..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

الانسحاب الروسي من سوريا.. نبأ سارٌّ ولكن؟

منذر الأسعد

١٦ مارس ٢٠١٦ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 3014

الانسحاب الروسي من سوريا.. نبأ سارٌّ ولكن؟
0000.jpg

شـــــارك المادة

فجأةً، وبلا أي مقدمات، قرر التيس المستعار فلاديمير بوتن سحب قواته الغازية من سوريا، اعتباراً من هذا اليوم (الثلاثاء)!!

أثار القرار الروسي المفاجئ موجة فرح عارمة في أوساط الشعب السوري والتيارات السياسية المناوئة لنظام الطاغية بشار الأسد، لكنه تسبب بسحابة حزن أليم لدى أشياع سفاح الشام، من النصيريين والأقليات الدينية والعرقية التي تشاطره كراهية الإسلام والمسلمين.

وقد اعتبره بعض المراقبين رسالة ضغط مباشر من الكرملين على هولاكو العصر، لإيقاظه من أحلام يقظته وأوهامه بأنه انتصر على الثورة، ولذلك أبدى تعنتاً ممجوجاً من خلال وزير خارجيته وليد المعلم، الذي أعلن عشية جولة التفاوض الجديدة في جنيف، أن طاغية الشام "خط أحمر"!!

في ذكرى الثورة؟!
كان من الطبيعي أن ترحب المعارضة السورية بانسحاب القوات الروسية الرئيسية من سوريا، الذي أعلن عنه بوتين قبل ساعات، وإن كان المتحدث باسم المعارضة السورية سالم المسلط في تصريح لرويترز قد ربط الانسحاب بمستقبل المفاوضات على مستقبل سوريا، إذ قال المسلط: “إذا كان انسحاب القوات الروسية جاداً فإنه سيعطي محادثات السلام “دفعة إيجابية”.

لكن الناشطين السوريين في مواقع التواصل الاجتماعي، لا يأبهون بما تعوِّل عليه المعارضة السياسية سواء أكان جنيف1 أو جنيف10، ولذلك رأوا في انسحاب الروسي إقراراً ضمنياً بهزيمة موسكو، التي كانت تظن أن طريقتها الوحشية المستنسخة من تدمير الشيشان سوف تجهز على معنويات السوريين، وتعيدهم إلى حضن الطاغية مذمومين مخذولين!!

وضاعف من التفاؤل الشعبي أمران بالانسحاب الروسي، أولهما معنوي، حيث يوافق بدء مغادرة الغزاة اليوم، الذكرى السنوية الخامسة لانطلاق الثورة على النظام الطائفي البغيض(15/3/2011م)!
الأمر الآخر عسكري، فقد أدى التدخل الروسي الهمجي إلى مزيد من الإخلال بموازين القوة المختلة أصلاً، فلم يستطع الثوار إسقاط أي طائرة للنظام منذ الغزو البوتني، باستثناء واحدة قبل يومين في ريف حماة!

دحروا داعش في الإعلام فقط:
أصدر بوتين أوامره لوزير دفاعه سيرغي شويغو، بسحب القوات الرئيسية من سوريا، عقب لقاء ثلاثي جمع بوتين بشويغو ووزير الخارجية سيرغي لافروف، الإثنين 14 مارس/آذار في الكرملين.
وأعلن الكرملين أن "جميع ما خرج به اللقاء تم بالتنسيق مع الرئيس السوري بشار الأسد". وهذا لتقليص مدى الإهانة التي لحقت بصبيهم بشار، الذي ليس له نصيب من القرار ابتداء ولا انتهاء، وسبق أن استدعاه بوتن إلى موسكو قبل شهرين وكأنه موظف صغير في مكتبه!!

طبعاً من المثير للسخرية إدعاء بوتين أن "المهمات التي كلفت بها القوات الروسية في سوريا تم إنجازها"، فالذريعة الروسية الكاذبة كانت محاربة داعش التي ما زالت تستولي على محافظة الرقة ومساحات شاسعة من ريف حمص وبادية الشام وأنحاء متفرقة في ريف دمشق وحلب!!

بل إن الوحشية الروسية استهدفت الثوار من الطيف الإسلامي العريض المناوئ لداعش، وصولاً إلى ألوان الجيش الحر المتفرقة، بمن فيهم الحفنة التي توالي واشنطن!!

وقال بوتن: إن "الجانب الروسي سيحافظ من أجل مراقبة نظام وقف الأعمال القتالية على مركز تأمين تحليق الطيران في الأراضي السورية".
وأكد كذلك أن "القاعدتين الروسيتين في حميميم وطرطوس ستواصلان عملهما كما في السابق".

انسحاب شكلي لتأديب الغلام:
قرأ بعض المتابعين خطوة الكرملين هذه، على أنها صفعة تأديب لبشار لكي يدرك حجمه الحقيقي، ولطمة غير مباشرة لطهران التي تحرضه على عدم الإصغاء لتعليمات بوتن! ولذلك يبقى الانسحاب الروسي شكلياً إلى حد بعيد، وبخاصة أن الجيش الروسي هو صاحب القرار الآن في سوريا الأسد، وأن القاعدتين البحرية في طرطوس والجوية في حميميم قرب اللاذقية، ما زالتا تسيطران على جميع التحركات العسكرية لما تبقى من فلول قوات الطاغية وفرق القتل الطائفية المجلوبة من كهوف المتعة في العراق ولبنان وباكستان وأفغانستان.
ويستدل هؤلاء لترجيح رؤيتهم بمسارعة بشار فور سماعه بالانسحاب الروسي، إلى إبداء قبوله بالتسوية التي يطبخها الأمريكان في جنيف ويتيحون لموسكو فرصة التبجح بأنهم "شركاؤهم" فيها.

وأضاف الرئيس الروسي أن القاعدة البحرية والجوية في سوريا ستبقيان تعملان كما في السابق.
وأعلن الكرملين أن “جميع ما خرج به اللقاء (الثلاثي) تم بالتنسيق مع الرئيس السوري بشار الأسد”.
وأمر بوتين بتكثيف الدور الروسي في عملية السلام الرامية لإنهاء الصراع في سوريا.
وكان وزير الخارجية الأمريكية جون كيري -قبل 24 ساعة من قرار بوتن!!- قد حذَّر دمشق وحلفاءها من استغلال الهدنة لتحقيق أهدافهم في سوريا، معتبراً أن تصريحات وليد المعلم تعرقل المفاوضات  ولا تتماشى مع روح الهدنة.

وقال كيري خلال مؤتمر صحافي عقب لقاء مع نظرائه الفرنسي والألماني والبريطاني والإيطالي حول سوريا في باريس: "إذا اعتقد النظام وحلفاؤه أنهم قادرون على اختبار صبرنا أو التصرف بطريقة تطرح تساؤلات حول تعهداتهم، من دون أن يترك ذلك عواقب وخيمة على التقدم الذي حققناه، فهم واهمون".

هل جاء أوان التقسيم؟
إن من يقرأ موقف أمريكا الفعلي المعادي للثورة السورية، ويربطه بقرار بوتن وحديث أوباما قبل أيام، يتأكد من أن الهمس عن مؤامرة تقسيم سوريا يوشك أن يصبح قراراً "أممياً" ليتم فرضه على الشعب السوري بغطاء دولي "رسمي" في اختلاف ديكوري عن سلفه القبيح: اتفاق سايكس/بيكو سنة 1916م!

ولذلك لم يكن كلام المبعوث الأممي إلى سوريا استيفان دي ميستورا عن إمكان مناقشة الفيدرالية كإطار للحل السياسي في الأزمة السورية، كلامًا منفصلاً عن السياق العام، فوزير الخارجية الأمريكي جون كيري، حذر بعد ساعات من إقرار الهدنة وقبل تطبيقها على الأرض بأنه "إذا استمرت الحرب فإن الكلام عن سوريا الموحدة ربما يكون غير وارد، وربما قد يدفع ذلك الولايات المتحدة إلى تطبيق الخطة ب"!!.

بينما أعلنها نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي ريابكوف قائلاً: "إن موسكو تأمل في أن يتوصل المشاركون في المفاوضات السورية إلى فكرة إنشاء جمهورية فيدرالية".

فضمان أمن الكيان الصهيوني هو الهاجس الذي يشغل بال واشنطن، ويوضح نيكولاس هيراس، الباحث في المركز الأمريكي للدراسات الأمنية، الصورة بشكل أكبر بقوله: "الولايات المتحدة لا تريد أن تظهر كأنها تساند حل تقسيم سوريا، ولذلك فهي تقول إنها ضد التقسيم، إلا إن الفيدرالية لا تعني تقسيماً، بل هي تحافظ على قدر من السلطة للعاصمة دمشق، وفي المستقبل المنظور يبدو أن الأسد هو الذي يسيطر على العاصمة".  

وأما روسيا العنصر المنفذ الأول فهي تشاطر أمريكا في كراهية الإسلام وتبجيل اليهود، والكيد لتركيا باعتبارها وريثة العثمانيين الذين لطالما أذلوا الروس عسكرياً. فكيف لا يغتبط الكرملين إذا تم غرس دويلتين على حدود تركيا يجمعهما الكفر وكراهية الترك، واحدة للنصيريين والآخرى لزنادقة الكرد؟

وفي دراسة أصدرها "مركز أورشليم لدراسة المجتمع والدولة" الذي يرأس مجلس إدارته دوري غولد،  وكيل وزارة الخارجية الصهيونية، تتحمس حكومة بنيامين نتنياهو لفكرة تقسيم سوريا لأنها تضمن أمن الكيان الصهيوني بعد زوال الهيمنة النصيرية المطلقة والتي كفلت للعدو أمناً لا مثيل له في الجولان المبيع أكثر من 40 سنة في ظل طغيان الوريث بشار بعد أبيه الهالك.

وقبل ساعات فحسب، قال وزير الحرب في الكيان الصهيوني موشيه يعالون: إن السعي من أجل الحفاظ على سوريا موحدة، "مجرد أمنيات"، معبرًا عن دعمه لـ"مناطق حكم ذاتي للعلويين والأكراد".

وأوضح أن "هناك أقاليم قد تأسست بالفعل في المنطقة، فلدينا إقليم علويستان أساساً يقوده بشار الأسد، ولدينا كردستان السورية سلفاً، وتعلمون أن الأتراك في الشمال ليسوا مسرورين بهذا، لكن في نهاية المطاف هناك حكم ذاتي للأكراد في سوريا"، وفق قوله ملمحاً في الوقت ذاته إلى "إمكان حصول الدروز على حكمهم الذاتي أيضاً".

وجاءت تصريحات يعالون في سياق جلسة نقاشية حضرها في "مركز وودرو ويلسون الدولي للباحثين" بواشنطن التي يزورها، حيث اعتبر أن محاولة الحفاظ على وحدة سوريا من قبل (رئيس النظام) بشار الأسد أو أي قيادة سياسية أخرى هو "مجرد أمانٍ".
وأضاف في الجلسة التي سبقها لقائه بنظيره الأمريكي آشتون كارتر "ليست هناك طريقة لبقاء سوريا موحدة، لذا فلنسع إلى طريقة يمكن أن نحظى من خلالها بنوع من الفيدرالية مع أولئك الذين يقبلونه،  ومن ثم محاربة الآخرين".

 

 

المسلم

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع