عماد الدين خيتي
تصدير المادة
المشاهدات : 11057
شـــــارك المادة
تذكير:
عند الحديث عن جبهة النصرة (وهي فرع من القاعدة) فإننا لا نتحدث عن جماعة جهادية أو دعوية كبقية الجماعات، وإنما نتحدث عن جماعة تعتقد أنها الوحيدة صاحبة المنهج الحق، وعلى فكرها ويدها ستقوم دولة الإسلام، وفي زمانها ستتحقق نبوءات آخر الزمان ويدخل الناس في دين الله أفواجًا(1)، فهي الجماعة التي تقود المجتمع دينيًا ودنيويًا، وقد سبق بيان جميع ذلك في المقالات الثلاثة السابقة. * * * آثار علاقة جبهة النصرة بالقيادة العامة لتنظيم القاعدة: من المعلوم أن فروع القاعدة ترتبط بالقيادة العامة للقاعدة بالبيعة، وتترتب على هذه البيعة أمور عديدة، كتنصيب أمراء الجماعات وقضاتهم ومفتيهم، والتوجيهات العامة بإعلان الحرب أو السلم. ومن الأمثلة على ذلك: قول قاسم الريمي أمير (تنظيم القاعدة في جزيرة العرب) للظواهري في كلمته (فما وهنوا لما أصابهم): "أُبايعك على السمع والطاعة، في المنشط والمكره، وفي العسر واليسر، وعلى أَثَرةٍ عليّ، وأن لا أُنازع الأمر أهله، وعلى الجهاد في سبيل الله تعالى، على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ما استطعتُ إلى ذلك سبيلًا" انتهى. وبدورها تلتزم جبهة النصرة بهذه البيعة، ففي كلمة الجولاني (بخصوص الأحداث الأخيرة) قال: "هذه بيعة من أبناء جبهة النصرة ومسؤولهم العام نجددها لشيخ الجهاد الشيخ أيمن الظواهري حفظه الله؛ فإننا نبايع على السمع والطاعة، في المنشط والمكره، والهجرة والجهاد، وأن لا ننازع الأمر أهله إلا أن نرى كفرًا بواحاً لنا فيه من الله برهان" انتهى. وطبيعة هذه البيعة عند القاعدة أنها غير قابلة للحل أو التراجع: قال حارث النظاري من تنظيم القاعدة في اليمن في (بيان بشأن ما ورد في كلمة الشيخ أبي بكر البغدادي (ولو كَرِه الكافرون): "ومما ندين لله به أنه لا يجوز بحال نكث هذه البيعات الملزمة، ونقض هذه العهود المبرمة من غير موجب شرعي، وكذلك لا يجوز بحال التحول والتنقُّل من بيعة فلان إلى بيعة علان دون موجب شرعي..." انتهى. وقال أبو مصعب عبد الودود من فرع تنظيم القاعدة في المغرب في كلمة (عام الجماعة): "لا زلنا على بيعتنا لشيخنا وأميرنا أيمن الظواهري، فهي بيعة شرعية ثبتت في أعناقنا، ولم نر ما يوجب علينا نقضها، وهي بيعة على الجهاد من أجل تحرير بلاد المسلمين وتحكيم الشريعة الإسلامية فيها، واسترجاع الخلافة الراشدة على منهاج النبوة" انتهى. وهذه الألفاظ وما يترتب عليها من أحكام هي من طبيعة البيعة العظمى للحاكم، وليست مجرد بيعة لتنظيم شؤون الجماعة وضبطها(2). والأسئلة التي يمكن أن تطرح على جبهة النصرة في بيعتها لتنظيم القاعدة: 1- ما أثر علاقة جبهة النصرة بتنظيم القاعدة على المشروع السياسي السوري؟ فلو كانت جبهة النصرة شريكًا في الحكم في سوريا، فكيف سيكون تعاملها مع أوامر وتوجيهات الظواهري؟ وهل سيكون التزامها حينذاك للظواهري أم للحاكم في سوريا؟ ولو تعارضت أوامر الظواهري مع الحاكم في سوريا فكيف سيكون تصرفها؟ من الواضح أن الالتزام التنظيمي وآثار البيعة مقدمان على كل التزام، قال الجولاني في برنامج (بلا حدود) مع أحمد منصور على الجزيرة بتاريخ 27-5-2015م: "التوجيهات التي تأتينا من الدكتور أيمن حفظه الله هي أن جبهة النصرة مهمتها في الشام هي إسقاط النظام ورموزه وحلفائه ... ونحن الإرشادات التي أتتنا بعدم استخدام الشام كقاعدة انطلاق لهجمات غربية وأوربية" انتهى. إذًا قرار المشاركة بالحرب والسلم وحصره وتوسيعه هو بيد الظواهري، وانخراط النصرة في حرب على دول أخرى احتمال قائم.. فأي مشروع دولة هذا الذي تسعى إليه جبهة النصرة؟
وهذه العلاقة وصلاحياتها تتضح من خلال عمل اللجنة التي أرسلها الظواهري لتصحيح أوضاع جبهة النصرة في سوريا، فعزلت وعينت أمراء وقادة على المناطق والمدن، وأجرت تعديلات وتغييرات في هيكلية الجبهة، دون أي اعتبار للشعب السوري ومؤسساته!
إن هذا يؤكد ما سبقت الإشارة إليه أن مشروع النصرة في سوريا ليس دولة مستقرة وإنما إمارة وظيفية تؤدي دورها مع بقية (إمارات) القاعدة ضمن مشروع (إدارة التوحش). 2- ما أثر علاقة جبهة النصرة بتنظيم القاعدة على ما يقع لفروع التنظيم في بلدان أخرى إقليمية وعالمية من أحداث؟ وخاصة مع تأييد النصرة لأعمال فروع تنظيم القاعدة في الدول الأخرى الإقليمية كتركيا، وعدة بلدان في الجزيرة العربية، أو عالمية. بل ماذا تتوقع جبهة النصرة من تحديها للعالم بأفعال لها علاقة بارتباطها بالتنظيم كالإعلان عن إنشاء مؤسسة (بأس) للتصنيع العسكري، وجعلها نواة لإمداد (المجاهدين) في العالم بالسلاح، مخاطبة عموم المسلمين بأن هذه فرصتهم لإعانة "الجهاد والمجاهدين في الشام بل في كل الساحات"؟! بل تزيد ذلك التحدي بدعوة جميع المسلمين للتوجه لسوريا لدعم هذه المؤسسة التصنيعية بحجة أن "الجهاد في الشام ليس ملكًا لتنظيم ولا لجماعة ولا لفصيل معين، بل هو لكل المسلمين؛ لذا فدعوتنا عامة لكل المسلمين" انتهى. 3- بل كيف تتوقع جبهة النصرة أن يكون أثر هذا الارتباط والشراكة على مستقبل سوريا ومسار الثورة فيها؟ مع ما في تصرفاتها من استعداء واستدعاء لتدخل هذه الدول ضد الثورة السورية بحجة محاربة الإرهاب؟ إنَّ جبهة النصرة لا تملك حق القرار في هذه الأمور المصيرية التي تمسُّ عامة الشعب السوري وتضر بقضيته وثورته، بل تعد مسؤولة عما يصيب الشعب والثورة جراء هذه التصرفات والارتباطات غير المشروعة وغير المسؤولة.
* * *
آثار بيعة تنظيم القاعدة لطالبان على جبهة النصرة والمشروع السياسي في سوريا: من المعلوم أن تنظيم (القاعدة) مبايع لإمارة طالبان، فقد قال الظواهري في كلمته (مسيرة الوفاء) في بيعته للملا أختر منصور: "فنبايعكم على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وعلى سنة الخلفاء الراشدين المهديين رضي الله عنهم. ونبايعكم على إقامة الشريعة حتى تسود بلاد المسلمين ... ونبايعكم على البراءة من كل حكم أو نظام أو وضع أو عهد أو اتفاق أو ميثاق يخالف الشريعة، سواءً كان نظامًا داخل بلاد المسلمين، أو خارجها ... ونبايعكم على الجهاد لتحرير كل شبر من ديار المسلمين المغتصبة السليبة ... ونبايعكم على جهاد الحكام المبدلين للشرائع، الذين تسلطوا على ديار المسلمين... ونبايعكم على إقامة الخلافة الإسلامية، التي تقوم على اختيار المسلمين ورضاهم، وتنشر العدل وتبسط الشورى، وتحقق الأمن وترفع الظلم وتعيد الحقوق، وترفع راية الجهاد. نبايعكم على كل ذلك، وعلى السمع والطاعة في المعروف في المنشط والمكره والعسر واليسر ما استطعنا" انتهى. والبيعة بهذه الألفاظ وهذه الأهداف هي البيعة العظمى التي لا تكون إلا للحاكم العام، وليست مجرد بيعة تنظيم أو طاعة. والسؤال الذي ينبني على هذه النقطة: 1- ما الآثار التي تترتب على السوريين ومشروعهم السياسي ببيعة جبهة النصرة لإمارة طالبان؟ مع ما هو معروف عن عدم تدخل طالبان في شؤون الدول الأخرى؟ وما أهمية هذه البيعة؟ 2- وبما أنَّ طالبان لها البيعة العظمى على جبهة النصرة فهل سيكون لها تدخل في شؤون سوريا بأي أمر من الأمور؟ وماذا لو تعارضت توجيهات الظواهري مع توجيهات إمارة طالبان؟ 3- سبق أن رفع الجولاني خصومته مع البغدادي للظواهري مستدلاً بأن البيعة الأكبر لكل منهما هي بيعة الظواهري، فقال في (كلمة بخصوص الأحداث الأخيرة): "وإني لأستجيب إذن لدعوة البغدادي حفظه الله بالارتقاء من الأدنى إلى الأعلى وأقول هذه بيعة من أبناء جبهة النصرة ومسؤولهم العام نجددها لشيخ الجهاد الشيخ أيمن الظواهري" انتهى. وبناء على فعل الجولاني ألا يحق لأي فصيل أو مكون سوري أن يتخطى كل من الجولاني والظواهري ثم يرسل خلافه معهما لإمارة طالبان بما أن لها البيعة الأعظم عليه؟ بل ألا يحق ذلك لبقية فروع النصرة في مختلف مناطق سوريا كما فعلت النصرة –فرع (دولة العراق الإسلامية)- مع البغدادي؟ إن جميع هذا يضعف بيعة ومركز الجولاني، ويشوش عليها. اعتراض وجوابه: قد يعترض البعض ويقول إنَّ بيعة جبهة النصرة لتنظيم القاعدة الأم، وبيعة تنظيم القاعدة لطالبان ليست هي البيعة العظمى لأنه ليس هناك إمام عام يحكم جميع العالم، وهو الذي تكون له البيعة العظمى. ويجاب عن ذلك: يمكن أن يقال بهذا الاعتراض لو كان تنظيم القاعدة كبقية التنظيمات الجهادية أو الدعوية التي تسعى لتأسيس دولة كبقية الدول وتنصيب حاكم فيها بالاشتراك مع بقية التنظيمات؛ فتصورها عن ذلك مختلف: - فهي ترى أنها المعنية بتنصيب الحاكم وإقامة الدولة، فالحاكم وإن لم يعين الآن فإنها على الطريق إلى ذلك. - تصورها للدولة مختلف، وما يمنع الآن من تنصيب الحاكم العام مع وجود عدة فروع للقاعدة في عدة دول هو وجود (دول الطاغوت الدولي)، فلا بد من إسقاطها أولاً عبر خطة (إدارة التوحش)، ثم تكون إقامة الدولة وتعيين الحاكم، ولا يمكن إقامتها قبل ذلك. قال عمر محمود عثمان (أبو قتادة الفلسطيني) في حوار مع بعض تلاميذه: "كل الذين يتكلمون عن إنشاء دولة إسلامية في مثل هذا الظرف الدولي، إما أنهم لا يعرفون سلطان الجاهلية ومقدار سيطرتها، وإما أنهم لا يفهمون جوهر الدولة الإسلامية، وخاصة قيامها على الجهاد... لا يمكن أن يجاب عن شكل الدولة الإسلامية إلا بعد أن نلغي مفهوم الدولة" انتهى. لذا فإن السبب الرئيس لنشوء الخلاف بين تنظيم (الدولة) وتنظيم القاعدة هو في تنصيب (الدولة) للخليفة قبل إسقاط هذا (الطاغوت) دون مشورة تنظيم القاعدة، ثم نشأ بعد ذلك التخوين والتكفير والقتال. قال (الفلسطيني) في (ثياب الخليفة): "أمر الإمامة لا يكونُ إلا عن رضى، ولا يحصلُ إلا باتفاق أصحاب الأمر من أهل الشورى، وقد عُلم أن أصحابَ الشوكة هم المجاهدون في سبيلِ الله تعالى في الأرض من سوريا الشام واليمنِ وأفغانستانَ والشيشانِ والصومالِ والجزائرِ وليبيا وغيرهم من أهلِ النكاية في أعداءِ الله، وقد عُقِدَ أمر الخلافة بعيدًا عن هؤلاء" انتهى. ومقصوده -وبقية قادة القاعدة- بأهل الشوكة والمجاهدين والطائفة المنصورة هو تنظيم القاعدة ومن قبل بالدخول تحت إمارتهم حصرًا، فقد قال في مقال (أقلوا عليهم [5]): "بحمد الله مع كل ما تلاقي هذه الجماعة [يعني القاعدة] من فتن داخلية، وما حصل لها من زلزال تمثل بظهور أهل البغي والغلو، بقيت هذه الجماعة هي الأقدر في هذا الظرف على حمل أمانة الجهاد دون غيرها، وهي دون غيرها ما تحمل مستقبل الجهاد الذي تريده أمة الإسلام منه، أي أن يكون جهاداً يحرر المسلم كل المسلم، من الطاغوت كل الطاغوت" انتهى. وقد سبق كلام الجولاني بيان أن جبهة النصرة هي الموكلة بإقامة الحكم في سوريا(3). الخلاصة: من خلال ما سبق من التباس علاقة جبهة النصرة بغيرها من فروع القاعدة، وارتباطها ببيعة للظواهري، وبيعة الظواهري لطالبان يتبيَّن أنه لا وضوح ولا حدود لهذه العلاقات والبيعات، ولا ضوابط يمكن الرجوع إليها عند الخلاف أو في المسائل المتداخلة، وإنما هي راجعة للتفسير الشخصي واللحظي. وهذا ما يفسر اضطراب موقف قيادات القاعدة ومرجعياتهم الشرعية من الخلاف بين البغدادي والجولاني ابتداءً، مرورًا بوصفه بأنه خلاف يسير، ثم وصف تنظيم (الدولة) بالخارجية لما وقع منه تكفير النصرة وقتالها، ثم الرجوع إلى الأمر بوقف القتال ضد التنظيم والنزاع والتعاون معه ضد النظام و(الحملة الصليبية)! بناء على توصيات الظواهري، ويظهر هذا من مجمل كلمات فروع القاعدة عند مراجعتها. وكمثال على هذا الاضطراب موقف طارق عبد الحليم -أحد مرجعياتهم الشرعية- حيث أجاب بتغريدة في 8-4-2014م عن الإشكال الحاصل بين النصرة وتنظيم (الدولة): "لا أرى النصرة كافرة على الإطلاق، والجبهة الإسلامية خليط بين كفار ومبتدعون وعصاة"!! ثم حذفها. والنتيجة: أن هذه التركيبة القيادية والإدارية المضطربة، المتناقضة، لا تصلح للحكم ولا للقيادة في سوريا ولا غيرها، ولا يصلح من يتمسك بها لهذا المنصب.
منهج تنظيم القاعدة في توثيق واعتماد الأمراء: إن اختيار قادة الجماعات والمسؤولين عنها هو من أكثر الأمور أهمية وخطورة في هذه الجماعات؛ لأنه هو المسؤول الأول عن الجماعة، وهو الذي يعين القضاة، والشرعيين، بل تصدر عنه المواقف والتصرفات التي تترتب عليها دماء وأموال، فأثر تعيين هؤلاء يمتد لكافة الأمور الدينية والدنيوية. وأهم شروط هذه المناصب كما نص عليها أهل العلم: العدالة، والتي تنبني على العلم بعين الشخص وحاله.. بالإضافة لكون الشخص المُزكِّي لهؤلاء القادة مزكى هو نفسه من أهل العلم والفضل.. فهل توثيق تنظيم (القاعدة) –ونحوها من الجماعات (الجهادية)- لقيادات فروعها السياسيين والشرعيين وغيرهم يجري على هذه الشروط؟ وخاصة ونحن نسمع ونقرأ الثناء الكبير على هؤلاء بأشد عبارات المدح والتزكية، والألقاب العظام التي تلقى عليهم؟ بالنظر لطبيعة تعيين هؤلاء الأمراء وكيفية اعتمادهم من القيادة يتضح أن هذا الشرط غير موجود، فالقيادة لا تعرف هؤلاء الأمراء ولا القادة، ولا تعرف عنهم إلا ما يصل إلى أسماعها من كلام أتباعها فحسب، فتزكيهم بناء على ذلك ولو خالفهم أهل الأرض! ومن الأدلة على جهل القيادة بهؤلاء الأشخاص ما جاء في كلمة الظواهري (شهادة لحقن دماء المسلمين) في مطالبة (القاعدة) مرارًا بالتعريف بقيادة (دولة العراق الإسلامية) عبر عدة رسائل من ابن لادن وعطية الله تطالب بـ "بمعلوماتٍ وافيةٍ عن أخينا أبي بكرٍ البغداديِ، الذي تم تعيينُه خلفًا لأخينا أبي عمرَ البغداديِ -رحمه اللهُ- والنائبِ الأولِ له وأبي سليمانَ الناصرِ لدينِ اللهِ" انتهى. ومثل هذا تزكية القيادة لقادة الفروع في كل من اليمن والمغرب والصومال وغيرها، فهم لم يلتقوا بهم قط، بل بعضهم انضم حديثًا للتنظيم، وبمجرد انضمامه يحصل على التزكية. وعلى الرغم من جهل قيادة القاعدة بقيادة (دولة العراق الإسلامية) كما سبق، فإن توثيقهم لاحقًا وتقديمهم للناس بعد ذلك على أنهم مرضيون شرعًا وعلمًا وحكمة فهو عائد إلى: 1- قبول الانضمام للتنظيم والالتزام بأدبياته وأوامره. 2- ثناء أفراد التنظيم على هذا الشخص. 3- زعم الحفاظ على الجهاد من الأعداء. وبتتبع كلمات وبيانات قادة فروع التنظيم يتضح ذلك، وللاختصار يمكن الاستدلال بما قاله ابن لادن في كلمة (السبيل لإحباط المؤامرات) عن (دولة العراق الإسلامية): "هنا مسألة: إن كثيراً من الناس لا يعرفون سيرة أمراء المجاهدين في العراق، فأقول: سبب ذلك ظروف الحرب ودواعيها الأمنية، إلا أني أحسب أن الجهل بمعرفة أمراء المجاهدين في العراق جهل لا يضر؛ إذا زكاهم الثقات العدول كالأمير أبي عمر، فهو مُزكى من الثقات العدول من المجاهدين، فقد زكاه الأمير أبو مصعب رحمه الله، ووزير الحرب أبو حمزة المهاجر الذين زكاهم صبرهم وثباتهم تحت صواعق الغارات فوق ذرى الهندكوش، وهم ممن يعرفهم إخوانكم في أفغانستان أحسبهم كذلك والله حسيبهم ولا أزكي على الله أحدا" انتهى. وهذا الكلام غير صحيح شرعًا ولا واقعًا، لعدة أمور: الأمر الأول: أنَّ التوثيق والتزكية لا بد أن تكون لشخصٍ معروف لعامة الناس وهؤلاء ليسوا كذلك. وأمَّا توثيق الشخص المجهول وتزكيته فغير مقبولٍ للجهالة به وبحاله، كما هو مبسوط في كتب علوم الحديث والرجال، لكن قد يصح توثيق المجهول الذي لا يعلمه أحد في حالات وشروط خاصة من أهمها: أن يكون المزكِّي له من أهل العلم الثقات الأثبات الذين ثبت من خلال تاريخهم وسيرتهم وعلمهم أنهم لا يوثقون إلا من كان أهلاً للثقة.. وبشرط ألا يعارضه جرح من أهل العلم، وأن تكون التزكية لبعض الأمور الدينية والدنيوية اليسرة، لا لمنصب قائد أو مفتٍ! فأين هذه الشروط في التوثيقات والتزكيات السابقة لقادة (دولة العراق الإسلامية)؟ فالزرقاوي الذي زكى أبو عمر البغدادي كان غير مرضي عنه من القاعدة لغلوه كما هو معروف، ثم أرسل لقيادة التنظيم يعرض عليها البيعة مقابل بعض الشروط، فقبلت بيعته على الرغم من وجود عدد من مسائل الغلو العالقة التي تجاوزتها القاعدة، جاء في (بيان بشارة انضواء جماعة التوحيد والجهاد تحت لواء القاعدة) بتاريخ 13 رمضان 1425هـ- الموافق 17/10/2004 م: "كانت هناك اتصالاتٌ بين الشيخ "أبي مصعب" حفظه الله مع الإخوة في القاعدة منذ /8/ أشهر، وتم تبادل وجهات النظر ... فَتَفَهَّم إخواننا الكرام في "القاعدة" استراتيجية "جماعة التوحيد والجهاد" في أرض الرافدين أرضِ الخلفاء، وانشرَحَت صدورهم لمنهجها فيها... نَزُفُّ إلى أمتنا الغراءِ ... نَبَأَ بيعةِ جماعة التوحيد والجهاد أميراً وجنوداً لشيخ المجاهدين "أسامة بن لادن" على السمعِ والطاعةِ في المَنْشَطِ والمَكْرَهِ للجهاد في سبيل الله حتى لا تكونَ فتنةٌ ويكونَ الدين كله لله..." انتهى. وقد أظهرت القاعدة لاحقًا عدم رضاها عن العديد من تصرفات الزرقاوي، لكنها كانت تصمت لأجل مصلحة الجهاد! وكذلك حال أبو حمزة المهاجر... فكلاهما لم تقبل بهما القاعدة إلا بعد بيعتها، مع بقاء الكثير من أفكار الغلو عندهما. وإذا كان الزرقاوي والمهاجر هما من يحتاجان لتوثيق وتزكية، فكيف يكونان مزكيان لغيرهما كأبي عمر البغدادي؟ والأشد من ذلك أن "أبو عمر البغدادي" (المجهول حالاً للمسلمين) والذي زكاه الزرقاوي والمهاجر أصبح مزكيًا لغيره من أمراء وقادة التنظم! وهذه سلسلة من التزكيات مرفوضة مخالفة لأدنى مراتب التوثيق. وفي المقابل: كان عامة علماء المسلمين والمجاهدين في العراق يعارضون توثيق هؤلاء الأمراء، بل قدحوا في دينهم لغلوهم الشديد، وقدحوا في (جهادهم) وسيرتهم، فقد كانت رسائل سائر الفصائل المجاهدة بالاعتراض على تصرفات تنظيم (القاعدة) ثم (دولة العراق الإسلامية) إلى قيادة التنظيم لا تخفى، ومثلها مواقف الفصائل والجهات الشرعية في سائر البلدان التي توجد فيها فروع للقاعدة. فيكون توثيق تنظيم القاعدة الأم لهؤلاء القادة والأمراء لا قيمة له شرعًا ولا واقعًا. الأمر الثاني: مقولة (الذين زكاهم صبرهم وثباتهم تحت صواعق الغارات فوق ذرى الهندكوش) والتي تدل على اعتماد (الجهاد) منهجًا للشهادة بصحة المنهج، والذي أصبح طريقةً راسخةً عند الجماعات (الجهادية) فهي باطلة شرعًا؛ فالجهاد وكثرة الطاعة لا تدل على صحة المنهج، بل لا تدل على صحة الجهاد، فكم مجتهد في العبادة منحرف المنهج والعقيدة، وكم ممن يزعم الجهاد قد ولغ في الدماء المعصومة؟ بل كم من مجتهد في العبادة والقتال وهو غير مسلم أصلاً؟ وقد بيَّن أهل العلم هذا الأمر بالتفصيل في الرد على شُبه الخوارج في استدلالهم على صحة منهجهم بكثرة العبادة والطاعة(4). فكيف يكون (الجهاد) في أفغانستان أو غيرها دلالة على صحة المنهج، بل كيف أصبحت مؤهلةً لصاحبها لتزكية غيره وتوثيقه في علمه وفتاويه؟ إن هذا الخطأ الشرعي الكبير في التوثيق والتزكية للمجاهيل بُنيت عليه أخطاء خطيرة عند هذه الجماعات، ومن أهم ذلك: 1- أصبحت التزكية تُعطى للأقدم انضمامًا لهذه الجماعات، وأكثرهم تمسكًا بأفكارها، ثم صارت تُعطى لمن سُجن أو تعرَّض لمطاردة الحكومات، أو كان يظهر العداء لـ (الطواغيت)، حتى أصبحت هذه الأمور مطلبًا في حد ذاتها. 2- حصل الكثير من التساهل والتهاون في ضم المجهولين اسمًا وحالاً لهذه التنظيمات بذرائع الخشية الأمنية، فدخلها العديد من الجهلة، وممن ساءت سيرته، أو تمكن الإجرام في نفسه، بل اندس بسببها بين صفوف المجاهدين العديد من أدعياء الجهاد من المرتزقة، واللصوص، والاستخبارات، وتعظم خطورة هذه المسألة في التنظيمات التي تعتمد على (المهاجرين) لجهالة أهل البلاد بهم، بينما تقل أو تكاد تنعدم في المجموعات الجهادية المحلية لسهولة تعرف الناس على أبناء بلدهم والسؤال عنهم. وبتتبع بيعات بقية فروع تنظيم القاعدة للتنظيم الأم، وكيفية اعتماد قادتها وأمرائها نجد التشابه في الخطوات والكيفية.. هذا فضلاً عن تزكية قيادة التنظيم التي تمنح التزكية لغيرها، وسيأتي الإشارة لذك. منهج تنظيم (القاعدة) في توثيق أخبار الفروع واعتمادها: بسبب التباعد بين التنظيم الأم والفروع، وحتى بين الفروع بعضها عن بعض فإن توثيق الأخبار واعتمادها، وما ينبني عليها من التزكية للفتوى، أو التخوين للمخالف واستحلال دمه وماله، أو إعلان الحرب وغير ذلك، فهو قائم على المنهجية السابقة ذاتها: التوثيق لمجرد التبعية للفكر والتنظيم، والسابقة (الجهادية)، والأدلة على ذلك كثيرة جدًا، ومنها: قول الظواهري في كلمة (شهادة لحقن دماء المسلمين): "دولة العراق الإسلامية قامت بعد شورى موسعةٍ بين شورى المجاهدين وقبائلِ أهلِ السنةِ، كما أخبرنا الشيخ أبو حمزة المهاجرُ -رحمه اللهُ- بذلك، وهو من نثق به وبصدقِه" انتهى. فقد بنى الظواهري تصديق ادعاء (دولة العراق الإسلامية) على إخبار أبي حمزة المهاجر، وهو أمر قد ثبت كذبه وبطلانه، وبسبب هذا التصديق أصم أذنيه لسنوات عن شكاوى الفصائل العراقية باتهام التنظيم بتكفيرها واستباحة دمائها، بل قام التنظيم الأم بتوجه الخطابات لهذه المكونات بوجوب الطاعة والتبعية لتنظيم (الدولة)، فأي شرع هذا؟! ومن الأمثلة القريبة قول عصام البرقاوي (أبو محمد المقدسي) في تغريدة له بتاريخ 15-3-2016م تعليقًا على الأحداث بين أهالي معرة النعمان وجبهة النصرة: "(يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين) ذكر الصدق كصفة ملازمة لأهل الجهاد في أكثر من موضع بالقرآن والكذاب جبان فلا يُتصور مجاهد كذاب" انتهى. فبسبب الجهل بمعنى الآية وفهمها على طريقة الغلاة في التفسير، وتعظيم شأن من حمل السلاح، حكم لأتباعه من جبهة النصرة بالصدق وعلى مخالفيها بالكذب، وما يتبع ذلك من الحكم في أمور الاعتقالات والدماء لمجرد أن جبهة النصرة هم المجاهدون! فأي جورٍ وجهلٍ هذا؟ ومن أمثلة ذلك اتهام منظري (السلفية الجهادية) هاني السباعي، وطارق عبد الحليم للمتظاهرين الذين خرجوا عقب وقف القصف الروسي بأن هناك مَن وراءهم يدفعهم لأجل إفشال الجهاد! وتمرير الحل السياسي! وما يعنيه ذلك من تخوين وطعن في عموم الشعب السوري من المتظاهرين لمجرد الظن والشبهة.. ونتيجة كل ما سبق: أنَّ طريقة تنظيم القاعدة في اختيار الأمراء وتوثيقهم، وتصديق أخبارهم والحكم لهم، أدت إلى وجود خللٍ عظيمٍ تمثل في مجموعة من الأمراء والقادة غير المزكَّين علميًا أو سياسيًا أو قيادة، وغير معروفي السيرة والتاريخ، فلا يمكن الوثوق بهؤلاء القادة والأمراء والمسؤولين، لا سيما أنهم مجهولون لعامة الناس بالاسم والحال، بل قد يكون بينهم من له ماضٍ إجرامي، أو ممن تسلل لتنفيذ أهداف خاصة به متخذًا الجهاد وسيلة له إلى ذلك.
وبالنظر إلى أهم الشخصيات المؤثر في قيادة جبهة النصرة سأتوقف عند شخصيتين للتوضيح: الشخصية القيادية الأولى: أيمن الظواهري: يعد الظواهري أبرز قيادة سياسية للتنظيمات (الجهادية) وعلى رأسها (القاعدة) حاليًا، فهو يُقدَّم على أنه إمام الجماعات (الجهادية) وشيخها ومفتيها، ويعد من أهم منظري فكر (السلفية الجهادية)، فزعامته سياسية دينية في الوقت نفسه، وهو الذي تدين له جبهة النصرة بالبيعة والإمامة كما سبق. ولا شك أن الحديث عن تاريخه طويل ويحتاج لدراسة خاصة، لكن يمكن في هذا المقال المختصر التوقف عند أهم محطات حياته مما يتعلق بموضوع الإمارة والحكم: 1- انضم الظواهري لفكر جماعات (الجهاد) منذ أن كان في (17) من عمره حيث يقول في مقابلته مع جريدة الحياة عام 1414ه_1993م: "كانت بدايتي في الحركة الإسلامية في هذه الجماعة التي أتشرف بالانتماء إليها، وكان ذلك في حوالي سنة 1966م، عندما تكونت النواة الأولى لهذه الجماعة بعد مقتل الشهيد سيد قطب رحمه الله" انتهى. فقد اعتنق أثناء ذلك الفكر البالغ الخطورة المتمثل في التكفير وحمل السلاح ضد الحكومات وأجهزتها أبرز سماته وهو في مرحلة مبكرة جدًا من العمر، وهي سن صغيرة لا تؤهله للحديث أو النظر في هذه الأمور العظام التي تحتاج لجهابذة أهل العلم، ومع أنه نشأ في بيئة متدينة إلا أنه لم يعرف له سابقة طلب علم شرعي على يد أهل العلم، ولا تزكية منهم، ولا يعرف له طلب علم بعد ذلك وخاصة في هذه الأبواب الخطيرة من العلم إلا ما حصله من قراءاته، ومثل هذه القراءة لا يحصل به علم، ولا تأهيل للاجتهاد أو الفتيا. فمن المعلوم شرعًا أنَّه لا يُؤخذ بقولِ شخصٍ في الشرع إلا من شهد له أهلُ العلم الراسخون بالعلم والقدرة على الفتيا، ومِن كلامهم في ذلك: قول الإمام النووي رحمه الله في "التبيان": "ولا يُتعلَّم إلا ممن تكمَّلت أهليتُه، وظهرت ديانتُه، وتحقَّقت معرفتُه، واشتهرت صيانتُه؛ فقد قال محمد بن سيرين ومالك بن أنس وغيرُهـما مِن السلف: (هذا العلم دينٌ، فانظروا عمَّن تأخذون دينَكم)". وكذلك كان حال تنظيمات (الجهاد) المصرية في أفكارها وأفعالها، حيث إنه ليس لها سلف علمي ولا منهجي لأحد من أهل العلم المعروفين، بل كانت أفكارها ردود فعل على عمليات التعذيب والاضطهاد التي اتبعتها الحكومات المصرية ضد الشباب المتدين في السجون، على اختلاف وتباين كبير في أفكارها ومناهجها حينذاك. 2- شارك الظواهري في أعمال جماعات (الجهاد) ضد النظام المصري والسياح الأجانب، والتي انتهت بسقوط مئات القتلى، وخسارة تلك الجماعات لغالبية أعضائها بين قتيل ومعتقل ومشرد خارج مصر، كما تسببت بالتضييق على المتدينين واضطهاد الآلاف منهم، وأثرت على الحياة الدينية العامة في البلاد، ثم انتهت تلك الحركات بالفشل. 3- انتقل الظواهري مع عدد من أفراد الجماعات (الجهادية) للسودان وحاولوا القيام ببعض الأعمال هناك لكن الأمن المصري اخترقهم، فقامت الجماعة بعمليات تصفية لبعض المتهمين بالعمالة خارج المحاكم، فطلبت منهم حكومة السودان المغادرة فخرج الظواهري إلى أفغانستان، وفشل مشروع إنشاء مستقر لهم في السودان، أو جعلها منطلقًا للقيام بعمليات ضد مصر. 4- انفرد الظواهري بقرار التحالف مع ابن لادن عام 1998م في (الجبهة العالمية لقتال الصليبيين واليهود) دون مشورة ممن بقي من قيادات الجماعات (الجهادية)، فكان هذا التحالف وبالاً على الجماعات؛ حيث انتهى معظم أتباعها معتقلين ومطاردين، وتم تسليم أعداد كبيرة منهم لمصر، قال هاني السباعي –أحد الشرعيين المعتمدين لدى الظواهري وجبهة النصرة- في " تعليق على كتاب (أيمن الظواهري كما عرفته)": " أوافق الأستاذ منتصر على أن هذا التحالف قد أضر بمركز جماعة الجهاد كتنظيم، وتسبب في خسائر جسيمة لم يكن لجماعة الجهاد ناقة ولا جمل ولا مشورة في هذا التحالف.. فإذا كانت الخسائر ناجمة عن رضا الجماعة وإفراغ وسع أفرادها قدر الاستطاعة الشرعية وبمشورة أهل الحل والعقد فيها لاختلف الأمر كثيراً.. لكن الموضوع تم بغير إرادتهم أو كما قال الشاعر: ويقضى الأمر حين تغيب تيم ولا يستأمرون وهم شهود" انتهى. 5- كان تحالف الظواهري مع ابن لادن السبب الرئيس في تغير فكر القاعدة وتوجهها، حيث إنه لم يعرف عن ابن لادن قبل ذلك التحالف الخوض في مسائل التكفير، والقتال في الدول الإسلامية، بل كان موقفه حازمًا من هذه الأفكار، وعلاقاته جيدة بعدد من مسؤولي الدول الإسلامية، ويسافر بينها، إلى حين التقائه بالظواهري وعدد من قيادات جماعات (الجهاد) وتأثره بهم. وتعد الأفكار التي تنسب لتنظيم القاعدة حاليًا هي عينها أفكار جماعات (الجهاد) المصرية. 6- بايع الظواهري إمارة طالبان واتخذ من أفغانستان مقرًا له، ثم أعلن تنظيم القاعدة عن عمليات 11 أيلول / سبتمبر، وكان نتيجتها تدمير أفغانستان بحجة وجود القاعدة فيها، وإسقاط أول حكومة إسلامية لجماعة مجاهدة. 7- موقف الظواهري من تنظيم (الدولة): أ- أعطت قيادة تنظيم القاعدة مشروعية لـ (دولة العراق الإسلامية) مع علمها بما فيها من مخالفات شرعية وسلوكية، ثم صمتت عن المخالفات اللاحقة التي ظهرت لديها، وماطلت في شكاوى المجاهدين العراقيين فكانت مساهمة –بصمتها وغطائها الشرعي- في تدمير العراق وقتل خيرة المجاهدين على يد التنظيم. ب- لما خرج تنظيم (الدولة) عن سمع وطاعة تنظيم القاعدة، وأعلن حربه على جبهة النصرة سحب الظواهري تأييده للتنظيم، ولمح إلى وصفه بالخروج والإجرام في كلمة (رثاء أبو خالد السوري). ج- ثم ذكر في كلمة (شهادة لحقن دماء المسلمين) عدم معرفة (القاعدة) لقيادات تنظيم (الدولة)، ووصف إعلان الخلافة بأنه (مسابقة لإعلان الدولة، وشق الجماعة، وتوفير فرصة للنظام السوري ولأمريكا في زيادة معاناة أهل الشام، وكارثة سياسة، وسبب في انقلاب الناس على النصرة، وعصيان الأمير، والاعتداء على المسلمين وسفك الدم الحرام) كما عاب عليهم مخالفة الشرع في العمليات العسكرية كاستهداف عامة الشيعة وحسينياتهم. مع توجيه أمره بالتوقف عن القتال ضد تنظيم (الدولة) والدعوة إلى محكمة مستقلة. د- ثم ذكر في مقابلة (بين الألم والأمل) أن من أفعال تنظيم (الدولة): (الاقتتال بسبب غلبة الهوى والجهل والظلم، عدم استبعاد وجود اختراق معادٍ للجهاد). كما طالب بـ (إحالة النزاع لهيئة تحكيمٍ شرعية، ومطالبة جميع المجاهدين أن يتخذوا موقفًا ضد كل من يعطل هذه الهيئة أو يتجاهل الاستجابة للدعوة لها). وعلى الرغم من الشدة على البغدادي ودولته في هذه الكلمات، إلا أنه عاد وأضفى ألفاظ التفخيم والاحترام للبغدادي ووصفه بالشيخ الجليل وسليل النبوة.. و- استمر الظواهري على بيان نكث البغدادي البيعة، وغدره بالمجاهدين، وشقه للصفوف، وخدمة أفعاله لأمريكا، وتكفيره للمجاهدين، وقتل أكثر من سبعة آلاف مسلم، وأن من عقد له البيعة مجاهيل، وأن خلافته ملك عضود، في سلسلة (الربيع الإسلامي)، إلا أنه صار يدعو إلى (الوحدةِ وإطفاءِ الخلافِ والتأكيدِ على جمعِ الصفِ المجاهدِ!) في وجه النظام و(الحملة الصليبية)، مع اعترافٍ وثناءٍ على إنجازات! تنظيم (الدولة)، بل قرر (فلو كنت في العراقِ أو في الشامِ لتعاونتُ معهم في قتالِ الصليبيين والعلمانيين والنصيريين والصفويين!!) انتهى. 8- أما بقية فروع تنظيم (القاعدة) في العالم الإسلامي التي يقودها الظواهري فقد فشلت في تحقيق أي نصر، وجرت على البلاد والعباد الدمار والمآسي، كما هو حال فرع (جزيرة العرب)، وفرعها في الصومال وموريتانيا الذي أصبح آلة تدمير وقتل لكل من يقف في طريقه بتهم الردة والعمالة، مع اشتراك بعض هذه الفروع في عمليات مع تنظيم (الدولة).. والخلاصة: أن سيرة الظواهري مليئة بالإخفاقات والتناقضات على مدى عقود من الزمن، بالإضافة للنتاج الفكري المدمر الذي نقله من (جماعات الجهاد المصرية) إلى تنظيم (القاعدة) حتى تحولت بعده إلى تنظيم آخر أسهم في تسريب هذه الأفكار وشيوعها في أنحاء العالم الإسلامي.. بالإضافة لعدم أهليته العلمية والشرعية. فمن كانت هذه سيرته وقيادته فكيف يؤتمن على قيادة جماعة؟ فضلاً عن جهاد أمة؟(5)
الشخصية القيادية الثانية: أبو محمد الجولاني: وهو أمير جبهة النصرة التي تعدُّ فرعًا لتنظيم القاعدة، وعند الحديث عن الجولاني يمكن الوقوف عند النقاط التالية: 1- شخصية الجولاني: على الرغم من تداول بعض المعلومات عن اسم الجولاني، وتسريب عدد من الصور له إلا أنَّ حقيقة شخصيته ما تزال مجهولة لعامة الناس، ومن السذاجة الحديث عن كشف وجه الجولاني أو ظهوره بصورته الحقيقية لتعريف الناس به، فليس هذا الكشف هو ما يزيل الجهالة عنه ويوثقه، بل ما يكشف عن حاله وشخصيته وتاريخه السابق العلمي أو العملي، وما هي مؤهلاته لتولي المنصب الذي يشغله؟ وأما قول الجولاني في مقابلته الثانية مع أحمد منصور على الجزيرة بتاريخ 25-5-2015م: "يعرفني الكثير من الناس لكن نحن على الإعلام ليس الآن من برنامجنا أن نظهر على الإعلام" انتهى. فلا اعتبار له؛ إذ لا يوجد شخص يجهله جميع الناس، فالمجهول هو من يجهله عامة الناس وبخاصة أهل الحل والعقد والتوثيق والتزكية، وليست الجهالة في الاسم والشكل فحسب، بل الجهالة في الحال وهي الأهم، فحتى لو كشف عن وجهه وصرَّح باسمه في الشرع وعند أهل العلم والحل والعقد مجهول. علمًا أنَّ الجولاني سبق أن كان في صفوف تنظيم (الدولة)، وتعرض للسجن في سوريا والعراق، فشخصيته لأعدائه مكشوفة معروفة.. تناقض: في الوقت الذي يحرص فيه الجولاني على بذل الأسباب حفاظًا على سلامته الشخصية بإخفاء اسمه ووجه، فإنَّه لا يقيم لهذه الأسباب وزنًا حين الحديث عن ارتباط تنظيم النصرة بالقاعدة، أو تحدي العالم ببعض المواقف والتصريحات بحجة أنَّ ذلك لا يؤثر في عدائهم لنا! 2- تاريخ الجولاني: لعل أهم مرحلة في تاريخ الجولاني تعود إلى وجوده ضمن صفوف (دولة العراق الإسلامية) وبيعته لها، وتوليه بعض الأعمال فيها، وقد أثنى عليها في بدايات الأزمة بين التنظيمين، فقال في كلمته (بخصوص الأحداث الأخيرة) في أوائل عام 2014م: "علم الله جل في علاه أنّا ما رأينا من إخواننا في العراق إلا الخير العظيم من الجود والكرم وحسن الإيواء وأن أفضالهم لا تعد ولا تحصى وهو دين لا يفارق أعناقنا ما حيينا. وما وددت الخروج من العراق قبل أن أرى رايات الاسلام تُرفع خفاقة عالية على أرض الرافدين... لقد تشرفت بصحبة العديد من أهل الصلاح بالعراق ... شرفني الله عز وجل بالتعرف على الشيخ البغدادي ذلك الشيخ الجليل ..." انتهى. مع قوله في مقابلته مع تيسير علوني على الجزيرة بتاريخ 19-12-2013م: " باختصار شديد هناك وقع خلاف، يقع بين الأخوة في البيت الواحد... أخذ الموضوع أكبر من حجمه بكثير، الموضوع أبسط من هذا وأسهل" انتهى. فالجولاني لم يكن لديه خلاف أو اعتراض على منهج (دولة العراق الإسلامية) ولا أعمالها في العراق حينما كان في صفوفها، بل تمنى لو لم يخرج حتى ترتفع رايات الإسلام على يديها! وبما أنه كان مؤمنًا بهذه (الدولة)، وضمن صفوفها، فلا بد من معرفة تاريخه معها بالتفصيل، بعدما تبيَّن مدى انحرافها وإجرامها لكل أحد، وخاصة أن قيادة التنظيم وثقت فيه إلى درجة أن أسندت له تولي فرعها في سوريا.. 3- أما توثيق قيادة تنظيم القاعدة وثناؤها على الجولاني، ثم ما خرج من تزكيات بقية فروع القاعدة للجولاني –وهم لا يعرفونه ولم يقابلوه- فهو نابعٌ من تزكية انضمامه للتنظيم والإيمان بمبادئه، كما سبق توضيحه. 4- بداية دخول الجولاني لسوريا: دخل الجولاني إلى سوريا بوصفه مندوبًا عن تنظيم (الدولة)، وكانت نظرته أن تنظيم القاعدة هو الأحق بقيادة الجهاد في سوريا، وأن على الجميع أن يدخل تحت إمارته؛ لذا فإن من أول الأعمال التي قام بها في بدايات العمل المسلح محاولة جمع البيعات لنفسه، وكان من أوائل من عرض عليهم ذلك في مدينة دمشق: زهران علوش الذي كان قائداً لسرية الإسلام حينها، وكانت أعمالها قد انطلقت في الغوطة، وكانت أكثر أعدادًا وأعمالاً من مجموعة الجولاني حديث الدخول إلى سوريا.. ثم تخلى الجولاني عن جمع البيعات علنًا لعدم نجاحه فيها، وبدأ حديثه العلني عن عدم الانفراد بحكم سوريا، ثم ظهر حقيقة موقفه في أحقية جبهة النصرة في تأسيس إمارة تابعة للقاعدة كما في شريطه المسرب(6). 5- كانت أولى عمليات جبهة النصرة في سوريا عدة تفجيرات في الأفرع الأمنية للنظام، وقد ذكر ذلك الجولاني حيث قال في لقائه مع تيسير علوني على الجزيرة: " كانت أولى العمليات التي ضرب فيها أمن الدولة وضرب فيها فرع المنطقة ثم بعد ذلك ضرب الأمن الجوي، وإدارة الأمن الجنائي ...إلخ" انتهى. ثم غيرت الجبهة هذا الأسلوب إلى أسلوب القتال الذي اتبعته بقية الفصائل. ومن المعلوم أن هذه التفجيرات لم تقع كلها داخل الأفرع، بل وقع بعضها إلى جانبها، وعلى أسوارها، كما وقع بعضها في حافلات ومواقف حافلات الأمن، وقد سارت فيها جبهة النصرة على ما هو متبع من مسألة (التترس المقلوب) الممنوع شرعًا الذي تعمل به (القاعدة)(7)، والذي يجيز وقوع ضحايا من المدنيين الأبرياء، وقد وقع ذلك بالفعل كما هو معروف مشهور. 6- موقف الجولاني من تنظيم (الدولة): من الطبيعي أن تتغير مواقف الشخص وأفكاره مع الزمن والتجارب، لكن الحقائق التاريخية لا تتغير ولا تتبدل، فإن تغيرت فهذا يدل على عدم المصداقية. وبالنظر في موقف الجولاني فإن توصيفه للتنظيم ونظرته له قد تغيرت بحسب تغير مواقف قيادة القاعدة منه، فبعد أن أثنى على التنظيم وزعيمه البغدادي، ووصف الخلاف أنه داخل البيت الواحد، عاد فغيَّر موقفه من التنظيم.. فبعد وقوع القتال بين التنظيمين وصف هذا التنظيم في لقائه مع الجزيرة بتاريخ 3-6-2015م بأنهم خوارج لما فيهم من "استباحة دماء المسلمين مثلاً فهذه صفة من صفات الخوارج، يعني تكفير المسلمين دون ضوابط شرعية ودون ضوابط" انتهى. وأوضح أن تنظيم (الدولة) كان قبل تمدده إلى سوريا "يوجد هناك عدم التزام في بعض الأوامر التي يعطيهم إياها الدكتور أيمن كالتفجير في الأسواق مثلاً تفجير في الحسينيات مثلاً أو قتل المرتدين في المساجد أو ما شابه ذلك من هذه الأشياء، فلم يكن عندهم التزام بها نوعاً ما، قبول المخالف يعني يعادونه معاداة غليظة نوعاً ما، عندهم شيء طرأ في الآونة الأخيرة يعني لم نكن نسمع فيه بالسابق ألا وهو قتل المصلحة" انتهى. وهذا ما يوافق موقف الظواهري في التغير والاضطراب في التعامل مع التنظيم كما سبق، على أن في كلام الجولاني محاولة للتنصل من جرائم تنظيم (الدولة) وكأنها لم تكن موجودة أثناء وجوده فيها. ثم استمر في تنصله من تاريخه السابق مع التنظيم فبعد الثناء الذي قاله في البغدادي سابقًا عاد فقال: "لم أضع يدي في يد أبو بكر البغدادي إلا عندما قال لي أن في عنقه بيعة للدكتور أيمن!!" انتهى. وبعد أن غير الظواهري موقفه وصار يدعو إلى الوحدة بل والقتال تحت راية تنظيم (الدولة) ضد (الحلف الصليبي) تغير موقف الجولاني تبعًا لذلك. ففي (مؤتمره الصحفي) بتاريخ 12-2015م قال: "الحركة الجهادية بدأت قبل ما يقارب أربع سنوات في الشام إلا أن النظام اليوم لا يسيطر إلا على عشرين بالمائة تقريبًا" انتهى. فجعل ما تحت سيطرة تنظيم (الدولة) مما يدخل تحت سيطرة المجاهدين! كما كرس مؤتمره هذا ثم كلمة (هذا ما وعدنا الله ورسوله) لتخوين بقية الفصائل والطعن فيها وفي قادتها، وتوجيه التهم لها على أنها سترضخ للتحالف الدولي (الصليبي) ضد المجاهدين، والتهديد باحتمال قتالها بسبب ذلك، مع تهميش الحديث عن تنظيم (الدولة). بل حاول حصر الانحراف في تنظيم (الدولة) في سوريا دون العراق، فقد قال في مقابلته الثانية مع أحمد منصور على الجزيرة لما سأله: أحمد منصور: هل تجدون فارقاً بين الدور الذي تقوم به جماعة الدولة في سوريا وما تقوم به في العراق؟ فقال: "هناك فارق كبير جداً بأن جماعة الدولة عندهم جدية في قتال الرافضة في العراق على خلاف جديتهم في قتال النصيرية في الشام... هي لديها مشروع في الشام لكن يعني ليس بذات الأهمية الموجودة في العراق ... هم يحققون إنجازاً لا بأس فيه في مواجهة الحكومة الرافضية، نحن الآن على خلاف معهم على ما هو موجود بالشام الآن ..." انتهى. 7- موقف الجولاني من الفصائل الأخرى: يمكن الإشارة في هذا المختصر إلى موقف الجولاني من الفصائل الأخرى بما يلي: أ- أما الفصائل (الإسلامية) فقد تصاعدت حدة انتقاده لموقفها من المفاوضات الجارية، حتى إنه بلغ في (مؤتمره الصحفي) وكلمة (هذا ما وعدنا الله ورسوله) إلى إطلاق ألفاظ التخوين والعمالة، مع تهديد من (يرضخ) للغرب ومؤامراته، والتهديد بالقتال. ب- وأما فصائل الجيش الحر فقد وضح أن هناك قرارًا بمهاجمتها وإنهائها شيئًا فشيئًا لوجود اتهام مسبق لها بالعلمانية والردة، مع اتخاذ الذرائع المناسبة في كل مرة، مع رفض الرجوع إلى المحاكم الشرعية في خلافاته معها، أو التحايل عليها مع شركائه (جند الأقصى) بما يفشل هذه المحاكم. ومن الأدلة على هذا القرار المسبق بإنهاء الجيش الحر ما قاله عمر عثمان (أبو قتادة الفلسطيني) في (رسالة من الشيخ أبي قتادة إلى إخوانه المجاهدين) في بدايات القتال مع تنظيم (الدولة): "أنصح الأخ أبا محمد الجولاني بأن لا يتوانى عن قتال العلمانيين [يقصد الجيش الحر] على جميع الصَعد من أتباع النظام النصيري الخبيث، ومن طوائف العلمانيين الذين يحملون السلاح ضدَّ النظام(!!)، وهذا لم يكن من المصلحة سابقاً أما وأنهم ابتدؤوا قتال إخوانكم في الدولة (!!) هذا القتال، وبهذا الإعلان فإنه لا عذر لكم في ترك القتال لهؤلاء الآن، فإنهم لو فرغوا من الدولة سيأتون إليكم...!!" انتهى. وفي هذا الكلام من استحلال الدماء والأموال بمجرد الظن والشبهة في الاتهام بالعمالة، أو وقوع القتال منهم مستقبلاً! ج- أما علاقة جبهة النصرة مع (جند الأقصى) التي ثبت انحرافها الفكري، واشتراكها الإجرامي في العديد من عمليات الاغتيال والقتل، وتسهيل عمل تنظيم (الدولة) فهي علاقة قوية، بل وما زالت تشترك مع النصرة في بعض العمليات العسكرية، كما أنها شاركتها في جميع أعمالها ضد مجموعات الجيش الحر، وهي مع ذلك تقرُّ للظواهري بالبيعة والإمارة. الخلاصة: أنَّ الجولاني مجهول الشخصية والحال، وقد امتاز عمله في سوريا بالكثير من الأخطاء المنهجية، والتخبط، والتناقض، وعدم المصداقية، ومثله لا يصلح لقيادة جماعة، فضلاً عن أن يكون هو قائد البلاد ومسؤولها، أو الحاكم في أمور الجهاد والدماء.
