..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

لماذا ليس من الممكن إعادة تسويق بشار الأسد

عماد بوظو

١٦ ٢٠١٦ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 2595

لماذا ليس من الممكن إعادة تسويق بشار الأسد
بشار 0000.jpg

شـــــارك المادة

أقيمت في بداية شهر حزيران الحالي ندوة في واشنطن دعي إليها شيعة عراقيّون موالون لإيران تحت إسم منظّمة مجهولة هدفها المعلن هو الدعوة لتشكيل تحالف واسع لمحاربة تنظيم القاعدة و داعش، بينما هدفها الحقيقي هو الترويج للمحور الشيعي الإيراني كشريك فعّال في هذا التحالف، وبما أنّ إدارة الرئيس أوباما تعتبر المحور الإيراني شريكا أساسيّا في محاربة داعش في العراق بل و تقوم أحيانا بدور سلاح الجوّ الخاص للحشد الشعبي: وهو تشكيل عسكري شيعي صافي مدعوم بمستشارين وعسكريّين إيرانيّين بمن فيهم قاسم سليماني المشمول نظريّا بعقوبات أمريكيّة!! فإنّ هدف الندوة الحقيقي كان الدعوة لضمّ ميليشيا الأسد لهذا التحالف و لذلك فقد استضافت الندوة بثينة شعبان عبر السكايب و تمّت دعوة أغلب وكالات الأنباء الدوليّة .

بعد أن افتتح منظّم الندوة الجلسة بدقيقة صمت حدادا على أرواح ضحايا 11 أيلول ليستدرّ حسب توقّعه تعاطف الحاضرين، طالب بوضوح بمعاملة النظام السوري كما تتم معاملة الحكم العراقي واستنكر ازدواجيّة المعايير عند رفض اعتبار عصابة الأسد شريكا في محاربة الإرهاب! ثم بدأ بمقدّمة يمهّد فيها لبثينة شعبان من خلال إظهارها كأكاديميّة خرّيجة جامعات أميركا وأوروبّا ومرشّحة لجائزة نوبل للسلام عام 2005!! ظنّ منظّمو الندوة أنّ أمورهم تسير على ما يرام حتّى بدأت أسئلة الصحفيّين.

وهنا اتّضح أنّ آمال منّظمي الندوة قد تبخّرت، فبالإضافة لجرائم نظام الأسد خلال سنوات الثورة السوريّة والّتي كان المنظّمون يتوقّعونها ومستعدّين سلفا لإنكارها واعتبارها جزءا من حملة منظّمة هدفها تشويه سمعة نظام الأسد، لكنّ المشكلة أنّ بثينة شعبان نفسها مطلوبة من الإنتربول الدولي لموضوع آخر وهو قضيّة ميشال سماحة الّذي قام بنقل متفجّرات من سوريا إلى لبنان لتفجير أهداف مسيحيّة بهدف إحداث صراع طائفي في لبنان، تسلمها حسب اعترافه المسجّل من قادة مخابرات الأسد وبمعرفة بشار الأسد ومستشارته بثينة شعبان، ولذلك عند إثارة هذه النقطة لم يكن عند بثينة شعبان أي إجابة حولها سوى توزيع الشتائم والاتّهامات على من يوجّه مثل هذه الأسئلة.

وبالنتيجة فقد كان للندوة آثار معاكسة تماما لأهداف منظّميها حتّى أنّ صحيفة الديلي تلغراف البريطانيّة قد قالت تعقيبا على الندوة إنّ بثينة شعبان أكثر شرّا من سيّدها كما أنّ منّظمي الندوة أنفسهم قد يصبحون مكان مساءلة قانونيّة عن كيفيّة استضافتهم لشخص مشمول بالعقوبات الأمريكيّة وكذلك عن علاقة بعضهم مع أطراف مصنّفة على قائمة الإرهاب الأمريكيّة كحزب الله وغيره أي أنّ السحر قد انقلب على الساحر.

هذه الندوة تختصر وتقدّم صورة عن أي محاولة لتلميع نظام الأسد فلهذا النظام المافيوي سجل من الجرائم الهائلة الّتي لا يمكن القفز فوقها، وقد صرّح الكثير من القضاة في المحاكم الجنائية الدولية أن ما حدث ويحدث في سوريا هو أكثر الجرائم ضد الإنسانيّة توثيقا عبر التاريخ إبتداء من الكيماوي إلى براميل وصواريخ الأرض-أرض إلى ملف المعتقلين- الموثّق منهم أحد عشر ألف شهيد بالاسم والصورة والفرع الّذي تمّت تصفيتهم فيه - و هذا ليس سوى جزء بسيط من هذا الملف" , إلى الحصار واستخدام التجويع كسلاح حرب، إلى الاغتصاب... فقد تم ارتكاب كل الجرائم المعروفة بتاريخ البشرية في سوريا وبدم بارد وموثّقة بالكامل.

وفوق ذلك هناك قائمة جرائم أخرى ارتكبها نظام الأسد خارج سوريا من أشهرها اغتيال رفيق الحريري 2005 ورغم أنّ محكمته بطيئة لكنّها مستمرّة وقد جمعت آلاف الأدلّة لقضية متكاملة عن كيفيّة التخطيط والتنفيذ لهذه الجريمة، ومن نفّذها ومن أصدر الأوامر بذلك وقد رافقها وسبقها وأعقبها عشرات الجرائم الأخرى لكل من طالب باستقلال لبنان من الاحتلال السوري، وجميعهم من قادة الفكر ورموز الثقافة والقادة السياسيّين المرموقين في لبنان.

كما أنّ هناك ملفّات سابقة لاغتيالات وتفجيرات وإرهاب قام بها النظام السوري حول العالم خلال سنواته الطويلة، لذلك من الصعب جدّا أن تجد أي جهة أو طرف مهما كانت درجة تعاطفها الضمني مع نظام الأسد، أن تستطيع إعلان تأييدها له بل نراها تحاول النأي عنه ولكنّها بالمقابل تلجأ لمهاجمة معارضيه، وتشكّك بوجود بديل أقل سوءا منه وهذا يشمل حتّى الروس والإيرانيّين وحزب الله الّذين يرسلون قوّاتهم للدفاع عنه ويموت شبابهم في سبيله، لكنّهم عند تبرير ذلك يقولون نحن لا ندافع عن نظام الأسد ويدلون بسلسلة من الذرائع لتبرير موقفهم مثل مكافحة الإرهاب أو الخشية من الفوضى أو غيرها من الأكاذيب.

وإذا كان هذا حال حلفاء الأسد المعلنين فكيف سيكون موقف الأطراف الأخرى.

وعند مراجعتنا لموقف الإدارة الأمريكيّة خلال السنوات الماضية ندرك كم كان يتمنّى الرئيس الأمريكي أوباما ووزير خارجيّته كيري لو لم يكن لهذا النظام كل هذا الملف الهائل من الجرائم، لكانوا قد أعلنوا على الملأ رغبتهم بتسويقه عوضا عن ادّعاء رفض بقاء الأسد إعلاميّا ثم القيام عمليّا بكل ما من شأنه المحافظة عليه. و هذا بالضبط ما حصل مع رفعت أسد عندما حاول الترويج لنفسه كبديل عن ابن أخيه، عندها ظهرت للعلن جرائمه مرّة أخرى مثل سجن تدمر والموثّق باعترافات مسجّلة من بعض من شاركوا فيها والّتي نقلت على الهواء بالتلفزيون الأردني عقب محاولة فاشلة لاغتيال رئيس وزراء الأردن!! وعشرات الجرائم المماثلة بالإضافة لتجارة المخدّرات والآثار ممّا أدّى لإفشال محاولته.

وهناك ظاهرة غريبة لا توجد إلّا عند عائلة الأسد وهي أنّ عائلة كاملة بعد وجودها خمسين سنة كاملة في السلطة وتجميع ثروة خرافيّة لم تنتج شخصا واحدا محترما بعد ثلاثة أجيال بل حتّى أنّ الأجيال الأصغر عوضا عن أن تكون قد أصبحت أكثر علما أو ثقافة أو مؤهّلات أو تهذيبا نراها أكثر فسادا وإجراما ممن سبقوها وكلّهم بلا استثناء لصوص ومهرّبين وقتلة وشبّيحة؟!. ولكل ذلك فإنّ العائلات العلويّة العريقة تنظر لعائلة الأسد كمضرب مثل بالغباء والتخلف.

ومن هنا فإنّ حلفاء نظام الأسد لا يجدون ما يقولونه للدفاع عنه حتّى أنّ مقارنته بالعصابات والمافيات فيه ظلم لهؤلاء لأنّ عصابة الأسد لا تعرف أي محرّمات فهم يقتلون ويغتصبون النساء يقصفون دور العبادة ويذبحون الأطفال لا يوجد جريمة لم يفعلوها أو يترفّعون عنها بينما حتّى للعصابات المعروفة هناك قواعد ومحرّمات لا يتجاوزونها، فكيف يمكن تسويق أو تلميع مثل هذا النظام؟

 

 

أورينت نت

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع