عبد الوهاب بدرخان
تصدير المادة
المشاهدات : 3525
شـــــارك المادة
الفارق بين مقاربتي العرب وإيران لمسألة سوريا كان ولا يزال استراتيجياً. لكن العرب تأخروا كثيراً في إدراك هذه الحقيقة، أما الآخرون فخاضوها منذ أيامها الأولى باعتبارها جزءاً من مشروع هيمنة يريدون تحقيقه وسخروا في سبيله كل ما يستطيعون، وصولاً في اللحظة المناسبة إلى الاستعانة بروسيا وتطوير تحالفهم معها والضرب على وتر مصالحها، وهي في صراع شديد مع دول الغرب التي فرضت عليها عقوبات موجعة ومهينة. في المقابل استهلك الجانب العربي وقتا طويلا وهو يرى أن الأزمة شأن سوري داخلي، مكتفيا بدعم معنوي ثم مادي غير منظم للثوار، وعندما لاحت فرصة لـ «تعريب» الأزمة عبر الجامعة العربية فإنها أديرت باستعجال وأنهيت باستعجال على أمل أن يكون «التدويل» أكثر جدوى وفاعلية، خصوصا أن واشنطن شجعت على ذلك. غير أن الوقائع أظهرت أن الجانب العربي وجد نفسه مورطا ومخذولا في رهانه الاستراتيجي على الولايات المتحدة، التي كانت في صدد تغيير استراتيجيتها والشروع في إجراءات انسحابها المباشر من المنطقة وترتيب الاعتماد على وكلاء لها لمعالجة ما يحصل من نزاعات وإشكالات. انقسم المجتمع الدولي بين تكتل شكلي كبير سمى نفسه «مجموعة أصدقاء سوريا» تؤيد مبدئيا مطالب الشعب بالتخلص من الحكم الاستبدادي، وبين تكتل آخر يضم أساسا روسيا وإيران اللتين تقدمان دعما مطلقا لنظام بشار الأسد، بالإضافة إلى الصين والعراق. لكن المجموعة «الأصغر» بدت أكثر فاعلية، سواء بتعطيلها مجلس الأمن بـ «الفيتو» أو بتوفير الإمكانات العسكرية لمنع سقوط النظام. ما زادها فاعلية أن الولايات المتحدة دخلت في حوارات سرية مع روسيا بغية تنظيم إدارة الأزمة، وتوصلت معها إلى «تفاهمات» تحولت مع الوقت إلى محددات تتحكم بمسار الأحداث، ومن خلالها استطاع الروس التعرف إلى سقف الموقف الأميركي ونقاط ضعفه، كما لمسوا عن كثب محدودية أهداف واشنطن. ورغم تأكيد الدولتين الكبريين أنهما تعملان «معا» لإنهاء الصراع في سوريا بحل سياسي، إلا أن مفاعيل تفاهمهما على هذا الهدف لم تظهر على أرض الواقع، بل أخفقت في إنجاح مفاوضات جنيف عام 2014، بينما استطاعت في خريف 2013 في إنجاز اتفاق على تدمير ترسانة الأسلحة الكيماوية لدى النظام السوري وتركته بلا أي محاسبة على استخدامه سلاحا محظورا دوليا. وتأكد منذئذ أن واشنطن وموسكو متفاهمتان على «بقاء» الأسد ونظامه وعلى أن أي حل سياسي لا بد أن يكون بإشرافه. كان انتشار تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) دافعا وذريعة لإطلاق تدخل أميركي مباشر في العراق بطلب من الحكومة وعبر «تحالف دولي» اقتصر على ضربات جوية ضد «داعش» في سوريا، وتلاه بعد عام تدخل روسي مباشر في سوريا لكنه ركز على مناطق المعارضة. وإذ مست الحاجة إلى تفعيل حل سياسي يواكب محاربة الإرهاب، وُسّع التشاور الأميركي-الروسي في لقاءات فيينا ومن ثم أمكن إصدار القرار 2254 كمظلة لمفاوضات جديدة في جنيف وقد جرى إجهاضها أخيرا بتصعيد عسكري روسي مبرمج. ولا يعني ذلك سوى أن «التفاهمات» رجحت دائما وجهة النظر الروسية، وقد أظهرت هذه ترجيحها «الحل العسكري» لا السياسي، وهو ما أراده نظام الأسد منذ بداية الأزمة.
العرب القطرية
ماجد كيالي
فاطمة ياسين
غازي دحمان
بشير البكر
جميع المقالات تعبر عن رأي كاتبيها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
برأيك، هل ستحقق العملية التركية -شرق الفرات- أيّ مكاسب للسوريين؟
نعم
لا
عمر حذيفة
لبيب النحاس
مؤسسة الموصل
أسرة التحرير
محمد العبدة