قادة آخرون لجبهة النصرة: تأتي تزكية أمراء وقادة جبهة النصرة من مجرد ولائهم للجبهة ومنهجها الفكري، بغض النظر عن أي شيء آخر، ومن الأمثلة المختصرة على ذلك: 1- أبو جليبيب الأردني: الذي كان أميرًا في درعا، ثم لكثرة مخالفاته الشرعية وجرائمه وظلمه تم عزله، ثم تم تعيينه حاليًا على إمرة الساحل!(8)، وحق هذا أن يحاكم لا أن يعزل فحسب.. 2- أبو مالك التلي: وهو ممن كشفت الجبهة عن شخصيتهم في إصدارها الأخير (ورثة المجد 2)، وهذا الكشف لا يغير من جهالة حاله كما سبق، أما أبرز محطات إمارته فهي تمكينه لتنظيم (الدولة) في القلمون، وتقديم الحماية لهم من الفصائل الأخرى مع ما ظهر من انحرافهم وإجرامهم، وقد يشفع له موقفه الأخير من التنظيم في قتالهم بعد أن قاتلوه، لكن لا يشفع له في صلاحيته لأن يكون من القادة، أو أعضاء مجلس شورى يحكمون في البلاد والعباد، فمن خفيت عليه انحرافات التنظيم الفكرية لا يصح أن يكون على رأس الجهاد، ومن قاتلهم لأجل الدفاع عن فصيله دون بقية فصائل المسلمين فليس أهلاً للائتمان على البلاد والعباد، فضلاً عن أن منطلق خلافه معهم سياسي لا شرعي.
وفي الختام: الإمارة والقيادة لا تكون إلا لمن عُرف بشخصه وحاله، وصلحت سيرته، واستقامت طريقته في القيادة والحكم، أما تولية المجاهيل، ومن ساءت أفكارهم، واضطربت سيرتهم وقيادتهم، ولم تصدق أفعالهم ودعاواهم، فليسوا من الحكمة والعقل في شيء.. فهل أمثال هؤلاء هم من تقدمهم جبهة النصرة للحكم في سوريا؟! وهل أمثال هؤلاء من يقبل بهم أفراد جبهة النصرة وعموم الشعب السوري للحكم والقيادة؟!
.... يتبع --------------------
(1) تنظر جماعات (السلفية الجهادية) لعامة المسلمين نظرة اتهام وشك؛ لعيشهم تحت ظل الطواغيت عن رضا واختيار، على تفاوت بين هذه الجماعات في توصيف حكمهم الشرعي؛ لذا فإن هذه الجماعات تحرص على إبقاء تفاصيل مشاريعها وإدارتها بيد النخبة فقط،، جاء في (إدارة التوحش): "عندما نقول إن الشعوب هي الرقم الصعب ليس معناه أننا نعوِّل عليها حركتنا، فنحن نعلم أنه لا يُعوَّل عليها في الجملة بسبب ما أحدث الطواغيت في بنيتها، وأنه لا صلاح للعامة إلا بعد الفتح!!". وقال: "دور الدعوة في مرحلة البدايات هي جذب القلة الممتازة، أما استجابة الناس فبعد التمكين وبعد نصر الله والفتح!!". وقال: "فعندما تهب ريح الإيمان تأتي بالأعاجيب، عندما يرى الناس روائع الشجاعة واليقين والعفة والأمانة وروح التطوع والاحتساب والتواضع في المظهر مع كبر النفس وسمو النظر وعلو الهمة ستهون في أعينهم كل الأهوال التي ستصاحب ذلك، والله سترون مجموعات للمجاهدين يأتيها الشباب والرجال أفواجاً من المناطق المجاورة والبعيدة للبيعة والتوبة (!!) وأكثر من ذلك". (2) حتى لو كانت هذه البيعات بيعات خاصة كما يقال فإنها بيعات بدعية غير شرعية، لا دليل عليها من كتاب ولا سنة ولا قول أو عمل لأهل العلم، وقد وقع الخطأ عند هذه الجماعات في هذه المسألة بسبب الخلط بين حكمي: الإمارة لتنظيم شؤون الجماعة وبين البيعة، وللمزيد ينظر ص (154) من كتاب (شبهات تنظيم الدولة) عند مناقشة الشبهة رقم (12). (3) ينظر مقال: خطة إعلان الإمارة، وهل تراجع الجولاني عن إعلان الإمارة؟ (4) ينظر نقاش هذه الشبهة ص (67) من كتاب (شبهات تنظيم الدولة) عند الحديث عن الشبهة رقم (6). (5) تكمن مشكلة كثير من مناصري هذه الجماعات بالجهل بتاريخها وشخصياتها، والاعتماد في التوثيق على ما تكتبه هي عن نفسها فحسب، ومما ينبغي لطالب الحق أن يفعله هو الاطلاع المتجرد والمتنوع على هذا التاريخ، ومما يفيد في ذلك: - كتاب (أيمن الظواهري كما عرفته) للمحامي منتصر الزيات، والذي كتب مقدمته هاني السباعي وإن خالفه في بعض ما كتب، ومما ورد فيه إشراف الظواهري أثناء إقامته في السودان على قتل بعض الفتيان الذين جندتهم المخابرات المصرية لاختراق الجماعة دون الرجوع إلى محاكم السودان. - سلسلة مراجعات الجماعات المصرية، ومن ضمنها ما ذكره د. فضل (سيد إمام شريف) في حلقته الثانية في جريدة الحياة لعام 1428هـ_2007م أن الظواهري أخبره أنه (ملتزم أمام السودانيين بتنفيذ عشر عمليات في مصر وأنه تسلّم من السودانيين مائة ألف دولار تحت حساب هذه العمليات)، وأنه أخبرهم أن تحت يده (عشرة آلاف مقاتل) بينما كان أفراد جماعته لا يتعدون العشرات، والمئات على أفضل تقدير. (6) ينظر مقال: هل تراجع الجولاني عن إعلان الإمارة؟ (7) ينظر مقال: مفاهيم لترشيد الجهاد (5) جهاد لا إفساد. (8) ينظر مجموعة تغريدات لأبي سياف راشد الماجد https://justpaste.it/pvom
نور سورية
هيئة الشام الإسلامية
مجاهد مأمون ديرانية
علي الكيلاني
أبو الزهراء بن أحمد آل أبو عودة
نشكر الأستاذ عماد الدين على هذه المقالات الكاشفة عن حقيقة هذه الجماعة الضالة. ونرجو منه أن يواصل الكتابة عنهم وكشف ضلالاتهم ويرصد أحوالهم. ونسأل المولى سبحانه أن يهديه ويسدده ويوفقه إلى الخير فيما يكتب، وأن يكفينا شر القاعدة وأمثالها ممن يريدون قطف ثمرة جهاد مسلمي سوريا وزيادة معاناتهم وحملهم على المحمل الصعب والاستبداد بقيادتهم دون استحقاق ولا تفويض، غير متقين الله سبحانه فيهم ولا في جهادهم هم أنفسهم.
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة