، ضع الكمامة على وجهك أولاً وتنفس بانتظام ثم ساعد ولدك الصغير". لماذا؟ لأنك لو لم تساعد نفسك أولاً فلن تستطيع أن تساعد غيرك، فإن العاجز الضعيف لا خير فيه لنفسه ولا لغيره من الناس. إنه قانون صحيح في حالة الفرد، وهو قانون صحيح في حالة الدول والجماعات.
* * * إن دعوة الغلاة إلى معاداة تركيا والتخلي عنها جريمة إنسانية قبل أن تكون جريمة شرعية، فتركيا تقوم اليوم بما قامت به الحبشة يوم الاستضعاف الأول (على ما بينهما من فرق، فتركيا دولة مسلمة يَدين أهلها بالإسلام، وتلك لم تكن كذلك، فكان النجاشي وحدَه وقليلٌ من قومه على الإسلام، ولم يُظهره ولا حكمَ به خوفاً من قومه، على ما حقّقه ابن تيميّة وغيره من العلماء) فهل تتخيلون أيَّ جريمة في حق المسلمين المهاجرين المستضعَفين كان سيرتكبها جَهَلةٌ يَدْعون إلى إضعاف دولة النجاشي وإسقاطها لأنها لم تحكم بالإسلام كما يزعمون؟! لقد أصبحت تركيا في السنوات الأخيرة ملاذاً للخائفين والمستضعَفين من المسلمين جميعاً، ويكفي أن ننظر إلى ملايين السوريين والفلسطينيين والعراقيين والمصريين الذين يقيمون فيها ويتمتعون بالأمان. سوف يبقى هؤلاء جميعاً في خير وأمان ما بقيت تركيا نفسها في خير وأمان. كدت أقول: هذا أوان رَدّ الجميل. لكن الأمر أكبر من ذلك، إنه ليس رداً لدَين قديم فحسب، بل هو أيضاً استثمار لمشروع ناجح، فإن كل شجرة خير نزرعها في تركيا في هذه الأيام سنشارك في قطف ثمرها في قادم الأيام. من قناة الكاتب على تلغرام
عبد المنعم زين الدين
محمد الأمين
برهان غليون
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة