..

ملفات

الكُتَّــاب

أرسل مشاركة


الى الثورة

وماذا كنا ننتظر من تنظيم القاعدة؟

أحمد أبازيد

١٤ مارس ٢٠١٦ م

تصدير المادة

pdf word print

المشاهدات : 6873

وماذا كنا ننتظر من تنظيم القاعدة؟
ابازيد0+.jpg

شـــــارك المادة

هجوم جبهة النصرة وجند الأقصى على الجيش السوري الحر في معرة النعمان كان متوقعاً.

هذا بعد التراجع الكبير والمتراكم لشعبية تنظيم القاعدة في سوريا منذ حملة الإمارة (التي انتهت قبل عام والتي قاتلت فيها جبهة النصرة قرابة عشرة فصائل من الجيش الحر في ريف إدلب وحماة وحلب) مروراً بتصريحات الجولاني وأبي فراس السوري وصولاً لقمع المظاهرات الأخير، إضافة إلى انهيار سوق المزايدات الجهادية التي لم تعد تنطلي على أحد، وكذلك عزلته المتزايدة بين الفصائل والمقاتلين، حيث بلغ الشعور بهذه العزلة ذروته مع المظاهرات الشعبية الحاشدة التي حملت راية وقضية مشروع الثورة ضد النظام وليس راية وقضية مشروع القاعدة ضد خصومه.

وهي العوامل التي قد يكون رد الفعل الطبيعي عليها محاولة إذابة الجليد والتقارب مع الشعب والفصائل، ولكن المنظومات السلطوية المغلقة لعوامل نفسية وأيديولوجية تواجه طعنة نرجسية حين تجد أن الناس الذين تقهرهم وتعادي حريتهم وحقوقهم ليسوا محبين مؤيدين لها، وهو ما يؤدي لرد فعل انتقامي ومتخبط، عدا عن الحاجة المستمرة لشرعية قتال المرتدين لدى تنظيمات السلفية الجهادية، والاحتقان القديم من الفرقة 13 لكونها نموذجاً محبوباً شعبياً للجيش الحر، ورغبة السطوة على السلاح والأموال والمدن، وتقويض المد الثوري الذي عاد بقوة مع المظاهرات الأخيرة ضد النظام، عدا عن أنها عادة القاعدة حيثما حلت مع قضايا الشعوب وثوراتها.

إن الحديث عن خلاف بين طرفين في معرة النعمان (جبهة النصرة والفرقة 13) هو تزوير آثم ومداهنة للظلم والعدوان، وإن تزيّا بزي الناصح الحريص المحايد.

الحياد جريمة أمام الجريمة والدم المسفوح، بل هي حرب استئصال بفتاوى التكفير واستباحة الدم.

إن الأرتال الضخمة التي لم يعرفها الساحل والتي سُيّرت فوراً لقتال الجيش الحر في معرة النعمان، والتنسيق المشترك مع جند الأقصى، يظهر بوضوح أن هذا الهجوم كان منسقاً ومجهزاً مسبقاً، ومتهافتة كل محاولات إنكار ذلك واختلاق تبريرات لحرب الاستئصال هذه، وإحالة الأمر إلى خلاف بين "عائلتين" في معرة النعمان يدين النصرة التي نفت في البداية أن يكون الأشخاص الذين هجموا على المظاهرات من عناصرها ثم حين اعتقلتهم المحكمة قالت إنهم عناصرها وقد انتُهكت حرماتهم في استنساخ مشوه لتجييش داعش ضد الثوار بكونهم اغتصبوا نساء المهاجرين، عدا عن أن هذه المشكلة تم حلها داخل المعرة واستمر هجوم النصرة وجند الأقصى واستيلاؤهم على المقرات والمستودعات والسلاح.
ومن يقول إن تسيير الأرتال المدججة بالعناصر والسلاح واستباحة دماء مئات المجاهدين وآلاف المدنيين وأموالهم وأعراضهم كان ثأراً وغضباً لاعتقال عنصر أو عنصرين من التنظيم، فهو تبرير أوضح وأشنع من أي تهمة، ويكفي لتلخيص مشكلة الثورة والناس مع النصرة، إنهم ينصرون الدين فعلاً، ولكنه دين عبادة التنظيم.

أما اختلاق قصة أن قائد الفرقة 13 داس راية التوحيد وترويجها بين العناصر (واكتشفت أن عناصر النصرة يقتنعون فعلاً بهذا الهراء) فهي لتبريرها بمنطق التكفير الذي عودوهم عليه وأنهم يدافعون عن الدين ويهاجمون المرتدين.

وكل هذا حلقة من الهراء القاتل، يسممون به عقول شباب كان أكثرهم من الثوار وحتى من الجيش الحر، وانضموا للنصرة استكمالاً لقتال النظام وحماسة للدين والشريعة، ولكنْ أمنيون مجرمون وفتاوى باسم الشيطان المقدسي ومشروع عدمي أثبت قدراته التخريبية أينما حلّ، حرفت بنادقهم لقتال إخوانهم وثورتهم، هؤلاء الشباب المخلصون الذين في جبهة النصرة وهمّهم قتال النظام، حتى لو علّموهم تكفيرنا وشتمنا أو ربما قتلنا، دماؤهم ضد النظام من دماء ثورتنا وتضحياهم من تضحياتها، ودائماً أحزن عليهم حقاً وصدقاً كيف يستغلهم المشروع لقتال الفصائل وقد يُقتلون هكذا في معارك عبثية لبناء إمارات الوهم، هم مذنبون ولكنهم ضحايا تقصير مشايخنا ونخبنا الذي ترك فراغاً لفكر السلفية الجهادية على ضحالته ومناقضته لعموم الشريعة الإسلامية بمذاهبها أن ينتشر، وما زلت أدعو أن يهدي الله أكثرهم ألا يتورطوا بقتال أهلهم وسفك دم معصوم خدمة للأمنيين الذين لا يعرفونهم.

أما موقف الفصائل بعامة فهو سيّئ جداً كعادتهم، وفي مقدمتهم أحرار الشام وفيلق الشام وعموم فصائل الجيش الحر في الشمال، وتكرار للمرة الألف لموقف المتفرج على الاقتتال والظلم ودم إخوانه المسفوك، كما كان أيام عدوان داعش على الفصائل قبل عامين ونصف أو هجوم جند الأقصى وجبهة النصرة على الفصائل قبل عام ونصف، وفي هذه المرة لم يصدروا حتى بياناً...، وكأن الثائر المجاهد الذي يُعتدى عليه مظلوماً ليس أخي إن لم يكن من فصيلي، بل كل رصاصة تُطلق على الفرقة ١٣ فإنما تطلق على الجيش الحر كله وواجب كل من ينسب نفسه لهذه الثورة نصرته والدفاع عنه، ومن يعجز للمرة الألف عن نصرة نفسه وأخيه وعن فرض الخضوع للقضاء الشرعي على أي طرف معتدٍ أو معتدى عليه وعن منع العدوان على الثوار، فأحرى به أن يلقي سلاحه لمن يتحمل أمانة الدين وكرامة الرجال، بدلاً من بيع الوهم للناس أنهم حماة الثورة والجهاد.

من ظن أن الحرب على الفرقة 13 ستقف عندها فهو واهم، لو كان من قانونها الوقوف لوقفت قبلهم، بل الحرب والتجييش والتكفير كان ولم يزل ضد الجيش الحر، ووجوده بحد ذاته يبقي التحريض والتجهيز له قائماً، والكل يعلم ويقول ذلك في المقرات، فجهّزوا رقابكم للمشانق والرصاص القادم، خمس سنين وكل هذه الكوارث والدروس والتكرار لم ننجز جهازاً عسكرياً موحداً يكفّ من أراد العدوان أو الشذوذ عن الصف، وما زلنا نجترّ فشلنا وأخطاءنا ونحن نعرف ونرى النهاية.

ومن ظنّ أنه سيرهبنا عن قول كلمة الحق والدفاع عن ثورتنا ما دام فينا عرق ينبض فهو واهم، نحن أبناء الثورة ورجال هذه الأرض ولن نكون لقمة سائغة لأحد.

"ما من امرئ خذل مسلماً في موطنٍ تنتهك فيه حرمته، إلا خذله الله في موطن يحب فيه نصرته"
صدق رسول الله.

 

 

صفحة الكاتب على فيسبوك

تعليقات الزوار

لم يتم العثور على نتائج

أضف تعليقًا

جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع