أحمد محمد
تصدير المادة
المشاهدات : 3396
شـــــارك المادة
"من غير المقبول" أن يضع الجنود الأمريكان شارات "وحدات حماية الشعب الكردية"، هكذا بدا تعليق وزير الخارجية التركي، مولود جاوش أوغلو، هشّاً، أمام حقيقة أن قوات المهام الخاصة للدولة العظمى في العالم تنزل إلى مستوى أن يضع جنودها على بزاتهم العسكرية شارات لمليشيات انفصالية، متهمة من منظمات حقوقية عالمية مرموقة وذات شأن بارتكابها جرائم إبادة، وتهجير قسري، وإرهاب ذي طابع عنصري.
جاويش أوغلو أوصى واشنطن متهكماً؛ "بوضع شعارات داعش، والنصرة، والقاعدة، عندما يتوجهون إلى المناطق الأخرى في سوريا، وشعارات بوكو حرام عندما يذهبون إلى أفريقيا"، في إشارة إلى ما تراه أنقرة "كيلاً بمكيالين"، و"نفاق" الدول الغربية في تعاطيها مع المنظمات الإرهابية، لا التعامل مع بعضها ومحاربة بعضها.
واعتبر جاويش أوغلو، الجمعة -في مؤتمر صحفي، تعليقاً على صور تظهر جنوداً أمريكيين يرتدون بزات عسكرية عليها شعار تنظيم "ي ب ك"، الذراع السوري لمنظمة "بي كا كا" الإرهابية- أن "استخدام جنود دولة تعد شريكتنا، وحازمة في محاربة الإرهاب، شعار منظمة إرهابية أمر لا يمكن قبوله".
وكانت وكالة الأنباء الفرنسية بثت أمس، الخميس، صوراً تظهر جنوداً أمريكيين إلى جانب مقاتلين من "وحدات حماية الشعب" في ريف محافظة الرقة السورية، وهي مليشيات كردية مسلحة تعدها تركيا امتداداً لمنظمة "حزب العمال الكردستاني"، وكلاهما مصنف منظمات إرهابية لديها، وتشكل هذه المليشيات العمود الفقري في تحالف ما يسمى "قوات سوريا الديمقراطية"، المدعومة من واشنطن وموسكو.
وأظهرت الصور جنوداً أمريكيين يضعون شارات وعلم "وحدات حماية الشعب".
وفي حين تقول الولايات المتحدة إنّ مهمة الـ250 جندياً، و"عشرات المستشارين" الذين أرسلتهم إلى سوريا، تقتصر على المشورة والإسناد، إلا أن الصور كشفت عن جنود يركبون مع أقرانهم من المليشيات الكردية سيارات دفع رباعي مثبتاً عليها رشاشات.
وتعامل تركيا وحدات حماية الشعب أسوة بحزب العمال الكردستاني، الذي يخوض تمرداً ضد القوات التركية منذ 1984؛ مطالباً بحكم ذاتي للأكراد، وتسبب الدعم الأمريكي لهذه القوات في توتير العلاقات مع أنقرة، حليفتها في حلف شمال الأطلسي.
وليس الأمر أن الولايات المتحدة الأمريكية لم تسمع أو تعرف بانتهاكات مليشيات وحدات حماية الشعب، ففي أواخر أبريل/نيسان الماضي، دانت الخارجية الأمريكية قيام المليشيات الكردية بعرض جثث العشرات من قتلى الجيش الحر (وهو مدعوم أمريكياً) على متن شاحنة مكشوفة في شوراع مدينة عفرين (إحدى أهم معاقل المليشيات الكردية) بريف حلب.
إلا أن الولايات المتحدة الأمريكية لا تصنف الوحدات الكردية منظمة إرهابية، وتنظر لها على أنها "الأفضل استعداداً لمحاربة تنظيم الدولة"، بعد فشل القوة الصغيرة التي دربتها من الجيش الحر في مهمتها.
ويبدو أن الولايات المتحدة تريد "استخدام" الأكراد، واستثمار حماسهم لضرب تنظيم الدولة، والقضاء عليه؛ لتحقيق "أي نصر" ممكن قبل انتهاء ولاية الرئيس، باراك أوباما، حتى لو كان ذلك يقتضي النزول إلى مستوى رفع شارات الانفصاليين.
ويمكن تفسير الخطوة الأمريكية بأنها تهدف إلى حماية جنودها، وهو ما لا يمكن التثبت منه.
وأعلنت مليشيات كردية -على رأسها وحدات حماية الشعب، في مارس/آذار الماضي- نظاماً فيدرالياً في مناطق سيطرتهم في شمال سوريا، وهي مبادرة لاقت رفضاً من نظام دمشق والمعارضة السورية على حد سواء.
وفي 24 من شهر مايو/أيار الجاري، افتتح حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD)، الجناح السياسي للوحدات، الذي ينشط في شمال سوريا، ويتهم بالقيام بأعمال إرهابية، "مكتباً تمثيلياً" في باريس، التي لا تعترف بالحزب رسمياً.
وسبق له أن افتتح مكتباً تمثيلياً في موسكو في فبراير/شباط الماضي، رغم أن السلطات الروسية لم تمنحه صفة دبلوماسية، كما افتتح ممثليات أيضاً في استوكهولم وبرلين.
هذا التعاون الغربي مع مليشيات متهمة مراراً بارتكاب انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان، وتسعى علناً لتقسيم سوريا، يخلق أسئلة عديدة حول تعريف الإرهاب لدى الدول الغربية، وهل يقتصر على أنه أعمال العنف التي تهدد مصالح تلك الدول فحسب، بصرف النظر عما إذا كان يمارس أعمال عنف وإبادة تطال مدنيين في دول أخرى؟
وتستفيد هذه المليشيات ميدانياً من دعم الولايات المتحدة، بالإضافة إلى روسيا، التي تريد ضمهم إلى أي محادثات حول مستقبل سوريا، فيما تقاتل المعارضة السورية حزب (PYD) كما تقاتل تنظيم الدولة، إذ تعدهم حلفاء لنظام دمشق بالأمر الواقع.
ودخلت الحرب على تنظيم الدولة في سوريا منحى جديداً عندما زار قائد القوات الأمريكية في الشرق الأوسط، الجنرال جوزيف فوتيل، -سراً- الشمال السوري؛ بهدف التحضير لهجوم الرقة، معقل تنظيم الدولة في سوريا، حيث التقى مع خبراء عسكريين يعملون مع المليشيات الكردية.
الخليج أونلاين
أنور مالك
سعد محيو
أحمد النعيمي
زياد الشامي
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة