إسماعيل ياشا
تصدير المادة
المشاهدات : 3240
شـــــارك المادة
اجتماع مجلس الأمن القومي التركي انعقد مساء الخميس الماضي لأول مرة برئاسة رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان وسط تحديات داخلية وإقليمية كبيرة تهدد أمن تركيا واستقرارها. وكان هذا الاجتماع أطول اجتماع للمجلس في تاريخ الجمهورية واستمر منعقداً لأكثر من عشر ساعات، نظراً لأهمية الملفات المطروحة التي تمت مناقشتها فيه.
كان مجلس الأمن القومي التركي عقد اجتماعاً في 28 فبراير 1997 لمناقشة «التدابير اللازمة لمكافحة الرجعية» واستمر الاجتماع لمدة حوالي تسع ساعات، واتخذ المجلس فيه حزمة من القرارات التي سميت فيما بعد «قرارات 28 فبراير» إلا أن رئيس الوزراء آنذاك، نجم الدين أربكان، رفض التوقيع عليها. وشكَّل ذلك الاجتماع محطة هامة في عملية «انقلاب ما بعد الحداثة» التي أطاحت بحكومة أربكان الائتلافية إلا أنه لا مقارنة بينه وبين الاجتماع الأخير الذي انعقد برئاسة أردوغان، لأن الظروف تغيرت تماماً كما أن الملفات التي تمت مناقشتها مختلفة.
مجلس الأمن القومي التركي في 28 فبراير 1997 كان تحت سيطرة العسكر وانعقد ذلك الاجتماع برئاسة رئيس الجمهورية آنذاك، سليمان دميرل، الذي تآمر على الحكومة، وبعد إجبار أربكان على الاستقالة كلَّف رئيس حزب الوطن الأم مسعود يلماز بتشكيل الحكومة بدلاً من تكليف رئيسة حزب الطريق القويم تانسو تشيللر التي كانت ترأس حينذاك أكبر كتلة برلمانية.
«تركيا 1997» كانت ترى الإرادة الشعبية خطراً على النظام العلماني ولذلك لم تكن هناك غرابة في انشغال مجلس الأمن القومي بمكافحة «الرجعية» التي تعني في لغة العلمانيين المتطرفين كل مظاهر الإسلام وثقافة الشعوب المسلمة، بدلاً من الانشغال بالمخاطر والتحديات الحقيقية التي تواجهها البلاد.
وأما «تركيا 2014» فلا ترى الإرادة الشعبية خطراً على النظام، بل تستمد قوتها من إرادة شعبها، ولذلك ترأس اجتماع مجلس الأمن القومي التركي الأخير أول رئيس جمهورية منتخب من قبل الشعب التركي مباشرة عبر صناديق الاقتراع وتناول الاجتماع العديد من الملفات الهامة المتعلقة بالقضايا الداخلية والخارجية بدلاً من ملف مكافحة الحجاب واللحية ومدارس الأئمة والخطباء والمظاهر الدينية الأخرى.
أعضاء المجلس من المدنيين والعسكريين ناقشوا في الاجتماع الأخير أحداث الشغب التي شهدتها تركيا مؤخراً وتقييم التقدم في عملية السلام الداخلي ومواجهة عمليات اغتيال العسكريين من قبل مجهولين، بالإضافة إلى ما يجري في مدينة عين العرب «كوباني» ووصول قوات البشمركة إلى المدينة عبر الأراضي التركية، ومواجهة تنظيم «داعش» والتنظيمات الإرهابية الأخرى، والعلاقات مع التحالف الذي تقوده واشنطن، كما تطرق الاجتماع إلى آخر التطورات في الملفين السوري والعراقي وكذلك ملف الخلاف الفلسطيني الإسرائيلي ووقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في قطاع غزة، إلى جانب مناقشة الوضع الراهن في كل من ليبيا واليمن وانعكاساته الإقليمية، وبحث المستجدات في ملف القضية القبرصية.
البيان الذي صدر عقب اجتماع مجلس الأمن القومي التركي، أشار إلى أن «الجمهورية التركية عازمة على الاستمرار في مواجهة الكيانات الموازية والتشكيلات غير القانونية التي تقوم بأنشطة غير قانونية في الداخل والخارج، تحت غطاء قانوني، من شأنها تهديد أمن البلاد وإفساد النظام العام»، وهذا يعني بشكل واضح لا غبار عليه تشديد المجلس على ضرورة مواجهة «الكيان الموازي»، التنظيم السري التابع لجماعة كولن، المتغلغل في أجهزة الدولة.
كان فتح الله كولن في تعليقه على «قرارات 28 فبراير» قال: إن «مجلس الأمن القومي يجتهد، وإن أصاب فله أجران وإن أخطأ فله أجر»، وهل سيكرر كولن القول نفسه في تعليقه على إدراج مجلس الأمن القومي التركي جماعته ضمن التنظيمات الإرهابية وتأكيده على ضرورة مواجهتها؟ أعتقد أن هذا أمر مستحيل.
المنطقة تمر بمرحلة حساسة للغاية ومحفوفة بالمخاطر، والملفات الساخنة التي لا بد من مناقشتها كثيرة، ومما لا شك فيه أن أي خطوة خاطئة في جميع تلك القضايا ستكون باهظة الثمن، ومن الطبيعي أن يستمر اجتماع مجلس الأمن القومي التركي الأخير الذي انعقد في هذه الظروف لأكثر من عشر ساعات حتى يتم النقاش حول الملفات المطروحة بكل تفاصيلها وأبعادها.
عربي 21
عبد العزيز جار الله الجار الله
حسان الحموي
محمود الريماوي
حسن أبو هنية
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة