..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

حول جرائم السياسة بحق الأخلاق

ياسر الزعاترة

٨ يونيو ٢٠١٦ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 3057

حول جرائم السياسة بحق الأخلاق
الزعاترة 00.jpg

شـــــارك المادة

مؤخرا، كتب سعود المولى المثقف والأكاديمي والباحث اللبناني الشيعي المعروف، تعليقا في صفحته بفيسبوك يقول: «أسوأ أنواع المثقفين والصحفيين والسياسيين هم اللبنانيون والفلسطينيون والأردنيون الذين يعرفون طبيعة نظام الوحش المجرم (نظام بشار)، ويعرفون ماذا يجري في سجونه، وكم مات تحت التعذيب، وكم بقي في حالة الموت البطيء… وكم وكم وكم؟ لكنهم يدعمون نظام الإجرام الذي لا مثيل له في التاريخ المعاصر، تحت يافطة البوصلة والممانعة… سيلعنكم التاريخ».
ومع أنني أرفض قصر الأمر في جنسيات بعينها، إلا أن القصة تستحق التوقف فعلا، إذ أي مكان للأخلاق في أجندة هذه الفئة من الناس؟ وكيف يحدث أن ينحازوا إلى القتلة والفاسدين على هذا النحو المفضوح؟ وهل السياسة عندهم شيء، والأخلاق شيء آخر؟!
لا يقولن أحد إنهم يؤيدون بشار، لأن بديله هو تنظيم الدولة، فقد فعلوا ذلك والشعب يبذل الدم في الشوارع لشهور دون أن تطلق رصاصة واحدة، بل حين كان النظام يتوسل تلك الرصاصة لأجل إدانة الثورة بالإرهاب، كما هي عبارة فاروق الشرع التي كلفته إقامة جبرية، بل إن أولئك المثقفين يعرفون تماما أن قرار عسكرة الثورة هو قرار النظام، وهو أطلق السلفيين الجهاديين من سجونه لأجل ذلك، اعتقادا منه بأن ذلك سيسهّل عليه وأدها بعد وصمها بتهمة الإرهاب.
ليس هذا هو النموذج الوحيد في غياب الأخلاق في منظومة المثقفين، إذ بوسعك أن تعثر على نماذج لا تحصى من انحياز كثير منهم للقمع والفساد، من دون أن يعدموا التبريرات، ذلك أن مهمة العقل هي التبرير، وهو قادر على ذلك، من دون أن يعني ذلك قدرته على الإقناع، إذ أن الضمائر الحية ليست برسم الاحتلال من قبل تلك التبريرات الواهية لمواقف لا صلة لها بالقيم ولا بالأخلاق.

يحدث أيضا أن تغيب الأخلاق حتى عن ممارسات بعض الإسلاميين السياسية، ويحدث أن تجد منهم من يتحالف مع الظلم والفساد ضد أناس من نفس لونه الحزبي، وأقله الأيديولوجي، ودائما بمبررات واهية عن المصلحة، التي غالبا ما تُختصر في مصلحة الحزب أو التوجه أو التيار، وصولا إلى مصلحة الفئة، بل حتى الشخص في كثير من الأحيان.
كما يحدث بين هذا وذاك، أن تتنكر فئات لأصولها الاعتقادية.. نعم لأصولها الاعتقادية في سياقات سياسية مفضوحة، كما هو حال المنظومة الشيعية التابعة لإيران في وقوفها إلى جانب طاغية سوريا، وتحالفها مع طاغية اليمن المخلوع ضد ثورة الشعب، ذلك أن الحسين الذي يرفعون رايته لم يكن سوى نموذج للشعب السوري الثائر بل إن الفارق كبير جدا بين يزيد وبين بشار، فكم عدد الذين قتلهم يزيد، مقابل من قتلهم بشار؟ وإذا تحدثوا عن المقاومة والممانعة، فقد كانت جيوش يزيد في حالة اشتباك مع الأعداء حين خرج عليه الحسين.
هنا يدوس أولئك على هذا الأصل الاعتقادي، وينحازون لطاغية فاسد في سوريا، ولتحالف مع آخر في اليمن، كل ذلك بشعارات كاذبة، كأن الشعب السوري الذي فاجأ الجميع بثورته، هو شعب خائن وعميل، وأن الشرف منحصر في آل الأسد، وآل مخلوف، وأدواتهم الأمنية، أو كأن مخلوع اليمن قد تحوّل إلى مقاوم وممانع!!
لا توجد عدالة مطلقة في الأرض، فكثيرا ما يموت الطغاة وهم في «هيلمانهم»، وتُقام لهم المراسم، وتُصنع لهم التماثيل، لكن عدالة السماء شيء آخر، وقبلها وبعدها عدالة التاريخ في وضع كل في مكانه الصحيح، وإن كانت هذه غير مطلقة أيضا، بحضور الكثير من التدليس والتزوير.

 

 

العرب القطرية

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع