الجمهورية
تصدير المادة
المشاهدات : 3466
شـــــارك المادة
يقول زوّار دمشق إنّ الرئيس السوري بشار الأسد يعيش حالة معنوية عالية، سببها حسب ما تقول أوساطه، إن قواته تحرز تقدماً ملموساً على الأرض، فيما المعالجات السياسية تتجه أكثر فأكثر لمصلحة الإقرار بقوة النظام واستمراريته.
ومن مظاهر هذه الحالة المعنوية عند الأسد، أنه فتح باب الاستقبال لوفود عربية وإقليمية ودولية متعددة،
محاولاً من خلال هذه الخطوة أن ينفي ما تُصوره "البروباغندا" الإعلامية من أن معارضيه المسلحين قد اقتربوا من القصر الجمهوري، فيما هو يدير البلاد من هذا القصر بنحو طبيعي. لكن المصدر الحقيقي لراحة الأسد، حسب زوار دمشق، يعود إلى شعوره بأنه قد أحرز مجموعة نقاط لمصلحته هي: أولاً، تماسك واضح في بنية الدولة السورية في الداخل والخارج. فعلى رغم من أن عدداً غير قليل من الضباط والعسكريين قد انشقوا عن الجيش، لكن وحدة عسكرية كاملة (سرية، كتيبة، فوج، لواء، فرقة، فيلق) لم تنشق.
كما أن الجسم الدبلوماسي، وهو مقيم خارج سوريا، لم يتعرض لأيّ انشقاق يٌذكر، على رغم عروض ومغريات متعددة يتحدث عنها النظام السوري قُدمت للعاملين في السلك الدبلوماسي ليعلنوا انشقاقهم. ثانياً، واقع المعارضة المتشظي، فلا جسم سياسياً واحداً لهذه المعارضة ولا جسم عسكرياً، بل على العكس من ذلك، فإن التراشق يتصاعد بين معارضي الخارج، والاشتباكات تتوالى بين مقاتلي الداخل. ويتندر مسؤولون في دمشق باشتباكات جرت في سجن رومية في لبنان بين عناصر من "فتح الإسلام" انضمت إلى "جبهة النصرة"، وبين ضابط معتقل ينتمي إلى "الجيش السوري الحر". ثالثاً، التحول المتدرّج في الموقف الأميركي، والذي بلغ ذروته بإعلان الرئيس باراك أوباما في خطاب "حال الأمّة" الأخير أنه متجهٌ إلى الانكفاء لمعالجة قضايا الداخل، وأنه يدعم التسوية السياسية لكل المشكلات الإقليمية القائمة. وقد بدأ هذا التحوّل، منذ أن تقدم شعار مكافحة الإرهاب داخل الأولويات الأميركية مجدداً. وهو شعار تُرجِم رسمياً بإدراج "جبهة النصرة" في لائحة الإرهاب. وتتوقع دمشق أن يشهد لقاء القمة المنتظر بين أوباما ونظيره الروسي فلاديمير بوتين نوعاً من التسليم الأميركي بالحل الروسي للأزمة السورية، وهو حل يرتكز إلى وثيقة جنيف التي تتحدث عن مرحلة انتقالية في وجود الأسد لا في غيابه. رابعاً، التراجع الواضح في الاهتمام الأوروبي بالأزمة السورية. ففرنسا غارقة في مالي، ولندن غير مستعدة لتسليم مبنى السفارة السورية للمعارضة على غرار ما فعلته قطر. خامساً، التصدع المتنامي في جبهة القوى الدولية الخارجية المناهضة للنظام السوري، فأزمة مالي أظهرت انقساماً بين فرنسا وقطر، والانتقادات الدبلوماسية الأميركية لسياسة رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان في تزايد، وموقف دول الخليج، ما عدا قطر، من جماعة "الإخوان المسلمين" يترك آثاره على العلاقات مع النظامين المصري والتونسي خصوصاً.
لكن العامل الرئيسي في الحالة المعنوية للأسد، حسب ما يقول زوار دمشق، تكمن في إحساسه بأن شرائح واسعة من الشعب السوري، قد بدأت تُدرك مخاطر ما يجري، بحيث لم يعد الأمر استهدافا لرئيس أو نظام، وإنما سوريا البلد، ما جعل تظاهرات تنطلق ضد المسلحين في مناطق سيطرتهم واحتجاجات على ممارسات هؤلاء المسلحين، خصوصاً الخطف على الهوية، وهو أمر لم يعرفه السوريون سابقاً، بل إنه دخل مع المسلحين الأجانب إلى بلادهم ومجتمعاتهم. ويروي زوار دمشق أن مجموعات كبيرة من المسلحين والمواطنين السوريين، قد بدأت تتصل بالسلطة وعبر لجان المصالحة الوطنية لتعلن انضوائها تحت لواء الدولة. ناهيك عمّا نُقل أخيراً عن حوار حصل بين وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف والمعارضة السورية توصل من خلاله رئيس الدبلوماسية الروسية إلى اقتناع بأن هذه المعارضة غير مؤهلة، وغير قادرة على الدخول في حوار سياسي، بل إنها تصعّد من شروطها لإدراكها أنها غير مسيطرة على الأرض. فأرض المعارضة في سوريا بدأت تميل لمصلحة "جبهة النصرة" التي، وإن كانت الأكثر شراسة في الميدان، إلاّ أنها الأكثر جهلاً بطبيعة المجتمع السوري وتنوعه، وبرفض القوى الغربية والإقليمية لأيديولوجيتها التي تستطيع أن تُفجّر المجتمع السوري، ولكنها لا تستطيع أن تحكمه. فهل هذه الانطباعات التي يتحدث عنها زوار دمشق مطابقة للواقع؟ أم أنها تعبّر عن رغبات وأمانٍ؟ هذا ما ستكشفه الأيام والأسابيع والأشهر المقبلة.
أحمد أبو مطر
علي سفر
عمر كوش
رضوان زيادة
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة