..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

بل لقد انتصرنا مرتين قبل موعد الانتصار الأخير

محمد ديرانية

٢٦ ٢٠١٦ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 2537

بل لقد انتصرنا مرتين قبل موعد الانتصار الأخير
من الثوار 098.jpg

شـــــارك المادة

إن الآلام والمخاضات التي انصبّت على ثورتنا، لم تلقها ثورة على مرّ التاريخ، ثمّ استمرت بالصمود.

فبإمكانياتها البسيطة، وخبرة ضعيفة، وإرادة قويّة وصادقة، خرج الجيلُ الأول من الثورة، يطالبُ بحريته، وبمحاسبة الظالمين، فصبّ النظام جام غضبه عليها، وأغدق عليها من القتل والوحشية والحقد الطائفي ما لا تقوى على حمله الشعوب، لكنّ شدة الظلم لم تزد أبناء الثورة بثورتهم إلا تمسكاً، وبقضيتهم إلا إيماناً.
ثمّ لما بالغ النظام في استخدام السلاح بوحشية، لم يجد الثوارُ بداَ من مجاراته باستخدام السلاح الخفيف، لدفع الظلم عنهم، وكسر شوكته.
بأسلحة بسيطة، وإرادة قوية، وصدق في الطوية، تمكن الثوار من التغلب على النظام في كثيرٍ من المعارك، دعته إلى الاستنجاد بالميليشيات الطائفية من لبنان، فما كان من ثوار سوريا، إلا أن غلبوهم بإذن الله كذلك، وردوهم توابيت وأكفانَ إلى حيث جاؤوا.
ثمّ استنجد النظامُ بحليفته إيران، والميليشيات الطائفية، فجاؤوا بالآلاف متوهمين أنهم يدافعون عن مجد أهل البيت وحرمتهم عليهم السلام، فيقتلوا الناس، ويصبوا النار فوق رؤوس النساء والأطفال والشيوخ، وينتهكوا حرمات المساجد، مدعومين بالمال وأشد أنواع الأسلحة، وبالطيران والمدفعية، إضافة إلى حصانة وصمت دوليٍّ عن جرائمهم.
لكنّ كل هذه الصعاب لم تُثنِ الشباب الثائر بإمكانياته البسيطة عن مواصلة مسيرته، فأرسل الميليشيات الطائفية إلى بلدانهم جثثاً، وباتت شوارع إيران ولبنان والساحل السوري تقامُ فيها عشرات الجنائز، وتستقبل مئات الجثث.
شبابٌ بخبرات وأسلحة بسيطة، ضدّ جيوش منظمة ومدجّجة بالسلاح، فكانت الغلبة لصاحب القضية الحقة، والإرادة الخالصة، وانتصر شباب الثورة.
خمس سنوات مرت على الثورة، والنظام يتداعى وينهزمُ ويخسرُ جنوده ومناطقه، ولمّا شعرَ بأنّ الثوار قد مدّوا أنظارهم ناحية دمشق والساحل والمناطق الحساسة، وأنهم باتوا منظمين أكثر من ذي قبل، وأيقن الخسارة القريبة، استنجد بالجيش الروسي، أحد أقوى جيوش العالم، ليصب النار فوق رؤوس الأطفال والنساء وشباب الثورة.
فدمر الكثير في حلب وحمص وحماه والساحل، مستخدماً أشدّ أنواع الأسلحة، وأكثرها فتكاً، دون أن يمتلك الثوار ما يوازي عُشرَها، تراجع الثوار على إثرها، وخسروا عدة مناطق، إلا أنّه لم تمضِ عدة أشهر حتى امتصّوا التدخل الروسي وابتلعوه, وعادوا فاستردوا ما خسروه، وأسقطوا من الطيران الروسي، وفاوضوا على جثته لتحصيل مكاسب من النظام وروسيا، وحرروا مناطق جديدة، غير مكترثين بكل الدعم العسكري والمالي الذي يحظى به النظام، مُتوّجاً بالصمت والسكوت الدولي عن جرائمه.
يسألُ سائلٌ اليوم! هل هُزمنا أم انتصرنا؟!
ولعلّنا نتنحّى ونتركُ الجوابَ للمنطق وللسنة النبوية لتجيبنا، وأما المنطق، فإنّ الانتصارات والصمود والثبات الذي حققه الثوار بعد كل ما عانوه ووقف في وجههم، ومختلف أشكال الدعم التي تلقاها النظام ولم يزل، يعدُّ نصراً ساحقاً، فالثبات والصمود يعد أحد أوجه النصر، فكيف إن زاد عليها تحريرُ مناطق جديدة، وتهديد مصالح النظام، واغتنامُ الكثير من أسلحته وذخائره؟!
وأما السنة النبوية فدوننا موقف رسول الله صلى الله عليه وسلم، يوم وقف في بدر يدعوربه [إن تهلك هذه العصبة لن تُعبد، اللهم أنجز لي ما وعدتني]..
فالرسولُ في دعائه كان قد حدد الهدف الذي يريده تماماً، وهو الثبات في معركة بدر رغم قلة العدد والانتصار في تلك الغزوة بالتحديد، لا الانتصار النهائي على المشركين ممن أخرجوه من أرضه.
وبالتالي فإن تحديد مفهوم النصرُ له دورٌ مهمٌّ في صناعة الإجابة على السؤال.
إذا كان النصرُ الذي يعنيه السؤال، بالانتصار على الأعداء كلهم، وتحرير سائر الأراضي السورية من رجس النظام وحلفائه، فإنّ الجواب: لا.. لم نحقق هذا النصر بعد.
لكن إذا كان مفهوم النصر هو تحرير مناطق جديدة والثبات والصمود في وجه أعتى الجيوش والأسلحة وأكثرها فتكاً؟ فإن الجواب: نعم.. بكل تأكيد.
بل.. لقد انتصرنا مرتين، وقبل موعد الانتصار الأخير..
مرةً يوم خرجنا عن صمتنا وتغلّبنا على خوفنا وأعلنّاها ثورة على النظام، ومرّة حين صمدنا بوجه آلة الحرب الوحشية التي تداعت علينا من كل أنحاء العالم.

إلا أننا لم نبلغُ بعد ذاك الانتصار النهائيّ الذي يقضي بانتهاء الثورة بالظفر على عدوها.
ربما في السابق، كان بالإمكان تجنيبُ الثورة الكثير من الآلام والخسائر، إلا أنّ الثوار قصروا في ذلك لمختلف الأسباب والأخطاء والعثرات.
إلا أنّ هذه العثرات والأخطاء لا تُلغي أبداً واجب الاعتراف بالانتصارات الكبيرة التي حققها الشهداء والثوار على امتداد سنوات ست، والالتفاف حولها.
سائلاً الله للفصائل الهداية للالتحام والاعتصام بعمل موحد، والسداد في مهمتهم العصيبة، وأن يربط على قلوبهم، ويشدّ من أزرهم.

 

 

رؤية للثقافة والإعلام

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع