..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

أصدقاء الشعب السوري.. من أوردغان إلى عنان

عبد العزيز المشوح

١٤ ٢٠١٢ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 6363

أصدقاء الشعب السوري.. من أوردغان إلى عنان
7.jpeg

شـــــارك المادة

منذ قيام الثورة السورية المباركة في منتصف نيسان 2011م وردود الفعل الدولية تتفاوت بين شد وجذب وفتور وتراخي، تتصاعد التصريحات ثم تنخفض وتقوى المواقف ثم تضعف، وعواصم العالم تشهد حركة دؤوبة من القاهرة إلى إيران من تركيا إلى أمريكا ومن دمشق إلى روسيا والصين..


كل ذلك والشعب السوري المسكين يسحق، يقتل أبناؤه وتهدّم المنازل على رؤوسهم.. وينزح أطفاله ونساؤه إلى الدول المجاورة فارين يطلبون النجاة من بطش الظالم وحقده. فقد فاقت أعدادهم مائة وعشرين ألفاً في الأردن، وثلاثين ألفاً في تركيا، وعشرين ألفاً في لبنان، والحبل على الجرار.. هذا عدا عن نزوح لا يقل عن ثمان مئة ألف داخلياً، فقد امتلأت المحافظات السورية والتي هي أقل عرضة للبطش كدمشق وحلب ودير الزور والجزيرة بأعداد الهاربين من حمص وحماة وإدلب..
كل ذلك بفعل المجازر التي يشيب لهولها الولدان في ريف دمشق، مثل رنكوس وسقبا والزبداني.. وريف حلب، مثل: عندان وحريتان وإعزاز والأتارب، وريف حماة، مثل: اللطامنة وطيبة الإمام وقلعة المضيق، وريف إدلب، مثل: تفتناز وجسر الشغور..
هذا دون التغاضي عن حمص التي هجرها أهلها وأصبحت خاوية على عروشها في أكثر حاراتها الإحدى عشرة، حتى أنّ الصور المروعة تحت الركام والجثث التي مضى عليها أكثر من شهر، لا أحد يستطيع الاقتراب منها خوفاً من القناصة الذين يعتلون المناطق المرتفعة ليقنصوا كُلَّ متحرك يمر على الأرض.
كل هذه الصورة القاتمة والمجتمع الدولي يعيش مهرجان التصريحات وطلاقة الخطباء، وبرودة المبادرات، وتسويف المواعيد، وتمديد المهل..
* عنان.. تطواف حول العالم:
والنتيجة وعود كبيرة ومظاهر كاذبة وتصريحات جوفاء، فمن العمل العسكري ضد سوريا إلى تسليح الجيش الحر إلى فرض مناطق عازلة إلى ممرات آمنة.. إلى معونات إغاثية.. تجدد قائمة الطلبات ضد النظام لتتحول إلى وساطة كوفي عنان المشهورة والمتضمنة للنقاط الست والتي على رأسها: وقف القتال، وسحب الآليات العسكرية، والسماح بالتظاهر السلمي، وإخراج السجناء، والإغاثة العاجلة.
وحتى كتابة هذه الكلمات، وقد انتهت مهلة عنان بعد تمديدها يومين، لم يتغير شيء على الأرض.. فقد اتسم أمس الخميس بالهدوء الحذر في بعض المناطق مع قصف وتدمير في مناطق أخرى، بينما الآليات العسكرية لا تزال تراوح مكانها، والمظاهرات السلمية رغم كل ذلك تنطلق في كل مكان والعالم كأنَّ على رؤوسهم الطير ينتظرون ويُراقبون..
والشعب السوري مُصرّ على أنّ ثورته للجميع ليعلن اسم هذه الجمعة: "ثورة لكل السوريين"، بأعراقهم بطوائفهم بألوانهم المجتمعية، وفئاتهم الاجتماعية..
   * فجيعة الشعب السوري:
وإذا كان هذا الشعب الشجاع والمصابر.. قد فجع في المجتمع الدولي منذ تصريحات أردوغان النارية إلى تصريحات قطر والسعودية الثورية.. ومنذ مؤتمر أصدقاء سوريا الذي عقد في تونس في 24/ فبراير/ 2012م، والذي لم يتمكن من التوصل إلى قرار بتسليح الجيش السوري لمواجهة النظام السوري فضلاً عن التدخل العسكري، ولم يوافق على نقل السلطة كما يحدث في اليمن؛ فإن الموقف الدولي يزداد ميوعة وضبابية وتسويفاً لا يرقى إلى تضحيات هذا الشعب المسالم.
كما لم يسفر المؤتمر الثاني لأصدقاء سوريا، والذي عقد في إسطنبول في بداية نيسان 2012م، عن النتائج المرجوة منه، والتي سعت إلى تحقيقها قطر والسعودية في دعم تسليح المعارضة السورية، بل إنّ كلمات المتحدثين في المؤتمر لم تتطرق إلى هذه النقطة رغم أن أمين الجامعة العربية رفع سقف مطالب الجامعة باستصدار قرار من مجلس الأمن تحت "البند السابع"، وهو الطلب الذي لم يخرج عن جدران المؤتمر خوفاً من الفيتو الروسي والصيني.
وإذا كان من قرارات المؤتمر الإيجابية الاعتراف بالمجلس الوطني السوري ممثلاً شرعياً للشعب السوري وليس الممثل الشرعي الوحيد، مما سماه "غليون" بنصف الكأس الملآن، فإنه حديث خرافة يا أم عمرو، لأنه ليس له أثر على أرض الواقع.
كل ذلك يحدث وزيارات كوفي عنان المكوكية إلى روسيا والصين وتركيا وإيران تعمق فكرة الحل السياسي للأزمة، والتي لا تعدو مجرد خيال أو أحلام في أذهان الساسة الدوليين والمنظرين العالميين الذين يحسبون خطواتهم بدقة، ويخافون من حرب في المنطقة أحد أطرافها الرئيسة إيران، ولعل الملف النووي الإيراني أحد اللاعبين بقوة في ملف الأزمة، فيرفع وتيرتها حيناً ويخفضها أخرى لتبقى القضية كالمرأة المعلقة.. لا راجعة ولا مطلقة.. تراوح بين سياسات الدول ومصالحها التي تُفرض علينا ونحن لا حول ولا قوة لنا..
بل تحول الموقف الدولي إلى لوم المعارضة ومساواتها بالنظام، فيقول عنان: على كل الأطراف احترام إطلاق النار، ويجب وقف العنف من الطرفين، وتحول رأيه إلى إرسال مراقبين دوليين. وأصبح المجتمع الدولي يغازل النظام السوري ويقدم له من الأعذار والمبررات ما يجعله يزداد في غيّه وعدوانه..
* إيران جزء من الحل:
أما إيران، فإنها تطلب منح دمشق فرصة لإجراء التغييرات اللازمة، فعنان يعتقد أن إيران جزء من الحل ويريد منها زيادة الضغط على سوريا، وهو محق في ذلك، فالحرس الثوري الإيراني يجوس في الأراضي ويقوم بمخابراته وقنصه وتعذيبه للمدنيين، ويقولون بكل صراحة إنهم مع النظام حتى النهاية..
* الاعتماد على النفس:
وأخيراً: كان الاعتداء على معسكرات النازحين على الحدود التركية وقتل بعض المدنيين وجرح الآخرين منتهى التطاول والتعدي أمام موقف تركي بارد يطلب نجدة حلف النيتو في الرد على هذا التعدي، حتى وصل الأمر بالشعب السوري أن يكتب خلال التظاهرات على لافتاته الشامخة:
- "إدلب ستخصص مكانات آمنة للجنود الأتراك"..
- "إسطنبول حمص معاكِ للموت"...
إشارة فيها كثير من الغمز والألم، رغم كل موقف تركيا الواضحة المعالم، ولكنها الموازنات الدولية والخوف من القادم.

المصدر: مجلة العصر

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع